اتفاق واشنطن وحركة ” طالبان”ربما يبقى  حبر على ورق / كاظم نوري

نتيجة بحث الصور عن توقيع طالبان وامريكا

كاظم نوري ( العراق ) – الأحد 1/3/2020 م …




بعد قرابة عقدين من الفشل الامريكي في افغانستان وبعد الخسائر الجسيمة التي تكبدتها القوات الامريكية وقوات حلف ” ناتو” التي زجتها واشنطن في حربها بافغانستان وبعد الدمار الذي حل بالبلاد جراء الهجمة الاجرامية الامريكية الشرسة  اضطرت الادارة الامريكية الى التفاوض مع حركة ” طالبان” وبعد مباحثات مكوكية في العاصمة القطرية ” الدوحة” جرى التوقيع على اتفاق يقضي بانسحاب القوات الامريكية وجميع القوات المتحالفة معها من افغانستان خلال ” 14″ شهرا يسبق ذلك عملية تخفيض للقوات الامريكية.

 هذا ما اعلن عنه في وسائل الاعلام  لكن تبقى هناك بنودا خفية بالتاكيد منها مايتعلق بسيطرة طالبان على مناطق شاسعة في البلاد ومصير الحكومة الحالية  قد يستغلها الطرفان ليبرر كل طرف تصرفاته اللاحقة وفقها وهذا ما ستكشف عنه الشهور القادمة قطعا لان  حربا بهذا الحجم المدمر لايمكن اختزال انتهائها ووقفها بجلسة او جلسات ولننتظر  لاسيما وان واشنطن اخذت تنوه بالغاء  الاتفاق في حال عدم التزام طالبان به .

 وبصرف النظر عن كون الولايات المتحدة سوف تلتزم بالاتفاق مع حركة طالبان وسحب قواتها  في الاطار الزمني المحدد ام لا لانها دولة عديمة المصداقية وتتلاعب ببنود الاتفاقيات الي توقعها مع الدول والاطراف الاخرى وفق ما تمليه المصلحة الامريكية لامصلحة الطرف الاخر  وتتنصل منها وهناك شواهد كثيرة على عدم الالتزام الامريكي .

  انه  جلوس الامريكيين وجها لوجه مع عدو قاتل الاحتلال الامريكي لنحو عقدين من السنين والحق بهذا العدو الذي  ضم معظم دول ” حلف ناتو ” العدواني الخسائر المادية والبشرية  ولم يحقق نصرا في افغانستان التي غزتها القوات الامريكية بحجة  مسؤوليتها عن تدمير برجي نيويورك ذلك الحادث الذي بقى غامضا بالرغم من  اتجاه اصابع الاتهام الى ارهابيين  سعوديين ومن جنسيات اخرى  كانوا يتصدرون قائمة المتهمين بالحادث  وهناك مطالبات مادية كتعويضات  تقدم بها اهالي ضحايا الحادث لكن السلطات الامريكية صرفت النظر عنها بعد ” الرشى” التي قدمتها الرياض للادارة الامريكية والتي تقدر بمليارات الدولارات مقابل السكوت عن ذلك.

حركة طالبان وما هو معروف عنها هي حركة ذات “نهج اسلامي” كما هو واضح وبصرف النظر عن كوننا نختلف مع هذا النهج  ولاندعمه لانه كان ومازال سبب كوارث لحقت بالمنطقة وبشعوبها باسم الاسلام     الا ان المشهد الافغاني الذي اعقب احتلال افغانستان عسكريا من قبل الولايات المتحدة وموافقنها على الحوار بعد سنين من الحرب التي تعد اطول حرب  يوضح لنا  انها دولة لاتفهم سوى لغة ” القوة” وهاهي ترضخ لمطالب ” طالبان” بعد ان غزت البلاد ودمرتها في حرب كارثية هدفها السيطرة على طريق الحرير الذي يمر من تلك البلاد فضلا عن  نهب بعض الموارد الطبيعية الموجودة بالمنطقة الى جانب  مجاورتها لحدود روسيا عدو الولايات المتحدة رقم ” واحد” وقربها من الصين ايضا وفق ما يؤكد عليه العسكريون الامريكيون .

