تحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في لقاء تلفزيوني عن مراحل تاريخية مهمة في مسيرة المقاومة ودور قائد الثورة و قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الشهيد قاسم سليماني وتقديم الدعم للمقاومة، كما تطرقإلى صفات الشهيد سليماني ومقدمات التحرير في العام 2000 ومراحل مختلفة أخرى من تاريخ المقاومة.وعن العلاقة التاريخية التي ربطت الحرس الثوري بتشكيل حزب الله، أشار نصرالله الى أن “على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ميلادي، من المعروف تاريخيا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دخل إلى جنوب لبنان وإلى جزء من البقاع اللبنانية وصولا إلى العاصمة بيروت، واحتل العاصمة واحتل الضواحي أيضاً، في ذلك الوقت الإمام الخميني قدس سره الشريف أعطى توجيها بإرسال قوات إيرانية إلى المنطقة لمساعدة السوريين واللبنانيين على مواجهة الاجتياح الإسرائيلي، وأنا أذكر في ذلك الوقت جاء وفد مشترك من قيادة الحرس، يعني “سباه باسداران إنقلاب إسلامي” ومن قيادة الجيش “أرتش جمهوري إسلامي”، والتقوا مع القيادة السورية، وعلى أثرها جاءت بعض القوات الإيرانية إلى المنطقة”.
وتابع، ” في ذلك الحين توقف تقدم الاجتياح الإسرائيلي عند نقطة معينة، لأنه كانت هناك خشية من أن يقوموا باحتلال كل لبنان أو أن يحصل قتال مع سوريا، هذا الأمر توقف، وبالتالي أصبحنا أمام واقع جديد، إسمه أرض لبنانية محتلة، تقريبا ما يقارب نصف المساحة اللبنانية، في ذلك الحين مهمة القوات الإيرانية التي جاءت تم تبديلها، من قوة سوف تذهب إلى القتال للدفاع عن بقية لبنان وعن سوريا، إلى قوة مهمتها مساعدة اللبنانيين لتأسيس مقاومة محلية لبنانية من اللبنانيين أنفسهم لمقاتلة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبناء على تبديل المهمة الذي حصل أنه عاد جزء كبير من القوات الإيرانية إلى إيران، باعتبار أن الجبهة في إيران كانت مشتعلة، أي في حرب السنوات الثماني، وبقي جزء من القوات هنا، والذين بقوا هم الإخوة الحرس، يعني من الجيش وبقية القوات الأخرى رجعوا إلى إيران، وبقي الحرس هنا، وكان لهم تواجد في سوريا وتواجد في منطقة بعلبك الهرمل، لأن هذه المنطقة كانت خارج دائرة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف، “منذ ذلك الحين نشأت العلاقة المباشرة بين الإخوة في الحرس والعلماء والشباب اللبنانيين، وفي مقدمتهم كان مثلا الشهيد السيد عباس الموسوي، والشهيد الحاج عماد مغنية، وإخوة آخرون، بدأت العلاقة منذ ذلك الحين على قاعدة العمل لتشكيل وإيجاد مجموعات مقاومة في كل لبنان لمواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي للبنان، هذه هي بداية العلاقة واستمرت منذ ذلك اليوم إلى الآن، مازالت هذه العلاقة قائمة ومستمرة”.
وعن أول لقاء مع سليماني، كشف نصرالله، أن “أول مرة التقينا كان في لبنان، يعني بعد تعيينه لقائد قوة القدس جاء إلى لبنان والتقينا هنا في جلسة تعريف، أنتم تقولون “المعارفة”، في جلسة معارفة بيننا وبينهم، وأنا لم أكن أعرف الحاج قاسم قبل ذلك، يعني لم نكن قد التقينا، لأن فيما سبق هذا الزمان الحاج قاسم إما كان في الجبهة في إيران، في جبهات الحرب، أو بعد ذلك كان يتولى مسؤوليات في محافظة كرمان أو سيستان وبلوجستان أو ما شاكل، حتى عندما كنا نذهب إلى طهران ونلتقي بالمسؤولين ما كنا قد التقينا سابقا، يعني لا توجد معرفة سابقة، وكان أول لقاء هنا في بيروت، وعرفنا أنه أصبح المسؤول الجديد لقوة القدس بعد تعيينه من قبل الإمام الخامئني، وأنه سوف يتحمل هذه المسؤولية من الآن فصاعدا”.
واضاف، “منذ الجسلة الأولى التي أنا كنت موجودا فيها وعدد من الإخوة، عادة عندما أذكر الأسماء أذكر أسماء الشهداء، الأحياء لا نذكر أسماءهم الآن، فكان في ذلك اللقاء الأول الحاج عماد ، والسيد مصطفى بدرالدين، وإخوة آخرون مازالوا على قيد الحياة الحمدلله، ومن اللقاء الأول في الحقيقة شعرنا بانسجام نفسي وفكري وروحي، ومن الساعة الأولى وكأننا نحن نعرف الحاج قاسم منذ العشرات من السنين وهو يعرفنا منذ عشرات السنين، فجنابك تعرف أن الانطباع الأول من اللقاء الأول يؤثر في مسار العلاقة، الانطباع الأول من اللقاء الأول من الساعة الأولى بين الحاج قاسم وبين الإخوة المسؤولين والقيادات في حزب الله، سواء الجهاديين أو السياسيين، أعطى هذا الانطباع الجيد والإيجابي والتفاعل، وبدأت العلاقة منذ ذلك الحين مع شخص الحاج قاسم واستمرت لحين شهادته”.
