في عالم المتغيرات غير المسبوقة ستصبح الصين صاحبة أكبر اقتصاد في العالم سنة 2030.. ولو بقيت دول الخليج ضمن المنظومة الامريكية ستخسر احتياطاتها المالية وتلجأ للاقتراض سنة 2034.. وستختفي (اسرائيل) قبل سنة / 2048
د. عبد الحي زلوم ( الأردن ) – الأربعاء 26/2/2020 م …
في عالم المتغيرات الغير مسبوقة ستصبح الصين صاحبة أكبر اقتصاد في العالم سنة 2030 ، ولو بقيت دول الخليج ضمن المنظومة الامريكية ستخسر احتياطاتها المالية وتلجأ للاقتراض سنة 2034 . وستختفي (اسرائيل) قبل سنة 2048 .
***
كانت التغيرات التي حدثت خلال القرن العشرين تزيد عن كافة التغيرات التي حدثت منذ ان خلق الله الارض ومن عليها حتى بداية القرن العشرين . لعل من اهم تلك التغيرات كان في سبل المواصلات والانتقال من الحصان كأعلى سرعة الى الطائرات النفاثة والصواريخ واكتشاف الفضاء ووسائل الاتصال المرئي والمسموع و سبل التواصل الاجتماعي. ربما قبل كل ذلك سرّعت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتيرة كل شيء . هذه التغيرات جعلت العالم ليصبح قرية واحدة . لعل كل عقد من عقود هذا القرن سيكون موازياً لكل متغيرات القرن العشرين بما لذلك من انعكاسات كبيرة سياسية واقتصادية واجتماعية .
***
بترول الخليج وثروته (خرجت ولم تعد):
في دراسة لصندوق النقد الدولي نشرت بتاريخ 6/2/2020 حول “مستقبل النفط والاستدامة المالية ” لدول مجلس التعاون الخليجي النفطية فإن ثروة المنطقة المالية قد تستنزف بحلول 2034” وعندها ستلجأ الى الاقتراض وذلك لهبوط أسعار النفط ولتراجع الطلب عليه .وأضاف التقرير ان ليس لدول الخليج أي خيار سوى تنويع مصادر الدخل و تسريع وتوسعة الاصلاحات الاقتصادية التي اقترحها الصندوق حيث ان النفط يشكل ما يتراوح نسبته 70 إلى 90% من الإيرادات العامة لتلك الدول. أما (اصلاحات) الصندوق المقترحة فجاء فيها :” ان تسريع تنويع الاقتصاد لن يكون كافيا،وأن العملية يجب أن يرافقها خفض في الإنفاق الحكومي وفرض ضرائب بشكل موسع. ويتوجب على الدول الخليجية ايضا ترشيد الانفاق، وإصلاح قطاعات الخدمة المدنية الكبيرة لديها، وتخفيض فواتير الرواتب العامة التي تعد مرتفعة وفقا للمعايير الدولية.” واضاف الصندوق : ” وتعتبر غالبية دول الخليج هذه الإجراءات حساسة للغاية وتشكل خطرا سياسيا بسبب التأثير السلبي المحتمل على المواطنين الذين لطالما اعتادوا على الضرائب المنخفضة والإعانات الحكومية.”
***
وجوابنا على مغالطات دراسة الصندوق :
تقول الدراسة ان سبب المشكلة هو هبوط الاسعار وانخفاض الاستهلاك .السؤال الأول، لماذا يجب انخفاض الأسعار؟ أليس مبدأ العرض والطلب يتطلب من الدول المنتجة تخفيض انتاجها ليساوي الطلب للمحافظة على السعر ؟ لكن المشكلة ان الولايات المتحدة قد استولت على مثل هذا القرار وأصبحت الدول المنتجة فاقدة لقرارها السيادي الاقتصادي على ثروتها .
حتى سنة 1970 كانت الولايات المتحدة تملك فائضاً من الانتاج تستطيع بواسطته ان تلعب دور المنتج المرجح (Swing Producer ) للتحكم بالإنتاج وكمية العرض للوصول الى السعر الذي يناسبها ، وعندما أصبحت الولايات المتحدة مستوردة للنفط بعد ذلك التاريخ عُهد هذا الدور الى السعودية .
