هل تستغل كورونا لشن عدوان على محور المقاومة؟ / أمين محمد حطيط

كتب العميد أمين حطيط: المؤامرة على لبنان فضحت… كيف نواجهها . إضاءات

 أمين محمد حطيط ( لبنان ) – الثلاثاء 7/4/2020 م …

تتزايد موجات التهويل بشن حرب على مكونات محور المقاومة بشكل متوازي مع انشغال العالم بالمواجهة القاسية مع الوباء الذي يجتاحه ويصيب مئات الألاف ويقتل عشرات الألاف من البشر في معظم أنحاء المعمورة عامة وفي العالم المصنف بانه العالم الأول من حيث التقدم والحضارة خاصة أميركا وأوروبا الغربية.




فمن مروج لقول بان أميركا تتحضر لشن حرب صاعقة مدمرة في العراق تحقق لها العودة لاحتلاله بصيغة مطورة تختلف عن صيغة الاحتلال الأولى ، إلى قول بان الحرب الفعلية ستكون أميركية إسرائيلية ضد ايران المنشغلة بمواجهة الحرب على كورونا في ظل تشديد التدابير الوحشية التي تتخذها أميركا ضدها تحت مسمى العقوبات ، إلى راي يروج لفرضية أقدام إسرائيل على استغلال فرصة انشغال حزب الله و لبنان بمواجهة كورنا و للقيام بحرب خاطفة ضده تحقق لها ما فشلت في تحقيقه منذ 20 عاما ، إلى راي أخير يتضمن القول ان إسرائيل ستجد في غزة الحلقة الضعيفة التي تغريها بالعدوان عليها و تسجيل نقاط  قوة و ردع تحتاج اليها في ظل ازمتها الداخلية . فهل هذه الفرضيات قابلة للتنفيذ؟ وهل ان الحرب بذاتها فرضية محتملة في ظل هذه الظروف؟

قبل مناقشة تلك الفرضيات لا بد من التذكير بشروط يفترض تحققها للقيام باي هجوم من طرف ضد أخر  و في طليعة هذه الشروط وجوب امتلاك المهاجم القدرة على تحقيق الإنجاز العسكري المحدد هدفا لهجومه  (نقول القدرة و ليس القوة ، لان المعول عليه هنا هو القدرة أي تناسب القوة المتوفرة مع الهدف المحدد ما يعني اخذ قوة العدو الدفاعية بعين الاعتبار عندما نقيم القدرة ) أما الشرط الثاني فيتمثل بقدرة المهاجم على حسم الحرب ووقفها في التوقيت الذي يريد ، ما يعني وجوب امتلاكه القدرة على اقتياد الخصم إلى الانهيار الإدراكي او الميداني الذي يجبره ان يتوقف عن القتال بمجرد ان يعلن المهاجم انتهاء عملياته العسكرية ، أما الثالث فهو امتلاك المهاجم المناعة الدفاعية الكافية التي يحتاجها  لاحتواء ردة فعل العدو و منع الأخير من انزال أضرار به لا يقوى على تحملها ، أما الأخير فيتصل بالبيئة الدولية الإقليمية و العامة  التي تتيح للمهاجم ان يستثمر نتائج انتصاره و ان يصرف إنجازه الميداني (اذا تحقق) في السياسة .فهل ان هذه الشروط متحققة في الواقع القائم ؟

بداية لا ننكر بان الجهات الأربع (إيران العراق لبنان غزة) المحتمل استهدافها بعدوان تقوم به أميركا وإسرائيل مجتمعتين او منفردتين، ان هذه الجهات مشغولة وبمستويات متفاوتة بمواجهة جائحة كورونا، ولكن يجب ان نذكر أيضا بان كلا من أميركا وإسرائيل تترنح تحت ضربات هذا الفيروس وبالتالي ان القول بالانشغال يشمل الجميع فعليا، وتتقدم أميركا وإسرائيل الجمع المحتمل استهدافه بدرجة الانشغال حيث ان في أميركا وحدها ربع الإصابات التي حلت بكل العالم (330 ألف من أصل مليون و300 ألف في العالم). وان كورونا اقتحم جيوش أميركا وإسرائيل وإثر في الجهوزية القتالية والمستوى المعنوي فيهما بشكل بالغ السلبية.

ومن جهة أخرى فان هذه الجائحة فضحت أميركا وأظهرت هشاشة الوضع الداخلي فيها ووهن النظام الصحي لديها وهشاشة التماسك الوطني بين ولاياتها وهشاشة الروابط التحالفية خاصة مع أوروبا فضلا عن كشفها المستوى اللاأخلاقي في التعامل مع الأنسان عامة ومع حلفائها خاصة. حيث ان كورنا اظهر ان هذه التي تسمى الولايات المتحدة الأميركية والتي تريد ان تحكم العالم وان تسيطر على مقدراته هي كيان واهن في الوضع الداخلي وعلى المستوى التحالفي والوطني والصحي والأخلاقي وان الهيبة التي أرادت أميركا ان تحكم العالم بها هي هيبة وهمية كاذبة وقد سقطت فعليا، ولم يكن بدء سقوطها في قاعدة عين الأسد في العراق عملا عارضا وان كان للبعض مفاجئا، حتى جاءت كورونا لتعززها. وبالتالي نقول ان كيانا واهنا أمام وباء نجح الأخرون في مواجهته وعجز هو عن مواجهته حتى ضرب جيش أميركا وأرعب شعبها، ان كيانا هذه حاله ليس هو الكيان الممتلك للقدرة الذهاب إلى حرب الآن. وما نقوله عن أميركا ينسحب على إسرائيل وان كان من أبواب أخرى ومستويات مختلفة.

