خمسة وأربعون عاماً على رحيل جمال عبد الناصر

 

الأردن العربي ( الإثنين ) 28/9/2015 م …

تصادف اليوم الاثنين، الذكرى الخامسة والأربعون لرحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ذلك الرحيل الدراماتيكي الذي أتى فجأةً لينهي مسيرته السياسية والعسكرية وهو لم يكمل الثانية والخمسين من عمره.

ولد جمال عبد الناصر حسين في 15-1-1918، في حي باكوس، أحد أحياء مدينة الإسكندرية، وكان أول أبناء والديه، وتوفيت والدته بعد ولادة أخيه الثالث شوقي عام 1926.

عام 1930، وتحديداً في مدرسة رأس التين في الإسكندرية، بدأ نشاطه السياسي، حين انضم إلى مظاهرة في ميدان المنشية في الإسكندرية، دون أن يعلم بمطالبها التي تمثلت في إلغاء دستور 1923.

انتقل والده للعمل في القاهرة عام 1933، فالتحق جمال بمدرسة النهضة الثانوية، ومثل في عدة مسرحيات، وكتب مقالات في مجلة المدرسة، لكن نشاطه الأبرز كان قيادته لمظاهرة عام 1935 احتجاجاً على بيان لوزير خارجية بريطانيا، وقتل اثنين من المتظاهرين، وجرح جمال في جبينه برصاصة إنجليزية، ونشر اسمه في مجلة الجهاد ضمن المصابين.

تقدم ناصر عام 1937 إلى الكلية الحربية لتدريب ضباط الجيش، لكن مشاركاته السابقة في المظاهرات منعته من دخول الكلية، فالتحق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة التي كانت تعرف بجامعة الملك فؤاد وقتها، لكنه بعد فصل واحد التقى وزير الحربية إبراهيم خيري باشا، الذي وافق على انضمامه للكلية العسكرية، وهناك التقى بعبد الحكيم عامر وأنور السادات اللذين أصبحا أهم مساعديه.

تم قبول ناصر في كلية الأركان العامة عام 1942، فبدأ بتشكيل مجموعة من ضباط الجيش الشباب، فيما عرف فيما بعد بتنظيم الضباط الأحرار.

خاض عبد الناصر أول معاركه عام 1948 في فلسطين، وتحول إلى بطل وطني بعد حصاره مع رفاقه في الفالوجة، وعاد بعد الحرب إلى وظيفته كمدرس في الأكاديمية الملكية العسكرية.

لم يعتقد عبد الناصر أن ضابطاً من ذوي الرتب المتدنية مثله [عقيد] من شأنه أن يكون مقبولاً من قبل الشعب المصري، واختار لذلك محمد نجيب ليكون قائدا للثورة التي انطلقت يوم 22 يوليو وأعلن نجاحها في اليوم التالي، واستولى الضباط الأحرار على جميع المباني الحكومية، والمحطات الإذاعية، ومراكز الشرطة، وكذلك مقر قيادة الجيش في القاهرة. وكان العديد من الضباط المتمردين يقودون وحداتهم، ارتدى ناصر ملابس مدنية لتجنب القبض عليه عن طريق النظام الملكي، وفي خطوة لدرء التدخل الأجنبي، أخبر ناصر أمريكا والحكومة البريطانية قبل يومين من الثورة عن نواياه واتفق معهما على عدم مساعدة فاروق، وتحت ضغط من أمريكا، وافق ناصر على نفي الملك المخلوع مع احتفال تكريمي، ويوم 18 يونيو 1953، تم إلغاء النظام الملكي وأعلن قيام الجمهورية في مصر، وكان نجيب أول رئيس لها.

حكم الضباط الأحرار باسم ‘مجلس قيادة الثورة’ عن طريق محمد نجيب رئيسا وجمال عبد الناصر نائبا للرئيس، وقام عبد الناصر بالعديد من الإصلاحات كقانون الإصلاح الزراعي، وإلغاء النظام الملكي، وإعادة تنظيم الأحزاب السياسية، وفي يناير عام 1953، حظر ناصر جميع الأحزاب السياسية، وخلق نظام الحزب الواحد، وعندما بدأت علامات الاستقلال من مجلس قيادة الثورة تظهر على نجيب، حيث نأى بنفسه عن قانون الإصلاح الزراعي وتقرب إلى الأحزاب المعارضة لمجلس قيادة الثورة مثل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد، فكر ناصر في تنحيته، وفي يونيو، سيطر ناصر على منصب وزير الداخلية عن طريق عزل الوزير الموالي لمحمد نجيب، وهو نجيب سليمان حافظ، وضغط على نجيب لاختتام إلغاء النظام الملكي، وفي 25 فبراير عام 1954، أعلن نجيب استقالته من مجلس قيادة الثورة، وفي 26 فبراير، قبل ناصر استقالة نجيب، وقام بوضع نجيب تحت الإقامة الجبرية في منزله، وعين مجلس قيادة الثورة ناصر قائدا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا لمجلس الوزراء، على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً، وقام ناصر بتعيين عبد الحكيم عامر قائداً للقوات المسلحة، وكان هذا المنصب في يد محمد نجيب قبل عزله.

