أول وثيقة باللغة العربية تتناول بموضوعية أصل فايروس كورونا … أ. د. مكرم خُوريْ – مَخُّول: محاولة لفك شيفرة حرب الكورونا
مشاركة
أ. د. مكرم خُوريْ – مَخُّول ( فلسطين / بريطانيا ) – الجمعة 24/4/2020 م …
مدخل
تدعي هذه الاطروحة ان انتشار فيروس الكورونا يأتي في إطار التحكم في تعداد سكان العالم وبشكل خاص مجتمعات الدول النامية من ناحية، ومن ناحية أخرى انه مشروع تجاري يهدف الى جلب الأرباح الخيالية من الفحوصات واللقاحات والامصال والتي من خلالها يفقد العديد من المواطنين ارواحهم. انه مشروع قديم بدأ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك بعد الاعلان عن عدد ضحايا الحرب في المجتمعات الغربية. وقد تبلورت رؤية المشروع من وزير الخارجية الأمريكي د. هنري كيسينجر وتحت رعاية الملياردير روكفيلير (والان بيل غيتس) في مشاريع لتطوير مجتمعات الدول النامية وذلك باعتماد مشروعات تحديد النسل التي لاقت معارضة كبيرة على سبيل المثال في المجتمعات العربية والإسلامية. وكل ذلك نتيجة اكتشاف ‘الخلل’ السكاني ما بين المجتمعات النامية والمجتمعات الغربية. وأخيرا، فقد أصبحت عملية تجربة اللقاح والتي عادة ما تجرى في مجتمعات الدول النامية الفقيرة وأيضا بيع اللقاح ذاته في المجتمعات الغربية (او القادرة) عملية تجارية تجلب الأرباح لشركات الادوية وشركائها في النخب السياسية والعلمية. وبذلك يتم التحكم بالسكان وبالحفاظ على السيطرة على السوق لأصحاب الرساميل الكبيرة. وليس نشر الفيروس بداية في الصين الا محاولة لكسر الاقتصاد الصيني والتحكم بالجيل الخامس (5G) للاتصالات والتي نفذته الصين قبل الغرب (وعايشناه في كيمبريدج) وذلك لأنه بدأ ينافس التجربة الامريكية-الغربية وعلى سبيل المثال شركات بيل غيتس بالتحديد.
مقدمة
في يناير ١٩٩٦ انتخب ‘المنتدى الاقتصادي العالمي’ في دافوس (سويسرا) مئة شخصية شابة في إطار ‘قادة عالم الغد’ وقد شملت هذه النخبة ممن شملتهم مطور البرمجية وصاحب شركة ‘ميكروسوفت’ بيل غيتس وكاتب هذه السطور. وجاء ذلك الانتخاب ‘من القمة والى القمة’ متوجا برسالة وقعها مؤسس ‘المنتدى الاقتصادي العالمي’ البروفيسور كلاوس شواب وبشهادة قام رئيس الحكومة الفرنسي السابق ميشيل روكارد بتسليمها لنا في منتدى يناير ١٩٩٦. كان غيتس قد ألف قبلها بعام كتابه ‘The Road Ahead’ ‘الطريق التي امامنا’ – ‘طريق المستقبل’… وكنت انا قد بلورت فكرة (فلسفة) “العربي الجديد”. الأولى تركز على تكاثر المال والثانية تحلم بتنمية الانسان العربي الجديد بدمج الاقتصاد والتعليم!
يلتقي في ‘المنتدى الاقتصادي العالمي’ في دافوس وغيره من المنتديات التي تعقد في القارات والاقاليم المختلفة عبر العالم غالبية أصحاب النفوذ في العالم والقادمين من قطاعات السياسة والاعمال والأكاديمية تغطي أعمالهم اعدادا مكثفة من الإعلاميين. كنا جميعا نلتقي في المنتديات المتتالية الا ان شعوري كفلسطيني متواجد بأوج معركة متواصلة والحامل لهموم شعبه في المحافل الدولية (ولست وحدي) اختلف عن شعور غالبية الزملاء وبالتحديد بيل غيتس هذا المواطن الأمريكي الذي يطمح لبناء امبراطورية مالية تكنولوجية عالمية!
