كيف تمخضت عبقرية ترامب الرياضية عن معادلة: 15% = 100% ويزيد؟! … وكيف تحولت 30 من الفضة الى 50 مليار دولار من أموال العرب نفطاً وغازاً! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) – الأحد 2/2/2020 م …
كيف تمخضت عبقرية ترامب الرياضية عن معادلة: 15% = 100% ويزيد؟!
وكيف تحولت 30 من الفضة الى 50 مليار دولار من أموال العرب نفطاً وغازاً!
لكن لن نساوم، لن نوقع، لن نصالح .. والى اخر نبض في عروقكم، يميناً، سنقاوم ..
ونحن امام احد خيارين لا ثالث لهما: فأما النصر واما النصر!
هكذا جعلت عبقرية ترامب الرياضية 15% تساوي 100% ويزيد: إدارة ذاتيّة ل15% من فلسطين على هيئة مجموعة مستوطنات او كانتونات مبعثرة بلا حدود او سيادة = 100% من فلسطين (من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش – 27,009 كم²) .. يا لروعة “صفقة القرن” هذه، بل كيف تمكّن ترامب من فرض هذا التنازل على المحتل: 15% من احتلاله!!!
وبهذا تسقط حتى رمّة “اتفاقية اوسلو” وعظامها المتعفنة بالتخلي لـ”إسرائيل” عن القدس والمستوطنات والأغوار والسلاح والنازحين وحق العودة وحق المقاومة والعلاقات الخارجية أيا كانت .. وهكذا تتمدد “اسرائيل” علي 85% من فلسطين ونصب عينيها فلسطين بكليتها دولةً يهوديةً صرفةً بلا فلسطينيين بعد تهجير أهلها الى أراضٍٍ عربيةٍ مجاورة!
وهذا يعيدنا لمحاولات شطب الأردن الكيان والإقليم من الخارطة وإلحاقه كفائض جغرافي (حوالي 90,000 كم²) بفلسطين (حوالي 27,009 كم²) لتصبح مساحة فلسطين “الموعودة بلفوريا” حوالي 117,000 كم² (فتتواضع اسرائيل بقبولها فلسطين من البحر الى النهر – مجرد حوالي 23 % من “حقها البلفوري السايكسبيكوي” من خلال “صفقة ألقرن”!) .. محاولات تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان انسجاما مع مفرزات سايكس/ بيكو ووعد بلفور بمصادقة صك الانتداب وعصبة الأمم وما رسموه للأردن من دور وظيفي .. واليوم يريدون الاردن جسرا حيويا لتسهيل الاتصال الجغرافي الاقتصادي السياسي العسكري مع دول الجزيرة العربية .. كما عملوا ويعملون على تفريغ المنطقة برمتها من مسيحييها وبالتالي من عروبتها تبريرا ليهودية الدولة .. وضمن السياق ذاته تمت الأطاحة بوحدة الضفتين (١٩٨٨/١٩٧٤) بلافتات وعناوين وشعارات بدت براقة حينئذ! اما اليوم، فما لبثوا يحاولون الفصل بين “الكعبة المشرفة” و”أرامكو غير المكرمة – في أسواق المال المحلية والعالمية” ويجهدون في انتزاع واغتصاب السدانة العربية الاردنية على المقدسات القدسية انسجاما مع “المصالحة التاريخية نحو اسرائيل الكبرى” ضمن لعبة ترامب الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي، وترجمتها الى “صفقة القرن” في المنطقة وما تتطلبه من محاولات دؤوبة لدفع الاردن علی ظهر او الی بطن صفيح ساخن .. وها هي اسرائيل تتمدد تطبيعا مع عدد من الدول العربية المؤثرة في السر والعلن بعد ان كان فخامة المقاوم الرئيس لحود قد اسقط محاولتهم في قمة بيروت عام 2002 ليعاودوا الكرة مع الربيع العربي ومن خلاله .. وها هو “محور الاعتدال العربي” يُسقط الأردن من عضويته ليتحول هذا المحور وينقلب جهارا وعلانية الى “المحور الصهيواعروبيكي” ويعمل جاهدا للإطاحة بالدور الاردني معلنا استعداد “اعرابه” للمصالحة التاريخية والعلاقة الاستراتيجية مع اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا على حساب الشعب الفلسطيني بحقوقه ومقدساته! اوليس في هذا محاكاة لنموذج أميركا الشماليّة، الذي تأسّس على إبادة السكّان الأصليين؟! أبادوا 20 مليون من السكان الاصليين المعروفين بالهنود الحمر، ثم اعتذروا! فالولايات المتحدة الامريكية انما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش وابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الأصليون بعد ان تم طردهم من الاقتصاد والتاريخ؟! الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين نفيا لانسانية الفلسطيني وتغريبا لهوية العربي تمهيدا لإلغائه وتفريغ فلسطين من الفلسطينيين ومن كل اخر؟! من هنا جاء التصفيق الأعظم لترامب ونتنياهو خلال الإعلان عن صفقة القرن وقبلها وبعدها من غلاة “المسيحيين” المعادين للسامية الذين
