جولة مع فيروس كورونا داخل الجسم البشري!
ما هي فترة حضانة فيروس كورونا في الجسم البشري؟ وما هي أعراضه؟ وكيف يصبح تطوره خطيراً على حياة المصاب؟
ظهر فيروس كورونا المستجد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ولكن على الرغم من ذلك تفشى الفيروس ليصبح وباءً عالمياً يحاول العالم التصدي له بعد إصابة العديد من الأشخاص ووفاة المئات حول العالم بسببه، حيث صنّفت منظمة الصحة العالمية يوم 11 آذار/ مارس الجاري فيروس كورونا، وباءً عالمياً، وذلك لأن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، وبات من الضروري أن نعي جميعاً سواء متخصصين أو غير متخصصين ما هي أعراض كورونا الأولية؟ وهذا ما سنسلط عليه الضوء في هذا المقال.
بداية، يمكن لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) غزو الجسم البشري عندما نستنشقه إلى داخل الجهاز التنفسي كأن يسعل شخص بالقرب منا أو عند ملامسة اليد لسطح ملوث ثم نلمس الوجه بعد ذلك.
فترة الحضانة:
ومن هنا تبدأ رحلة فيروس “كوفيد-19” داخل الجسم البشري بفترة الحضانة، وهي الفترة التي يوطد الفيروس فيها وجوده في الجسم، حيث تدخل الفيروسات خلايا الجسم للاستيلاء عليها (يصيب الفيروس أولاً الخلايا المبطنة للحلق والقصبة الهوائية والرئة)، ثم يحوّلها لـ “مصانع لفيروس كورونا” لتنتج كميات ضخمة من نفس الفيروس والتي تصيب المزيد من خلايا الجسم. وفي هذه المرحلة الأولى من المرض قد لا يصاب البعض بأي أعراض على الإطلاق خلال فترة الحضانة، حيث أنها الفترة بين العدوى بالفيروس وظهور الأعراض وتختلف من شخص لآخر لكنها في المتوسط خمسة أيام.
أعراض كورونا الأولية
أما عن أعراض كورونا الأولية فتبدأ بأعراض طفيفة، وهي بشكلٍ أساسي تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة والسعال وأوجاع بالجسم، أما التهاب الحلق والصداع فهما من الأعراض المحتملة ولكنها ليست أكيدة.
وترجع ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالتوعك العام إلى استجابة الجهاز المناعي للعدوى بالفيروس، حيث يدرك الجهاز المناعي أن الفيروس عدو يغزو الجسم، فيرسل إشارات للجسم بأن هناك عدواً يتسبب له في الضرر، وذلك عن طريق إطلاق مواد كيماوية تعرف بأسم “سايتوكاينس”.
وتدعو هذه المواد الكيماوية كافة خلايا الجهاز المناعي لاستجماع طاقتها لمقاومة الفيروس، ولكنها على الوجه الآخر تتسبب في أوجاع الجسم والآلام وارتفاع درجة الحرارة.
ويكون السعال الناجم عن الفيروس جافاً في بادئ الأمر، حيث يكون ناجماً عن تهيج الخلايا إثر إصابتها بالفيروس، وقد يصبح السعال لاحقاً عند البعض مصحوباً بالبلغم وهو مخاط سميك نتيجة معركة الفيروس مع خلايا الرئة التي قتلها.
هذه الأعراض الأولية يمكن للمصاب التغلب عليها عن طريق الراحة في الفراش، وتناول كميات كبيرة من السوائل وعقار الباراسيتاموال وبذلك لا يكون للمصاب حاجة لرعاية المستشفى. إلا أن حالة بعض المرضى قد تتطور إلى صورة أكثر خطورة لهذا المرض المسبب له الفيروس.
ولكن بدأت دراسات في الظهور تشير أيضاً إلى أن المرض يمكنه أن يتسبب في المزيد من أعراض نزلات البرد مثل الرشح. وإذا تطور المرض فسيكون ذلك ناجماً عن اتخاذ الجسم البشري رد فعل زائد إزاء الفيروس والتي تسبب هذه الإشارات الكيميائية لسائر أعضاء الجسم بالالتهاب، ولكن يجب أن يتم ذلك بصورة متوازنة حيث أن الالتهاب الأكثر من اللازم قد يتسبب في أضرار للجسم . وعندما يتسبب الفيروس في اختلال الرد المناعي يصاب الجسم بالالتهاب الرئوي.
