من راشيل كوري الى محمد الناعم .. كم جنحنا للسلم والصهاينة لا يفعلون، بل حتى لا يأبهون وفي وطغيانهم وغيهم يعمهون! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري* ( الأردن ) – الأحد 1/3/2020 م …
* مفكرة، كاتبة وباحثة أردنيّة …
اما المقاومون، فقد “صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ”، يرضعون مفاتيح العودة وينغرسون في تربة فلسطين، “مِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ” .. نعم، ينطرحون “في حبها مستشهدين” لندخلها بسلام آمنين، ولنا أسوة حسنة في حركة المقاومة الشعبية الاردنية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر!
منذ 17 عاما في 17 آذار “جرف” الصهاينة الناشطة الأمريكيّة راشيل كوري التي قدمت نفسها درعا بشريا لحماية منازل الفلسطينيين في قطاع غزة ومخيم رفح ضمن مجموعة من نشطاء حركة التضامن الدولية .. ومنذ 7 ايام كرر الاحتلال الصهيوني فعلته ب”جرف” الشاب الفلسطينيّ، محمد الناعم وسرقة جثته .. وفي هذا السياق استدعي كتاب الطبيبة “الإسرائيليّة” البروفيسور مئيرة فايس: “على جثثهم الميتّة” حيث تكشف المؤلفة عن الجريمة المركبّة بسرقة أعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين لزرعها في أجساد المرضى اليهود، إلى جانب استخدامها لإجراء الأبحاث في كليات الطب في الجامعات “الإسرائيليّة”!
جرائم، مجازر، مذابح، مسالخ، إبادة جماعية، تصفية، تطهير عرقي، “جرف الانسان والإنسانية” منذ نيف وقرن تُشَكِّلُ نواة “صفقة القرن”! معاجم وقواميس المعاني المرادفة تعلن عجزها عن وصف جلال الرزء .. كما تعتذر اليراعة والقوافي عن القدرة على وصف ما قامت به العصابات الصهيونية الإرهابية المسلحة امثال الإتسل، وليحىي، وشتيرن والأرغون والهاغاناه والبالماخ – نواة ما يعرف بجيش الدفاع الإسرائيلي .. وقوائم الشهداء والمدونات زاخرة وحبلى تفوق العد والحصر ..
نعم كم جنحنا للسلم (راجع قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي/الإسرائيلي .. راجع كإمب ديفيد، أوسلو، وادي عربة، تطبيع بضمير صائح او سائح او غائب او مستتر، صفقة القرن – باتت كلها محاولات يائسة بائسة لصيانة النكبة الفلسطينية ومعها وبها صيانة اسرائيل كمستعمرة/مستدمرة استيطانية)، والصهاينة لا يجنحون لها، بل حتى لا يأبهون بها وفي وطغيانهم وغيهم يعمهون من راشيل كوري الى محمد الناعم .. أن ترامب باعلانه “صفقة القرن” الكبرى هذه، أنما يعلن في الواقع شرعية المقاومة مسقطا اوراق التوت ومعريا أصدقاءه/ أنظمة التطبيع، ومعهم التسوية السلمية، والدور الامريكي “كوسيط محايد” .. أنه، بذلك، يعلن شرعية المقاومة طريقا وحيدا لاسترداد الحقوق .. “فإما المقاومة واما انتظار الإبادة”.. نعم هكذا، وبهذا ينعى ترامب عملية المفاوضات وثقافة النعجة والاستسلام (وتُكنّي ثقافة السلام)، والتفاهمات والتسويات وخفض النزاعات، ويعلن المقاومة طريقا وحيدا للتحرير.. ف”أَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ”!
ولكم تحدثنا عن الاسوة الحسنة في حركات المقاومة والتحرير على كافة زوايا الكرة الأرضية .. اما اليوم فاكتفي بتكرار ما كتبته سابقا عن حركة المقاومة الشعبية الاردنية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وذلك لندرة ما أُشير اليها .. ولأن التاريخ لا يتقن النسيان، فلنذكر كيف استعاد الأردنيون اراضيهم في جلعاد ووادي جرش حيث كان اليهود قد أقاموا ثلاث مستوطنات وحاولوا شراء المزيد من الاراضي نحو أحلام ظنّوها مستدامة باستقدام ألمزيد من اليهود وباستدعاء بعض الأساطير التوراتية عام 1870 .. اما الاردنيون فعقدوا العزم على المقاومة وإلاطاحة بالاستيطان الصهيوني فكان اجتماع القبائل والعشائر الأردنية في صيف عام 1876 برئاسة الشيخ مفلح عبيدات “أبو كايد” واجماعهم على المقاومة وطرد اليهود الصهاينة .. وعليه هاجم الأردنيون من رجال الله في الميدان المستعمرات اليهودية الثلاث بما تيسّر من أسلحة خفيفة ثم أحرقوها تطهيرا للمكان وتنقية له من الدنس الذي أصابه. عندها وبالاستناد لمنطق القوة والمقاومة و”طوال القنا” هذا، قام رجالات العشائر هؤلاء بتحذير الصدر العثماني الأعظم من هجرة اليهود إلى ألمنطقة او استملاكهم للأراضي فيها!
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية
التعليقات مغلقة.