وعن مصطلح “مدرسة الحاج قاسم”، أوضح أن ” هذا ينطلق من مدرسة الإمام الخميني، لكن نستطيع أن نقول وفي المجال العملي وفي مجال ما تحمل الحاج قاسم من مسؤوليته يمكن أن نتحدث عن مدرسة، مدرسة بمعنى أنه قد يكون المقصود فكرة معينة أو مجموعة أفكار وثقافة معينة وطريقة عمل معينة”.
واضاف، ” أضرب أمثلة: مثلا هو قائد قوة في الحرس “فرمانده نيرو توى سباه” ويستطيع أن يجلس في إيران في طهران ويقول للآخرين تعالوا إلي كل مدة ويجلس معهم ويستمع إليهم ويتابع مسائلهم بشكل طبيعي وروتيني، أو إذا يحضر إليهم أي يأتي إلى لبنان أو سوريا أو العراق أو أماكن أخرى، مثلا كل ستة أشهر أو سنة مرة يذهب إلى تفقدهم، عادة هكذا قد يتصرف البعض من القادة، ولكن مدرسة الحاج قاسم تعني الذهاب إلى ساحات العمل وإلى الميدان، الذهاب إلى الآخرين”.
وشدد على “أننا منذ 1998 اي منذ بدأنا العلاقة والمعرفة بيننا وبين الحاج قاسم يعني تقريبا 20 أو 22 سنة، عدد المرات التي ذهبنا إليه هي مرات قليلة، لكن دائمًا هو الذي كان يأتي إلينا، طبعا هذا المجيء إلى الساحة وإلى الميدان ويلتقي هنا بالإخوة ويراهم جميعًا، يذهب إلى الميدان مباشرة ويستمع إلى المقاتلين والمجاهدين، هذا له حسنات كبيرة جدًا في الإدارة والقيادة “.
وتابع، “من حسناته أولاً هو يعطي قوة لهؤلاء ويعبر عن احترامه لهم ومحبته أي أنا دائمًا اتيكم أنا في خدمتكم، لا تأتوا ولا ازاحموا انفسكم ولا تأتوا الي الى طهران أنا أتي اليكم فهذا له تأثيرات اخلاقية ومعنوية على المسؤولين الموجودين هنا وهذا يتيح له أن يستمع لكل الاراء ووجهات النظروليس فقط للاشخاص الذين يذهبون اليه ويسمع آراءهم وهذا يساعده في أن يكون فكرة أوضح وأصح”.
وأضاف، “ثالثًا هذا يساعده كي يذهب الى المستويات الاخرى، المقاتيلن الموجودين في الجبهات ورابعا يكون فكرة أعمق واشمل عن الساحة التي يتحمل مسؤوليتها فهو لا يعتمد على التقارير فقط بل يذهب للميدان ويشاهد ويناقش وهذا أحد معاني مكتب الحاج قاسم وهذا غير متعارف بين الجنرالات”.
واضاف، “في الجبهة في ايران في الحرب، القادة تذهب للميدان والمقاتلين لكن هذا معروف داخل ايران، من جانب اخر عدم التعب والملل وهو لا يتعب، ونحن نشعر أحيانًا أن الضغوط تتعبنا لكن الحاج قاسم يعمل لساعات طويلة، ففي بعض المرات كان يعمل مثلا ولديه الم في اضراسه، والانسان قد لا يتحمل هذا النوع من آلالام فنقول له هل نأتي لك بالطبيب يقول ليس الآن بل بعد الجلسة، اي بعد ست ساعات،هو يجلس ويتحمل الألم ويشارك في الجلسة ويتخذ قرارات وفي آخر المطاف يذهب للطبيب، طاقة التحمل والصبر والتعب هذا أمر خاص وأنا لم اعرف شخصا يتحمل هذا كالحاج قاسم”.
وأشار الى أن “من جملة الصفات الخاصة في شخصية أنه دؤوب ويتابع بشكل دائم عمله بشكل حثيث وليس عجول وهذا جزء من طريقته، من الممكن أن تجد شخصًا قد يؤجل عمله الى وقت آخر بل هو كان حريص جدًا على انجاز ما يعمل عليه ولو في فترات قصيرة”.
وتابع، “التواضع ايضا كان مؤثرا في نفوس المقاتلين وأنت تعلم أن المقاتل في حالة القتال قد يبتلى بالتكبر وما الى ذلك لكن الحاج قاسم كان متواضعا حتى مع الناس العاديين وعندما نتحدث عن مكتب الحاج قاسم نتحدث عن تحمل المخاطر وهو كان دائما الى فم الموت والخطوط الامامية وانا كنت اختلف معه في هذه المسألة لكننا لم نستطع منعه من هذا”.
وشدد على أته، “كان الرجل الحاضر في الايام الصعبة ففي حرب تموز 2006 جاء من طهران لدمشق وقال أنه يريد القدوم للضاحية ونحن تعجبنا من ذلك فقدومه كان صعبًا نتيجة ما تعرضنا له وصعوبة الوصول للضاحية لكنه أصر على ذلك وأتى وبقي طوال فترة الحرب”.
وقال، في محاربة داعش في سوريا والعراق كان يمشي في الخطوط اللامامية على عكس ما يفعله الجنرالات عادة ويمكننا القول أن ما يقوم به مكتب الحاج قاسم مأخوذ من مكتب الامام الخميني وتوجيهات السيد القائد وتجربة الحرب في ايران وما لها من آثار روحية ونفسية وهذا ما رأيناه في شخصية الحاج قاسم”.
التعليقات مغلقة.