حسين الموسوي يكتب: الحكومة اللبنانية..ماذا بعد الثقة؟
يمكن القول ان عملية نيل الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب للثقة في البرلمان جرت الى حد ما بسلاسة نظرا للاوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتحديات الكبيرة التي سبقت تشكيل الحكومة ورافقتها حتى جلسة نقاش البيان الوزاري.
ليست الظروف التي ادت الى تسمية حسان دياب لتشكيل الحكومة، والتي رافقت التشكيل بظروف عادية بل هي نتيجة تراكمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وادارية وحتى مؤسساتية، اضافة الى تراكمات خارجية لعبت دورها في ايصال الامور الى وضعها الحالي. وعليه فان التحديات التي نتجت عن هذا الواقع عديدة وعلى الحكومة الجديدة اثبات قدرتها على التقليل من تاثيراتها على الدولة والمجتمع في لبنان.
الاقتصاد
تاتي حكومة حسان دياب في ظل ازمة اقتصادية غير مسبوقة وان كانت نتيجة سياسات اقتصادية وخطوات لا يمكن القول ان الحكومة الحالية هي المسؤولة عنها. وهي اخطاء في التعاطي مع الدين العام المتراكم منذ اكثر من عقدين. لكن على الحكومة البدء بخطوات عملية وملموسة على الارض لاسيما من جهة العلاقة مع مصرف لبنان وجمعية المصارف. فهناك غموض يلف ما حصل خلال الاشهر السابقة من جهة تهريب اموال الى الخارج واتهام مصرف لبنان بتغطية هذه العملية. كما يجب تحديد اسس العلاقة مع المصارف بالنسبة لحقوق المودعين وتحديدا الصغار منهم. وذلك لاعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
المعارضة
توضح شكل المعارضة منذ طرح حسان دياب لتشكيل الحكومة. حينها خرج رئيس الوزراء المستقيل وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري واكد انه لن يدعم دياب ولن يمنحه الثقة. وبطبيعة الحالي ينضم الى المستقبل حزبا القوات والكتائب. وهذه المعارضة من المتوقع ان تكون قوية لاسيما من قبل الحريري الذي كان يراهن من جهة على عدم قدرة حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر على تشكيل الحكومة. ومن جهة اخرى على فشل حكومة دياب في اخراج البلد من ازمته وبالتالي امكانية تحميلها الفشل الذي هو نتيجة سنوات طويلة من الفشل الاداري والاقتصادي وليس وليدة الاشهر الاخيرة.
والمعارضة في المرحلة المقبلة ستتركز على الوضع الاقتصادي، خاصة وان هذه القضية تشكل محور التحرك والنشاط الحكومي فيما يتوقع ان تكون الحكومة تحت هجوم المعارضة في كل الخطوات التي ستتخذها. لكن على المعارضة ان تنتبه الى ان الحكومة الحالية ستنفذ خطة الانقاذ التي تبنتها حكومة الحريري واعلنها بنفسه قبل تقديم استقالته.
الشارع
على الحكومة الجديدة بعد نيلها الثقة البرلمانية، ان تعمل على تهدئة الشارع وتقديم ما يمكن ان يجعله يثق بها في المرحلة القادمة. كما على الحكومة ان تحذر من محاولات زج الشارع في لعبة المعارضة والموالاة. وهو ما يمكن ان ياخذ الامور الى سيناريوهات اخطر. وما زالت الساحة اللبنانية تشهد هذه المحاولات التي تجري دون خطة واضحة او هدف معلن وما تفعله فقط ابقاء الشارع مشتعلا بينما المساعي تجري لتهدئة الامور والانطلاق في خطة الانقاذ الحكومية.
الخارج
هناك حديث عن خيارات خارجية وضعت امام الحكومة اللبنانية. الاول اشتعال الشارع واخذه الى مستويات اكثر خطورة والثاني الحرب الاقتصادية والضغط الاقتصادي والمالي ما يمنع انجاز الاصلاحات. وهذه الخيارات تهدف الى افشال الحكومة كونها تعتبر من وجهة النظر الغربية وتحديدا الاميركية حكومة حزب الله وحلفائه. وهذا ما يشكل تحديا وحافزا لانجاح الحكومة مع ما يرافق ذلك من عقبات سياسية واقتصادية واجتماعية.
الكل يعلم ان المهمة ليست سهلة بكل ابعادها وتعقيداتها السياسية والاقتصادية والامنية. اضافة الى البعد الخارجي الذي يفرض نفسه بقوة. لذلك من مصلحة كل الاطراف ان تنجح الحكومة بمهمتها واول هذه الاطراف الشارع الذي لن يتحمل الدخول في ازمة اخرى في ظل الوضع الحالي الذي ينذر بكارثة اقتصادية في حال لم تنفذ الاجراءات الاصلاحية المرتقبة.
التعليقات مغلقة.