القصة الكاملة لكورونا بالوثيقة والبرهان / محمد صادق الحسيني
محمد صادق الحسيني ( الإثنين ) 20/4/2020 م …
دأب الرئيس الأميركي، ومنذ بداية انتشار وباء كورونا في شهر 1/2020، على نشر الأكاذيب واتهام الآخرين، وعلى رأسهم جمهورية الصين الشعبية، بنشر هذا المرض في أنحاء العالم. وهو الذي تارةً أنكر المرض في الولايات المتحدة وسخر من التحذيرات التي أطلقتها الصين، بشأن المرض، تارةً أخرى، وأسماه بالفيروس الصيني، في محاولة منه لاستغلال هذا الوباء ليس فقط لأهداف الدعاية الانتخابية وإنما لاستخدام هذه الكارثة الإنسانية العالمية ضدّ الصين وروسيا كدول تعمل على خلق عالم أكثر توازناً وأكثر استقراراً، وكذلك لإنهاء سيطرة القطب الواحد، أيّ الولايات المتحدة، على مقدّرات هذا العالم.
وقد وصلت اتهامات الرئيس الأميركي قمّتها، قبل أيّام قليلة، عندما هدّد منظمة الصحة العالمية بتعليق مساهمة بلاده في تمويلها، بحجة أنّ المنظمة منحازة للصين وتعمل لصالحها. وهو الأمر الذي تنفيه الحقائق العلمية والوثائق الرسمية، التي لا يمكن لترامب أن ينكر وجودها.
اذ انّ الوثائق والمراسلات الرسمية، بين الحكومة الصينية وجميع الجهات الدولية والعديد من حكومات العالم، موجودة وموثقة لدى الحكومة الصينية ولدى المنظمات الدولية المعنية، ومن بينها منظمة الصحة العالمية ومراكز الأبحاث الدولية ذات الصلة، وبإمكان الحكومة الصينية نشرها في وسائل الإعلام عندما تشاء أو عندما ترى ذلك مناسباً.
كما انّ الحقائق العلمية الدامغة، التي نشرها البروفيسور السويسري باول روبرت فوغت (Paol Robert Vogt)، في جريدة مِيتيل شتِينْدِشي Mittelständische السويسرية بتاريخ 7/4/2020، تكذب كلّ اتهامات وادّعاءات دونالد ترامب بالكامل وتظهر انّ أسباب حملته الشعواء، هو ووزير خارجيته، ضدّ جمهورية الصين الشعبية، لا تكمن، كما يدّعي ترامب، في تقاعس الصين عن تزويد العالم بالمعلومات والبيانات المتوفرة لديها، عن الفيروس المسبّب لوباء كورونا، وإنما في غضبه الشديد من فشل هذا الوباء، وبغضّ النظر عمَّن يقف وراء نشره في الصين، في إحداث الشلل التامّ في الاقتصاد الصيني والحياة السياسية فيها وصولاً الى إحداث شلل كامل في صفوف القوات المسلحة الصينية، بكلّ صنوفها، الأمر الذي كان سيمهّد الطريق لخلق اضطرابات داخلية عنيفة وربما لتدخل عسكري أجنبي مباشر، بحجة إما «حماية المدنيين» كما حصل في ليبيا أو بحجة ضرب «قوات النظام» التي تفتك بالمدنيين.
وبالعودة الى ما نشره البروفيسور باول ر. فوغت من حقائق علمية، أشرنا اليها أعلاه، فإنّ أبرز ما جاء فيها هو التالي:
- قيام البرلمان الألماني، في إحدى جلساته سنة 2013، بمناقشة سيناريو محتمل لانتشار فيروس /سارس – كورونا / في المانيا وأوروبا.
- قيام ثلاث جامعات أميركية وجامعة ووهان الصينية ومركز مختبرات إيطالي، مقره مدينة فاريزي (varese) شمال ميلانو، بنشر دراسات مشتركة سنة 2015، في إطار البحث عن لقاح ضدّ فيروس كورونا استعداداً لوباء محتمل بهذا الفيروس.
