حروب الخليج العربي الثلاث / د. حسين عمر توقه

د. حسين عمر توقة ( الأردن ) – الأربعاء 18/12/2019 م …



المقدمة :
إن تجارب الوحدة العربية وبكل أسف قد جاءت موؤدة أو أُجهضت قبل إكتمالها ففشلت تجربة الوحدة بين المملكتين الأردنية والعراقية وفشلت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا وبين سوريا والعراق وبقيت عاطفة الشعوب العربية ونزعتها الوطنية تنتظر المعجزة.

بتاريخ 18/7/ 1971 اجتمعت سبع إمارات عربية هي أبو ظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة وعجمان وام القيوين والفجيرة وأعلنت عن إتفاقها على تشكيل دولة تعرف بإسم دولة الإمارات العربية.

وبتاريخ 25/5/1981 تم إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد أن وقع قادة كل من الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت على النظام الأساسي لمجلس التعاون من أجل تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

وبالرغم من كون العراق دولة مشاطئة للخليج العربي ودولة عربية مسلمة إلا أنه لسبب أو لآخر لم يتم إنضمام العراق لدول مجلس التعاون ولا نعرف على وجه الخصوص الأسباب لعدم الإنضمام. هل هو كون العراق نظام ثوري وقوي بينما الأنظمة العربية لدول الخليج هي أنظمة ملكية أميرية وهل كان هناك خوف من أن يعمد النظام العراقي على فرض سيادته وسيطرته على بقية دول الخليج.

إن ما يهمنا الآن أن هذه الوحدة هي أول وأنجح وأطول تجربة وحدة عربية تتم في العالم العربي ولا بد لكل الدول العربية والدول المسلمة أن تبذل كل مساعيها من أجل إعادة اللحمة بين قطر وبين بقية أعضاء المجلس. لا سيما وأن ما تتعرض له المنطقة من بعض الأحداث العسكرية الإرهابية كا ن آخرها ما تعرضت له منشآت شركة أرامكو في المملكة العربية السعودية.

كما أن قادة وشعوب هذه الدول يجب أن يبذلوا كل جهودهم من أجل تجنيب منطقة الخليج العربي إمتداد الربيع العربي الذي عصف بكل الدول العربية من أن يصل أراضيها لا سيما وأن هناك مناسبة عالمية هامة تتمثل في معرض “إكسبو” المقرر عقده في الإمارات العربية عام 2020 وهي المرة الأولى التي يعقد فيها هذا المعرض العالمي الهام في دولة عربية مسلمة كما أن قطر تنتظر بلهفة إقامة بطولة العالم لكرة القدم في عام 2022 وهي المرة الأولى التي تعقد فيها مثل هذه البطولة الدولية في دولة عربية.

ومما لا شك فيه أن هناك حاجة ماسة في إتخاذ موقف موحد لكل دول الخليج في التعامل مع إيران ومحاولة تجنيب المنطقة بكاملها إلى أي تصعيد عسكري والإستفادة من العلاقة الطيبة التي تربط إيران مع قطر وسلطنة عمان مع إيران.

لقد شهدت منطقة الخليج العربي ثلاث حروب مدمرة هددت أمن منطقة الخليج العربي ووقعت هذه الحروب في الأراضي الإيرانية والعراقية والكويتية وسوف نستعرض في بحثنا هذا الحروب الثلاث وأثرها على الأمن القومي العربي والأمن الدولي ودور النفاق والإبتزاز في سياسات الدول العظمى وسعيها الحثيث في إستغلال هذه الحروب المسلمة خدمة لمصالحها بدءا في خدمة الولايات المتحدة والإتحاد السوفيياتي (سابقا) والصين ودول حلف الأطلسي وتصب في نهاية المطاف في مصلحة الصهيونية العالمية متمثلة بربيبتها إسرائيل.

