يا فراعنة الحكم في لبنان : ارفعوا ايديكم عن رقاب العباد / موسى عبّاس
موسى عبّاس ( لبنان ) – السبت 18/1/2020 م …
الكاتب موسى عباس
أيّها اللا “مسؤولون” ، أيّها المتحكّمون برقاب العباد منذ ثلاثين عاماً :
-أليس لديكم ذرّة من الإنسانية تدفعكم للنزول من أبراجكم العاجيّة وعن عروشكم التي أعليتموها فوق أجساد كانت تضجّ حياةً وتنبض عطاءً فحوّلتموها إلى قطعانٍ من بهائم يجرّها عسَسُكُم الذين لا همّ لهم سوى كيفية الحصول على رضاكم وتلميعَ نِعالِكُم .
– ألا تمتلكون درهمَ عقلانيّة يُشير عليكم بأن تستمعوا إلى أنّات وحشرجات قطعانكم التي تقودونها إلى مسالخ مطامعكم التي لا تقف عند حدّ ولا تنضب.
– هل تخشون من التجوال بين العامّة فتنصتون لمعاناتهم ولآلامهم التي تسببتم بها لهم على الرغم من أنهم هم الذين رفعوكم على الرقاب ومنحوكم وكالةً لترفعوا عنهم الغبن والظلم والقهر ، ولكنّكم بدلاً من ذلك تكافئونهم بالدَوْسِ على رقابهم ولم تكتفوا بذلك بل حطّمتم كرامتهم فتذلونهم على أبواب حُجّابكم .
كان هارون الرشيد أعظم أباطرة الدولة العبّاسية والمعروف بقساوته وظلمه يخرج من قصره متنكّراً ويتجوّل في شوارع بغداد ويختلط بالرّعية ليتعرّف على همومهم على الرغم من وجود آلاف العسَسْ والحَسَبَة والكتبة الذين يعملون تحت إمرته ويُحصون أنفاس العامّة والخاصّة، لكنّ هارون الرشيد كان لا يعتمد على مستشاريه والمقرّبين منه بشكل أعمى، بينما أنتم يا زعماء الطوائف والمذاهب صمّْ بكمٌ عُميٌ عن كل ما يجري حولكم من مصائبٍ ونكبات وآلام تسببتم بها للذين من المفترض أنّكم مؤتمنون على مصالحهم بوكالةٍ غير قابلة للعزل،
وبدلاً من ذلك سرقتموهم في السرّ والعلن، نهبتم أموالهم عبر زبانيتكم الذين أوكلتموهم إدارة شؤون المصالح العامة فكانوا أمثالكم خير من سلبوا الأمانة على مرّ العقود، ولم تتوقفوا عند ذلك الحدّ فها أنتم تسلبونهم وفي أصعب الظروف جنى عمرهم وقوت يومهم عبر مصارفكم ومؤسسات الصيرفة المحميّة من قبلكم والإحتكارات التي تمتلكونها أو يمتلكها توابعكم ممّن لا همّ لهم سوى تكديس الثروات ولو كان ذلك من دماء الفقراء .
أيّها الفاسدون :
من أين لكم ولأبنائكم ولأصهرتكم ولأقربائكم تلك الثروات الطائلة وتلك المؤسسات والشركات والأبنية والمطاعم والفنادق والعقارات التي تمتلكونها في الداخل والخارج؟!.
أنشأتم لزوجاتكم الجمعيات على أساس أنّها خيرية لرعاية ولمساعدة الفقراء والأيتام والنازحين وتلك الجمعيات تتلقى مئات الملايين سنويّاً من خزينة الدولة يعني من أموال الشعب بالإضافة للتبرعات من الأفراد والمؤسسات والصناديق المحليّة والأجنبية وعندما يحتاج مواطن مُعدَم لرعاية حقيقية لن يحوزها إلاّ بعد أن يتوسّل القريب والبعيد مُمرّغاً كرامته على أبواب حجّاب زوجاتكم المصونات اللواتي لا تحلوا لهن إلا شمس جزر هاواي وفنادق مونت كارلو ومطاعم باريس .
