تفسير كمية العداء والحقد غير المبرر لدى العرب ضد إيران / زياد نابلسي
زياد نابلسي ( الإثنين ) 13/1/2020 م …
قبل يومين، وفي حوار مع أحد الأصدقاء لمحاولة تفسير كمية العداء والحقد غير المبرر لدى العرب ضد إيران ، استعمل هذا الصديق مثالاً عبقرياً من الحرب العالمية الثانية لتلخيص الإعاقة الأخلاقية التي يعاني منها هؤلاء الناس…
قال صديقي، عندما احتل النازيون فرنسا ودخل هتلر إلى باريس، هبت بريطانيا لمساندة فرنسا ودعمت المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال وآوت زعيم المقاومة الفرنسية شارل ديغول في لندن وزودته بالمال والسلاح…
تخيّل أن يخرج عليك وقتها قطاع واسع من الفرنسيين لشتم وتحقير وكراهية بريطانيا بحجة أنها تفعل ذلك فقط للمتاجرة بالقضية الفرنسية…
تخيّل أن يقول فرنسيون في تلك اللحظة المصيرية أن أطماع ونوايا بريطانيا الحقيقية هي لتوسيع نفوذ امبراطوريتها، وأن هدف تحرير فرنسا هو مجرد كلام ووسيلة وشماعة للتدخل في شؤون فرنسا ونشر المذهب الأنجليكاني البروتستانتي ومحاربة أهل الكاثوليك والجماعة في فرنسا…
تخيّل أن ينسى الشعب الفرنسي عندها الاحتلال النازي، وأن يكرس كل طاقاته وجهده لشيطنة بريطانيا ووصفها بأقذع الأوصاف ومعاداتها ومحاربتها واتهامها بأنها هي أصل الداء والخراب الذي حل بفرنسا…
وتخيّل أخيراً، يا رعاك الله، عندما تندلع المواجهة بين بريطانيا وألمانيا، يخرج نفس هؤلاء المعوّقين ويقولون لك أن إنزال قوات الحلفاء على شواطئ نورماندي هو مجرد مسرحية…
صديقي عبر عن حالة العته العربي بكل بلاغة …
يقول هذا الصديق أن العرب اليوم أمة مهزومة ضعيفة متخلفة تواجه احتلالاً عسكرياً صهيونياً لأراضيهم منذ أكثر من سبعين عاماً، فجاءهم حليف لا يوجد أدنى شك في أنه قدم ويقدم الدعم الوحيد في هذا العالم من أجل هدف تحرير فلسطين، ولولاه ولولا دعمه وتعرضه للعقوبات لإصراره على الوقوف معكم، لما كان لحركات المقاومة ضد الهيمنة الصهيونية أي وجود ولما قامت لهم أي قائمة …
في مثل هذه الحالة، يتساءل صديقي بتهكم، ما همكم أيها العرب بالنوايا في الصدور، وما يخصكم بما يضمره هذا الحليف في قلبه طالما أنه جاء لينقذكم من التبعية والعبودية والاحتلال ويقدم لكم دعماً ومساندة وسلاحاً لم يقدمها لكم أحد في هذا الكوكب؟
وأنا أقول لهذه المخلوقات العجيبة :
اليوم نتنياهو يدوس عليكم ويبصق على شرفكم ويغتصب قدس أقداسكم، بل أن حذاءه تعدى أسنانكم ووصل إلى بلعومكم ولو استمر ترامب في صفقته سيخرج من مؤخراتكم…
وأنتم لا زلتم كالبهائم منهمكون في تحليل الأطماع الفارسية والمشاريع الصفوية والهلوسات المجوسية للدولة الوحيدة التي يمكن أن تتعلموا منها دروساً حول معنى الاستقلال الحقيقي ومعنى السيادة والكرامة واحترام النفس والاعتماد على الذات ورفض العبودية والذل والهوان …
إلى الإسلامي الذي يقول “يا للهول إنهم يشتمون الصحابة”، وإلى العلماني الذي يقول “يا للهول إنهم يلبسون العمائم”، أنتم الإثنين على فكرة لا تختلفون عن بعضكم البعض في جهلكم، بل أنكم لا تمثلون رأياً سياسياً…
أنتم مجرد مرضى بحاجة إلى مصح عقلي من نوع خاص لعلاج الإعاقات الأخلاقية، وأطباء متخصصين في الحالات النادرة جداً من انهيار القِيَم وسقوط الشرف وانعدام الضمير
التعليقات مغلقة.