سهيل إبراهيم عيساوي يكتب عن الابداع في المجموعة القصصية “حبيبتي جميلة كالخبز” للأديب مرشد خلايلة
سهيل إبراهيم عيساوي ( الجمعة ) 10/4/2020 م …
يقتصر العمل هنا على استعرض الأسلوب الإبداعي في كتاب الأديب الراحل مرشد خلايلة . 1943-2009. “حبيبتي جميلة كالخبز “. مجموعة قصصية صدرت عام 1974 ، عكا – مطبعة الجليل . قدم الكتاب الأديب المعروف محمد حبيب الله . يضم الكتاب في طياته 8 قصص قصيرة . وهي: 1-هناك .. وراء البحار ،2- الموت في عز الظهيرة ، 3- بنت.. بنت..بنت ومالها ، 4-العريشة ، 5- حتى انت يا ابن الحلال ، 6- حبيبتي جميلة كالخبز ، 7- الجائزة ، 8- حب وراء التاريخ. يقع الكتاب في 106 صفحات من الحجم الصغير . ما يميز الكتاب هو لغة الكاتب الخاصة ،عبارات عميقة فيها ابداع بنكهة مميزة، تظل هذه المجموعة درة على جبين الأدب المحلي ، بالرغم من تقادم السنين على صدورها . قصص مغموسة بريشة الابداع والوجع والأمل والتأمل . تحتوي على أفكار جريئة وخاصة ونحن نتحدث عن سنوات السبعين.
قصة هناك وراء البحار
الرياح تهب من الشرق جافة يتراقص لها العشب. ص25
- ورؤوس الأشجار تتمايل. ص 25
الجو مكفهر والنهار يزحف نحو العتمة . ص 25
كان سعيد في دوامة من الأفكار المتصارعة داخل صندوقه الثابت بين كتفيه. ص25
هنا سباق مع الفقر .ص25
مداعبات الشمس. ص 26
كمحيط ساكن ساخر بالرياح . ص27
ابحرت السفينة وابتلعتها مياه البحر. ص 27
اسحق هذه العوائق. ص29
الان أقف أمام “المؤشر الأصفر” وضوؤه الخافت كسراج نضب زيته. ص29
ينظر اليه كاليتيم الذي يقف أمام دكان الحلوى. ص 29
النازل كخيوط شلال منحدر بغزار. ص31
وتمتلئ قلوبنا بهجة ويلامس اذاننا تغريد الطيور والعصافير. ص 31
ارتفع الدم وجرى في عروق فرهود . ص 32
بمخالبه الرفيعة الحادة رسم خطوطا حمراء مستقيمة على يد صاحبه . ص32
قصة الموت في عز الظهيرة
الكراسي طافحة بالرجال. ص35
والفراش يئن تحت الكتل البشرية المكونة عليه .ص35
ودرجات ملتوية تؤدي الى داخل العمارة .ص35
رجلان تشقان الطريق متوجستان من ايقاظ أهل الحي .ص37
صعقت للخبر . ص37
الابتسامة اختفت ثم فاه بالكلمات. ص37
وشعره كخيوط الشمس يكسو جمجمته .ص38
يوزع الابتسامات على الجميع. ص38
ترك الحياة قبل ان يودع الاخرين. ص 38
في عز الهنا وغمرة الفرح .ص38
اختار معركة الحياة . ص 38
وهنا اللغز ينتصب. ص 39
هذه الكلمات ورنينها المفزع المخيف. ص39
الشمس ساطعة سائرة تضيئ. ص39
قصة بنت بنت .. ومالها …!
