التدخل الروسي في سورية … لماذا الآن وليس قبل ذلك . / د. غسان أحمد عبود
د. غسان أحمد عبود ( الأحد ) 4/10/2015 م …
انطلاقاً من كون المصالح والأمن القومي، وليس العواطف، هما العاملان الرئسيان في تحديد العلاقات بين الدول في الفترة الأخيرة، يمكننا ان نفهم لماذا الآن وليس قبل ذلك، اتخذت روسيا قرار المشاركة بهذا الشكل المباشر والحازم في الحرب الدائرة منذ ما يقارب الخمس سنوات في سورية.
رأت روسيا في الاحداث السورية – وهذا حقها – فرصتها لاثبات وجودها كقوة عظمى في العالم واستعادتها لدورها في إدارة هذا العالم، وتخليصه من حكم القطب الواحد، مستفيدة من تراجع دور الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة بعد افغانستان والعراق، ومن معرفتها بإصرار سورية قيادة وشعباً على الصمود في وجه المؤامرة التي تُحاك للمنطقة.
فاتخذت روسيا مع ايران قراراً بدعم سورية في وجه العدوان، ولكن، وانطلاقاً من حاجتهما للوقت لقيام كل منهما بحل قضاياها الاستراتيجية مع العالم، فتقوم روسيا بإثبات ذاتها أمام العالم من خلال إثبات ضعف خصمها – أمريكا -. وتقوم ايران بحل قضية برنامجها النووي مع المجتمع الدولي وفك الحصار عنها ورفع الحظر عن اموالها المجمدة في البنوك الدولية. ، كان لا بد لهذا الدعم أن يكون كافياً للصمود فقط وليس للإنتصار.
بالفعل استطاعت روسيا من خلال الأحداث السورية فضح الولايات المتحدة الامريكية ودورها مع عملائها من دول المنطقة في ولادة هذه المنظمات الإرهابية. واثبتت ضعف الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، وعدم رغبتها الحقيقية في محاربة المنظمات الإرهابية التي اصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لدول العالم، وخصوصاً اوربا ودول الاتحاد السوفييتي السابق. وإثبتت روسيا وفائها للحلفاء والتزامها بدورها معهم واستعدادها لدعهمهم، على خلاف الولايات المتحدة الامركية المستعدة للتخلي بسهولة عن خلفائها. كما انها استطاعت خطف زمام المبادرة في حل قضايا المنطقة ،خصوصاً سورية، من يد الامريكان. وبالتالي اثبتت روسيا أنها دولة عظمى في العالم، ويجب التعامل معها على هذا الاساس. وليس على اساس روسيا الرئيس باريس يلتسن.
أما أيران فقد استطاعت التوصل إلى حل يناسبها فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وفك الحصار الدولي عنها، ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، ورفع الحظر عن اموالها المجمدة في البنوك الدولية ولو ان ذلك سيتم تدريجياً. وبالتالي استطاعت ايران اثبات وجودها كقوة اقليمية عظمى يجب التشاور والتوافق معها لاحقاً في حل اية قضية اقليمية.
وبعد ان حصلت كل من روسيا وايران على ما تريد كل منهما من الاحداث في سورية، يكون قد حان الوقت لتنفيذ قرار القضاء على القوى والمنظمات الإرهابية في المنطقة، وعدم السماح لها بالانتقال إلى اراضي دول ومناطق اخرى، مما يمكن أن يؤدي إلى أضرار ونتائج لا يحمد عقباها.
إذن الآن يكون قد حان أوان الدعم الكفيل بتحقيق النصر، الذي سيحسب نصراً لكل من سورية وروسيا وايران، والدول والقوى التي ستدعمهم في القضاء على الإرهاب في المنطقة.
طشقند،
د. غسان أحمد عبود
التعليقات مغلقة.