لِمَ تضرِب النكبات والكوارث والمِحن والأوبئة عَالَمَنا؟ / حنَّا ميخائيل سَلامة نُعمان
حنَّا ميخائيل سَلامة نُعمان ( الأردن ) – الإثنين 23/3/2020 م …
أليسَ عالمنا يئنُّ مِن المُتعدِّين على إنسانية الإنسان وكرامته وحقه في الحياة؟
أليسَ يئِنُّ مِمَن أقاموا أنفسهم ديَّانيِن على البشر فرخَّصوا لأنفسهم استباحة دماء الأبرياء، بل والبطش بهم؟
أليسَ يئِنُّ مِن خانِقيِّ الحُرية وقامِعِيها باسم الحُريّة؟
أليسَ يئِنُّ مِن تغييب الضمائر وتقسِية القلوب وإخلائها من المحبة والرحمة؟
أليسَ يئِنُّ مِن أصحاب الألْسِنَةِ التي يُخرسونها حين ينبغي عليهم قول الحق لدفع الباطل؟
أليسَ يئِنُّ مِن الأَثَرَةِ وتأليه الذات وعِشقِ “الأنَا ” وتجاهل أل ” نَحْنُ “؟
أليسَ يئِنُّ مِن رَجَحَان موازين النفاق التي يدَّعي أصحابها تسْيِيِدَ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بينما لا يُفعِّلون ذلك ولا يطبقونه ولا ينفِّذونه؟
أليسَ يئِنُّ مِن تنامي أعداد المتنكرين للمبادئ والقِيَم والثوابت الأخلاقية؟
أليسَ يئِنُّ مِن أصحاب الفكر الإقصائي الذين لا ينفكون يؤجِّجُونَ الفتن ويُثيرون البغضاء بين الناس؟
أليسَ يئِنُّ مِن الذين يسترهبون الضعيف والمسكين والأرملة واليتيم، بل ويهضمون ما لهم حقوق؟
أليسَ يئِنُّ مِن استثمار الغني وصاحب النفوذ للفقير والمُعْدَمِ والمسكين؟
أليسَ يئِنُّ مِن مصَّاصِي شرايين المُستضعفين والبائسين ويتحكمون بمصائرهم دون وجه حقٍ؟
أليسَ يئِنُّ مِن الغُولِ المفترسة المُتاجرةِ بالمُهاجرين والمُهَجَّرين والمُشرَّدين؟
أليسَ يئِنُّ مِن الذين استعبدتهم الشهوات وتملكتهم الأهواء الذين يهدرون الأموال عليها بينما يحبسونها عن الفقير والمحتاج والمريض المُعْوَز؟
أليسَ يئِنُّ مِن المُنافقين الناطقين بالباطل والمتسلِّحين بالكذب والرياء والخداع؟
أليسَ يئِنُّ مِن المُتعالين المتغطرسين المُستكبرين الذين يحسَبون أنفسهم أعلى مكانة وأرفع منزلة من غيرهم من بني البَشَر؟
أليسَ يئِنُّ مِن أصحاب الوجوه المقنعة الذين يُتقنون التصنع والممالقة والتَّلوُّن لتحقيق مآربهم الزَّمنية؟
أليسَ عالمنا يئِنُّ مِن صَرْف إنسان العصر قلبه وفكره وَفِعله عن الله وَوَصاياه، واستهانته بطول أناته عليه وصبره على ما يقترف، وما يمنح من فرصٍ للتوبة والندامة لنيل الرحمة والمغفرة قبل سَوطِ غضبه حينَ ” يُرسل مِنجله ليحصد عناقيد كرم الأرض، لأن عنبها قد نضج، ويلقيها في مِعصرة غضبه العُظمى.. ” كما ورد في رؤيا القديس يوحنا؟
أوَ نعجبُ بعد هذا كله إن بقي عالمنا عُرضةً للنكبات والكوارث والمِحَن والأوبئة.. وشاهدنا هذه المرَّة وباء “فيروس كورونا” القاتل الذي انتشر في العالم كله ولا يزال.. على صِغَرِه يَفتك ويُقلق ويُرهب ويُخْضِع كلّ أمرئ ٍ مهما ارتفع شأنه وعَظُمَ في عين نفسه فاستكبر واغْتَرَّ وتشامخَ وجارَ وعاتَ!
كاتب وباحث: حنَّا ميخائيل سَلامة نُعمان
التعليقات مغلقة.