صعدت سميرة الدرج بسرعة مذهلة كأنها تطير. ص 45
وجسمها تحول الى مواضع للفرح والألم وعلامات الرض والكشط. ص45
نشر أبو سامي ثيابه على نفسه بسرعة .ص 45
أرض وسوداء وعتمة لمتك يا سامي. ص 48
انخرطت في بكاء تحول الى نشيج مكبوت. ص48
لتقطع أحلامها وتعيدها للواقع. ص 48
كانت صراخات الوليد تتناهى الى الخارج عبر الممرات الضيقة. ص48
وتصل الى تجاويف اذهن ام سامي. ص 48
قفز قلبها من مكانه. ص49
اخذت دقاته تسرع وتتعالى حتى كأنها تسمع دورة ماتور المطحنة. ص49
دلف الى الغرفة. ص 49
وقعت هذه الكلمات كالصاعقة على رأسه. ص49
قصة العريشة
أخذ يجوب الغرفة بنظراته. ص 55
وزاغت نظراته ثم انسكبت وتاهت على الكتل البشرية. ص 55
وافلتت منه وفرة واعقبتها تنهيدة طويلة. ص 55
خانته ملابسه البالية. ص55
تعلو امواجه وتتصارع مع بعضها وتضرب صخور الشاطئ . ص57
سمع وشوشة الأعشاب اليابسة العارية. ص 55
وتميل الأوراق وتتلاطم ببعضها كالأمواج. ص57
انتفض جسمه وتبهت كل شعره في جسمه. ص58
الوقت أمسى في الهزيع الأخير من الليل. ص58
الكل نائم الا أزيز الصراصير .ص 58
سوى صدى صوته في الليل البهيم. ص 58
لم بنبس احدهم ببنت شفة. ص 59
يجر وراءه اثياب الخيبة ص 60
واقدامهم تدق الرصيف بقوة . ص 60
وعيونهم تحمر حتى خيل للناظر اليها ان الشرر يتطاير منها. ص 60
ورائحة الشر تفوح من أجسادهم. ص61
الانتقام مرتسم على وجوههم. ص61
تكهرب الجو. ص 61
وهند تتحرك وجسدها يتلوى. ص 62
قصة حتى انت يا ابن الحلال
الذي انحنى أمام الزمن. ص65
في أحضان الفراغ والوحشة وعتمة الحياة والضياع. ص67
واةلاده شياطين الحارة. ص 67
متلذذا بضرب المسامير لتدخل في عتمة النعل اللعين. ص68
يسترق النظر الى الشاب الجالس أمامه. ص 68
الرجولة بادية على محياه. ص68
لم ينزلق أحد الى دكانه. ص69
تتبعه نظرات ابي سليم التائهة. ص 70
قصة حبيبتي جميلة كالخبز
مطت الشبابيك اعناقها الى الشوارع . ص 73
كانت هنالك عيون عديدة تمتد جسرا بينها وبين الطرقات المنبطحة طولا وعرضا.ص73
يتلوى كالأفعى. ص73
كانت مدينة الناصرة تتلفع بالظلام تخاف البرد والعتمة. ص73
لا تقوى على الريح العاوية في المسارب والمسالك. ص 73
كانت تقطع الصمت والهدوء سيارة. ص 74
ثم تنام المدينة تتحول الى علبة صمت وعتمة حتى ابتلاج الفجر. ص 74
الفجر الذي يكشف الغطاء عن المدينة الناعسة. ص 74
تفيق على تسابيح أهل المساجد وترانيم أهل الكنائس .ص 74
كي انعم بمنظر الليل مستلقيا على رأسها متكأ على كتفها .ص 75
قدها الرشيق مرتع الآمال والأحلام. ص 75
تملك وجها كالبدر. ص 77
حبيبتي جميلة كالخبز والزيت والزعتر. ص 77
رائحة زهر البرتقال عطرها والجنار خدودها . ص77
تسكعت كثيرا في شوارع الناصرة . ص77
جمدت في مكاني . ص77
جسمي توقف عن الحركة حتى الكلمات التي كنت ابعثرها جزافا على قارعة الطريق . ص77
بصقني الشارع العريض الى الطرقات القذرة ثم لفظتني الازقة الضيقة . ص 77
الموت شهي امام حبيبتي الان. ص78
بللتها نظراتي . ص 78
الحب كالموت لا مفر منه. ص 79
زحفت رجلي متثاقلة الى الامام وفشلت الثانية في مجاراتها. ص 80
انك جميلة كالورد وحلوة كالعسل ودافئة كالربيع ومريحة كالسرير. ص 80
كدت اطير من السرور والفرح . ص 81
بلدي عكا مدينة التاريخ والاسوار العتيقة التي احبها كحبي الحياة . ص 81
السماء تنذر بالعاصفة .ص 81
الشبابيك ما انفكت تمتد اعناقها وتتدلى الى الشوارع والطرقات والأزقة لتعد المارة . ص 81
كان جسمها يتلوى كأفعى في يوم حار. ص 81
