مهزلة انهيار أسعار النفط / وليد السبول
وليد السبول ( الأردن ) – الجمعة 24/4/2020 م …
ربما تكون كتابة مقدمة هذا المقال أصعب مقدمة مقال أكتبها في حياتي ذلك أنه مقال اقتصادي ( في ظاهره ) وأنا لم أدرس العلوم الاقتصادية وإنما درست العلوم السياسية ولا يحق لي – إعلاميا – أن أكتب في الاقتصاد لكن عذري في ذلك أن الاقتصاد والسياسة لا ينفصلان بل غالبا لا ينفصلان عن بعضهما البعض، فهما يتداخلان لما لأثر الاقتصاد على السياسة وتأثير السياسة على الاقتصاد.
ما سأكتب فيه هو تصوري لإنهيار أسعار النفط إلى الحد السالب أي بمعنى أن يدفع البائع ( نظريا ) للمشتري ( عمليا ) ثمن ما سيحمله المشتري من بضاعة لم يدفع ثمنها بل سيحمل البضاعة وفوقها بعض المال عربون محبة، المهم أن تبقى زبونا دائما، وبالمختصر المفيد وكما يقال في المثل الشعبي ( حبوبك جاية على الطاحون ) وبين ثنايا ما يقوله البائع للمشتري ( وحياة عيونك ستدفع ثمن ما اشتريت دما فيما بعد ).
كثير من المحللين الإقتصاديين حاولوا اقناعنا أن انخفاض أسعار البترول إلى هذا الحد أنها مسألة ( تخزين ) بسبب أن تكلفة التخزين سواءا في البر أو في جوف ناقلات النفط العملاقة أكثر من ثمن النفط نفسه.
هنالك من أدعوا أن سبب التخفيض هو وجود مؤامرة على شركات استخراج البترول من الصخر الزيتي! وبصفتي من المؤمنين بنظرية المؤامرة وقد كتبت ذلك في كثير من مقالاتي سابقا، فسأكتب هنا ما أعتقده حقيقة سببا لهذا الإنهيار ذلك أن ما أعتقده لا يعلنه ( رعاة مافيا السياسة والاقتصاد، دهاقنة العلم والسياسة ) لأنه سر من الاسرار الاستراتيجية للدول. بينما أرى أن وراء هذا الانخفاض سببان، الأول هو أنه جزء من المخطط الدولي لإحداث تغيير في كثير من المعالم الدولية ومن أهمها “الدولار الأميركي” بالإضافة إلى بعض العملات الدولية الأخرى، وأيضا الحدود السياسية لبعض التكتلات السياسية التي نشأت خلال السنوات الأخرى وكبرت وتضخمت بصورة لا يرضى عنها ( راعي المافيا الأول )، من يتدخل في تعيين الحكام وفي رسم السياسات لكثير من دول العالم وأحداثه، بما في أميركا ذاتها، وسأتحدث عن ذلك بقليل من التفصيل بعد قليل.
السبب الثاني هو تمادي الرئيس الأميركي في رعونته حتى أصبح يرغب في الترشح لمرة ثانية، وهذا ما لا يرغبه ( دهقن المافيا ) فلم يعد مرغوبا به كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، لذلك كان من اللازم القضاء عليه سياسيا والقضاء على أحلامه بالترشح مرة اخرى لرئاسة الولايات المتحدة الاميركية.
أما ما دعاني لهذا التحليل فهو عود على ما تم ادعائه بأن سبب انخفاض الأسعار هو مشكلة التخزين ويبدو أن خبراء البترول نسوا أن أميركا ومنذ عشرات السنين تشتري البترول بأسعار خاصة لا شأن لها في الأسعار الدولية وتحقنه في باطن الأرض إما في آبار جافة، أو في تجويفات أرضية قادرة على الحفاظ عليه لاستخراجه عندما ينضب من الدول المنتجة له حاليا.
أما شركات الصخر الزيتي فلا أعلم لماذا ادعوا خطأ أن تكلفة استخراج البترول من الصخر الزيتي تتجاوز ثلاثين دولارا للبرميل الواحد بينما حقيقة أنها كانت تقل عن ثمانية دولارات وهذا رقم قديم لدي وربما أصبح الآن مع تطور العلم أقل من نصف ذلك.
إذا، ومن ذلك نستنتج أنه وبعد فترة وجيزة ستعود الأسعار للإرتفاع مجددا بعد القضاء على أحلام ترامب بالفوز من جديد في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وثانيا إيجاد أشكال جديدة من العملات أو بالأحرى سلة من العملات، فالدولار لم يعد صالحا كعملة دولية تقبل بها جميع الدول قبول ( إذعان ) وهي تعلم جميعا أن قيمته الحقيقية لا تتجاوز 3-4% من قيمته الإسمية.
وسأدلي بإدعاء أحتاج إثباته بصعوبة، أن جزءا من المؤامرة على ترامب سببها ( المملكة العربية السعودية والصين ثم روسيا ) فقد أصبحت تعاني جميعا من رعونة الرئيس الأميركي الذي أصبح كالباصور ( يسبب ألما لا تحتمله واقفا ولا جالسا )، ومن مظاهر غروره وهو يبتز دول الخليج حين استعرض لوحات المشاريع وظن أن ابتسامة “سمو الأمير محمد بن سلمان” هي ابتسامة بلهاء، وظننا جميعا أن الأمر ضاع بين سيقان ايفانكا وصدرها، بينما حقيقة الأمر أنها كانت ابتسامة رجل غاية في الذكاء والدهاء ( عرف كيف يلعبها ) ويعرف ما يريد تحديدا ( بالملي ميتر ).
أكتفي بهذا العرض لأنني أعرف وأومن أن المقال حتى يقرأ، لا يجب أن يتجاوز عددا محدودا من الكلمات، لذلك لا بد من مقالات أخرى أشرح فيها تصوري للنقاط التي ذكرتها في هذا المقال، لكنني أنهي بتوضيح آخر في تبرير الصورة الكرتونية الهزلية التي ظهرت بها بعض شركات البترول بحيث انهارت وأعلن إفلاسها بسبب أن تكلفة استخراج النفط أصبحت أعلى من قيمة بيعه وكأنه من الصعب على هذه الشركات أن توقف عملية الإستخراج لفترة شهر أو اثنين مما خلق مشكلة في التخزين، وأن تمنح مهندسيها وعمالها إجازة مدفوعة الأجر بدلا من إنتاج النفط وتدفع أموالا لمن يحمل هذا النفط، فهل كان ذلك الإيقاف سيتسبب في إفلاس هذه الشركات التي تملك المليارات على شكل أموال سائلة وأصول ثابتة؟ لقد كانت ولا زالت هذه الشركات قادرة على دفع الرواتب ولأشهر عدة، نعم سيتسبب دفع الرواتب ببعض الخسائر لكن بالتأكيد أقل مما سيدفعونه مقابل بيع البترول بالسالب فبيعه بالسالب سيؤدي لدفع الرواتب نفسها وموظفيها في إجازة كما يدفعونها لهم وهم يبيعون بالسالب. نكتة سمجة لا اعلم كيف تقبلها البعض على أنها حقيقة!
ولنا عودة على موضوع العملات والحدود السياسية وفي هذا ما أعني به أولا، دول الشرق الأوسط وبالتحديد “الكيان الصهيوني” وما حوله من دول.. وفهمكم كفاية وأعتمد على ذكائكم بما أقصد…. وكفى.
التعليقات مغلقة.