البروفيسور أحمد ملاعبة كفاءة وطنية عالية المستوى وعطاء عالمي / أسعد العزوني
أسعد العزوني ( الأردن ) – الخميس 12/12/2019 م …
الكاتب العزوني
عندما نصف أيا كان بالقدرة على العطاء والإنجاز، نقول عنه أنه كفؤ، بمعنى أنه قادر على تنفيذ ما يطلب منه خدمة لوطنه ومواطنيه، ومن هذا المنطلق جاءت كلمة الكفاءة، وأخذت إضافات لتمييز درجاتها ،ولذلك نقول أن فلانا كفاءة عالية، أي أنه تعدى المطلوب منه ،وإحتل لنفسه مكانة مميزة بين أقرانه ،وربما تميّز عنهم ،ونال لقب “كفؤ“.
أتحدث عن العلّامة، الكفؤ بل وصاحب الكفاءة العالية ،الخبير في الشؤون البيئية والجيولوجية والجيوسياسية، البروفيسور أحمد الملاعبة، الأستاذ في الجامعة الهاشمية وأحد مؤسسيها الذي وضع بصمته في الإدارة كواحد من أنجح الأكاديميين الإداريين في العمادات والإدارت الجامعية ،علاوة على أنه طاف كل أرجاء الصحراء الأردنية، ووطئت قدماه كل شبر من أرض الأردن، وسبر أغوارها، وحفظ طوبوغرافيتها عن ظهر قلب، وإستحق بذلك ما أطلقه عليه العلماء الألمان”قيصر الصحراء”، وهو بحق يستحق لقب قيصر الأردن من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه، ولم لا وهو العارف الخبير المميز، الذي يستطيع الحديث عن كل ما يتعلق بالأردن ماضيا وحاضرا، وفوق وتحت الأرض، ولذلك إستحق كلمة علّامة.
يمتاز العلّامة البروفيسور أحمد ملاعبة بعشقه للعمل الميداني في الصحراء وفي الجبال والوديان والسهوب وفي جوف الأرض ،حيث اكتشف حوالي ١٠٠ من الأنفاق البركانية، ويقضي معظم وقته في البحث والتنقيب والإستكشاف، وآخر إكتشافاته كهف المزار شمالا، وقبلها مغارة برقش ومغارة كفرنجة، وقبل ذلك ملك الإكتشافات ويتمثل في إكتشاف أطول نفق في العالم ،وهو نفق اليرموك-الديكابولوس “أعظم إكتشاف في الألفية الجديدة”، الذي يمتد من جنوب سوريا في نبع السرايا بالقرب من سد بلدة دلي وحتى بلدة الطرة الى أم قيس في الاردن وجزء منه يمتد إلى بيسان في فلسطين ، ويشتهر بوجود بتغذية ست مدن من عشر مدن أثرية كبيرة من مدن الديكابولس فيه وغالبيتها في الأردن وهي ابيلا (قويلبة) وجدارا (أم قيس) وكابتولياس (بيت راس) اضافة إلى ثلاثة مدن في سوريا دايون (بلدة الشيخ مسكين) ورافانا (بلدة ابو موسى الاشعري) وادرا (مدينة درعا) في سوريا ويطول ١٤٠ كيلو متر.
البروفيسور ملاعبة مرجع عالمي للعديد من الفضائيات العالمية والعربية والمحلية، وهو محلل بيئي للتغيرات المناخية والاحتباس الحراري والثروات المعدنية والتكنولوجيا الخضراء والذكية ويخاطب ملايين البشر عبر فضائية BBC اللندنية و NHK اليابانية وقنوات الجزيرة والعربية وغيرها الكثير.
رافقنا البروفيسور أحمد ملاعبة بالأمس في رحلة نظمها منتدى خريجي الجامعة الأردنية في السبعينيات من القرن المنصرم إلى الباقورة المستعادة، عبر بلدة سمر في لواء بني كنانة التي تضم في أديمها جثامين الصحابة الشهداء في معركة اليرموك ،وموقع معركة اليرموك على جنبات نهر اليرموك والجولان ومدينة أم قيس الأثرية، وتولى تقديم الشرح الوافي لكل ما يتعلق بالمنطقة، ماضيا وحاضرا، فوق وتحت الأرض، وكان يتحدث لنا وكأنه يقرأ عن كتاب، دلالة على كفاءته العالية، وقدرته على الإنجاز بالتمام والكمال، وعلى نباهته، والتعب على نفسه كما يقولون، ليكون النجم المضيء في سماء العتمة المعرفية التي نعاني منها هذه الأيام رغم مسميات الشهادات ورفعة المناصب.