أزلامكم وأتباعكم المقرّبون يفرضون الخوّات والإتاوات على كلّ مواطن احتاج وظيفة أو عملاً ما دون أن يرُفّ لهم جفن، كيف لا وقد تتلمذوا وتخرّجوا من معاهدكم وجامعاتكم المتخصّصة بفنّ اللصوصية وهندستها.
أيها اللصوص :
حتى ما سُمّي “ثورة” تخطّت حدود طوائفكم ومذاهبكم والتي كانت صادقة ركبتم موجتها فأرسلتم كلابكم وسخّرتم أبوابقكم الإعلامية لحرفها عن مسارها ولم تكتفوا بهؤلاء بل تواطأتم مع المتأمركين المتصهينين من مُدّعي التحضُّر والتمدّن لزرع ثقافة الإستسلام تحت حجّة الرّغبة في السلام مع من ؟ مع أحقر بني البشر، فبعد أن كانت ثورة ضدّ لصوصيتكم سعيتم لتحويلها لثورة ضدّ حُماة الوطن أشرف الناس.
وتحوّل الفقراء من ثوار الى قاطعين للطرقات على أمثالهم من الفقراء الراكضين خلف لقمة العيش التي باتت تعدو أمامهم دون أن يلحقوا بها ،لأنكّم ازدردتموها مُسبقاً دون أن تغصّوا بها.
أيّها المجرمون:
الموت يخلّص صاحبه من عذابات الدنيا دُفعةً واحدة، أمّا أنتم تقتلون الناس بالتقسيط تستمرؤون وتتفننون بأساليب التعذيب فبعد أن كان القتل على أبواب المستشفيات والمدارس وفي الطرقات اخترعتم اسلوباً للقتل والإعدام على أبواب المصارف وهذا لم يسبقكم أحدٌ عليه ويجب أن تسجلّوا براءة إختراعه لحسابكم فيضاف إلى أرصدة إجرامكم المتراكمة في مصارف العُهر والقهر ، التي يُديرها الحاكم بأمره وزبانيته الذي بدلاً من أن يحمي أموال الفقراء تحوّل إلى حامي لأموالٍ سطوتُم عليها من عرق ودماء الفقراء.
كفاكم ولوغاً في رزق الفقراء، حتى في أحلك أيام “سفربرلك”لم يكن هناك من أمثالكم ، أنتم لستم لصوصاً فقط بل أنتم قتلة ومجرمون ، ولو تمثّل الفساد واللصوصية والإجرام ببشرٍ لتمثّل بكم، أنتم تستحقون تمثالاً ُ يُجسِّد حقارتكم ودناءتكم وطغيانكم وتجبّركم .
والمصيبة والطامة الكبرى أنّ غالبية العباد الذين تتحكمون برقابهم وبالرغم من يقينهم بفسادكم وإجرامكم إلاّ أنّهم ينقادون لكم انقياد القطيع للراعي الذي يسوقه للذبح حتى دون أن يُقدّم له شُربةً من ماء.
وصدق إمام المتقين “عليٌّ بن أبي طالب” (ع) حين قال:
“عجبْتُ لمن لا يجد قوتَ يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه”.
ولكن لما العجب ؟!
فالقطيع أدمن ” الإستكراد والإستعباد” .
يا فراعنة العصر:
الشعب اللبناني قدّم آلاف الشهداء على مذبح الحريّة ليعيد الكرامة التي سلبها المحتل والمستعمر والإرهاب والنتيجة طُرِد الجميع وتحرّرت الأرض وحُفِظت الكرامة ولكن للأسف فبالموازاة تسلّطتم على الرقاب وأكلتم أموال الأيتام والفقراء وأكثر من ذلك تتآمرون على أبناء جلدتكم الذين حفظوا كراماتكم وصانوا أعراضكم .
فوالله ، لولا حكمة وأناة وصبر من أؤتمن على الدماء ولولا احترام وإجلال وإخلاص أبنائه وإخوته له، لولا ذلك لداستكم الأقدام ولأصبحتم في خبر كان.
لكن، إلى متى الصبر والإحتمال ؟!.
التعليقات مغلقة.