موسى عبّاس ( لبنان ) – الإثنين 20/4/2020 م …
غريب ٌ أمر لبنان ، لا أعتقد أنّ في العالم كيان أو دولة تشبهه ، إننا نموذجٌ فريد في المعمورة ، نحن من نحمل الهويّة اللبنانية لا يُعجبُنا العجب .
لمحة موجزة عن التاريخ السياسي للبنان:
منذ ما قبل التاريخ استوطنت هذه الجغرافيا مجموعة شعوب لم تكن يوماً شعباً واحداً ، كانت ولا زالت مجموعة مزارع تتوزّع ساحلاً وجبلاً والمزرعة الواحدة يتحكّم فيها ويتسلّط عليها مجموعة من الوحوش وليس رُعاة ، لأنّ المُفترض بالراعي أن يرعى شؤون الرعيّة لا أن يفترسها ، وتلك الوحوش تسعى لإبقاء القطيع تحت السيطرة الكاملة بواسطة مجموعة من الذئاب بدلاً من الكلاب مهمتها مراقبة ومعاقبة من تسوّل له نفسه الخروج عن الخط الذي رسمه الزعيم .
تاريخ تلك الإقطاعات يتكرر على مرّ العصور، فمن دويلات وإمارات بيروت وطرابلس وصيدا وصور والجبل والبقاع منذ زمن الفينيقيين ومن تلاهم من المستعمرين الذين استباحوا الأرض والبشر ولم يجدوا من يواجههم إلا في ما ندر كما في مقاومة مملكة صيدا للغزو الفارسي في زمن “أرتحششتا”أو في مقاومة مملكة صور للإسكندر المقدوني ، وفي الحالتين كان جيرانهم من باقي الممالك يتفرجون عليهم وبعضهم عاون الغزاة.
كذلك حدث عندما احتل العثمانيون البلاد عام 1516 م أججوا الصراعات الطائفية والمذهبية والمناطقية وكذلك فعل الإحتلال الفرنسي الذي وحّد الجغرافيا اللبنانية وكرّس حدودها ، هذا الإحتلال ناصرته طائفة من اللبنانيين ضد جيرانها من باقي الطوائف .
الفرنسيون أسّسوا الدستور الطائفي والمذهبي عام 1926 هذا الدستور الذي جعل من فئة من اللبنانيين عُرفت بطبقة ال4 بالمئة تتحكم بباقي الفئات وكذلك أسّس لصراعات وحروب مذهبية عام 1958 وعام 1975 .
كلّ مرّة كان عدو خارجي يسعى لإحتلال الأرض كان يجد من يتآمر معه ويسانده
من أبناء الوطن ضد من يسعى لمقاومته ، وهذا ما بدى واضحا جليّاً عام 1982عند الإجتياح الصهيوني عام 1982 ولا زال التآمر مستمرّاً حتى اليوم.
المطلوب ثورة صحيح … لكن:أيّ ثورة يتحدّثون عنها؟!!
ثورة يقودها “وليد جنبلاط وسمير جعجع وسعد الحريري وصاحب استراتيجية قتال الصهاينة بالناظور سامي الجميل ” وأركان الفساد السياسي وشركاؤهم في نهب البلد الذي احكموا وتحكموا ليس فقط بمقدرات البلد وإنّما بالشعب اللبناني الذي حوّلوه إلى مجموعة مذاهب متناحرة تهتف بحياة الزعيم الطائفي وليس الوطني وتفردوا بالسيطرة على الحكومات وعلى المجالس النيابية في لبنان أقلّه منذ 30 سنة مدعومين من لصوص المخابرات السورية وزعيمهم عبد الحليم خدام الذي كان مكلّفاً باستعباد الساسة وبسرقة المال الخاص والعام مع ولده جمال خدام وزبانيتهم.
هؤلاء سيقودون ثورة لإعادة سعد الحريري برعاية السفارة الأمريكية التي تتنقل بينهم مُحرّضة !!
— قطع الطرقات على اللاهثين وراء خبز يومهم ثورة؟!!