مراقبتي عبر سنين للشركات العالمية العابرة للقارات في إطار ظاهرة تمت تسميتها في مطلع التسعينيات من القرن العشرين بـ ‘العولمة’ جعلتني اشكك في هذه ‘الظاهرة’ إذ شعرت باكرا، وبالرغم من الحملات التلميع الإعلامية، بإمكانية زيادة استغلال الشعوب المقموعة والمهمشة والضعيفة. ولذلك فقد قمت في منتدى عام 2000 ورغم محاولات القيمين على المؤتمر مرارا بالتجاهل المتعمد لمقترحي بفرض إقامة ‘فرقة عمل’ لمراقبة العولمة اسميتها “متابعة العولمة”.
منذ ذلك الوقت ساد بيني وبين بعض القيمين على المنتدى نوع من التوتر المؤدب حيث تمحور في حرب الاجندات لأن المنتدى يتخصص بـ ‘اختيار’ الاجندات العالمية والمضي قدما بتنفيذها (دفعها) مع القطاعات الشريكة المختلفة!
يكبرني بيل غيتس عمرا بعقد من الزمان ورغم اننا لم نلتق اجتماعيا لأكثر من عقد على الأقل الا انني وعبر الاخبار العامة والمراسلات المغلقة التي تتعلق بـ “المنتدى الاقتصادي العالمي” ظللت اواكب انشطة الجميع وبالتحديد نشاطاته وتحركاته الاقتصادية وعلاقته بالكثيرين من الطبقة السياسية الحاكمة في العالم وبالتحديد في أوروبا وامريكا. صادف تأسيس ‘جمعيته الخيرية’ عام ٢٠٠٠ الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتي جعلتني اتابع تطبيق مشاريعها في مجالي الصحة والفقر.
التكنولوجيا وتأسيس بنك المعلومات
اليوم بيل غيتس هو اغنى رجل في العالم (بثروة تزيد عن مئة مليار دولار) كما وتبلغ اليوم ممتلكات جمعية غيتس ما يقارب الخمسين مليار دولار مما يجعلها أكبر ‘جمعية خيرية’ خاصة في العالم. ويأتي غالبية دعمها من ثروة بيل (وزوجته مليندا) غيتس مؤسس شركة ‘ميكروسوفت’ والتي تمتلك أكبر مخزون معلوماتي في العالم يشمل تحركاتنا الجسدية كبشر وما يصدر منا وعن تصرفاتنا الاستهلاكية. من يستطيع فك شيفرة “المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس” يصل الى نتيجة ان هذا المنتدى الذي يجمع المبادرين الرياديين (سياسة واعمال و(عقول) أكاديميين، يستوعب الحنكة وراء صقل المبنى الهرمي ودينامية التعامل والتكامل ما بين هذه الأدوار في فضاء هذا المنتدى. فالمتطور من السياسيين ورجال الاعمال يفهم انهم لن يتمكنوا من تحقيق اجنداتهم ‘التنموية’ (الحقيقية او المخادعة) دون العودة الى والاستناد على العلوم.
فبينما تستعمل غالبية العالم منتوجات بيل غيتس في قطاع الحاسوب (الكمبيوتر والانترنت) إذ طورت المجتمعات البشرية تبعية معلوماتية وتكنولوجية لمنتوجاته (وليس فقط هو ولكن أيضا لشركات أخرى تمتلك “فيسبوك” و”الواتس آب” و”غوغل” و”يوتيوب” وغيرها) التي ندفع المال لاستخدامها، فقد شكلت شركته من احتياجاتنا واموالنا أكبر بنك معلوماتي حول كل فرد منا مع احتمال ان تبيعه او تبيع نماذج تصرفاته الاجتماعية الى حكومات او مؤسسات غير حكومية ترغب في السيطرة على مجتمعاتها بأشكال مختلفة.
