الشهيد عماد مغنيّة: “الرمز والأسطورة” / موسى عباس
موسى عبّاس* ( لبنان ) – الجمعة 14/2/2020 م …
* كاتب وباحث
كان بطلاً في حياته وبات اسطورةً بعد استشهاده أضفت عليه الشهادة هالةً من نور ، أشرقت فأضاءت دروب الآلاف من الأحرار ممن عرفوه قبل استشهاده وما عرفوا عنه إلاّ القليل ، وممن لم يعلموا عنه إلا بعد شهادته وراحوا ينقّبون عن آثاره هنا وهناك ليقتدوا به .
عماد فايز مغنية (الحاج رضوان) ابن بلدة “طيردبا” من قرى جنوب لبنان التي عانى أهلها كما بقيّة قرى جبل عامل الظلم والقهر والحرمان من دولةٍ ما كانت سوى دولة الإقطاع والطائفية ودولة “أبناء السّت وأبناء الجارية”، تلك الدولة التي لم تكن تهتم لا برفع الحرمان عن شعبها ولا بردع الكيان الغاصب لفلسطين الذي كان يعتدي يوميّاً على أهل الجنوب يخطف من يحلو له من أبناء القرى وينسف البيوت دون رادعٍ أو وازع ، الأمر الذي هجّر الآلاف من مواطني تلك القرى من أراضيهم ليصبحوا لاجئين في وطنهم يتوزّعون أحزمة البؤس حول عاصمة بلدهم التي لم تكن يوماً لا هي ولا سكانها تشبههم في شيء فزادوا حرماناً على حرمانهم لكنّهم ازدادوا عنفواناً وكرامةً ورفضاً للإذلال وحقداً على طبقةٍ حاكمة لا همّ لها سوى تكديس الثروات .
الحاج رضوان في تلك البيئة نشأ وترعرع ، تغذّى حليب الكرامة والعزّة والإباء الذي تحوّل إلى دمٍ ثائرٍ ، فحمل دمَه على كفّه وحمل كفّه على كتفه وانطلق مجاهداً بين صفوف المجاهدين ، وعرَف طريق الحق وأيقن أنّ طريق الحرّية هو الطريق الذي يقوده إلى فلسطين وان رفع الظلم لا يمكن أن يتحقق إلا بالمقاومة، مقاومة الطغاة في كلّ مكان ، وأن الوصول إلى الهدف لن يتحقق إلا من خلال تعبيد الطريق بدماء زكيّة تسقط في المكان الحقّ وعلى طريق الحقّ لا في زواريب الصراعات الجانبية والسلطوية على مكاسب دنيويّة .
نعم، لقد تحوّل المُجاهد الأسطوري إلى رمزٍ حقيقي تفوَّق بذكائه وبقدراته التي جسّدها في ساحات النضال ومقارعة الأعداء على رموز تاريخية عالمية بدءاً من ” المناضل الأممي أرنستو تشي غيڤارا وصولاّ إلى فبديل كاسترو “.
لماذا تفوّق على الجميع ؟!
لأنّ الذي كان يُجاهد ويقاتل فيه وعنده هي “الرّوح” ، أليس هو القائل :
(” الرّوحيّة هي الأصل، الّروح هي التي تقاتل ويصبح البدن عاملاً مُسخّراً لها ، كذلك الإمكانيّات، الإمكانيات أصل والبرامج أصل،والسياسات أصل ووضع الأساليب والطرائق للعمل أصل والتكتيك أصل
لكنّ الأصل الرئيسي في المجاهد هي الرّوح، الرّوحية : الرّوحيّة الإيمانيّة والرّوحيّة الجسديّة.
قد تجد أشخاصاً قد يكونون بسطاء جدّاً على المستوى البدني ، لكن على مستوى الفعل الجهادي قد يكونون شديدي الأهمّية، لأنّ ما يقاتل هو الرّوح .
ما يقاتل واقعاً هو الرّوح ، هذه الروح المرتبطة بالمطلق، المرتبطة واقعاً بالله سبحانه وتعالى”.
بلا روحيّة ، بلا روح ، لا يستطيع العنصر المادي أن يقوم بأي حركة)”.
كانت فلسطين الهدف الرئيسي عند الحاج عماد ، كانت هي البوصلة التي توجّه إليها ووجّه إخوته في الجهاد نحوها وهي التي استُشهِد من أجلها :
أليس هو القائل :
“فلسطين سوف تظل مسؤوليّة الجميع ولو خرج من أهلها من يقول عكس ذلك ، عندنا في المقاومة وِحدة خاصّةً بفلسطين”.
“ليس في الأمر جدل ولا مساومة ، نحن لسنا معنيين بأيّ قرار يتخذه أيّ طرف في العالم لمنح “إسرائيل” شرعيّة البقاء.
بعد التحرير عام 2000 ، وبعد أن تيّسر لنا التعرّف أكثر على العدوّ وقدراتنا نحن ، صار حلم تحرير فلسطين أقرب إلى الواقع.
“الهدف واضح ودقيق ومحدّد : إزالة إسرائيل من الوجود”.
“إلى جانب قناعاتنا الدينية لدينا الكثير من الأسباب العلمية التي تدفعنا إلى الإعتقاد أكثر بأنّ زوال “إسرائيل” مسألة مُرتبطة بما نفعله نحن، أهل فلسطين داخلها وفي محيطها وفي العالم العربي والإسلامي”.
حرب ال33 يوماً أثبتت أنّ الأسلحة التقليديّة عاجزة عن حماية “إسرائيل” ، وأنّها ليست خطراً علينا، ولدينا تفوّق في الأسلحة التقليدية، وهذا ما يقلّل من قيمة الدور الإسرائيلي في الغرب”.
“لقد رأينا الموت والهزيمة في عيونهم عندما أطلقنا الدّفعة الأولى من الصواريخ على حيفا،قلت لمن كان بجانبي : لقد خسرت إسرائيل الحرب”.
“من منّا كان يتصوّر هذه القدرة الهائلة عند قلّةٍ من مقاومينا ، استُخدمَت ضدّهم كلّ وسائل القتال، لم يبقَ شيء في جُعبة الإسرائيلي إلّا واستُخدِم ، ومع ذلك لم يخرج هؤلاء من مواقعهم ، لم يهربوا، لم يدفنوا سلاحهم في الأرض”.
” إنّ إسرائيل ستسقط من تلقاء نفسها طالما أنّها أصبحت عاجزة عن أداء الدور الذي كان متوقّعاً منها من الولايات المتحدة ومن الغرب “).
“نعم، إنّ زوال الكيان الغاصب أصبح حتميّاً طالما أنّ في الأمّة عِبادٌ لله أولي بأسٍ شديد تلامذة للحاج رضوان لا يخشون في الله لومة لائم ، وسيدخلون بإذن الله المسجد كما دخلوه أوّل مرّةٍ وليتبّروا ما علوا تتبيرا”.
التعليقات مغلقة.