فرنسا، الإمبريالية بمسحة صهيونية / الطاهر المعز




Image result for ‫فرنسا الصهيونية‬‎

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 8/12/2019 م …  

أكّد الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، في خطاب رسْمِي وعَلَني، ألقاه بحضور بنيامين نتن ياهو”، منتصف تموز/يوليو 2017، أنه لن يتسامح “مع المُعادِين للصهيونية، لأن العِداء للصهيونية هو الشكل الجديد لمُعاداة السّامِيّة” (وهو ما ورد بشكل شبه حَرْفي في منشور تنشره منظمات صهيونية، باستمرار، منذ قرابة عقْدَيْن)، ورَفض إيمانويل ماكرون، كما رَفَضَ من قبله نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، اعتبار الصهيونية عقيدة (إيديولوجيا) أو تَيّار سياسي وإيديولوجي، استعماري وعنصري، وهي العقيدة الرّسمية لدولة الكيان الصهيوني، وبعد حوالي وبعد أقل من ثلاثين شهر من هذا التصريح الرسمي لرئيس فرنسا، أقَرَّ البرلمان الفرنسي، يوم 03/12/2019، نصًّا قانونيًّا يعتبر معاداة الصهيونية مُساوية لجريمة معاداة السّامية، وإن كان هذا النص القانوني غير مُلْزم حاليا، فإنه يُمهّد الطريق لتجريم الدّعوة لمقاطعة الإحتلال، ونقد سياسة جهاز دولة الإحتلال، وهو استثناء غريب، حيث تنقد وسائل الإعلام “الغربية” سياسة دُول عديدة، وتُعلّق يوميا (بشيء من تحريف الوقائع) على ما يجري في أمريكا الجنوبية وفي آسيا وفي البلدان العربية والإفريقية، ولكنها تشُنُّ حملة على أي شخص أو أي مجموعة تُحاول التّذكير بالجرائم اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في فلسطين وفي لبنان وسوريا والعراق، وارتبكب جرائم، عبر القصف الجوي، في السودان وفي ليبيا وتونس، وغيرها من بلاد العرب، بالإضافة إلى دعم الإستعمار البرتغالي في إفريقيا (قبل 1975) ونظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا، حتى انهياره سنة 1974، والأنظمة العسكرية الدكتاتورية في أمريكا الجنوبية، والإنقلاب على الرؤساء المُنتخبين، من أمريكا الجنوبية، إلى أوكرانيا…

أطلقت منظمة صهيونية، منذ سنوات حملة إعلامية عالمية واسعة ضد أي نقد لسياسة دولة الإحتلال، كدولة أو كنظام حُكْم، واعتبرت ذلك “عداءً للسامية”، وتبنّت حكومات الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وفرنسا وبعض الحكومات اليمينية لدول أمريكا الجنوبية (البرازيل وكولومبيا وغواتيمالا…)، هذا التّعريف الذي يرمي إلى تهديد “كل من ينتقد دولة إسرائيل، وخاصة منظمات حقوق الإنسان…”، بحسب بيان وقّعَهُ 127 “مُثَقّفًا يهوديًّا”…

بدأت الحملة الإعلامية لمساواة نقد الإيديولاوجيا الصهيونية، بالعداء لليهود، سنة 2000، في فرنسا، وبلغت ذروتها أثناء تدمير مخيم “جنين” في الضفة الغربية المُحتلّة، من قِبَلِ بعض الشخصيات النافذة سياسيا وإعلاميا واقتصاديا، ومجموعة من المُنظمات الصهيونية، بعضها يتستّر بالدّين، وأصدَرت بعض هذه المنظمات الفرنسية كتاباً يُهاجم ناقدي سياسة الإحتلال، ومن يُشيرون إلى الإستعمار والعنصرية، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، ولاقت هذه الحملة الإعلامية والسياسية دعم واستحسان منظمات وأحزاب اليمين المتطرف الأوروبي والأمريكي، وشاركت وسائل الإعلام المهيمن في فرنسا في التّرويج للكتاب ولما يحتويه من مُغالطات مُتعمّدة، وإساءة لأدْيان أخرى (غير الدّيانة اليهودية) وخَلْط مقصود بين التعبير عن الآراء السياسية، ويفترض أن تضمن القوانين حق المواطنين في التعبير عن هذه الآراء، والتهجّم على أفراد أو مجموعات، أو ممارسة التمييز ضدهم، لأسباب عنصرية، وأدّت هذه الحملة، التي يدعمها تيار من “اليسار” (الحزب “الإشتراكي” بشكل خاص) ومن اليمين المُتشبّه بالمحافظين الجدد (تيار ساركوزي وماكرون)، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي يمتلكها الرأسماليون، وإذاعات ومحطات تلفزيون القطاع العام، إلى إصدار وزارة الدّاخلية الفرنسية، سنة 2004، تقريرًا يعتبر معاداة الإيديولوجيا والممارسات الصهيونية، شكلا من العداء لليهود، أو “معاداة السامية”، ويُعتبر الرئيس ماكرون أول رئيس فرنسي يُصرّحُ علنًا بتَبَنِّي أفكار وآراء المنظمات الصهيونية في فرنسا، ويستهدف القانون الجديد حَظْرَ نشاط مجموعات “مُعتدلة” تعمل في مجالات حقوق الإنسان أو تدعو لمقاطعة الكيان الصهيوني…

للتوسّع يمكن مطالعة مقال من جُزأيْن بعنوان “الشبكات الصهيونية في فرنسا” (الطاهر المعز)

 

 


قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.