- قول السيد بيل غيتس، الشخصية العالمية الشهيرة، في إحدى كلماته في منتدى علمي، انّ العالم غير جاهز لمواجهة انتشار وباء كورونا حتى الآن (سنة 2015).
- إعلان مجموعة بينغ زهو Peng Zhou العلمية الصينية المكوّنة من عدة علماء صينيين ينتمون لجامعات علمية صينية عدة، في شهر آذار 2019، وكما نشرت صحيفة «تايمز أوف إنديا» (Times of India) في حينه وأكدت ما جاء في ذلك الخبر بتاريخ 13/2/2020، إعلان هذه المجموعة، ومقرها مدينة ووهان الصينية، عن احتمال انتشار وباء كورونا في الصين خلال وقت ليس بالبعيد (آنذاك في شهر آذار 2019).
كما أن من الضرورة بمكان التأكيد على مجموعة من الحقائق، كما ورد في مقال البروفيسور السويسري فوغت، وهي التالية:
أ) قيام الصين، بعد انتشار وباء سارس (SARS)، سنة 2002، بتركيب وتشغيل نظام مراقبة إلكتروني صحي، يقوم بتسجيل أي نوع غير معتاد، من الالتهابات الرئوية لأي مواطن في الصين، ونقل المعلومات الى الجهات الصحية المعنية (لمتابعة الحالة الصحية للمواطن المعني). وقد قام هذا النظام الصحي بإعلان حالة التأهّب، في كلّ أنحاء الصين، بعد اكتشافه أربع حالات تعاني من أعراض التهاب رئوي غير مألوف، خلال شهر 12/،2019 حيث بدأت التحركات الرسمية لتحديد ملامح الخطر ومكانه وحجمه.
ب) قامت السلطات الحكومية الصينية المعنية، بتاريخ 31/12/2019، بإبلاغ منظمة الصحة العالمية وكافة الجهات الدولية الأخرى، وبالوسائل الرسمية المتعارف عليها بين الدول والمنظمات الدولية، بوجود هذا الوباء، في مدينة ووهان الصينية التي اكتشفت فيها 27 حالة بعد الحالات الأربع الأولى التي اكتشفت أواسط شهر 12/2019.
وهو ما ينفي ادّعاءات ترامب بانّ الصين قد أخفت او تأخرت في إطلاع العالم على انتشار هذا الوباء في أراضيها.
ج) قام فريق بينغ زهو (Peng Zhou)، الذي حذَّر من احتمال انتشار وباء كورونا في الدراسة التي نشرها في شهر آذار 2019، بتاريخ 7/1/2020 بنشر الشيفرة الجينية (Genum Code) بكلّ تفاصيلها وأبلغها رسمياً لكافة الدول والهيئات والمنظمات الدولية ذات العلاقة، طالباً منها ومسهّلاً لمهمتها (من خلال فك الشيفرة الجينية للفيروس) في اختراع لقاح مضاد لهذا الفيروس.
وهذا دليل آخر على كذب ترامب بانّ الصين أخفت الحقائق المتعلقة بالوباء، على أراضيها، عن العالم.
د) يُضاف الى ذلك انّ كلّ ما ذكر أعلاه من معلومات، وحتى تاريخ 3/3/2020 وبتسلسل دقيق، قد نشر في مجلة: جورنال أوف أميركان ميديكال اسوسييشن (Journal of American Medical Association) وبالتعاون مع جامعة كاليفورنيا (University of California).
وعليه فما كان على السيد ترامب إلا أن يقوم بالدخول الى موقع المكتبة الوطنية الأميركية للطب/ المنشورات الطبية (Pub Med / U.S National Librery of Medicine) حيث يجد كلّ ما يلزمه من معلومات حول فيروس كورونا، بدءاً من تاريخ 31/12/2019 ولم يكن يحتاج لانتظار اية معلومات من الحكومة الصينية، حتى لو افترضنا أنها قصَّرت في ذلك كما يزعم…!
هـ) وزيادة بيت من الشعر للرئيس ترامب فإنّ عليه ان يعلم انّ جمهورية أوزباكستان قد سحبت جميع طلابها، وعددهم 82 طالباً، من مدينة ووهان الصينية، حتى قبل تاريخ 31/12/2019، وأخضعتهم للحجر الصحي لمدة 14 يوماً في بلادهم.