-حماية مهربّي المال المسروق والمغصوب من تعب الكادحين إلى بنوك سويسرا وفرنسا وبنما وأمريكا وغيرها ثورة ؟!!
-حماية مافيات التلاعب بأسعار النقد الوطني والعمل من حيتان المال والسياسة الذين يعملون على محاربة الناس في قوتهم اليومي ثورة؟!!
– حماية مافيات مستوردي النفط والغاز والشركات الإحتكارية وأصحاب الكسارات والمقالع والترابة والأملاك البحرية والعقود والتلزيمات بالتراضي ثورة ؟!!
-حماية مغتصبي الأملاك الخاصّة في السوليدير وغيرها والمشاعات العامّة والشاطئ ثورة؟!!
– حماية السياسيين الذين يستغلون الفقراء ويشترون أصواتهم الإنتخابية للوصول إلى السلطة ثورة؟!!
– حماية من يقترضون الأموال العامة من حيتان السياسة والمال والإعلام بدون فائدة أو مقابل فائدة متدنيّة جدّاً ويعيدون إقراضها للخزينة العامة كسندات خزينة مقابل فوائد مرتفعة ثورة ؟!!
– حماية جمعيات سلب الأموال العامة تحت شعار الجمعيات الخيرية والإجتماعية المزيّفة في غالبيتها ثورة؟!!
-حماية الأبواق الإعلامية الناطقة باسم الصهاينة والأمريكيين والأعراب ثورة؟!!
-مهاجمة قائدالمقاومة التي حرّر ت الأرض وحمت لبنان والتحريض ضدّها والتآمر عليها ثورة؟!!
نعم الهدف من الثورة التي تتوعدون بها (تستغلون تدهور الأوضاع الإقتصادية التي أنتم سبب تدهورها ولا زلتم تفعلون ذلك ) هو :
– المزيد من الحصار على المقاومة بناء لرغبة أسيادكم الأمريكيين وبعد أن كان يقودكم بالأمس وبإعتراف أحدكم “فيلتمان وهيل” ، ها هي اليوم السفيرة “دورثي شيا” تقودكم وتعيد صياغتكم معتقدةً في أنّها ستنجح في إعادتكم إلى الحكم علّكم تتمكنون من أن تبيحوا لهم وللصهاينة نفط لبنان الموعود.
نعم من يسعى ويقوم بالتحريض والتآمر لإسقاط الحكومة التي برهنت حتى الآن أنها تعمل بكل جهد لإصلاح ما أفسدتموه ، والتي نجحت حتى الآن في معالجة ما ترتّب على جائحة الكورونا بالرغم من إمكانياتها الشبه معدومة ،حيث فشلت حكومات أسيادكم ،من يسعى لأجل ذلك هو يؤكد على خيانته وعمالته .
لا يمكن الإصلاح في لبنان إلا من خلال :
-حكم لا يأبه لا للزعامات التقليدية ولا الطائفية ولا للمتلطين وراء شعارات كاذبة ويدّعون أنّهم مع المقاومة وأنّهم أقرب حلفائها بينما هم من الذين نشروا لسنوات طويلة الفساد في مفاصل الإدارات في البلد.
-حكم يقيل القضاة المتهمين بالفساد ويستبدلهم بأكفاء أشراف يضعون كبار اللصوص رجالاً ونساءً من الطبقة الفاسدة في السجن مهما كان حجم مواقعهم السابقة والحالية ويصادر جميع ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة في الداخل ويستعيد المُهرّب إلى الخارج ، ويعيد صياغة الدستور من جديد ، ولو اقتضى الأمر الإستعانة بالجيش لأجل تنفيذ المهمة وإلا سيتمزق البلد في صراع طوائفي مذاهبي يكون وقوده الفقراء أنفسهم الذين يؤلهون زعاماتهم الفاسدة ولا يدرون أنّهم يقودونهم من جديد إلى الهاوية، وسينتهي لبنان الذي استطاع قسم من شعبه من خلال إرادة صلبة وإيمان لا يتزعزع أن يهزم أعتى قوى الشّر في حين فشلت دول سينتهي بتقسيمه إلى فيدراليات وكانتونات مذهبية متناحرة.
التعليقات مغلقة.