وإذا كان من الممكن تخيّل انتقال فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عبر الفم إلى القصبة الهوائية وعبر القنوات الدقيقة في الرئة، فإنه سيصل إلى الحويصلات الهوائية الدقيقة.
في هذه الحويصلات تحدث عملية تجديد الهواء حيث ينتقل الأكسجين إلى الدم وثاني أكسيد الكربون إلى الخارج، ولكن في حالة الإصابة بالالتهاب الرئوي نتيجة العدوى بالفيروس، تبدأ الحويصلات الهوائية بالامتلاء بالماء مما يتسبب في ضيق التنفس وصعوبته.
حتى أن بعض المصابين قد يحتاج إلى جهاز للتنفس الصناعي حتى يتمكنوا من التنفس.
تطوّر خطير للمرض
عدد أقل من الحالات قد تصاب بالمرحلة الحرجة لمرض كوفيد-19، وفي هذه المرحلة تبدأ وظائف الجسم البشري في الإخفاق، ويوجد احتمال حقيقي للوفاة. والمشكلة ترجع إلى أن الأمر بدأ يخرج عن سيطرة الجهاز المناعي ويتسبب في المتاعب في مختلف أجزاء الجسم.
وقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بتسمم الدم وبالتالي ينخفض ضغط الدم إلى معدلات حرجة، مما يؤدي إلى توقف أعضاء الجسم عن العمل بالكفاءة المعتادة أو قد يصل الأمر إلى فشلها بشكل كامل، يعزى هذا إلى أن متلازمة الضائقة التنفسية الحادة تتسبب في عدم تمكن الجسم من الحصول على الأوكسجين الكافي حتى يبقى على قيد الحياة. كما أن الكلى قد تتوقف أيضاً عن تنظيف الدم، وقد يتسبب ذلك في الإضرار ببطانة المعدة.
عندما يعجز الجهاز المناعي في السيطرة على الموقف والتغلب على الفيروس، ينتشر فيروس كورونا المستجد إلى سائر أعضاء الجسم وأجهزته متسبباً في المزيد من الأضرار، وبالطبع ستحتاج مثل هذه الحالات تدخلاً طبياً على أعلى مستوى إلا أن الضرر قد يصل لمرحلة الوفاة.
بمجرد شعور الشخص بالمرض عليه أن يقوم بعزل نفسه ويرتدي كمامة ويتوجه للمستشفى، حيث أن فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” سهل الانتقال للأشخاص عبر أشياء تستخدم بصورة يومية أكثر من مرة منها الهواتف المتحركة، ومقابض الأبواب، وأزرار المصاعد، والنظارة الشمسية، أو النظارة الطبية، كما أن الأحذية من الممكن أن تنقل الفيروس أيضاً خاصة في حال لمسها باليد.
من المهم الانتباه إلى أن فيروس كورونا المستجد يعيش على الورق المقوّى لمدة تصل إلى 24 ساعة وما يصل إلى ثلاثة أيام على الأسطح الاستانلس والألومينيوم البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ، ومع ذلك، لم يختبر الباحثون بعدما إذا كان يمكن أن يعيش على الأوراق النقدية.
ورغم أن العديد من المنظفات الموجودة في الأسواق تنجح في القضاء على الفيروسات بشكل عام، إلا أنه ثبت أن فيروس كورونا المستجد لا ينجح في القضاء عليه إلا عبر ثلاث أشياء فقط هم الماء والصابون، والكحول من 60 إلى 90%، بالإضافة إلى الكلور، حيث أن الكلور يستخدم فقط في تنظيف الأسطح ولا يستخدم مطلقاً مع الأشخاص. وترجع قدرة الصابون على القضاء على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى أن هذا الفيروس له سطح دهني يتم تدميره بكل أنواع لصابون مهما رخص ثمنه.
أخيراً، مع ضرورة اتباع أقصى درجات الحيطة والبقاء في المنازل قدر المستطاع، والمحافظة علي المسافة بين الأشخاص “مترين”، من المهم أيضاً اكتشاف الحالات المصابة وعزلها للسيطرة على انتشارالفيروس لأن هذه الحالات ستظل مصدر الخطر على المجتمع بعد عودة الحياة إلى طبيعتها.
التعليقات مغلقة.