فلسطين تعيد الوحدة لشعبها / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأحد 11/10/2015 م …
كنت قد كتبت قبل ما يزيد قليلاً عن عام ونصف العام مقالاً تحت عنوان ” يا فلسطينيي العالم … اتحدوا ” وقد كانت تلك دعوة مفتوحة صرخة من قلب يتألم موجهة لكل فلسطينيي العالم الذي وصل عددهم إلى اثني عشر مليون نسمة ليتحدوا على هدف واحد بعد أن إزدادوا شتاتاً على شتات وتشتتوا في كافة أصقاع الأرض داخل وطنهم وخارجه ، في الضفة وقطاع غزة وفي ذلك الجزء من فلسطين الذي أغتصب عام 1948 ، الفلسطينيون الذي خضعوا لتسميات مختلفة كما في قطاع غزة والضفة كمواطن ولاجئ ، وغزاوي وابن الضفة ( ضفاوي ) ومدني وفلاح وما يسمى أصطلاحا بعرب 48 أو ( عرب اسرائيل ) وبين فلسطيني لبناني وفلسطيني سوري .. و .. و.. وبين امريكي أو أوروبي من أصل عربي وبين حمساوي وفتحاوي وجبهاوي وبين من يؤمن بالمقاومة طريقا وحيداً للتحرير وبين من يرى في لهو المفاوضات وعبثها طريقاً لخلق دولة هشة ودولة وهم فلسطينية على أراض أحتلت عام 1967 ، مستعدين مقابل ذلك أن يلبوا كل طلبات الكيان الصهيوني ورواد الاستعمار القديم والحديث ، لقد كانت صرختي ودعوتي حينذاك تدعو لرفض الواقع المهين والتخلي عن المسميات كافة ، مع الاحتفاظ باسم واحد فقط وهو اسم فلسطين الوطن الواحد المغتصب من النهر إلى البحر ، صرخة من من أجل خلق واقع جديد وفرز قيادة واعية تمثل الفلسطينيين حيثما وجدوا ومن أجل رفض المفاوضات العبثية وكافة مشاريع التسوية التي لا ولن تحقق مكسباً ولن تعيد حقا وذلك من خلال الاتفاق على برنامج وطني واضح لتحرير فلسطين كل فلسطين .
ومنذ اليوم الذي نشرت فيه مقالتي المذكورة أعلاه والأحداث في تصاعد مستمر على المستويين العربي والفلسطيني ، فعلى المستوى العربي تعاني بعض من الدول العربية من الاقتتال الداخلي ومحاولات التدمير من قبل العصابات الارهابية وتجار الدين السياسي ، الذين وجهوا جهادهم لسوريا بدلا من فلسطين ، تاركين الأقصى لحفنة من المرابطات العظميات ليحميانه بصدورهن ، أما في الأراضي الفلسطينية فقد انتقلت الظروف من سيء إلى أسوأ ، فمن فشل ذريع في المفاوضات ، إلى تزايد في الاستيطان ، إلى القمع من قبل السلطات في كل من الضفة وغزة ، مع ملاحظة عمق وقسوة القمع في الضفة من قبل الأجهزة الأمنية والمنفذين بإخلاص لنظريات وإملاءات التنسيق الأمني التي ارتضته سلطة اوسلو سبيلاً لها ووسيلة لفرض قبضتها الحديدية على الأراضي المحتلة 1967 ، إلى انقسام متجذر وعميق بين فتح وحماس ، إلى وقهر وتكميم أفواه الأصوات المعارضة في قطاع غزة من قبل سلطات الدين السياسي … واستغل الصهاينة المحتلين كل ذلك ، في ظل وجود تيار يميني جارف معاد للعرب والمسلمين ، تيار معارض لكل من يسعى للحرية ، فكل الصهاينة هم كذلك ، حيث قامت السلطات الصهيونية بتعزيز الاستيطان ، ومحاولة إسكات الأصوات الفلسطينية ، بل وازدادوا تيهاً وغروراً وعجرفة ، فبدأ قطعان المستوطنين غزواتهم المتكررة للمسجد الأقصى بهدف تقسيمه زمانياً ومكانياً ، قابله عجز فلسطيني رسمي وسلطة في الضفة تتغنى بانجازات وهمية برفع علم فلسطين التاريخية وجعله رمزاً لدولة قزمة ووهمية ولسلطة تتتغنى بكل مناسبة ان لامكان للعنف، فطريق التحرير هو الحل السياسي دون القيام بأي عمل ايجابي للوصول إلى ذلك …