أذكر كيف صعق بعض طلابي في كيمبريدج عام ٢٠٠٧ خلال دورة ‘التكنولوجيا والإعلام’ عندما علموا ان اصل الانترنت والذي أخذ يتطور في مطلع السبعينات من القرن الماضي في جامعات أمريكية في اطار برنامج الأبحاث ARPANET (وكالة أبحاث المشاريع المتطورة) والتي كانت الاسم الاصلي لشبكة الانترنت إذ شملت فيما بعد (وذلك بعد اكتشاف الجهات الأمنية الامريكية فوائدها لوزارة الدفاع) استحداث الـ ‘ميل نيت’ ( Military Net) وبذلك، وما بين الجهة الاكاديمية والشراكة ما بين مراكز الأبحاث والدولة يتم تزاوج الربح المادي والسيطرة المعلوماتية على المجتمع بشكل كامل!
تأسيس شبكة علمية
عندما تصرح جمعية غيتس انها تدعم مشاريع صحية وتعليمية واجتماعية وتنموية قد يعطى الموضوع الانطباع الخاطئ على انها جمعية مع بنك يوزع شيكات للمحتاجين! الا ان الموضوع ليس كذلك وانما يحمل فيه من الخطورة العليا على البشرية. انها جمعية تعمل بأكثر الأساليب الإدارية والمالية تطورا وحنكة اذ ان لديها اجندتها التي تربط ما بين المشاريع التي تنفذها وثمة تسلسل وعلاقة متشابكة بالتوازي اذ يقوم كل طرف (يتم تمويله) بتقديم خدمة للجمعية وتقوم الجمعية بدورها باستخدامه في مجال آخر. عندما قامت جمعية غيتس بالتبرع لمشروع منح لطلاب الماجستير والدكتوراه في كيمبريدج (إنجلترا) وذلك بأكبر مبلغ تم التبرع به من أي طرف في تاريخ الجامعات في بريطانيا (٢١٠ مليون دولار) عام ٢٠٠٠ وصفت المقدمة في برنامج المنح انه على من يقع عليهم الاختيار ‘المساهمة في تحسين حياة الآخرين’. في كل عام أكاديمي هناك حوالي ٢٠٠ منحة (طالب غيتس) وهذا عدد لا سابق له إذ يتم تقديم ما بين ٥-٦ الاف طلب يتم منح عشرة بالمئة منهم المنح السخية للتجول في كيمبريدج ومبانيها. على مدار عقدين نمت شبكة باحثين كبيرة في جميع بقاع الأرض وفي المجالات التي تخدم اجندة جمعية غيتس وتشكل لها جمعية خريجين كما هو متعارف عليه. وكيمبريدج هي نموذج واحد.
قد تكون المعلومة بمتناول اليد عند البحث الا ان ربط الأمور مع بعضها وتوفير السياق هو ما يعطي للأمور حبكتها وبحنكة. ولكي نربط بين كل تلك المؤسسات والنشاطات نورد في سياق الحديث وذلك في عملية تطريز الصورة، انه في العام ٢٠١٧ تم تأسيس ما يسمى بـ ‘الائتلاف من اجل ابتكار التأهب الوبائي’ CEPI
وذلك بمبادرة من بيل غيتس في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس إذ اتخذت هذه الجمعية من العاصمة النرويجية أوسلو مقرا لها كما انها تعمل من لندن وواشنطن.
احدى رئيسات هذه الجمعية المسيطر عليها بشكل كبير من بيل غيتس هي هيلين ريس والتي كانت قد حصلت على الماجستير من احدى كليات كيمبريدج كما حصلت على شهادة في الطب من احدى كليات جامعة لندن The London School of Hygiene & Tropical Medicine
الكلية الأخيرة تذكر دوما فيما يتعلق بفيروس الكورونا. ريس عضو في لجان علمية مختلفة منها اللجنة العلمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية والجمعية المسماة : ‘ Population Council’ – هذه الجمعية العالمية والتي تنشط في قارات العالم المختلفة وتهتم بالسكان والتطور الاقتصادي والاجتماعي في الدول المختلفة تقيم الأبحاث وتنشرها في المجلة العلمية المحكمة:
Population and Development Review
حيث تختص المجلة في ‘الدراسات السكانية’ والعلاقات ما بين السكان والاقتصاد والبيئة والتغيير الاجتماعي وعلاقتها بالسياسة. لجمعية غيتس علاقات متشعبة وتعاون وطيد ما بين منظمة الصحة العالمية وبرامج الأبحاث والباحثين والسياسيين ومتخذي القرارات في شتى شؤون السياسة العامة. Public Policy.
