تيار إسرائيلي في الساحة الأردنية! / المحامي عبد الكريم زيد الكيلاني
المحامي عبدالكريم زيد الكيلاني ( الأردن ) – الأربعاء 5/2/2020 م …
انتشر في الساحة الأردنية مصطلح خطير الدلالة (التيار الاسرائيلي) وأصبح هذا التعبير يستخدم في كل مناسبة وبلا مناسبة.
لست مخبرا لجهة، وليس لدي مصادر من تلك الجهات المكشوفة، لكن من الواضح ان مستخدمي هذا المصطلح من طبقة واحدة ترى في مناوئيهم اذناب الصهيوني والامريكي في الاْردن، يعتقد أولئك القوم ان مصادرهم الخاصة عبر مكاتب متنوعة، تخولهم إطلاق التصنيفات الجاهزة المعدة مسبقا.
يروج صحفيون أردنيون هذه العبارة ويعتبرون ذلك اهم وادق توصيف سياسي وينسبون هذه المفردات لشخصيات لها مكاتب ومقرات دائمة، هنا او ربما هناك لا يهم.
قد يكون الحديث عن وجود هذا التيار صحيحا او مخطئا او مبالغا فيه لكن تهديد أمن الأردن بهذا الخطر اكبر بكثير من الخطر نفسه لسببين.
الأول: أن هذه الرواية تعيدنا الى عهد التخوين والانقسام الذي لا مجال فيه للعمل الاخوي المشترك.
الثاني: فهو الاخطر أن هذه الرواية الساذجة سياسيا أسهمت وما زالت تسهم في تراجع مسار الاصلاح وتغلق كل باب أمام أي مشروع جديد خارج ادبيات الحرس القديم.
النتن السياسي المحلي هو الاخطر، وأسوق مثالا للتوضيح، في العديد من جلسات مجلس النواب نرى نوابا معتقين يتقافزون في جنبات المجلس ويصرخون:
(الدستور الدستور الدستور) حتى تظن ان حياتهم ستبذل دون هذا الدستور والدفاع عنه ،،،،
المداخلات في عمومها ، شكلية لاتقدم و لاتؤخًر في العمل الدستوري المرتجى من المجالس النيابية .
في حين يصوت النواب ذواتهم قريري السمع البصر بالموافقة على القوانين السالبة للحريات
والتوسع في اختصاص المحاكم الخاصة ، ولم يتقافزوا في جنبات المجلس ، ولَم يكلفوا أنفسهم عناء البحث في عشرات المصنفات القانونية حول انتهاك هذه المحاكم حق المواطن في المثول أمام القاضي الطبيعي ، و المفارقة ان امهات الكتب لآباء القانون منذ ستينيات القرن الماضي كانت تطالب بإلغاء هذه المحاكم باعتبارها خرقا لمنظومة العدالة ومخالفة لمبادئ الدستور !!! !!
في كل مرة يتحدث نواب باللغة الفصحى ( المكسرة و المطبشة) ، لكن الأداء الفعلي هو اجترار التجربة المرة للفشل السياسي وتراكم الكبوات ولا يحدث هذا الغثاء اي نقلة مأمولة .
المثل العربي ( اسمع جعجعة و لا ارى طحينا )
يختصر المقال .
لم اقدم المثال ، و لو كان قاسيا بقصد ضرب مصداقية التمثيل النيابي لاسمح الله ، فالنواب محل النقد لهم مواقف جليلة لا أنكرها ، و لكن ارجو ان يؤخذ النقد بروح إيجابية ، في معرض تغيير الاتجاهات السلبية السائدة( و الوعى الكبير يسع للصغير ) كما يقول المثل الشعبي .
مع ذلك اتجاسر و اطرح السؤال المشروع اذا كنا وصلنا الى ما وصلنا اليه وهؤلاء و امثالهم يتصدرون الحالة السياسية لماذا لا يغيبون ويدعون غيرهم يعمل!!!
السؤال المشروع ايضا ،من يقف خلف الحماة ( الغاصبين ) دائما ؟؟.
مرة ثانية قد يكون هناك تيار إسرائيلي ، لكن التيار الاخطر هو تيار متنفع من الشد العكسي ، له مخالب وعظام في الدولة ، معطلة وعميقة .
اطلق الملك تحذيرا ت عدة واصفا أولئك القوم بالديناصورات مرة، و اطلق صرخة كفى للتناحر مرة اخرى ، و قالها بألم و بالفم الملآن ، اخرسوا الثرثرة في صالونات البطالة السياسية .
نعم لدينا مديونية عالية، نعم لدينا بطالة ، و لدينا مليون فقير ، نعم هناك شركات متوسطة وربما كبرى تعاني تعثر وازمات مالية .
ولكن لماذا يراد لثقتنا بالوطن ومقدراته ان تهتز ، لماذا يراد لطاقة العمل ان تفرغ لماذا يراد لمفردات الهدم ان تسود عوضا عن اسباب البناء و العزم .
من يشحذ الهمم ؟؟؟
هل لدينا ما نتحدث عنه ، لجيل قادم ؟ الإجابة نعم لدينا في الجعبة الكثير .
لدينا نظام حوكمة الكترونية يؤتي أكله كل يوم ، لدينا قطاعات واعدة في المجالات السياحية و العلاجية و تكنولوجيا المعلومات ، لدينا ثورة مرتقبة في قطاع النقل ، لدينا قاعدة عمل مبشرة بجذب الاستثمار .
لدينا استقرار نقدي ، ولدينا هياكل اعمال قابلة للتطبيق في شتى المجالات ، فالامل الكبير ان نعمل جميعا في هذا المخاض الصعب و تذليل كل معوّقاته.
هل نبقى نندب حظنا السيء ، ماذا يفيدنا ان ننكأ الجراح على الدوام ، هل الشماته بمن يضمد الجراح أصبحت حرفة مع ارتفاع نسب البطالة .
!!!!!!!
السادية وجلد الذات ليست نهج القائد الفذ، السادية ليست نهج إصلاح فالمصلحون الاجتماعيون و السياسيون و الاقتصاديون قد يختلفون و تتنوع رؤاهم ولكن يجمعهم الامل .
القائد الملهم يدرك ان الخراب هو ميدانه ليس لممارسة عادة الغربان في النعيق المتواصل ، كلا فهذه عادة سيئة ، لا تواجه الأزمات و لا تحل المشكلات ، بل ان القادة الافذاذ يعملون بكد حتى مع أولئك الذين يعارضون او ينقدون ،يعملون بروح الفريق في المقدمة و المؤخرة و الميمنة و الميسرة
وخطوط الدفاع و الهجوم ليحققوا هدف النصر الذي تنتظره الجماهير .
القائد الفذ قائد مؤمن،
اجل أيها الصديق اللدود ،،،حيثما كانت مواقعنا
دعنا نختلف دعنا نتقارع، و لكننا نحمل ايمانا واحدا بالوطن المجبول بأسمائنا المتشابهة ربما ،،،
وديدن المؤمنين في كل حال:
ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا
و لا يغلب عسر يسرين.
التعليقات مغلقة.