حكاية بِرٍّ / د. سمير أيّوب
د. سمير محمد ايوب ( الأردن ) – الجمعة 14/2/2020 م …
حكاية بِرٍّ … أنشروهاعلَّها بِفالانتاين ، توقظ قلباً عاقّا!!
يقول طبيبٌ : دخل علي في العيادة رجل في الستينات من عمره ، بصحبة إبنه الثلاثيني . لاحظت حرص الابن الزائد على ابيه ، يُمسك يده . ويُصلح له هندامه . بعد سؤالي عن المشكلة الصحية ، وطلب الفحوصات ، سألته عن حالته العقلية ، لأنّ تصرفات الاب لم تكن موزونة ، ولاردوده على أسئلتي .
فـقال الابن : أبي مُعاقٌ عقلياً .
تَملكني الفضول فـسألته : فـمن يرعاه إذن ؟
قال الشاب : أنا .
قلت : بارك الله بك . ولكن ، من يهتم بنظافة بدنه وملابسه ؟
قال : أنا .
قلت : ولم لا تُحضِر له خادمة ترعاه بدلا منك ؟
قال : لأن أبي مِسكينٌ كطفل لايشتكي . وأخاف أن تُؤذيه الخادمه او ان تقصِّرَ في خدمته .
إندهشت من مقدار برِّه لوالده فسألته : وهل أنت مُتزوج ؟
قال : نعم الحمد لله ، ولدي أطفال .
قلت : إذن زوجتك ترعى أباك ؟
قال : زوجتي لا تُقصّر ابدا . فهي تطهو طعامه وتُقدمه له . وقد أحضرتُ لزوجتي خادمة لتُعينَها . ولكني أحرص على الأكل مع والدي ، لأطمئن عليه ، فهو يشكو من ارتفاع السكر .
زاد إعجابي بالشاب . وحبستُ دمعي . وإختلست نظرة إلى أظافر الاب ، فرأيتها مشذبة مهذبة ونظيفة .
نظر الاب لـولده وقال : متى تشتري لي شيبس ؟
قال الابن : أبشر يا والدي ، هالحين نروح للبقالة .
فرح الأب كثيرا وقال : هالحين ؟
إلتفت الإبن إلي وقال : إني أفرح لفرحه كأنة ولدي .
شاغلت نفسي في اوراق الملف حتى لا يبدو ما انا فيه من تأثر ،وسألت : أما عنده أبناء غيرك ؟
قال : أنا وحيده ، لأن الوالده طلقته بعد شهر من زواج كنت انا ثمرته الوحيده .
قلت : أجل ربـّتك امك ؟
قال : لا ، فقد تزوجت أمي بعد ولادتي ، ورحلت مع زوجها الجديد الى بلد آخر . جدتي لابي كانت ترعاني وترعاه . وتوفت . الله يرحمها وعمري عشر سنوات .
قلت : هل تذكر أن كان ابوك قد رعاك في مرض ، أو إهتم فيك ؟ أو فرح لفرحك ، أو حزن لحزنك ؟
قال الابن : يادكتور أبي رجل مسكين ، من عمري عشر سنين ، وأنا خادمه الأمين . أخاف عليه وأرعاه .
كتبت الوصفة ، وشرحت له الدواء . أمسك بيد أبيه ، وقال : هيا يا ابي الى البقاله .
ما أن خرجوا من العيادة ، قلت للممرضة : أحتاج للرّاحة . بكيت
من كل قلبي . وقلت لنفسي : هذا البر بأبٍ ، لم يكن قد بذل لولده ما يبذل الاباء عادة من عناء لتربية ابنائهم . فقط لانه والده وان لم يربه ، ولم يسهر الليالي ، ولم يدرسه ، ولم يتألم لألمه ، ولم يبك لبكائه ، لم يجافه النوم خوفا عليه , لم ولم ، ومع كل ذلك ، يقدم كل هذا البر لأبيه !!!
فـهل سنفعل بأمهاتنا وبآبائنا الأصحاء ، مثلما فعل هذا الابن البارُّ بأبيه المعاق عقليـًّا
انشروها.علها توقظ قلبا عاقَّا … وكل عام وانتم بخير
الاردن – 14/2/2020
التعليقات مغلقة.