شیء خطیر سیحدث فی هذة القریة / محمد سعد عبد اللطیف
محمد سعد عبد اللطیف * ( مص ) – الأربعاء 18/3/2020 م …
فی مقال سابق علی صحیفة رآی الیوم ۔علق عضو اتحاد کتاب مصر الاستاذ / محمد خیرت حماد / علی مقالی ۔۔الشدة المستنصریة بالهجوم علیة واتهامي بالخیانة ، والهجوم علی الأستاذ عبد الباري عطوان ۔ ولم بتعلم الکاتب أن الأدب یلعب دورا مهما داخل المجتمع ۔وأن التاریخ یُسطر ۔ الأحداث لتکون عبرؑة ۔للآجیال القادمة ۔ وأن الکاتب یجب استخدام سحر اللغة للتعبير عن المجتمعات البائسة ، والمریضة وما تعانيه من أمراض،
لا أبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر .. ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم ولمعت سيوفهم .. ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول .. إنما يؤرقني أشد الأرق أن لا تصل هذه الرسالة إلى ما قصدت .. فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح .. أخاطب أنصار المبدأ لا محترفي المزايدة .. وقصاد الحق لا طالبي السلطان وأنصار الحكمة لا محبي الحكم. – لقد کتبنا من التراث والتاریخ فآنا لیس عرابا ولا ضارب الودع ۔نکتب الحقیقة ونحذر من القادم ۔لقد تعلمنا من أستاذي الدکتور / جمال حمدان / أن مصر تعیش بمرضها المزمن عبر تاریخها ولکن رغم مرضها لا تموت ” ستعیش مع مرضها ، لقد انطلق الکاتب الرواٸي العالمي الکولومبي “غابرييل غارسيا ماركيز “،
في جميع رواياته وقصصه ليخوض غمار هذه المشكلات، ومن هنا انطلق في قصته ” خریف البطریق ” التی تُرجمت الی کثیر من اللغات ۔ غارسيا ماركيز، سباقًا في رؤيته الاستبصارية للواقع والأمراض التي تنهش المجتمع، وضياع الإنسان الذي هو في نظرنا إنسان ( العالم الثالث؛ الإنسان العربي ). لقد کتب روایته علی شاطٸ المحیط الأطلسي ۔روایته وقصصه لیکتب لعالم لا یعرفة فی الشرق الأوسط ۔۔من قال إن الفن الراقي لا يجب أن يكون هادفًا، ومعبرًا عن الروح الحزينة لملايين البؤساء في كوكبنا غير المتوازن، المليء بالمصائب والظلم والإجحاف؟
إن عالم ماركيز الفني الرحب، الذي يخترق فيه الحواجز وينطلق للمقاربة بين العوالم البشرية، ويقدّم النقد لهذه العوالم من خلال نظرته الفلسفية ولغته الأدبية؛ يشكّل نموذجًا مصغرًا للعالم الخارجي الذي نحن في صدده، وأدب ماركيز في الإجمال ينتمي إلى الواقعية السحرية۔۔هل کان مارکیز خاٸن ۔
“إن كل رواية جيدة هي سبر لأغوار العالم” ونحن الأن أمام منعطف تاریخي عالمي ۔وأمام إنتشار الأشاعات وخاصتا فی مجتمعنا الریفي فی مصر ۔بعد الأعلان الرسمي عن حالات الوفاة فی شمال مصر ووضع کردون علی احدي قری محافظه الدقهلیه ۔ ( لنعیش مع قصه شيء خطير جدًا سيحدث في هذه القریة ۔ ونحن الأن بصدد انتشار الاشاعات فی مجتمعنا ۔ نعیش مع هذه القصه التی عالجت أهم مشكلة قد يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية وهي “الإشاعة” وأثرها على مجتمع ما؛ تدور أحداث هذه القصة في قرية صغيرة، تُشكل العجوز المحور الأساسي في الحكاية؛ إذ تُخبر أبناءها أن شيئًا خطيرًا سيحدث في هذه القرية، ثم ينقل الأبناء هذا الخبر لأصدقائهم، ليبدأ الخبر بالانتشار حتى يعم أرجاء القرية كافة؛ حينها يبدأ الجميع بالاحتياط والخوف من هذا الشيء الذي سيحدث؛ فهذه سيدة تريد شراء رطلين من اللحم ولكن البائع يخبرها بحدوث شيء خطير فتقوم بشراء أربع أرطال، وهذا آخر يشير إلى درجة حراة الطقس في الظهيرة -برغم أنها طبيعيّة- على أن شيئًا سيحدث، ويبدأ تجمع الناس في الميدان لمراقبة عصفورين هبطا، ويتهامسون أن شيئًا خطيرًا سيحدث فعلًا في القریة .
يبدأ الناس بالهروب من القرية مذعورين حتى تصبح خاوية على عروشها، لتخرج العجوز وتقول: ” ألم أقل لكم أن شيئًا خطيرًا جدًا سيحدث في هذه القرية، وقلتم إنني مجنونة”.
هكذا ختم ماركيز قصته، بعد عرضه لمشاهد الذعر والخوف التي انتابت أهل القرية. هکذا یحدث الان فی شمال مصر فی “مدینه وقری بلقاس” لقد کانت کتابات ” مارکیز ” تقوم على هدف وأساس ثابت. كان ماركيز كثيرًا ما يسخر من الجهل والشعوذة قائلًا: “لم يتم الحاق الهزيمة بتلك الآفة إلا بفنون الشعوذة”. وهو الأساس التي تقوم عليه قصتنا التي هي محور دراستنا؛ الجهل، الإشاعة، المجتمع الذي يتقبل الحوادث بصورة فطرية أقرب ما تكون للسذاجة.،
من خلال إسقاط مفهوم الواقعية السحرية على القصة نرى أثر الاستبصار لدى العجوز، وهو أحد أهم سمات هذه المدرسة، فقد شكل استبصارها المحور الذي تدور حوله عجلة القصة والذي ساعد على سرد تفاصيل القصة وإبراز الحركات واستنطاق الشخوص، والتدرج السردي حتى وصلنا إلى نتيجة الاستبصار وهو الشيء الخطير الذي سيحدث.۔۔وکأننا نعیش القصة رغم ان کاتبها لم ینشرها ۔تحدُث الان فی الواقع الذی نعیش هذه اللحظات مع إنتشار وباء فیروس کورونا ۔۔هل کتابة التاریخ والقصص الادبیة اصبحت خیانه فی نظر البعض ۔ وفی نهایة مقالي ۔(ن” وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ” صدق الله العظبم “
التعليقات مغلقة.