تعود الشيوعية إلى أوروبا من باب الكورونا؟ / احمد جمعة


احمد جمعة  ( البحرين ) – الجمعة 3/4/2020 م …




العالم بدأ يتغير منذ الآن… وسوف يتغير كليةً بعد أزمة الكورونا، دون شك…كوبا التي كانت صغيرة محاصرة من قبل الغرب، هي اليوم دولة عظمى تمكنت من الوقوف إلى جانب إيطاليا الدولة الأوروبية الكبيرة بينما خذلاها أمريكا والحلف
الأوروبي… العالم سيتغير بعد هذه الأزمة…سوف تتراجع دول كبيرة للخلف وتتقدم دول صغيرة للأمام… النظام الشيوعي كما يبدو لم ينتهي من العالم ومن المرشح بعد أن ارتفعت أصوات في فرنسا وإيطاليا بالانفتاح علي الشيوعية بعد أن خذلها النظام الرأسمالي هذه الأصوات رغم حجم صغرها لكنها مؤشر على خيبة الأمل التي أصابت شريحة كبيرة من الشعوب الأوروبية وخاصة الشعب الإيطالي الذي خذلته حكومات الحلف الأوروبي وهذا الشعور سيتضخم بعد انقشاع هذه الأزمة وسيشهد الحزام الأوروبي اعصارًا تقوده الشعوب هذه المرة ومن خلال الأحزاب اليسارية والتي ارتفعت أصواتها منذ الآن…
المرة هي الأولى عقب الحرب العالمية الثانية، يواجه العالم امتحانًا جديًا على مستوى الدول والحكومات والشعوب والأفراد، ودون التغلغل بالتفاصيل، ثمة دول نجحت في هذا الامتحان وهناك دول وقفت حائرة ودول فشلت كليًا، وثمة حكومات وشعوب وأفراد كذلك…هذه الحرب غير المسبوقة بالعصر الجديد، كشفت وجه الجميع، فمن كان بمستوى المسئولية ومن أخفق وهذا أمر واقع… فالأزمات أكبر مصنع لإنتاج النجاح أو الفشل، الأزمات اختبار تستوثق من خلاله النتائج، وستكشف الأيام التالية عن هذه الأزمة الحقائق الباهرة بكل مكان، لن نحكم على النتائج في ذروة الأزمة بل غدًا سترسو السفينة وتلقى المرساة ويخرج الركاب ومعهم النتائج التي كانت وقت الأزمة مخبئة في معمعة الحدث.
من الصين التي خرج منها وانتشر وشعرت بالذنب دون أن تصرح… إلى إيطاليا التي اجتاحها الوباء دون رحمة كما فعلت فيها الحرب العالمية الثانية فقاتلت الوباء منفردة بعد أن تخلى عنها حليفها الأوروبي وهذا سيؤدي ربما لانسحابها من الاتحاد الأوروبي لاحقاً أو على الأقل لأزمة معه… إلى أمريكا التي سحقها الوباء وما زالت تبحث عن الدواء، وليس الالقاح لأن الآخر يستحيل في هذا الوقت. إلى روسيا التي تحاول أن تساعد بروح رياضية لا تخلو من دبلوماسية ذكية…إلى كوبا التي رغم الحصار الغربي عليها أثبتت أنها أقوى من الاتحاد الأوربي كله… ولن أذكر إيران لان الوضع هناك أكبر من أي مقال أو كتاب أو حتى موسوعة…
الاختبار بالنسبة للأفراد متباين ومختلف بين شعب وآخر…بل وبين أفراد الشعب الواحد. فهناك شعوب أثبتت أنها إنسانية وحضارية وتفاعلت مع بعضها بكفاءة منقطعة النظير كما هو الحال بين صفوف الشعب الإيطالي الذي حارب بشراسة الآلاف بينهم الأطباء والمسعفين والممرضين والمتطوعين وهناك شعوب مغلوبة على أمرها كالشعب الإيراني الذي بطش به الوباء ولم تحرك حكومته شيئًا بالأيام الأولى بل وتركته ومصيره المجهول بالإضافة إلى أنها أثبتت أنها حكومة فاشية لا مثيل ها في هذا القرن، حين تركت زوارها والمقيمين فيها يواجهون الموت وحدهم، بل لم تكتفي بذلك وقامت بطرد المقيمين بالفنادق منها دون إنسانية تذكر.
هذا الاختبار العالمي…كشف هشاشة العالم المعاصر، فدول عظمي فشلت في الامتحان ودول صغيرة محدودة الإمكانيات ساعدت دول كبرى وبعثت لها طواقم الأطباء والممرضين، مثل كوبا التي حاصرها الغرب عقود طويلة ولكنها أثبتت في هذه الأزمة جدارة منقطعة النظير…أن الأيام القادمة ومع انقشاع دخان هذه الحرب العالمية غير المسبوقة سوف تظهر لنا ولو بعد حين معادن الدول والشعوب والأفراد، ومن المؤكد سيتغير العالم 180 درجة مثلما حدث بعد الحربين الكونيتين في القرن العشرين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.