روسيا في سوريا / د. فهد الفانك

 

د.فهد الفانك ( الأردن ) الخميس 1/10/2015 م …

لا يعود السبب في عظمة روسيا لكونها عضواً دائماً في مجلس الامن الدولي ، وتتمتع بحق النقض (الفيتو) بل لأنها في ذاتها دولة عظمى ، مساحةً وسكاناً ونظام حكم.

انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكيك الاتحاد السوفييتي لم يضعف روسيا بل منحها قوة إضافية ، ذلك أن كل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وكل دول المعسكر الاشتراكي كانت عبئاً على الاقتصاد الروسي ، وكانت روسيا تزود هؤلاء بالبترول بأسعار رمزية ، وتدفع لكوبا مليارين من الدولارات سنوياً لدعم صمودها.

روسيا أيضاً دولة عظمى أخلاقياً فلا تتخلى عن أصدقائها كما يفعل غيرها من الدول العظمى.

أخيراً دخلت روسيا على خط الحالة السورية ، وكانت قد أيدت الدولة السورية منذ البداية ، ووقفت ضد التدخل الخارجي لتدمير سوريا عن طريق ميليشيات إرهابية تتلقى المال والسلاح من دول شقيقة ، كما جربت روسيا الحل السياسي حتى اتضح أنه مستحيل.

روسيا وجدت أخيراً أن دعم سوريا سياسياً ، وتزويدها بالأسلحة والذخائر ليس كافياً ، فقررت الدخول بقوة عسكرية من شأنها أن تقلب الموازين.

الأجواء السورية أصبحت الآن تحت سيطرة سلاح الجو الروسي ، وعلى طائرات الدول الاخرى بما فيها إسرائيل وأميركا وتركيا أن تنسق (تستأذن) غرفة العمليات الروسية في اللاذقية قبل أن تدخل الاجواء السورية وإلا تعرضت للخطر.

الوجود الروسي لا يؤدي لمد أجل الصراع كما تدّعي بعض الأبواق ، فالعكس هو الصحيح ، ذلك أن سياسة حفظ التوازن بين الجيش السوري والمنظمات الإرهابية التي مارستها أميركا وحلفاؤها هي التي كانت تمدد أجل الصراع لاستكمال تدمير سوريا.

المرحلة المقبلة هي حسم الصراع ، وهزيمة الإرهاب ، ليصبح الحل السياسي وارداً.

نتائج وتداعيات الوجود الروسي في سوريا بدأت بالظهور: رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو طار مذعوراً إلى موسكو فالأجواء السورية لم تعد مستباحة ، والطائرات الإسرائيلية لم تعد قادرة على دخول الأجواء السورية إلا بإذن روسي مسبق ، وأميركا بدأت بالتراجع عن سياساتها المتشددة تجاه النظام لتصبح أكثر واقعية ، وترى الأمور من زاوية جديدة.

نعم ، روسيا لها مصالح في سوريا وهذا حسن ، ولولا هذه المصالح لكان التدخل الروسي تكتيكياً يمكن التراجع عنه ، أما وأن لها مصالح حيوية مشروعة فهذا يؤكد جدية التدخل واستراتيجيته.

روسيا ليست دولة استعمارية ، ولها تاريخ طويل في دعم القضايا العربية.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.