حكاية إيمان “الداعشية” المهاجرة من أرضها المحتلة ( فلسطين ) الى سورية

 

كتب جمال كامل ( الجمعة ) 25/9/2015 م …

كثيرة هي حكايات الاشخاص التي يلتحقون ب”داعش” في سوريا والعراق، فمنهم من ينجح في الوصول الى هناك، ويبدأ مهنة القتل للابرياء في هذين البلدين، او يفجر نفسه في شوارع ومدارس ورياض الاطفال والمستشفيات والمساجد والجوامع والكنائس وطوابير العمال، وهو مقتنع تماما انه “يجاهد في سبيل الله” الكفار والمرتدين والمشركين، ومن بين هؤلاء من لا ينجح في الوصول الى هدفه، فيعود الى بلاده “محروما” من “نعمة الجهاد”.

من بين القصص الكثيرة عن الذاهبين الى “داعش”، استوقفتني حكاية سيدة فلسطينية متزوجه ولديها خمسة أبناء، اسمها إيمان كنجو (44 عامًا)، من سكان مدينة شفاعمرو، في فلسطين المحتلة، القي القبض عليها في مطار بن غوريون عندما هبطت من على متن طائرة رحلات مباشرة من تركيا إلى فلسطين المحتلة، وكان قد تم إعتقال إيمان بعد أن حاولت عبور الحدود من تركيا إلى سوريا وأوقفت عند الحدود هناك من قبل السلطات التركية وتم ترحيلها على متن رحلة جوية مباشرة الى فلسطين المحتلة.

وجاء في تفصيلات لائحة الاتهام، كما نقلتها وسائل الاعلام الصهيونية، أنّ كنجو ارتبطت عبر شبكة التواصل الإجتماعي ” فيسبوك” مع شخص عرّف عن نفسه باسم (أبو علي الشامي) يرتبط مع منظمة “داعش” في سوريا، فقامت “كنجو” بالتعبير عن رغبتها العيش في سوريا ضمن نطاق “داعش” وطلبت ان تعمل في سورية بتعليم الدين لنشطاء التنظيم وتعليمهم الشريعة، بهدف رفع معنوياتهم، وأبدت استعدادها لفعل كل ما يطلب منها في التنظيم.

وأضافت النيابة في لائحة الاتهام انه في بداية شهر آب 2015 قررت كنجو الخروج من فلسطين المحتلة الى سوريا عن طريق تركيا، لأجل الانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية “داعش” لمساعدتهم من خلال مفهومها الايدولوجي، ومن أجل ذلك بحثت في الانترنيت عن طريق العبور إلى سوريا إضافة إلى تمويل العبور إلى سوريا، توجهت لوالدها وطلبت منه الانضمام اليها وعلى ذلك وافق الوالد، بحسب اللائحة.

وفي يوم 19\8\2015 خرجت برفقة والدها إلى تركيا، بهدف الوصول إلى سوريا وبحوزتهم 11,000 دولار، وبعد عدة أيام أعتقلت كنجو لوحدها على الحدود السورية من قبل السلطات التركية وأعيدت إلى فلسطين المحتلة دون أن تدخل الى سوريا.

الجانب الذي وقفت امامه كثيرا في حكاية ايمان “الداعشية”، كان دفاع المحامي الصهيوني داهود نفاع عن ايمان، وخاصة قوله:”ممكن أن نعقّب بشكل عام على القضية، هناك تصوير وكأن المتهمة تدخل ضمن التحريض الشامل، وأنها انضمت للدولة الإسلامية، أنا أقول أن المرأة لها قناعاتها الدينية، هي لا تحارب ولا تعمل في مؤسسة إرهابية وغير معنية بذلك، ولا يوجد لها نية بأن تضر بالمواطنين في إسرائيل أو أمن الدولة وبالتالي لائحة الإتهام والتحريض من قبل الدولة بات جبلا سيولد فأرا”.