وإن الحروب التي سأتناولها في هذا البحث هي

1: حرب الخليج الأولى:
أو الحرب العراقية الإيرانية والتي أطلق عنها العراقيون إسم “قادسية صدام” بينما أطلق عليها الإيرانيون “الدفاع المقدس” ولقد استمرت هذه الحرب بين الدولتين المسلمتين من شهر أيلول 1980 حتى شهر أوغسطس 1988. ولقد خلفت هذه الحرب أكثر من مليون قتيل وخسائر مالية تجاوزت 400 مليار دولار ولقد استمرت هذه الحرب طوال ثماني سنوات لتكون أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وواحدة من أكثر الصراعات العسكرية دموية وإنه لمن المؤلم حقا أن تقع هذه الحرب بين الجارين المسلمين مما أدى إلى تعميق الفجوة بين الشيعة واهل السنة.

2: حرب الخليج الثانية 1990 :
بتاريخ 4/10/1963 اعترف العراق رسميا بإستقلال الكويت وبالحدود العراقية الكويتية ومن خلال الحرب العراقية الإيرانية قامت الكويت بدعم العراق إقتصاديا وماديا بحيث بلغت المساعدات الكويتية إلى ما يقارب 14 مليار دولار بينما بلغ حجم الدعم السعودي 17 مليار دولار مساعدات عسكرية و18 مليار دولار مساعدات نقدية . وكان العراق يأمل في تسديد هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط .

في عام 1990 اتهم العراق دولة الكويت بسرقة النفط من الحقول المشتركة وأن الكويت قد قامت بأعمال تنقيب غير مرخصة عن النفط في الجانب العراقي من حقل الميلة النفطي ويطلق عليه في الكويت حقل الرتقة . كما غضب الرئيس العراقي صدام حسين من الطريقة التي اتبعتها الحكومة الكويتية بمطالبته بالديون المالية الكويتية والتي كان صدام حسين حسب وجهة نظره قد انفقها في حربه ضد إيران وفي دفاعه عن دول الخليج وعن العالم العربي .

3: حرب الخليج الثالثة 2003
وهي تعرف بإسم الغزو الأمريكي للعراق أو حرب العراق أو حرب تحرير العراق كما تم تسميتها بحرب بوش أو هي الحرب على الإرهاب التي أعلنها الرئيس الأمريكي جورج بوش كرد فعل على تدمير برجي التجارة العالمي في نيويورك بتاريخ 11/9/2001. حيث بدأت عملية غزو العراق بتاريخ 20/3/2003 من قبل قوات الإئتلاف بقيادة الولايات المتحدة وانتهت هذه الحرب رسميا بإنزال العلم الأمريكي في بغداد بتاريخ 15/12/2011 بعد أن تم إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين وأدت إلى إعدامه .

وسوف نستعرض في الجزء الثاني كلا من الحروب الثلاث بالتفصيل .
الخاتمة :

واليوم ونحن نرقب ما يدور في المنطقة من أحداث مشبوهة تهدف إلى إيقاع حرب مدمرة بين الدول العربية وبين إيران تكون نتيجتها الدمار الشامل لكل الإقتصاد العربي في دول الخليج حيث ستكون ساحة الحرب إذا وقعت لا قدر الله في كل العواصم العربية والأرض العربية لدول الخليج العربي .

إن السلم هو الوضع الطبيعي للعلاقات بين الدول وإن الحرب هي حالة طارئة كريهة وإن استخدام السلاح يعبر عن عجز الدول والحكومات في إستخدام الوسائل الحضارية والعقلانية واستخدام العقل في إجراء مفاوضات للتوصل إلى حلول عادلة بدل الزج بأرواح مئات آلاف البشر في أتون حرب لا نعرف كيف ومتى تنتهي .

وإنني كباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي أدعو أطراف الصراع في أرجاء العالم إلى الإبتعاد كليا عن استخدام السلاح في حل المشاكل والحروب القائمة في أرجاء العالم العربي والتفكير في إيجاد حلول قائمة على التفاوض المباشر في حل أي خلاف وبالذات بين العرب وإيران لأن أخطار وقوع مثل هذه سوف تكون بمثابة كارثة تدمر المنطقة بأسرها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.