يتهمون اليهود بصلب يسوع واضطهاد تلاميذه في العصور الأولى للمسيحية مستندين بذلك على قول اليهود أثناء محاكمة يسوع: “دمه علينا وعلى أولادنا”. كما تم اتهام اليهود بعدة تهم منها تسميم آبار المسيحيين والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية وسرقة خبز القربان وتدنيسه الامر الذي أدى لطرد معظم اليهود من دول أوروبا الغربية إلى شرق ووسط أوروبا وبلاد المغرب العربي .. وهم يعملون اليوم على تهجير اليهود الى فلسطين وحشرهم هناك من خلال “صفقة القرن”!
وها هو جيمس لوكاس في مقال نشره عام 2015 (globalresearch.com) يوثق قيام الولايات المتحدة الأميركية بارتكاب جرائم قتل بلغت ضحاياها حوالي 20 مليون نسمة في 37 بلدا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية! اما اللوبي اليهودي، والدوران حول الهيكل، والصفقات، وحياكة المؤامرات، وزعزعة الاستقرار، وتأجيج الفتن والحروب الأهلية في العديد من دول العالم، وإدارة الانقلابات العسكرية، و”حلف/ بلف وارسو” الجديد فمن ادوات خدمة التمدد الصهيوني الى ما بعد بعد “كلاسيكية النيل والفرات” .. ولما كانت فنزويلا، مثلا، تشكل رمزا للموقف اللاتيني المناصر لفلسطين، اصبح إسقاطها مطلباً إسرائيلياً في محاولة لتعويض فشلهم بإسقاط سورية .. وامريكا، زعيمة الدول المارقة (CRS) والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، لا تتورع عن فرض عقوبات على من يلتزم بقرارات مجلس الأمن الذي كان قد اقر التفاهم النووي، مثلا، مع ايران بالإجماع – اي رسالة مارقة هذه: يُعاقب من ينفذ القرارات الأممية!! .. وها هم، في نيجيريا، يتعلمون من ترامب أصول القمع والذبح .. وفي فلسطين يحاكي الغاصبون النموذج الامريكي فيصادق الكنيست الصهيونيّ على “قانون القوميّة”، مثلا! وهنا لا بد من الإشارة الى ان الشروط الأميركية لرفع العقوبات عن ايران، وعددها 12، لا تهدف الا لحماية “اسرائيل” و”صيانة” النكبة الفلسطينية! وها هي اسرائيل ترفض تطبيق أكثر من أربعين قرارا لمجلس الأمن بينها الخاص بعودة اللاجئين والانسحاب من الأراضي المحتلة وهضبة الجولان وصولا الى المطالب بوضع حد نهائي للمستوطنات الى جانب القرارات الدولية التي تخطتها إسرائيل برفع الفيتو الأميركي!
وبعد، ف”صفقة القرن” لا تحمل حتى مقومات “كامب ديفيد” او “أوسلو” او “وادي عربه” حيث يعوزهاالشريك الفلسطيني/الأردني والمجتمع الدولي المتمثل بمجلس الأمن والاتحاد الأوربي .. اما الخارجية الروسية فقد ذكرت “أن الولايات الأمريكية المتحدة ليس من يتخذ قرار التسوية في الشرق الأوسط”. وهذا يعني أن القرار ليس بيدها وحدها وزمن التفرد باتخاذ القرار السياسي قد ولت أيامه ،وأمريكا تعلم ذلك .. وهكذا أعلن ترامب، بإعلانه “صفقة القرن” هذه، شرعية المقاومة مسقطا اوراق التوت و معريا أصدقاءه/ أنظمة التطبيع، ومعهم التسوية السلمية، والدور الامريكي “كوسيط محايد” .. أنه، بذلك، يعلن شرعية المقاومة طريقا وحيدا لاسترداد الحقوق – “فإما المقاومة واما انتظار الإبادة” .. إذن تمثل “صفقة القرن” تأكيدا جديدا ان وجود اسرائيل يرتكز الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة .. ان وجود اسرائيل هو المرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل و محوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر!
