المرأة بين المسألة النِسويّة والجندرة / د. عدنان عويّد
د. عدنان عويّد ( سورية ) – الخميس 26/12/2019 م …
كثيراً ما يحدث الخلط برأيي بين المسألة النِسويّة والجندرة بالنسبة للمرأة, الأمر الذي تضيع فيه قضية المرأة الأساسية على اعتبارها إنساناً من لحم ودم, لا تختلف عن الرجل إلا في السمات والخصائص البيولوجية, وبعض السمات النفسية التي ولدتها هذه السمات البيولوجية من جهة, ثم الاقصاء والاضطهاد اللذين تعرضت لهما تاريخياً, وبناءً على ذلك ظلت قضية المرأة تدور على محور وحيد هو تحرير المرأة وإعطائها حقوقها, أي حل قضية اختلافها عن الرجل, أمام من يعتبرها ضلعاً قاصراً أو كشاردة الإبل.
نقول: إذا كانت القضية النِسويّة تدور حول تحقيق العدالة للمرأة بينها وبين الرجل, ومن حيث رفع الحيف والظلم عنها, أي من حيث اعتبارها ناقصة عقل ودين, ومن حيث ضعف مكانتها الاجتماعية في الأسرة والمجتمع, وبالتالي ضرورة العمل على تخليصها من العادات والتقاليد البالية التي وضعت فيها تاريخياً, والعمل على تحريرها اقتصادياً, وتحرير جسدها من كونه باباً للدعاية التجارية, او سلعة لتحقيق اللذة الجنسية, وكذلك العمل على مشاركتها في الحياة العامة للدولة والمجتمع. فإن قضية الجندرة هي أعمق من ذلك بكثير. فالجندرة تركز هنا بالنسبة للمرأة على العمل من أجل اثبات أنها والرجل خلقا من نفس واحدة, وأنها من الناحية الاجتماعية شريك حقيقي للرجل في بناء الأسرة والدولة والمجتمع, وأن لها قدرات عقلية ربما تضاهي الرجل أو حتى تتفوق عليه في بعض المجالات الحياتية, ومن الناحية السياسية هي مواطنة لها حقوق وعليها واجبات, شأنها شأن الرجل, وبالتالي يجب أن تنال حقوقها وتؤدي واجباتها, وأن تساهم في المؤسسات السياسية والقانونية والخدمية للدولة. إن الجندرة تعني أيضاً, الكشف عن القدرات العقلية لديها كي تمنحها المساهمة أو الاشتغال في مجالات البحوث العلمية بكل مستوياتها إن كانت على مستوى العلوم الطبيعية, كالميكانيك والذرة والهندسة والرياضيات وغيرها, أو على مستوى العلوم الإنسانية كالاشتغال على علوم الفلسفة والتاريخ والجغرافية والدين والقانون وغيرها.
ختاماً نقول: لا شك أن هناك تداخلاً بين المسألة النِسويّة والجندرة بالنسبة للمرأة, ولكن تظل الجندرة أكثر أهمية وشمولية وقدرة على الغوص في أعماق قضية الجنس النسوي, للوصول إلى ما يثبت جذرها وجوهرها الإنساني الذي غيب منذ آلاف السنين بسبب سيطرة عالم الذكورة واضطهاده لها حتى فقدت تاريخياً هذا الجوهر الإنساني, وأصبحت هي ذاتها تشعر بأنها أقل مكانة من الرجل, وأن الرجل يظل بالنسبة لها هو الحامي والسند والقاني كما يقول المثل الشعبي..
كاتب وباحث من سورية
التعليقات مغلقة.