“ولكم في ألمانيا عِبرة يا أمّة العرب” / زهراء جمال

لبنان والعراق قراءة للماضي .. نظرة للحاضر.. استشراف للمستقبل ...
زهراء جمال ( العراق ) – الثلاثاء 14/4/2020 م …
من أكثر ما يثير استهجاني ويجعلني أغضب وأثور رؤيتي لدعيّ يشحذ قلمه ليل نهار ليبيّن تفوّق الغرب علميّاً وثقافيّاً مستقتلاً لإثبات جهل العرب وتخلّفهم،




وجلّ انجاز هذا الدعيّ قراءته بضعة كتب غادرناها في سن المراهقة،
وهذا السلوك يُفسّر في علم النفس
بـ “عقدة ستوكهولم”
ولمن لا يعرف هذا المرض فهو نوع من الشذوذ الذي يجعل الانسان المصاب به توّاقا للعق احذية وبساطيل جلّاديه ومحتلّيه ومستعمريه،
الداء الذي نعبّر عنه باللهجة العراقيّة الشعبيّة (البزونة تحب خنّاگها)
و يلجأ لهذا السلوك المصابون بهذا الداء كما أسلفت من أدعياء الثقافة وكتاتيب الدرجة العاشرة ممن يشعر بنقص نفسي ومعنوي فيرى أن تعويض هذا النقص والتفوّق والتحرر يكمن في ازدراء العرب والمسلمين في كل ما يمتّ لهم ولثقافاتهم بصلة،
وهذا الدعيّ في الحقيقة لم يسبق له الانفتاح أصلاً على حضارات وثقافات وديانات العالم ليرى فيها ما يرى،
السيدة العظيمة الدكتورة نوال السعداوي باعتبارها طبيبة اختصاص في علم النفس درّست في أشهر جامعات العالم مادة أو تخصصاً فريداً في علم النفس أسست له وأوجدته هي بنفسها ،
وهو “علاقة التمرّد بالابداع”
وتتلخص فكرة السعداوي بكون حرية الفكر ثم التفوّق والإبداع تكمن في التمرّد على الظلم والتحرر من هيمنة الاستعمار الأمريكي والصهيوني على البلدان العربيّة،
فتقول إن الإنسان الذي لا يتمرّد على الظلم لن يبدع أبداً فأوربا أبدعت حينما تحررت،
وإن الشعوب العربية بصورة عامة لم تبدع لأنها خاضعة للاحتلال والاستعمار فإذا تحررت أبدعت..
بعد الحرب العالمية الثانيّة خرجت ألمانيا وهي مسوّاة بالأرض،
وشعبها مشرّد والعنصريّة متفشيّة بين أوساطه وقومياته ومكوناته،
في حين خرجت الولايات المتحدّة سيّدةً للعالم وبدأت تفرض وتملي شروطها وقوانيها على ألمانيا،
فتصدّى الأدباء والمثقّفون الألمان لاستنهاض العقول وقيمة الانسان من داخله بعيداً عن حماقات الوطنية والحماسيّات البلهاء على حساب كرامة الانسان،
لقد اعتمد الألمان على نفسهم وفضّلوا الصعود البطيء في البداية على أن يكون بلدهم حديقة خلفيّة للإمبرالية الأمريكيّة وأول ما ابتدأوا به هو “الإصلاح الثقافي” ونقد الأخطاء التي حدثت في زمن الدكتاتور هتلر واستفادوا منها لبناء نظام سياسي يحترم الإنسان،
حتّى أن خطة مارشال لم تكن السبب في ازدهار الاقتصاد الألماني بعد الحرب وانقاذ ألمانيا ولكنها وضعت الإطار التنظيمي الصحيح لاقتصاد السوق الاجتماعي وقد فرض الألمان على الأمريكان تنفيذها بأيديهم،
كان تأثير الخطة تأثيرها ضئيلا جداً حسبما ينقل الخبراء الألمان فقد ركّزت على محاربة الجوع فقط ونقل المواد الغذائيّة بالدرجة الأساس،
ألمانيا حصلت وقتها على 1.4 مليار دولار أولاً على شكل قروض وهذا المبلغ لا يساعد على نهضة بلد كامل!
وثانياً لم تمنح هذه القروض لألمانيا فحسب بل لعدة دول أوربيّة وأكثر المستفيدين منها بريطانيا وفرنسا،وفي الحقيقة كانت هناك أيضا بُنية تحتيّة صناعيّة متبقية في ألمانيا إضافة لخبرات العمال وأيضا كانت هناك يد عاملة مستوردة ظهرت في ألمانيا قبل ظهور خطة مارشال عام 1948.
تأثير خطة مارشال مبالغ فيه ويحاول الأمريكان تقديمها على أنّها السبب الرئيس في معجزة ألمانيا الاقتصادية.
هذا باختصار ما حال دون تعطيل العقول الألمانيّة ودون أن تصبح ألمانيا محمية عبيد مرهونة للإمبريالية العالميّة!
ولكم في ألمانيا عبرة يا أمّة العرب!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.