البيان الروسي من دمشق / د. يحيى محمد ركاج

 

 د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) الجمعة 25/9/2015 م …

*باحث في السياسة والاقتصاد  

شهدت الأيام القليلة الماضية حراكاً دبلوماسياً عالمياً رفيع المستوى لتباحث قضايا المنطقة العربية عموماً والحدث العالمي السوري على وجه الخصوص، وبالكاد قاربت القوى الدبلوماسية من الوصول إلى نهاية تشاوراتها السياسية والعسكرية والتآمرية مستفيدة من كل حركة أو تصريح أو نقاش أو حدث سوري أو يرتبط بالشعب السوري إلا واستثمرته أو حاولت استثماره أقذر استثمار، حتى أعلنت نفاقاً صدمتها من سرعة الإعلان الروسي التنفيذي لما كانت تحقق روسيا من خلاله مكاسب سياسية وتفاوضية في السابق بخصوص سورية وموقفها منها وتحالفها الاستراتيجي معها لاعتبارات كثيرة قد أوردناها فيما كتبناه خلال السنوات الخمس الماضية من الحرب في سورية.

لقد أتى الإعلان الروسي لتفعيل الاتفاقيات المشتركة الموقعة مع سورية ووضع الإمكانيات العسكرية الروسية في تصرف الجيش العربي السوري والاستعداد الروسي لمساندته الميدانية في حربه على الإرهاب، رسالة واضحة المعالم الجيوستراتيجية لشعوب وقادة العالم الغربي وبعض قادة العربان الأغبياء، ورسالة صريحة أخرى تعيد للأذهان الواهمة بالسقوط السوري أهمية سورية وحنكة قيادتها في إدارة ناجحة لمعركة سياسية اجتماعية عسكرية أممية فاقت كل إمكاناتها المادية والبشرية واللوجستية، وفاقت بقذارتها ووحشيتها عقول البشر الراقية، وتؤكد الثبات والمبدئية في السياسة الروسية نحو مصالحها وحلفائها، وقراءتها الصحيحة والمتأنية للعبة الأمم عبر بوابة شرق المتوسط.

كما شكل الإعلان الروسي الجديد فاتحة الانتقال العالمي لمرحلة متجددة من الحرب على سورية ومجابهتها للإرهاب، ونقطة تحول كبيرة في بناء ورسم التحالفات الدولية القادمة لعموم دول العالم، وأبجدية سياسية جديدة تعيد للعالم توازناته الإقليمية وتنهي التفرد الأمريكي في إدارة ملفات المنطقة العربية والعالم.

إن توثيق التعاون الروسي السوري في مكافحة الإرهاب، وتحويل التحالف بين الدولتين إلى خطوات تنفيذية فاتحتها تعاون تنفيذي لوجستي قد جعل أتباع الحلف المعادي من أقزام غربيين وبعض لمامة الأعراب في حالة تخبط وانحسار، خاصة بعد التحضير والتجهيز الأمريكي للإقرار بالقدرة الروسية الجديد ودورها التوازني بالعالم دون تكبدهم أية خسائر مقابل التضحية بالدماء والشباب العربي، كما عمل على إعادة الثقة بعناصر الجيش، الأمر الذي دفع الجهلة المتواجدين بالشارع للقيام بترويج بعض الفبركات والشائعات التي يحتاجها الغرب لإسقاط عزيمة الشارع الصامد.

وبغض النظر عما تتناوله بعض الصحف والمواقع -التي عرف عنها لسان الحرباء- بما هو أكثر من مجرد الإعلان الروسي بالمساعدة والمساندة والتهيؤ للتدخل وقت الحاجة كما تورد هذه المواقع من قصص وحكايات ومسلسلات، أو كما يورده البعض من تذكير بحال العرب في أوقات ضعفهم وانقسامهم بين مناذرة وغساسنة وتبعيتهم للفرس والروم، إلا أن الضوابط الجيوستراتيجية التي أحسن الجيش العربي السوري ومن خلفه القيادة السورية استثمارهم في السنوات الخمس الماضية، تعتبر الحلقة الأقوى في صناعة القرار السياسي السوري، وتعتبر أيضاً إذا ما قارناهم بصمود وصلابة الشعب والجيش في مواجهة المحن خلف القائد الأسد دولة ذكية ذات سيادة ولها كرامتها الخاصة التي سوف يتغنى بها معظم العربان فاقدي السيادة والكرامة.

عشتم وعاشت سورية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.