حماية الانتفاضة / د.هاني العقاد
د.هاني العقاد ( فلسطين ) الأحد 11/10/2015 م …
مضي حوالى عشرة ايام على المشهد الملتهب في الضفة الغربية المحتلة والقدس ,كل يوم ترتفع فيه وتيرة المواجهات المستمرة بين الشبان الفلسطينيين المنتفضين وجيش الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين المسلحين ,كان نهاية الاسبوع بالطبع الخميس والجمعة من اكثر الايام سخونة ودموية بالرغم من ان بعض المحللين قالوا انهم يعتقدوا ان الانتفاضة الحالية ما هي الا هبة وسوف تنطفئ الايام القادمة لكن العكس هو الذي حدث فقد جاءت نهاية الاسبوع بما لا يتوقعه المراقبين ولا حتى الشاباك الاسرائيلي الذي بدا مصدوما من ارتفاع مستوي العمليات في القدس ووصولها الى العمق الاسرائيلي بتل ابيب والعفولة ,وصدم اكثر بامتداد الاحتجاجات لتصل فلسطيني الداخل الناصرة وحيفا ويافا وام الفحم واخيرا كفر قرع , وتنتقل الانتفاضة في مشهد موحد الى غزة التي تقف على خط المواجهة مع الضفة والقدس , هناك ايام ساخنة جدا امام الانتفاضة سوف تتكثف فيها التظاهرات المناهضة للمحتل , لكن اتمنى ان نحمي انتفاضتنا ونبتعد بها عن كافة اشكال المواجهة التي تريدها وتنتظرها اسرائيل لتأخذها زريعة وتستخدم النار التي تريدها لمواجهة هذا و اظهار ذلك امام المجتمع الدولي بانه دفاع عن النفس ,لا اعتقد ان المواجهة مع الاحتلال ستتوقف في القريب لأنها قد تكون اصبحت خارج السيطرة الان ولا يمكن وقفها دون حلول ودون الاقرار بحق هذه الشعب في حق تقرير المصير ودون رحيل الاحتلال ,ولا اعتقد ان الساسة الفلسطينيين يمكن ان يوقفوا الانتفاضة اليوم ويجب الا يحاولوا مطلقا وما عليهم الا توفير الحماية المطلوبة لها حتى لا يتم حرفها عن مسارها , الصور التي تنقلها وكالات الانباء تقول ان الشعب الفلسطيني قرر اعلان الانتفاضة وليست الاحزاب او الفصائل او القيادة فهي انتفاضة جماهيرية شعبية كبيرة , انتفاضة موَحدة موُحدة , لغتها واحدة لا لغتين , هدفها واحد هو دحر الاحتلال وتحرير المقدسات واقامة الدولة الفلسطينية .
الاسبوع الماضي كان هناك مؤتمرا صحفيا لنتنياهو وقادة حربة وارهابه اتهم فيه نتنياهو كل من حماس والسلطة والحركة الاسلامية في الداخل المحتل وبعض الدول الاقليمية جميعا بالتحريض واثارة نار الانتفاضة وتوعد الجميع في تهديد مباشر وعلى الهواء وقال ان جميع مواطني اسرائيل موحدين في مواجهة الارهاب وطالب قيادة السلطة التوقف عن التحريض فورا دون ان يعترف بسلوك اسرائيل الاحتلالي العنصري هو الذي دفع الشعب الفلسطيني للمواجهة في النهاية لأن اسرائيل كيان لا يعترف بشعب اخر يعيش على ذات الارض له حقوق وله طموح سياسي , وما يعترف به الكيان هو القوة المسلحة لجيش الاحتلال وقدرته على اخضاع الشعب المحتل دون قراءة او مراجعة للتاريخ بان كل قوي الاحتلال زائلة ولن يبقي الا الشعب صاحب الارض الشعب حامل هوية الارض , يعلون وزير الجيش اكد ذلك عندما قال ان يد الجيش تعمل ضد ما سماه الارهاب بقوة وسنضرب بيد من حديد كل من يهدد اسرائيل , ايزنكوت قال ان الجيش الاسرائيلي لدية مطلق الحرية لتنفيذ المهام اللازمة استعادة الامن , ولو قرانا تعبيرات وجه نتنياهو التي كان يحاول ان يخفيها لوجدنا ان اسرائيل ترتعش مما يجري وتحاول طمأنة الجمهور الإسرائيلي وقت وتبدوا انها تخطط لإيجاد مبرر لتدخل اكبر للجيش الاسرائيلي وقيامة بتوجيه ضربة قاضية للانتفاضة وهذا يفسر خروج نتنياهو وكافة قادة اجهزة الامن و الجيش للتحدث للجمهور الاسرائيلي , لكن ما نريد الاستفادة منه ان نكون موحدين ونحمي انتفاضتنا حتى تستمر وتحقق اهدافها.
هنا فلسطينيا نقول ان الانتفاضة بالفعل بدأت والاسبوع الماضي دخلت مرحلة جديدة ونقول انها تفجرت بسبب اليأس الشديد الذي احدثته سياسة اسرائيل وكانت الرسالة التي جاءت في خطاب الرئيس ابو مازن بهذا المضمون فما دامت القيادة وصلت الى حالة من الياس الشديد والشعب وصل الى ذات الدرجة من اليأس فلا اعتقد ان هناك خيارات بقيت امام الشعب الفلسطيني الا ان يفجر انتفاضة يحاول من خلالها ان يغير الواقع الذي تفرضه حكومة نتنياهو المتطرفة ,وهنا اخذ الشعب الفلسطيني زمام المبادرة وحدد اللغة التي يفهمها المحتل لغة المواجهة بكافة الادوات المشروعة لتدمير مشروع نتنياهو القاضي باستدامة الوصاية الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني وجعل الدولة اليهودية امرا واقعا اولا ,وكنس الاحتلال ثانيا ,واقامة الدولة الفلسطينية ثالثا . من يعتقد ان احد يستطيع الالتفاف على الانتفاضة ويستطيع وقفها فهو واهم لان الانتفاضة تنتهي بانتهاء الاحتلال وانتهاء القمع وانتهاء الاستيطان , ويجب ان تفهم الدول الاقليمية والرباعية الدولية القادمة الى فلسطين وامريكا هذا وتكف عن الضغط على ابو مازن لان ابو مازن لم يفجر انتفاضة , من فجرها هو الشعب ومن ينهيها العدل الدولي بمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير.
لعلنا ايضا لا نخفي خشيتنا اليوم على الانتفاضة من الفصائل لان اي محاولة من هذا الفصيل او ذلك لتجيرها لأجندته الحزبية او العمل او الزعم بان الانتفاضة تتبني استراتيجية حزبه من شانه ان يضعف الانتفاضة ويقلل الالتفاف الجماهيري حولها , لذا فان المرحلة تتطلب الان حماية للانتفاضة وتشكل قيادة موحدة للانتفاضة تضم كافة شرائح والوان الطيف السياسي الفلسطيني لضمان استمرار الانتفاضة وتطوير مراحلها حسب استراتيجية وطنية واحدة وأهدف واحدة ولغة واحدة وراية واحدة حتى تحقق حلم الشعب الفلسطيني , وبالتالي تكون هذه الانتفاضة الدافع القوي لتتوحد الفصائل وتنهي الانقسام الاسود وتبدا مرحلة جديدة يؤسس فيها الجميع لدولة فلسطينية على تراب فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية, ويبقي الشعار الوحيد لذلك (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة) .
التعليقات مغلقة.