فكيف تقوم طشقند بهذا الإجراء الاحترازي الهام ولا تقوم به إدارة ترامب، التي لا تهمّها صحة المواطن الأميركي أو غيره من مواطني هذا العالم، بل إنّ جلّ ما يهمّها هو خدمة القوى الخفية التي تحكم الولايات المتحدة والعالم، عبر شركاتها المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات…!
وهذا دليل إضافي على كذب ترامب ووزير خارجيته وإمعانهما في الصلف والعنصرية واحتقار عقول الشعب الأميركي نفسه. فمن الواضح انّ الأمر لا يستدعي حتى قيام حكومة الصين الشعبية بمخاطبة الولايات المتحدة مباشرة بهذا الشأن وإنما يفترض في الأجهزة الأميركية المعنية ان تكون مطلعة على معلومات مهمة كهذه حتى لو لم تقم الحكومة الصينية بإبلاغها بها.
و) كما يجب على الرئيس الأميركي ان يعلم انّ البروفيسور السويسري، باول فوغت، قد أبلغ بتاريخ 10/3/2020، خلال وجوده في طشقند، وسائل إعلام سويسرية، سألته عن رأيه في تطورات انتشار وباء كورونا، بأنّ السلطات السويسرية والبرلمان السويسري وغيره من الهيئات الحكومية بجدية وخطورة الأوضاع وضرورة قيام حكومة بلاده بتطبيق إجراءات صارمة للحدّ من انتشار هذا الوباء. ولكن لا حياة لمن تنادي، كما يقول المثل.
ز) وعليه فإنّ أكاذيب الرئيس الأميركي لا يمكن ان تبرّر او تنطلي على كلّ ذي عقل سليم. كما أنها لن تستر عورته وتغطي على جهله المطبق، هو ووزير خارجيته، وتظهر انّ ثقافة التويتر لا يمكن ان تصلح لرئيس دولة عظمى كالولايات المتحدة، وانّ من المعيب جداً على رئيس دولة كهذا أن يدعي انّ حكومة الصين الشعبية قد أخفت عنه معلومات بعينها…!
اذ انّ اطلاعه على ما نشر من دراسات، حول موضوع فيروس كورونا، منذ آذار 2019 وحتى الآن، من قبل مجموعات علمية صينيةٍ وأخرى صينية أميركية مشتركة، كان يفترض أن يكون كافياً لجعله يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان ووقوع الفأس في الرأس ومحاولة تحميل الأخطاء والأغلاط القاتلة والفشل الذريع، في مواجهة أزمة كورونا، أميركياً ودولياً، للآخرين. لا بل ذهابه الى حدّ اتهام الدول العظمى، جمهورية الصين الشعبية وروسيا وكوبا وفنزويلا، التي هبَّت لمساعدة الدول الأكثر تضرّراً من الوباء، ان يتهمها بالانتهازية ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية عبر العمليات الإنسانية وكأَن الإدارة الأميركية وجيوشها وأجهزة استخباراتها ليست الا جمعيات خيرية تقدّم المساعدة للمكفوفين والصمّ والبكم وليست هي التي تدير عشرات الحروب والانقلابات والمؤامرات عبر العالم منذ ما يزيد على مئة عام…!
واخيراً لا بدّ من لمحة عن البروفيسور باول فوغت Prof. Paol Vogt:
- هو بروفيسور جراحة قلب ومدير المستشفى الجامعي لهذا النوع من الجراحة في جامعة زيوريخ بسويسرا.
- مؤسّس ومدير مؤسسة «قلب اوروآسيا EuroAsia Heart» ومركزها زيوريخ.
- بروفيسور زائر لأربع جامعات صينية، من بينها جامعة ووهان، منذ عشرين عاماً.
- تواجد في ووهان وغيرها من المدن الصينية قبل انتشار الوباء وبعد انتشاره في ووهان وشارك في عمليات الجهات الصحية الصينية في مواجهة الوباء.
والله غالب على أمره. ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
بعدنا طيبين قولوا الله…
التعليقات مغلقة.