في كتابي ” مستقبل البترول العربي في كازينو العولمة ” بيّنت كيف تقوم أمريكا بالتخطيط بزيادة أو تخفيض الاسعار لخدمة اقتصادها لا اقتصاد الدول المنتجة . اذ جاء فيه :
” في دراسة سرية جداً لوزارة الطاقة الامريكية وجهته الى وزارة الخارجية في 24/10/1984 جاء فيها ” سياستنا يجب أن تنحوا نحو هبوط أسعار النفط 30-40 بالمئة وذلك لمعافاة الاقتصاد الامريكي. وفي برقية عاجلة من وزارة الخارجية الى سفارتها في لندن مشفّرَة سري جداً جاء فيها إن :
( وزير الخارجية مهتم جداً بدراسة سريعة عن تأثير هبوط كبير في اسعار البترول ). كان ذلك في البرقية رقم 081715 المرسلة في شهر مارس 1985 . هبطت الاسعار من معدل 26 دولار للبرميل في شتاء 1985 الى اقل من (10) دولار للبرميل 1986.”
دول النفط العربي والتي تزود 20% من الاستهلاك العالمي للنفط تمتلك قوة اعمار الاقتصاد العالمي، كما يمكنها ان تكون قوة دمار شامل لو استعادت سيادتها الاقتصادية وتَملُّك قرار كمية إنتاجها لنفطها وبالسعر العادل الذي تحدده هي مما يعني أن تحالفاتها الحالية التي تسلبها حقوقها السيادية ستوصلها الى الهاوية حسب دراسة الصندوق. فهل تستطيع هذه الدول أخذ هذه المبادرة لإنقاذ نفسها ومواطنيها ؟
وعلى سبيل المثال انخفض سعر النفط من حوالي 75 دولار للبرميل قبل سنة من اليوم الى حوالي 55 دولار للبرميل هذه الايام ، فماذا يعني ذلك ؟ يعني خسارة دول الخليج 400 مليون دولار كل يوم أو حوالي 150 مليار دولار في السنة ، فهل هذه الدول بحاجة الى انهاك المواطن بضرائب جديدة لرفاهية وتحسين الاقتصاد الامريكي ؟ مع علم الصندوق أن مثل هذه السياسات الحالية ستقود الى ثورات اجتماعية وسياسية واقتصادية في تلك الدول كما تبين الدراسة ؟
أما بالنسبة للاقتراض فلماذا لم ينصح الصندوق دول الخليج بخفض انفاقها العسكري أو حتى انشاء صناعة عسكرية محلية ؟ السبب أن مهمة الصندوق هي تدجين اقتصادات الدول لتصبح اسواقا لمنتوجات التجمع الصناعي العسكري الأمني الاميركي القابض على الدولة العميقة . كما أن التصالح مع الجوار من عداوات تقوم على أكاذيب وأشباح ، سواء مع دول المجلس أنفسهم وجارتهم من الخليج ، فذلك سيخلص الخليج من انفاق عسكري لامعقول ومن حروب تدميرية ضد الأشقاء بل وتدمير الذات. فلماذا على السعودية أن يكون انفاقها العسكري السنوي أكبر من انفاق روسيا التي تملك الصناعات العسكرية والصواريخ والجيوش الجرارة ،أو حتى ألمانيا أو فرنسا النووية ؟ ألم يفكر الصندوق بأن ينصح دول الخليج والتي تنفق أكثر من 10% من ناتجها المحلي الاجمالي أي 10 أضعاف ما تنفقه اي واحدة من دول اوروبا المتقدمة صناعيا كفرنسا وبريطانيا ؟ ألا يوفر ذلك ما يزيد عن 150 مليار دولار بالسنة بدلا من تخفيض الرواتب وفرض الضرائب على مواطنين يحق لهم المشاركة في ثروة بلادهم ؟