أما على جبهة الأطراف المستهدفين بالعدوان المبحوث فيه، نجد ان كورونا لم تشغلهم إلى أحد يصرفهم عن إدارة حرب دفاعية ناجحة خاصة وان القوى المخصصة لمواجهة العدوان ليست هي نفسها المناط بها الاتقاء من الفيروس، وان كانت القيادة قد تخصص جزءا من وقتها لهذه المهمة الطارئة لكن ذلك لا يعيق عملها الرئيسي في المهمة الدفاعية ما يعني ان المراهنة على الانشغال بمواجهة كورونا وعلى أهميته هو رهان في غير محله.

ونعود إلى الشروط المتقدم ذكرها ولنتوقف فيها خاصة عند امرين الأول ردة فعل المعتدى عليه والثاني قدراته على الاستمرار في الميدان. وهنا لن نصرف كثير وقت في النقاش حول الموضوع بعد ان بات من المسلم به ان إسرائيل عجزت عن تامين الدفاع المتين على الجبهة الداخلية وفشلت في الوصول إلى حالة “شعب يعمل تحت النار” ما يعني ان الحرب إذا وقعت ستضعها بين حصارين حصار نار المقاومة التي ستطال كل هدف في فلسطين المحتلة صغيرا كان أم كبيرا، وحصار فيروس كورونا الذي اقتحم أيضا الجيش الإسرائيلي ويبدو انه طال القيادة في المستويين العسكري والسياسي.

أما أميركا التي لها في منطقة الشرق الأوسط ما يناهز السبعين ألف عسكري منتشرين في 54 قاعدة عسكرية برية أساسية (يضاف اليها القواعد الظرفية الصغيرة وهي كثيرة وعددها متحرك) وأكثر من 60 قطعة بحرية موزعة على 3 أساطيل، فأنها باتت تعلم بعد صفعة عين الأسد أنها لا تستطيع ان تطمئن إلى الدفاع عن وجودها هذا بشكل محكم وامن يحقق الطمأنينة، وأن 4 منصات باتريوت نشرت حديثا في العراق لن تقدم ولن تؤخر. ويبقى ان نشير إلى الأمر الثاني لنؤكد قطعا بان أي من أميركا وإسرائيل لن تستطيع حسم الحرب ووقفها في التوقيت الملائم لهما وهنا سيواجهان الكارثة التي يمكن الوقوف على طبيعتها وحجمها إذا تم النظر إلى الوضع في سورية وما ال اليه العدوان عليها او ان ينظر إلى حالة أفغانستان او اليمن ليعرف ماذا ينتظر العدوان ان وقع، فهوا عدوان لن يطلق فيه الطلقة الأخيرة إلا قوى المقاومة لتعلن الانتصار الأكيد.

يقودنا هذا إلى القول بان التهويل بالحرب من قبل أميركا وإسرائيل هو عمل أعلامي نفسي يدخل في إطار الحرب النفسية غير القابلة للتحول إلى حرب في الميدان العسكري وان كلا من إسرائيل وأميركا بحاجة لهذا التهويل بالحرب للضغط في السياسة او لحجب عيوب او لأشغال عن أزمات وإخفاقات او لتغطية انسحاب وانزياح او لصبانة قدرات ردعية تآكلت او استعادة لهيبة تهشمت في الآونة الأخير ثم جاء فيروس كورونا ليكشف مقدار وهن أميركا   التي انقلب رئيسها إلى ممثل مسرحي يثير السخرية في معرض أدارته للحرب على هذا الوباء.

وعليه نقول انه في زمن سقط ت فيه الأقنعة  و كشفت فيه الحقائق و تآكلت فيه  الهيبة التي تبين أنها ليست واقعية ، في زمن يستعد فيه العالم  للدخول في نظام ما بعد كورونا ، زمن تعاد فيه صياغة التحالفات و رسم الخرائط  الاستراتيجية الجديدة  وتسقط فيه  أحلاف و تقوم أخرى ، يكون انتحاريا احمقا من يقدم على حرب لا يضمن حسمها لصالحه و فوزه فيها بدون أي شك ، و ان أي من أميركا او إسرائيل ليستا في هذا الوضع و ليستا على هذه القدرة ، ما يجعلنا نستبعد بشكل شبه قاطع الحرب التي تهول بها أميركا و إسرائيل لانزال ضربة قاصمة بمحور المقاومة ، أما ان حصلت المجازفة و ارتكب الخطأ الاستراتيجي و كانت الحماقة هي المسيطرة واتخذ القرار الانتحاري فأنها ستنقلب إلى حرب تحرير الشرق الأوسط من الوجود الأجنبي الاستعماري و هذا ما يذكر بمواقف قادة المقاومة و محورها المواقف التي اطلقت على السنة أولئك القادة من ايران إلى العراق وسورية و لبنان و غزة و اليمن .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.