عندما تتحدث مع العلّامة الملاعبة في التاريخ تكتشف أنه من أعتى المؤرخين، وفي حال كان الحديث عن مكامن تحت الأرض، تكتشف أنه يقرأ لك عن شاشة أمامه، حتى أنه بارع في الطب البديل ولديه شهادات عالمية في ذلك، وهو صاحب قرار حكيم، بنى علومه وأسس معرفته بجد وإجتهاد في الخارج والداخل، وهو علم مميز في أوساط العلماء والبحاثة والمكتشفين البيئيين وفي المجال الجيوسياسي، وعلم السياحة والآثار، ويشار له بالبنان في المحافل الدولية المعنية، وشارك بأكثر من ١٢٠ مؤتمرا عالميا وترأس العديد منها،وله إكتشاف لمعادن نيزكية في إسبانيا تعرف باسمه “ملاعبايت“.
أظهر العلّامة في هذه الرحلة مهارة عالية في الطرح، وكان ملما تماما في كافة ما يتعلق بالمنطقة، وكان حديثه كاملا عبارة عن ملفات معلومات، خاليا من الإنشاء والتأتأة دليلا على الكفاءة العالية والقدرة الكبيرة على الفهم، وإعطاء المعلومة الصحيحة والقيام بتحقيق الأشياء للتأكد منها، وهو بذلك يستحق لقب “العلم” ،الخفاق بالعلم والمعرفة وغزارة المعلومات والغني بالتجارب الميدانية والتضحيات الجسام في كهوف الصحراء والجبال والأنفاق ومواجهة الأفاعي والضباع، ومخاطر الطبيعة في الوديان.
يحق للعلّامة البروفيسور أحمد ملاعبة ان يفتخر بمنجزاته وبعالميته وإكتشافاته ونجوميته العالمية، والتي لم تأت من فراغ، بل بالتضحية والسهر والقراءة والتحقيق والتمحيص والكتابة، لمئات الأبحاث العلمية لآلاف المقالات وبعدة لغات منها العربية والألمانية والإنجليزية والفرنسية، وصولا للتميز والعالمية، المستندة على الكفاءة العالية التي يتمتع بها، وإكتسبها من أرض الواقع أولا، حيث العمل الميداني الشاق في الصحراء صيفا وشتاء،وفي المغاور والكهوف، والوديان السحيقة.
كلما تقترب من هذه القامة العلمية المميزة أكثر، تكتشف أنك أمام بنك مركزي للمعلومات والمعرفة والخبرة المكتسبة ليس بالمراسلة أو عن بعد، بل من الإحتكاك الجاد والمباشر بالطبيعة بكل ما فيها من مخاطر وتناقضات، ولقد أشرف على عشرات الباحثين من الدراسات العليا في مستوى الماجستير والدكتوراة وما بعد الدكتوراة، وهو أيضا شاعر مميز له ديوانان من الشعر وقصيدة “ألفية الملاعبة“.
وهو بحق يستحق لقب العلّامة الذي يستطيع تمثيل الأردن أصدق تمثيل وإعطاء صورة مفخرة عن الكفاءات الأردنية المميزة،ولا أغالي إن كنت أنه من النوعية الاتي يبحث عنها جلالة الملك عبد الله الثاني لخدمة الوطن والمواطن.
ما ورد آنفا ليس مديحا للعلّامة الملاعبة فقط،بل هو رسالة لكل أردني أنيطت به مسؤولية من نوع ما ،أن يتعب على نفسه ويبدع،ويخدم وطنه ومليكه ومواطنية حتى يستحق لقب مواطن ،لا أن يكون عبئا على الدولة وناهبا لمقدرتها،ويسعى لتحقيق مصالحه الشخصية أولا على حساب مصالح الوطن والمواطنين.
التعليقات مغلقة.