ميلاد انتفاضة في الخليل / د. هاني العقاد
د. هاني العقاد ( فلسطين ) – الأربعاء 18/12/2019 م …
الخليل زرع الثورة وعنوان التحدي والعيش بكرامة , مسرح المواجهة الساخنة , نار لا تنطفئ وسواعد لا تهدأ , انها خليل الرحمن من تقاتل ليل نهار لا تغمض لجفون ثوارها عيون ولا تهدأ لصدورهم انفاس ولا تستريح ابدانهم علي فراش ناعم ولا يأهنئوا بطعام ولا شراب طالما هناك غرباء محتلون مستوطنون حاقدون علي ارضها . الخليل من تصبح وتمسي حكاية للثائرين مئات الحكايات والقصص البطولية سطرتها في تاريخ النضال ومناهضة المحتل الغاشم . اطفالهم, شيوخهم ,نسائهم ,فتياتهم رجالهم كلهم ثوار ,السباق بينهم من يسبق الي ارض المواجهة ومن يبلي بلاء حسنا في كل نزال . اليوم تثور الخليل في وجه المستوطن الحاقد وجيش الاحتلال النازي الذي يريد ان يقتلع كل شجرة زيتون وكل كرمة عنب ليعطيها للمستوطنين ليس هذا فقط بل يريد ان يزرع كل شبر داخل المدينة باليهود المستوطنين القتلة من يفرضوا علي اهل الخليل الاقامات الجبرية ويمنعوا ابنائهم من التوجه للمدارس ويغلقوا دكاكينهم ويسرقوا قوت ابنائهم , اليوم يسرقوا المدينة من اهلها ويهودوا المسجد الابراهيمي الخليل في واحدة من اعنف جولات المواجهة بين الاحتلال واهل الخليل ابنائها ,اصلها ,حماتها ,ثوارها , عامريها , ابناء الارض والمقدسات . انها مسألة وجود وثبات علي الارض من ينتصر الغزاة والمحتلين والمستوطن الغرباء الذين جائوا من ابعاد الارض طالبين الحماية والكساء والطعام من الفلسطينين , من ينتصر هم ام اهل البلد اصلها ومؤسسيها , المعركة مازالت في مراحلها الاولي وستشهد الايام نزالات دامية وواسعة وسنعرف من هو المنتصر وسيصدق التاريخ بان الغزاة الي زوال والنصر لاهل الارض وثوارها .
تقول تقارير المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان ان مدينة الخليل تحولت الي هدف مباشر لمشاريع الاستيطان والتهويد الاسرائيلية بايعاز من وزير الجيش نفتالي بينت واكد التقرير ان ما يسمي بالادارة المدنية للاحتلال بعثت الاسبوع الماضي برسالة الي بلدية الخليل طالبت فيها البلدية بالموافقة علي هدم (سوق الجملة) في قلب المدينة من اجل اعادة بنائة من جديد ليصبح بؤرة استيطانية واقامة 70 وحدة استيطانية للمستوطنين بعد اضافة طابق جديد , هددت في الرسالة بأنه إذا لم تستجب بلدية الخليل للطلب خلال 30 يوما ، فإنها سوف تبدأ إجراءات قضائية لإلغاء مكانة البلدية كمستأجر محمي للسوق, ليس هذا فقط وانما قسمت سلطات الاحتلال الخليل الي مناطق بتصنيفات استيطانية حسب استراتيجية الاستيلاء علي المدينة وتحويلها الي مدينة مستوطنين تأوي الاف المستوطنين واجبارالفلسطينين علي النزوح عن المدينة والبحث عن مناطق اكثر استقراراً. الحقائق تقول ان سلطات الاحتلال اغلقت ثلث الشقق السكنية الفلسطينية في البلدة القديمة وتم اخلاؤها من السكان لتصل الي نحو 2400 شقة سكنية علاوة علي ان معظم الشقق الفارغة التي توجد في المنطقة تقع تحت السيطرة المباشرة للمستوطنين, وان اكثر من 1500 محلا تجاريا بات مغلقا منذ عشرين سنة تقريبا ، الثلث منها بأوامر اغلاق عسكرية ، والأخرى بسبب تنكيل المستوطنين ومنع الحركة التي تصعب على الانتاج والتجارة وتردع المشترين والموردين من الوصول اليه , الحقائق تقول انهم غيروا اسماء الشوارع والحارات والميادين الي اسماء يهودية كما يفعلون بالضبط في القدس فكلتا المدينتين الان واقعتين ضمن اهداف اسرائيلية استيطانية متطرفة تهدف لقلع الهوية الفلسطينية منها.
الخليل تشهد منذ فترة مراسم ولادة انتفاضة حقيقية وزخم جماهيري يشعل جمر انتفاضة من جديد لاستشعاراهلها بتهديدات المستوطنين التي باتت توحي بالاستيلاء علي المدينة بمجملها وطرد سكانها فكانت هناك رسالة للمستوطنين وقوات الاحتلال التي تحميهم عندما قرر اهل الخليل التواجد في صلاة الفجر بالمسجد الابراهيم فحضر الي المسجد الابراهيمي اكثر من 120 الف مصل كل صلاة فجر في المسجد الابراهيمي في مشهد ارعب المستوطنين واخاف قطعانهم ومازال يمثل ثورة بمعني مختلف ، ضمن حملة الفجر العظيم؛ في تحدٍّ لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي تغلق المسجد وتمنع الصلاة فيه فترات طويلة. لم تقتصرفعاليات المواجهة مع الاحتلال والثبات علي الارض بالصلاة في المسجد الابراهيمي صباحا بل كل الاوقات وكانت قبل ايام هناك اكثر من مائة الف مصل في صلاة الظهر ما بعث برسائل الي المحتل الاسرائيلي بان الحرب حرب وجود ديموغرافي , الخليل يحميها شبابها واهلها واطفالها الذين تسابقوا للرباط في المسجد , شكل من اشكال المقاومة المرعبة بدات في الخليل اليوم وستستمر طالما بقي الاحتلال يمارس اشكال الارهاب وهدم البيوت والاستيلاء علي الاراضي الفلسطينية بحجة تحويلها لمناطق عسكرية والتضيق علي اصحابها. كل ما يجري مراسيم ولادة انتفاضة حقيقية ,مواجهات بالنهار والليل في كافة الشوارع ,اغلاق طرق امام مركبات المستوطنين حراسات ليلية للقري الفلسطينية , الخليل والقدس نموذجان مهمان للمواجهة والانتفاضة التي سيبقي جمرها مشتعلا طالما بقي الاحتلال هذا النموذج يجب ان ينتقل الي كافة المدن الفلسطينية بالضفة الغربية والمناطق المهددة نموذج نزول المواطنين بالالاف لاقامة الصلوات والاحتشاد واغلاق الطرق والاشتباك مع المحتلين وتفعيل الحراسات الليلية لدحر اي هجوم للمستوطنين لحظة وقوعه .الان انتفاضة في الخليل , الن انتفاضة في القدس , انتفاضة في سلوان انتفاضة في نعلين وبلعين كلها عنوان واحدة لانتفاضة تكبر يوما بعد يوم اصبحت بحاجة لقيادة حقيقية ترسم خارطة الاشتباك وخطوط الاستمرار في الهجوم .
التعليقات مغلقة.