لسنا هنا بصدد تضخيم دور بعض الشباب الفلسطيني، من الذين التحقوا ب”داعش”، فشأنهم شأن باقي الشباب العربي والمسلم الذين نخرت عقولهم الوهابية، فالوهابية كالفيروس لا تستثني احدا، عندما ينتشر في محيط ما، الا من حصن نفسه جيدا امامه، لكن في الوقت نفسه لا يمكن لاي متابع ان يمر مرور الكرام امام “الداعشي” الفلسطيني، كما يمر من امام باقي الجنسيات الاخرى، فالمتابع ومن بينهم كاتب السطور، كان يعتقد ان الانسان الفلسطيني محصن امام فيروس الوهابية، بالقضية الفلسطينية، فهذا الانسان ارضه محتلة من قبل اشرس عدو عرفه العرب والمسلمون على مدى 1400 عام، وقتل وشرد اهله، فمن الصعب وحتى من المحال ان تنحرف بوصلة هذا الانسان الى اي قضية اخرى غير قضية فلسطين والقدس واللاجئين الفلسطينيين، الى قضية اخرى مهما كانت عادلة، فما بالك لو كانت هذه البوصلة تشير الى قضية مريبة تقف وراءها الصهيونية العالمية كقضية “داعش”، عندها من حق اي انسان ان يقف مستغربا من هذا الانحراف.

ايمان “الداعشية”، وهي من فلسطين المحتلة، وبلدتها شفاعمرو محتلة، وتحمل جنسية المحتلين، وابناءها الخمسة مضطرين ان يتحدثوا بالعبرية، واهلها مشردين في اقصاع الارض، وبالقرب منها غزة المحاصرة منذ سنين من قبل الصهاينة المجرمين، الا انها تتجاهل كل هذا، وتترك ابناءها ووطنها وبلدتها واهلها وشهدائها وقضيتها وقدسها وماضيها وحاضرها، وتحمل معها 11 الف دولار، وتذهب الى عصابة “داعش”، التي اثبتت الاعوام القليلة الماضية، انها صنو الصهيونية، وانها شوهت الاسلام واضرت بالعرب والمسلمين، وبقضيتهم المركزية فلسطين، وشرذمت الشعوب العربية، واضعفت الجيوش العربية، وانهكت البلدان العربية، التي اقتربت من التقسيم والتجزئة، كل ذلك لمصلحة عدو الامتين العربية والاسلامية، المتربص بها الدوائر.

ويكفي المرور مرة اخرى على تصريحات محامي ايمان الصهيوني، لكي تتكشف لنا العلاقة الوثيقة بين الوهابية والصهيونية، فهو يعترف صراحة ان ايمان ورفاقها “الدواعش” لا يشكلون اي خطر على “اسرائيل” ولا على “الاسرائيليين”، بل ان ايمان و“داعش” لا يفكرون ولا يخطر ببالهم ان يهددوا “اسرائيل”، وان المحامي يعتبر العقيدة الدينية لإيمان (الوهابية) عقيدة محترمة، ولا يجب ان توجه اي اتهامات لها، ودعا الى العفو عنها واطلاق سراحها.

تصريحات المحامي الصهيوني، قد ترجمتها “اسرائيل” عمليا، من خلال التدخل العسكري المباشر لصالح “داعش”، وفتح ابواب مستشفياتها لعلاج جرحى رفاق ايمان من “الدواعش”، وكذلك التصريحات العلنية لكبار زعماء الكيان الصهيوني، بشأن ضرورة تقسيم سوريا وانهاك جيشها، كي تبقى “اسرائيل” القوة الاولى في المنطقة، بينها العرب غارقون في الدماء والدماء والفوضى.

لهذه الاسباب وغيرها، يقف الكثير من المراقبين لتطورات الاحداث في المنطقة، امام حكايات “الدواعش” الفلسطينيين، فانها تختلف كثيرا عن باقي حكايات “الدواعش” العرب والمسلمين، وان الوقوف هذا سيطول في حال كانت “الداعشي” فلسطينية، كما هي حال “بطلة” حكايتنا ايمان.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.