و’السياسة العامة’ هي نظام “مسارات العمل، والتدابير التنظيمية، والقوانين، وأولويات التمويل المتعلقة بموضوع معين صادر عن كيان حكومي أو ممثليه. عادة ما تتجسد السياسة العامة في “الدساتير والقوانين التشريعية والقرارات القضائية”.
كيسينجر: ‘النمو السكاني والحكومة عالمية’
في مقال نشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية يوم ٣ نيسان ٢٠٢٠ كتب دكتور هنري كيسينجر والذي شغل منصب وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الامن القومي في ادارتي نيكسون وفورد انه:’ اذا لم تزاوج الولايات المتحدة جهودها لبناء اقتصادها بخطوات أولية لبناء حكومة عالمية ( Global Government) فان الإنسانية محكوم عليها بالفشل’. فوفقا لهنري كيسينجر فإن ضرورة انشاء ‘حكومة عالمية’ يعود لطبيعة كون انتشار وباء الكورونا عالميا. الا انه لم يفصح على ان الوباء لم يكن لينتشر لولا عملية العولمة التي تطغى في غالبية المجتمعات الإنسانية في القرن الواحد والعشرين وعلى انه ليس من الممكن كان ان ينتشر الوباء بهذه السرعة (أيضا) لولا عملية العولمة. تلك العملية التي أنشأت شركات عالمية عابرة للقارات مثل التي يملكها بيل غيتس والتي ليس فقط انها تبيع منتوجاتها التكنو-معلوماتية في كل مكان بل أيضا تسيطر بواسطة ‘التكنو’ على ‘المعلومة’ التي تجمعها عبر الساعة من المجتمعات. الا انه ولكي تنجح سياسات شركة بيل غيتس بدعم بقية شركاته وزيادة أرباحه يجب ان تحصل على موافقات من حكومات توافق او تكون شريكة لمشروع بيل غيتس المزدوج المتعلق بالكثافة السكانية (الفقر والصحة) واللقاح. واغلب الظن يكون جزء من هذه السياسات مبني على وثيقة سرية كان قد أشرف على اعدادها هنري كيسينجر ذاته في العام ١٩٧٤ وبقيت سرية ما بين ديسمبر ١٩٧٤ وآذار ١٩٨٩. وقد جاءت الوثيقة بعنوان: مذكرة دراسات الامن القومي: آثار النمو السكاني في جميع انحاء العالم على أمن الولايات المتحدة ومصالحها ما وراء البحار: تقرير كيسينجر (ديسمبر ١٩٧٤).
وثيقة كيسينجر للأمن القومي
وقد جاء في التقرير السري المطول مما جاء في البند الرابع من الوثيقة انه:
” وفقا لتقديرات الأمم المتحدة فان تعداد سكان العالم هو 3.6 مليار نسمة عام 1970 (هناك ما يقرب من 4 مليارات عند كتابة التقرير عام ١٩٧٤) ويتوقع الوصول الى حوالي 6 مليارات ومنها إلى 8 مليار شخص لعام 2000 مع تقدير متوسط أمريكي يبلغ 6.4 مليار. تظهر التوقعات الأمريكية المتوسطة أن عدد سكان العالم يبلغ 12 مليارًا بحلول عام 2075 مما يعني زيادة خمسة أضعاف في جنوب وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وزيادة سبعة أضعاف في أفريقيا، مقارنة بمضاعفة في شرق آسيا وزيادة بنسبة 40 ٪ في البلدان المتقدمة في الوقت الحاضر.”
