فجر جديد يبزغ على الجامعة الهاشمية / أسعد العزوني
أسعد العزوني ( الأردن ) – الخميس 20/2/2020 م
فجر جديد يبزغ على الجامعة الهاشمية التي نعتز بها ونفتخر كونها صرحا تعليميا أردنيا ،تحمل إسم أطهر نسب في العالم ينتمي إليه رسولنا الكريم محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي “صلى الله عليه وسلّم”، وتمثل هذا الفجر المشرق المبشر بكل خير، بعمل منهجي لمجلس امناء الجامعة برئاسة معالي الدكتور ياسين الحسبان ومعه نخبة من الأساتذة المميزين. بترشيح ومن ثم تسليم دفة قيادة هذه الجامعة إلى النابغة البروفيسور فوّاز عبد الحق الزبون، الذي بدأ عهده بثورة مفاهيم تقود حتما إلى التغيير الإيجابي الفعلي، بعد سنوات من الجمود وخصصة العام لصالح اشخاص والتي شهدتها هذه الجامعة لأسباب لا مجال لذكرها هنا.
جاء تعيين البرفيسور عبد الحق الزبون لتقويم مسار لم يرق لمستوى التحديات التي يجابهها الأردن، الذي يؤمن أن الإنسان هو أغلى ما نملك، ولأنه كذلك كان لا بد من الإهتمام به وتزويده بسلاح العلم والإلتزام، ويقيني أن د.عبد الحق وضع إصبعه على الجرح النازف، وأعلن عن نفسه أنه ليس رجلا إداريا يرى في المكتب العريض جنته، بل أعلن صراحة أنه رجل إصلاحي إنما جاء لإصلاح وتطوير ما تم إفساده وخصوصا من دمار تبرئة المزورين للعملية التعليميع وأصحاب السرقات العلمية.
ما إن تربع البروفيسور عبد الحق على عرشه في الجامعة الهاشمية ،حتى أطلق خطته الإصلاحية ،وكان يعرف الإتجاهات المطلوبة لإنجاح خطته وضمان أن تؤتي أكلها ثمرا طيبا يفيد ويسر الآكلين، فبدأ بالعضو التدريسي وهو الأساس،وأنصفه بوصفه له أنه صاحب الدور الأساس في العمل الجامعي ،خاصة الإنتاج العملي والنوعي ،كما حدد البروفيسور عبد الحق دور الجامعات الرئيس ووصفها بأنها عقل الدولة ونبض الأمة،وهي تستفيد من عضو هيئة التدريس والباحث المتميز، ويقيني أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن مفكر كبير .
ذهب البروفيسور عبد الحق أبعد من ذلك بكثير عندما طالب بتوفير كافة سبل الراحة لعضو هيئة التدريس وتذليل العقبات التي تعترض طريقه ،داعيا هيئة التدريس للإنطلاق في البحث العلمي وعقد المؤتمرات الجادة ،والعمل على تطوير الخطط الدراسية وتطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم في التدريس والبحث العلمي ،مع الإلتفات إلى حاجات المجتمع المحلي والإسهام في تنميته وتطويره ،وهو هنا قد وضع الكادر التدريسي في الجامعة أمام مسؤولياته ،كما أن ما جاء به ليس خطة على الورق بل هي ثورة فريدها يقودها بنفسه،مضيفا إليها الإلتزام بالمسؤولية المجتمعية.
لم يطلق البروفيسور عبد الحق تصريحات رنانة كي يكسب شعبية أو يسمع مديحا ربما يتحول إلى عكس ذلك في حال لم ينفذ ما تعهد به ،بل وضع النقاط على الحروف لأنه يعرف ما يتوجب عليه فعله لتنفيذ ما يريد، بهدف تطوير واقع الجامعة والنهوض بها ،إذ تعهد بتسريع إجراءات الترقيات الأكاديمية بالسرعة المناسبة وعدم تأخير أي ترقية مكتملة الشروط وليس فيها التباس او محابة او تزوير او سرقة لأن أي ترقية تعد إضافة إذا كنت نوعية للجامعة والأستاذ معا ،ومن يتمعن في تصريحات البروفيسور عبد الحق يجد أنها محسوبة بدقة ،ولم تخرج منه عبثا أو هكذا كما يفعل البعض من أصحاب نظريات سوف وأخواتها.