في 26 أكتوبر عام 1954، حاول محمد عبد اللطيف أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين اغتيال عبد الناصر عندما كان يلقى خطابا في الإسكندرية للاحتفال بالانسحاب العسكري البريطاني. كان المسلح بعيدا عنه سبعة أمتار، وأطلق ثماني طلقات، ولكن جميع الطلقات لم تصب ناصر. اندلعت حالة من الذعر بين الجمهور، لكن ناصر رفع صوته وطلب من الجماهير الهدوء، وصاح: ‘فليبق كل في مكانه أيها الرجال، فليبق كل في مكانه أيها الرجال، حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم، سأعيش من أجلكم، وأموت من أجل حريتكم وشرفكم، إذا كان يجب أن يموت جمال عبد الناصر، يجب أن يكون كل واحد منكم جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر منكم ومستعد للتضحية بحياته من أجل البلاد’، وبعد عودته إلى القاهرة، أمر عبد الناصر بواحدة من أكبر الحملات السياسية في التاريخ الحديث لمصر، فتم اعتقال الآلاف من المعارضين، ومعظمهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والشيوعيين، وتمت إقالة 140 ضابطا مواليا لنجيب وحكم على ثمانية من قادة الإخوان بالإعدام وأصبح عبد الناصر الزعيم بلا منازع في مصر.

في مؤتمر باندونغ في إندونيسيا في أواخر أبريل 1956، كان عبد الناصر يعامل كأبرز ممثلي الدول العربية، وكان واحداً من الشخصيات الأكثر شعبية في القمة، وقدم عبد الناصر الدعم من أجل استقلال تونس والجزائر والمغرب عن الحكم الفرنسي، ودعم حق عودة الفلسطينيين لمنازلهم، ودعا لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. نجح في الضغط على الحضور لتمرير قرارات بشأن كل من هذه القضايا، وأبرزها ضمان الدعم القوي من الصين والهند، وبعد مؤتمر باندونغ، أعلن ناصر رسميا ‘الحياد الإيجابي’ لمصر بشأن الحرب الباردة، وتم استقبال عبد الناصر من قبل حشود كبيرة من الناس غطت شوارع القاهرة لدى عودته إلى مصر في 2 مايو، وتم الإعلان على نطاق واسع في الصحافة عن إنجازاته وقيادته للمؤتمر. ونتيجة لذلك، تعززت مكانة عبد الناصر إلى حد كبير كما زادت ثقته بنفسه.

في عام 1956 وبعد أن رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي أعلن جمال عبد الناصر في خطبة شهيرة في ميدان المنشية في الإسكندرية تأميم قناة السويس التي كانت خاضعة للسيطرة البريطانية والفرنسية، مما أدى إلى ما عرف بالعدوان الثلاثي على مصر والمشكل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، ولكن هذا العدوان فشل نتيجة الضغوط الدولية والمقاومة الشعبية في بورسعيد على الأخص.

ويعتبر مشروع السد العالي الذي أنشأه عبد الناصر من أضخم مشاريع السدود على مستوى العالم، وقد حمى مصر من الفيضانات التي كانت تقضي على المحاصيل كل عام تقريباً، إضافة إلى توفير الطاقة الكهربائية بشكل كامل لجميع أنحاء مصر.

 بعد هزيمة 1967 استقال عبد الناصر من جميع مناصبه السياسية في خطاب شهير تحمل فيه المسؤولية عن الهزيمة كاملة، لكن التظاهرات التي قام بها الشارع المصري تطالبه بالعودة، جعلته يعدل عن استقالته. ليدير بعد ذلك ما عرف بحرب الاستنزاف حتى وفاته.

آخر مهام عبد الناصر كان الوساطة لإيقاف أحداث أيلول الأسود في الأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلى 28 سبتمبر 1970. حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت. عندما داهمته نوبة قلبية بعد ذلك، وأعلن عن وفاته في28 سبتمبر 1970 عن عمر 52 عاما بعد 16 عاماً قضاها في رئاسة مصر، ليتولى الحكم من بعده نائبه محمد أنور السادات.

تناولت حياته أفلام ومسلسلات مثل فيلم ناصر 56 سنة 1995 بطولة أحمد زكي، وفيلم جمال عبد الناصر سنة 1999 بطولة خالد الصاوي، ومسلسل فارس الرومانسية سنة 2003 عن حياة يوسف السباعي بطولة محمد رياض وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل رياض الخولي، ومسلسل أم كلثوم سنة 1999 عن قصة حياة المطربة أم كلثوم بطولة صابرين وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل رياض الخولي، مسلسل أوراق مصرية بطولة صلاح السعدني، وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل نبيل الحلفاوي، وفيلم أيام السادات سنة 2001 عن قصة حياة الرئيس محمد أنور السادات من بطولة أحمد زكي ، وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل محمود الخولي، ومسلسل العندليب حكاية شعب سنة 2006 عن قصة حياة عبد الحليم حافظ بطولة شادي شامل وقام بدور جمال عبد الناصر مجدي كامل، ومسلسل ناصر سنة 2008 بطولة مجدي كامل، مسلسل كاريوكا سنة 2012 عن قصة حياة تحية كاريوكا بطولة وفاء عامر وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل حمادة بركات، فيلم سادات، من بطولة لويس جوست جونيور بدور الرئيس محمد أنور السادات، وقام بدور جمال عبد الناصر الممثل الويلزي جون رايز ديفيس.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.