وأخيراً وليس آخرا ان تمكين المستشارين الاجانب لادارة الصناديق السيادية قد هدر ونهب تلك الصناديق . خسرت تلك الصناديق 1.5 تريليون دولار في أزمة 2008 المالية ولا احد يعرف من اصحاب الصناديق تلك أين ذهبت تلك الاموال ! يضاف الى ذلك خلق الازمات لنهب الثروات كما حصل للكويت حيث خسرت حوالي 100 مليار دولار في عقد ثمانيات القرن الماضي في ازمة سوق المناخ وتم بيع موجودات صندوقها السيادي بأبخس الاسعار عند غزو الكويت سنة 1990 . وجدير بالذكر ان ادارة الصندوق السيادي الكويتي حين انشائه كان من اكثر الصناديق حرفية حينما اشترى حوالي 20% من اسهم شركة البترول البريطانية BP وأجبرتها الحكومة البريطانية على تخفيض تلك النسبة لاقل من 10%بادعاء دواعي الامن القومي ! المسموح هو شراء سندات الخزينة الأمريكية لسد عجوزاتها او تكديس التريليونات في البنوك الأمريكية لخدمة الاقتصاد الامريكي. السؤال هو لماذا الانتاج فوق الحاجة لتحويل الثروة الوطنية من البقاء تحت تراب الوطن بدل تحويلها الى ورق يتآكل ويتلاشى بالف طريقة وطريقة؟
***
جيوسياسيا عالمية جديدة تتشكل ستغير المعادلات الاقليمية :
في محادثة بين الرئيس ترامب والرئيس الاسبق كارتر الذي ما زال يعطي موعظة في كنيسة بلدته كل يوم أحد ذكر في احدى مواعظه مؤخرا انه في اتصال هاتفي مع الرئيس ترامب قال له ترامب انه قلق جدا من الصين فهم يتقدمون علينا وأخشى أن يسبقونا . قال كارتر أني سألته كم عدد الحروب التي اشعلتها الصين منذ 1985 وكم عدد الحروب التي قمنا بها نحن وهذا جوابك.
الامبراطورية الامريكية تحمل بذور انحدارها لان اقل من 1% من شعبها يتحكم بأكثر من نصف ثروتها وأن هؤلاء ال 1% بقيادة شارع المال وول ستريت و التجمع الصناعي العسكري الأمني وهم من يتحكم في اجندات الدولة العميقة وهم من يضع الاجندات للادارات الامريكية وهي غالبا ما تحقق مصالحهم لا مصالح شعب الولايات المتحدة . اما استيلائهم المطلق على وسائل الإعلام فقد جعل من الشعب الامريكي قطيعاً بدأ بعضه يصحو من( غُلبه ).وتقوم الدولة العميقة بامتصاص الحركات المناوئة مثل ( احتلوا وول ستريت ) او الحركات المناهضة للعولمة ويتم تحويل نقمة هذه الجماهير مرة الى العمالة الوافدة من المكسيك وأمريكا اللاتينية وأخرى لاثارة النعرات الطائفية والقومية والعنصرية ، ولكن ذلك لن يدوم ولعل اكتساح السناتور ساندرز الاشتراكي هي مؤشر كبير للتغيير القادم . ادارة ترامب جاءت من الدولة العميقة لاحتواء الفئات الثائرة على الوضع الراهن فجاؤا بمعالجة الجرب بالطاعون.
يوجد الآن في العالم محورصاعد بقيادة الصين وروسيا أساساً و بتحالف اقليمي مع العديد من الدول ذات المصالح المتقاطعة والتي غالبا ما تقاسي من تجاوزات نظام الهيمنة الاميريكي واتباعه. في عالم الردع المتبادل وحروب الاجيال الخامسة والسادسة التي تعتمد اساسا على الاقتصاد والذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل والاعلام فان مشروع المعسكر الصاعد يقابله مشروع العولمة والهيمنة الامريكية المتقهقر يوما بعد يوم . في عالم القرية اليوم أصبح من الصعب ان لم يكن من المستحيل العزف المنفرد لدولة ما بعيدا عن تآلف مع أحد المشروعين القديم والصاعد الجديد . كلما تأخر الانضمام المدروس الى المعسكر الصاعد كلما كانت كلفة الانتقال اكثر كلفة .
بيّنا ان البقاء حتى لدول الخليج في المعسكر القديم سيوصله الى الدمار الاقتصادي والاجتماعي لكي يصطف في طوابير المقترضين ليصبحوا شأنهم شأن أنغولا وجزر القمر مما سيعرضه إلى اضطرابات اقتصادية سياسية اجتماعية كما تقول دراسة الصندوق نفسها !!!
***
اسرائيل الى زوال قبل 100 سنة من تاسيسها:
هذا الاستنتاج له الاسباب الموضوعية التالية :
-
الديمغرافيا الفلسطينية :
التعليقات مغلقة.