ولأنه يقود ثورة شاملة في الجامعة فقد إشتملت خطته التطويرية على تحسين أوضاع كافة أركان الجامعة من إداريين وطلاب ووعد بتحسين واقع الإداريين لأهمية دورهم في العمل ،كما إنه خلّد إسمه لأجيال قادمة عندما وعد بالتخفيف عن طلاب الجامعة من ذوي الدخل المحدود، الذين يجدون صعوبة في تسديد أقساطهم بسبب الواقع الإقتصادي الصعب المعاش .
وعد البروفيسور عبد الحق بتقسيط أقساط الطلبة غير الموسرين ،بأن أتاح لهم دفع نصف القسط أولا ومن ثم تقسيط الباقي على دفعات ،وذهب أبعد من ذلك بأنه يحق للطالب الإستمرار في تلقيه للعلوم في الجامعة حتى آخر المرحلة ،وعندما يتبين أنه سدد كامل المستحقات يحصل على شهادته ،وهذه لفتة مجتمعية أدخلت البهجة والسرور على أسر وعائلات الطلبة والطالبات.
أثبت البروفيسور عبد الحق نباهة ملفتة ،إذ إستغل حادثة الحافلة التي تدهورت بمن فيها من الطلاب والطالبات ،الذين كانت تقلهم إلى الجامعة الهاشمية ،وراح ضحية ذلك الشهيدة الطالبة قمر الجعبة،ودعا إلى تحسين واقع المواصلات لضمان سلامة الجميع ،كما إنه أرسى مفهوما إنسانيا عميقا عندما وجه خطاب رثاء لها ،أظهر فيه حسّا غنسانيا عميقا ووضعها بمرتبة إبنته ،وخاطبها بأبوة عز نظيرها في هذا الزمن .
ونظرا لأهمية خطاب الرثاء الذي اتمنى ان يثدرج في مسار مناسب للتدريس ليس في الجامعة الهاشمية فقط بل في الجامعات الأردنية قاطبة ،إرتأيت تضمينه في هذا المقال المتواضع لأن حذف أي حرف منه ،يسلبه زخمه الإنساني.
وتاليا نص خطاب الرثاء
ابنتي الراحلة إلى جوار ربها قمر
تعلمين بنيتي أن الحياة حق وأن الموت حق…..”والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر”.
اللهم إننا ممن يؤمنون بالحق وممن يتواصون بالصبر
صدق الله العظيم
استأذنك بالخروج عن إطار نعيي الرسمي كرئيس للجامعة وأخاطب روحك الطاهرة وأقول..أي قدر كان بإنتظارك صباح اليوم يا قمر؟
وبأي ذنب قتلت..ولا راد لقضاء الله…
أي بنيتي
كنت اليوم في طريقك للجامعة التي لم يشاء الله أن تحط قدماك حرمها ولربما كانت لك خطط وبرنامج لتلتقين زميلات لك وتتحدثن معا ولربما كنت تعدين العدة لمستقبلك الذي كنت ترجين الله إن يكون مشرقا وموفقا…
لكنه الموت المحتوم…على غير موعد خطفك من بيننا زهرة يفوح رحيقها في الصحراء الأردنية تنهل العلم وتتحرى المعرفة…
صحيح أنني لا أتقن الرثاء ولا أقوى على رثائك وكيف للأب أن يذكر محاسن إبنته…
لتعلمي انك باقية فينا وإن إسمك لن يبرح ذاكرتنا وأن شمسك لن تغيب عن أرض الجامعة الهاشمية التي ستمنحك شهادتك التي نسأل الله أن تحملينها بيمينك يوم القيامة في مقعد صدق عند مليك مقتدر….
لك الرحمة والمغفرة ولذويك الصبر والسلوان…
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا ولم يتفرقوا
والدك
الأستاذ الدكتور فواز العبد الحق الزبون
رئيس الجامعة
أختم بأن البروفيسور فوّاز عبد الحق جاء بمفهوم جديد قلب كافة المفاهيم السائدة في التعليم الأردني، منذ ان دخلنا مصيدة ما يطلقون عليه الإستثمار في التعليم ،وطبقناه في غير مفهومه الصحيح،وإعتمد البروفيسور عبد الحق أخلاقيات التعليم العالي وتصحيح مسار التعليم المالي،وأن الجامعة ليست صندوقا ماليا ،بل هي صندوق فكري وعلمي بالدرجة الأولى،وهذه ما نريده لأننا عانينا وما نزال نعاني من سياسات التعليم المالي بحجة “الإستحمار”الذي يطلقون عليه إستثمار.
التعليقات مغلقة.