وهذا نتنياهو يُعرب عن قلقه وارتياب القادة الإسرائيليين، رغم تعدد الإشارات وكثافة التنبيهات، من ان اسرائيل قد لا تعمر الى المئة؟! ففي أثناء التحضيرات لاحتفالات العدو بالذكرى السبعين للنكبة، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي علناً عن مخاوفه و أقصى آماله. وكان قد أعلن، في تشرين الأول ٢٠١٧ خلال انعقاد احدى جلسات دراسة التوراة، بأنه: “ينبغي على إسرائيل الآن أن تجهّز نفسها لتهديدات مستقبلية لوجودها إن كانت تصبو للاحتفال بعيد ميلادها المئة” .. وأضاف، بحسب صحيفة «هآرتس»، “لقد امتد عمر المملكة [اليهودية] الحشمونائية (القديمة) ثمانين عاماً فقط”، وبأنه “يعمل على ضمان تخطي إسرائيل هذه المدة وأن تعمِّرَ كي تحتفل بعيد ميلادها المئة” .. وهو ما فتئ يحاول اجتذاب روسيا التي أكدت، وبلسان الرئيس بوتين شخصيا، التزامها بقرارات الشرعية الدولية، وموقفها واضح من الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وبينت ذلك بوضوح عندما منح ترامب الجولان لإسرائيل الامر الذي يزيد من قلق نتنياهو ويربك اسرائيل .. فلا تستغرب إذن ان تسمع وترى “الإسرائيليين” يعبرون عن خشيتهم ان هذا المشروع سيجلب كارثة للاسرائيليين، وها هو وزير سابق ورئيس الشاباك بالماضي (عامي أيالون) مثلا يرى ان “صفقة القرن ستجلِب الحرب الداميّة على إسرائيل وستؤدّي لإنهاء الحلم الصهيونيّ”!
واليوم أكرر السؤال وأعاود التاكيد أن اسرائيل لم تولد بفعل جدلية التاريخ او التقاطع الجيوبولتيكي، بل بفعل صدفة النفط .. فماذا نحن فاعلون؟!
كيف للعرب أن يسعدوا – بل حتى كيف لهم أن يتوسدوا المخدات؟!
كيف للعرب أن يسعدوا وفلسطين تحت الاحتلال، وترامب يعلن “صفقة القرن” والقدس عاصمة لاسرائيل، والكنيست الصهيوني يصادق على قانون يؤكد تهويد القدس كاملة، ونتنياهو يجوب مدنسا “اوطاني” أنى وأين وكيفما شاء؟!
فهل يسأل الواحد منا،قبل النوم، نفسه: ماذا فعلت اليوم من اجل تحرير فلسطين؟
هنا لابد من مناشدة “يوسف الفلسطيني” أن يسامح اخوته، سائلين الله والقدس الا يؤاخذوننا بما فعل السفهاء منا!
استريحوا، واتركوا الأمر لقوى المقاومة والتحرير اصحاب المشروع التحرري الوطني القومي والدولة الاشتراكية الديموقراطية .. ولا تسمحوا بتحويل مئوية سايكس بيكو ووعد بلفور الى محطة لمزيد من تشظية وتفكيك الحواضر العربية الاساسية (دمشق، بغداد، القاهرة) و”كنتنة” الدول المستهدفة و”تطييف” الدساتير و”مذهبتها” بتوسل نعومة الخصخصة و”الصندقة” حيثما وحينما تخفق آليات التمزيق الداعشية والاسلام الصهيواعروبيكي مثلا! لن نساوم فالزمن لنا وفلسطين لنا – من النهر الى البحر ومن الناقورة الى ام الرشراش – والقدس عاصمتنا وهي القبلة والبوصلة .. اما التاريخ فيكتبه صناع الغد من قوى المقاومة والتحرير ورجال الله في الميدان .. ونحن امام احد خيارين لا ثالث لهما: فأما النصر واما النصر!
هنا القدس – السلام يمر بتحرير فلسطين .. كل فلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى أم الرشراش!
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية
التعليقات مغلقة.