ومرت سحابة سمراء سرعان ما انقشعت وسط زحام الفرحة والسعادة والاعجاب ص 82
أمي التي غنت من كل قلبها ، وكانت لو افرغت فرحتها لعمت الدنيا بفرحها. ص 83
لم تعد ملابسي تتسع لجسمي. ص 83
ولى الانسان الذي كان يسكن جسمي. ص 83
كانت الحياة تتسع في وجهي. ص 83
كديك رومي يتبختر امام اقرانه. ص 82
اخذ السؤال يطاردني . ص 82
غيمة في سمائي. ص 84
مديات تفتح في جسمي ثغورا لا تلتئم . ص84
الأفكار المتناقضة تتصارع وتنهش جمجمتي .ص 84
ادمت اوصالي وافقدتني صوابي .ص85
طردت الغصة التي سكنت حنجرتها. ص 85
في طريقها الى الضباب ثم التلاشي. ص 85
اعشق المدينة والشبابيك العاشقة. ص 85
قصة الجائزة
يقف الكلام غصة في عتبة الحناجر . ص89
الكتل البشرية المندلقة على الساحة. ص 90
لم اعبأ بالعيون المصلوبة الي. ص 90 بعص النظرات عميقة تركت وراءها غيمة داكنة سوداء حبلى بالحزن. ص90
انطلقت كالريح .ص90
كانت عصاي تدق الدرجات المؤدية الى المنصة. ص 90
كان القدر يقف لي هناك بالمرصاد. ص 90
يومها ضحكت من كل قلبي لهؤلاء الأطفال الأبرياء. ص92
عقرب الدقائق يجر وراءه الساعات ويتقدمان بسرعة مذهلة. ص 92
وكان قوة شمون قد حضرت الي. ص 93
قصة حب وراء التاريخ
كان البحر غاضبا هذه السنة على المدينة. ص 99
تصفع المارة على وجوههم. ص 99
ذات البيوت الباهتة اللون الكالحة الذائبة في قلب التاريخ . ص 99
يجر أذيال الخيبة والعار . ص 100
مدينة جامدة كل ما فيها الان حطام التاريخ الغابر. ص 100
كراسيها كثيرا ما تتهاوى تئن تحت الجالسين عليها . ص 100
مرتع للذباب ص. 100
الميناء النائم أخذ عفوة قبل اكثر من مائة عام، انه يخجل ان يفتح ذراعيه للسفن .ص101
اما المساجد فهي تعلو تبكي ماضيها السحيق ص 101.
الحقيقة لمدينة اجترها ثم بصقها التاريخ ، وعضها الزمن بأنيابه فأحالها الى حطام ص 101
اتهاوى، أتساقط على نفسي. ص 101
نحن نجتر فتات العادات والتقاليد .ص102
سيطردونك ويلفظونك. ص 102
لم أحمل غبارا لكلماتهم . ص 103
كانت تندثر بالصمت. ص 105
حطام انسان. ص 105
انفتح امامي بيت جهنم . ص 105
بصقني بيت والدي الى الشارع الى الضباب ثم الى الضياع ص 105
هو النافذة التي عبرها عرفت الناس .ص 105
صورتي أضحت كالحة. ص106
تركت الحادثة اخاديد في مخيلتي. ص 106
كالطقس حالي اليوم ، واشد صخبا من البحر في الداخل. ص 106
خلاصة : من خلال قراءة قصص مجموعة حبيبي جميلة كالخبز للكاتب المبدع مرشد خلايلة ، لا شك ان المجموعة القصصية تحتوي في طياتها رسائل إنسانية واجتماعية ، تعالج قضايا الناس وتستعرض أوجاعهم وهمومهم ،يطرح قضايا الناس وما يجول في خاطرهم بجسارة ومهارة ، لكني استعرضت الجانب الإبداعي في القصص ، اللغة الخاصة التي ميزت الكاتب ومجموعته ، الخيال الواسع والقدرة الكبيرة على خلق تعابير إبداعية جديدة وجميلة بصورة عفوية غير مصطنعة تنساب مع مجريات القصة وتخدم أحداثها وابطالها بأمانة ، تكاد تكون كل صفحة مرصعة بالتعابير الجميلة ، لاحظنا ان الكاتب مرشد خلايلة طور لغة قصصية مميزة تضفي نكهة خاصة على الأسلوب السردي مما يجعل القارئ يقحم نفسه بمجريات الأحداث من حيث لا يدري ، تشده القصة بطرحها ولغتها هذه المجموعة القصصية إضافة نوعية للأدب المحلي ، تضع الكاتب في طليعة كتاب القصة القصيرة . أخيرا رحم الله الأديب مرشد خلايلة ، وامل أن ينال نتاجه الأدبي مساحة من الإضاءة والنقد الأدبي والدراسة الأكاديمية المنصفة ، فالأدب الجيد لا يموت زان فارق صاحبه الحياة .
التعليقات مغلقة.