هل تتخلى الولايات المتحدة عن كل ذلك بسهولة؟؟   سيكون  ذلك مستبعدا وبناء على ما تقدم لن يجري تطبيق الاتفاق وعلى الارجح قد يبقى حبرا على ورق؟؟

 وفد افغاني مؤلف من 31 عضوا في الدوحة  مثل الحركة وقد خول الرئيس  الامريكي ترامب الذي ابدى استعداه للاجتماع بقادة من حركة ” طالبان ” وهو الذي حرض خلال زيارته الاخيرة للهند حرض الهندوس على ” الاسلام الرادكالي” علنا  وان طالبان ” مصنفة بالطبع ” وفق الامريكيين ” بانها حركة اسلامية راديكالية” ترامب نفسه هذا المحرض على الاسلام الراديكالي    خول  وزيرخارجيته  بومبيو للاشراف على توقيع  الاتفاقية لكن   ترامب المعروف  باكاذيبه  وبتنصله من المواثيق والاتفاقات الدولية اعرب عن امله ان تلتزم ” طالبان ” بالاتفاقية” في ظل  وجود الحكومة التي تشرف على شؤونها  قوات الاحتلال الامريكي وتحميها منذ عقدين من السنين بزعم وجود ” ديمقراطية” يتم من خلالها تشكيل الحكومات المتعاقبة وعلى الطريقة الامريكية.

وبكل المقاييس فان رضوخ الولايات المتحدة للجلوس على طاولة المفاوضات مع ” طالبان” وحده  يؤكد شرعية الحركة ووجودها في صفوف الشعب الافغاني مثلما يؤكد هزيمة واشنطن وعواصم الناتو الاخرى في الحرب التي  تقاتل قواتها الى  جانب القوات الامريكية في افغانستان وهو مؤشر على عدم شرعية الحكومات المتعاقبة التي تشكلت في ظل الاحتلال الامريكي   لان واشنطن  كانت تدير السلطة في افغانستان  من وراء الكواليس رغم اضفاء المسميات ” الديمقراطية” الكاذبة عليها  وان التاثير الامريكي كان واضحا على وجود مثل هذه الحكومات رغم الحديث عن انتخابات ” مستقلة” وتمتع المواطن الافغاني بحرية التصويت واختيار من يمثله وهي مجرد ” اكاذيب” لان ما يسعى له المحتل الامريكي كان يتحقق في ظل  انبثاق كل حكومة جديدة  منذ احتلال البلاد قبل ثمانية عشر عاما  وانها حكومات افغانية فقط بالاسم  موجودة في السلطة لكنها مسلوبة  الارادة تخضع للاجندات الامريكية بوجود الاف العسكريين في قواعد منتشرة في معظم المحافظات الافغانية واوجدت واشنطن دستورا للبلاد لايقل سوءا عن  دساتير جميع الدول التي تعرضت للاحتلال الامريكي” العراق مثالا” وهو ما يتطلب تعطيل  معظم بنود هذا الدستور المفخخ  وسن دستور جديد يلبي طموحات الشعب الافغاني ” كل الشعب” دون استثناء احد او تمييز فئة شعبية على اخرى وهو ما تلعب به ” واشنطن” وتستغله خدمة لاجنداتها في البلاد.

 ماذا عسانا ان نطلق من تسمية  او وصف  على اذعان الولايات المتحدة للشروط التي طرحتها “حركة طالبان” الافغانية  وتوصلت من خلالها الى اتفاق مع الجانب الامريكي خاصة الانسحاب العسكري  اذا انسحبت القوات الاجنبية وهو مستبعد بوجود قادة للولايات المتحدة الامريكية امثال ترامب والطاقم المحيط به من  الذين يكذبون ويتلاعبون  دوما  بالالفاظ ؟؟

هل ان واشنطن عادت الى رشدها وان سادة البيت الابيض الذين عرف عنهم الاستخفاف   بالاخرين من خلال استغلال منابر الامم المتحدة والاستهتار في العالم اخذوا يفكرون بعقولهم كما يفكر الاسوياء في العالم؟؟

لازلنا نشك في ذلك وان الاشهر القادمة التي تسبق مهلة 14″ شهرا التي جرى تحديدها لانسحاب القوات الاجنبية من افغانستان بما في ذلك الامريكية   سوف تكشف عن المستور ويتضح خلالها مدى نجاح الاتفاق او فشله وانعكاسات ذلك سلبا او ايجابا على الوضع الافغاني واستقرار البلاد .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.