وفجأة ودون سابق إنذار … وبعد صمود عظيم للمرابطات في المسجد الأقصى لحمايته من دنس الصهاينة ، تحدث مفاجأة ، فمن رحم فتح تخرج مجموعة لتهاجم باص يقل مستوطنين فيقتل منهما اثنين ، قابله قمع صهيوني واستمرار لتنسيق أمني بغيض ، فيتصاعد الرد بوسائل مختلفة لينتقل النضال من الكلمة إلى اطلاق النار إلى استخدام الحجر والسيارة والدراجة لدهس المستوطنين ، ولتنطلق ثورة السكاكين بطعن ومحاولة طعن المجندين والمستوطنين الصهاينة في مناطق مختلفة من فلسطين ، وبعضها ينجح في حين يفشل البعض الآخر ، ويتساقط القتلى الصهاينة والشهداء الفلسطينيين ، ولتعم المقاومة الشعبية كل أرجاء فلسطين التاريخية ، خارج وداخل الخط الأخضر ، فتبدأ المسيرات والمظاهرات التي ترفض الاحتلال ، وتحدث المواجهات عند نقاط التماس مع الصهاينة ، وفي الأرض المباركة كافة من الناصرة الى الطيبة فأم الفحم فاللد ويافا وكافة التجمعات العربية الفلسطينية داخل الجزء المحتل من فلسطين عام 1948 إلى نقاط التماس في الضفة الغربية وبعض مناطق قطاع غزة عند الخطوط الفاصلة بين سلطة حماس والعدو الصهيوني ، إلى المخيمات الفلسطينية في دول الشتات لتعلن تأييدها لموقف فلسطينيي القدس وفلسطينيي الضفة وفلسطينيي الداخل الفلسطيني ولكل أبناء فلسطين ولتؤكد للعالم أجمع :
• أن الفلسطينيين شعب واحد ولا فرق بين ضفة وغزة ولاجئ ومواطن و48 و 67 ، فلقد وحدتهم القدس وجمعتم فلسطين وليتفاخر الجميع بكونهم فلسطينيين يسعون للتحرر من براثن الاستعمار الاستيطاني البغيض .
• رفض الشعب الفلسطيني بأعظم استفتاء شعبي مغلف بالدم للحلول الاستسلامية والمفاوضات العبثية التي تقودها سلطة أوسلو ..
• ثبات وصحة خيار المقاومة لتحقيق المطالب الشعبية والحقوق الوطنية .. خلافاً لما تنشده سلطة اوسلو بأن يكون الخيار السياسي هو الخيار الوحيد للتحرير .
• أن فلسطين واحدة من نهرها لبحرها وهي مطلب الشعب الفلسطيني وأن لا مكان في الواقع لما يسمى بحل الدولتين .
• الرفض القاطع للتنسيق الأمني .
• إسقاط نظريتي التدجين والترهيب اللذين مارستهما سلطة اوسلو ضد ابناء الشعب الفلسطيني .
• عدم قدرة حماس عل التأثير على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفشلها الذريع في تحريك الشارع الفلسطيني ضد سلطة أوسلو وإسقاط نظرية الغالبية التي تتغنى فيها حماس في الشارع الفلسطيني .
• ضعف وهشاشة التنظيمات الفلسطينية الأخرى وقبول البعض منها بما تفرضه سلطة اوسلو عليها .
ومع كل الايجابيات لحركة المقاومة الشعبية التي قام بها ابناء فلسطين في كافة مواقعهم ، إلا أن التخوف ما زال موجوداً بمحاولة التنسيق الأمني ورجالاته استرداد سطوتهم على شارع الضفة الغربية وإفشال الحركة الشعبية بهدف المحافظة على سلطة مهزومة لاصلاحية لها الا قهر أبناء شعبها ،علاوة على قيام البعض بالتسلق وركوب هذه الحركة وتجييرها لمصلحتهم لتحقيق اهداف شخصية تبتعد عن حقوق الشعب الفلسطيني .
ولكي تستمر هذه المقاومة الشعبية وتتعاظم لا بد من ، تعظيم الوحدة الوطنية ، ولا بد من خلق قيادة فلسطنية حقيقية تعبر عن شعب فلسطين وحقوق شعب فلسطين ، قيادة غير مرتبطة بسلاسل أوسلو ولا بمنظري الاسلام السياسي والمجلس العالمي للاخوان المسلمين ، قيادة تعبر عن نبض الشارع وعن الشعب الفلسطيني أينما وجد تحقيقاً لمنطق الوحدة الشعبية الفلسطينية ، فحركة المقاومة الشعبية التي تدور رحاها على أرض فلسطين تنذر وتحقق الطموح بإشعال إنتفاضة شعبية فلسطينية ، إنتفاضة الثورة الفلسطينية التي يجب أن تغسل العار عما حصل خلال العشرين سنة الماضية لتعيد للثورة ومنظمة التحرير ألقها من أجل تحقيق البرنامج الوطني الفلسطيني الذي توافق عليه الشعب الفلسطيني بميثاق وطني تم شطبه وتغييره من قبل سلطة أوسلو .
التعليقات مغلقة.