وبعد سرد أمور تتعلق بالنمو السكاني والخصوبة والولادة وتشابكاتها مع نسبة الفقر والإنتاج الغذائي والمتغيرات المناخية ورد في بند ٣٧ من ملخص الوثيقة ما يلي:
“إن الوضع السكاني بالفعل أكثر خطورة وأقل قابلية للحل من خلال تدابير طوعية مما هو مقبول عموماً. ونرى أنه للحيلولة دون حدوث نقص أكبر في الغذاء وغيره من الكوارث الديموغرافية مما هو متوقع بشكل عام، يلزم اتخاذ تدابير أقوى ويتعين معالجة بعض القضايا الأخلاقية الصعبة للغاية.” كما اردفت الوثيقة وطرحت أمورا تتعلق في السيطرة على المجتمعات البشرية اذ تطرقت الى: ان الامر سيتطلب تنفيذ الإجراءات التي نوقشت أعلاه (في الفقرات 1-36) توسعا كبيرا في أموال المعونة لصالح السكان / تنظيم الأسرة. ويمكن تمويل عدد من الإجراءات الرئيسية في مجال تهيئة الظروف لانخفاض الخصوبة من الموارد المتاحة للقطاعات المعنية (مثل التعليم والزراعة). وتندرج الإجراءات الأخرى، بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة، والبحوث والأنشطة التجريبية بشأن العوامل المؤثرة على الخصوبة.” وقد ورد في عدة أماكن من التقرير ان هناك ضرورة لتطوير البحث العلمي في هذا المجال. ولذلك فمن المرجح ان يكون أحد الأسباب الرئيسية لتأسيس هذه المجلة المذكورة اعلاه عام ١٩٧٥ متعلق بتقديم الوثيقة ويأتي في إطار خطة العمل.
عند انتاج الوثيقة كان بيل غيتس قد ألف برمجية الكمبيوتر الأولى وأسس شركة ميكروسوفت. في الربع قرن ما بين انتاج الوثيقة (التي تم رفع السرية عنها لكن ليس الإعلان عنها والترويج لها) تطورت الأبحاث وتطورت التكنولوجيا وازداد اهتمام بيل غيتس في هذه المجالات التي وردت في وثيقة كيسينجر (مع او بدون تنسيق لكن اغلب الظن بتنسيق ولو فكري وبإثارة الوحي) مما جعل غيتس يؤسس جمعيته الخيرية الخاصة ويمول مشاريع بحثية في بؤر الفقر والخدمات الصحية المتدنية في العالم (جاء في تقرير كيسينجر كيف ان المناطق الأكثر فقرا هي أيضا الأكثر خصوبة). وهنري كيسينجر اليهودي الألماني الأصل من مواليد ١٩٢٣ والذي ما زال على قيد الحياة، وإضافة على نفوذ الماضي (وقيامه بانقلابات ومؤامرات كثيرة عبر العالم ورئاسته بعد طلب بوش الابن له اللجنة القومية بعد هجمات أيلول ٢٠٠١) فما زال صاحب نفوذ كبرى عبر شبكات علاقاته وطيدة مع عائلة روكفيلير ومشاريعها التجارية العالمية و ‘جمعياتها’ (وشركة الاستشارات والاعمال التي أسسها) إذ يلجأ الية الكثر للحصول على اراءه (ويدفعون الملايين واحيانا بعقود شراكة) وكيف لا وهو الملقب بـ”الاستراتيجي العالمي”، بما في ذلك عدة لقاءات بينه وبين دونالد ترامب في اعقاب انتخابه مع انه لم يمدح كيسينجر ترامب على الاطلاق وترك باب الامل مفتوحا. وفي مقالته يوم ٣ نيسان ٢٠٢٠ ذكر فيما كتب كيسينجر: “نحن بحاجة إلى تطوير تقنيات وتكنولوجيا جديدة لمكافحة الالتهابات\العدوى واللقاحات المناسبة وتنفيذها في أوساط مجموعات كبيرة من السكان”.
شبكة الطبقة الحاكمة وتناغم الترويج
في خطاب بعد توليه فترة الرئاسة الثانية في العام ٢٠٠٥ تحدث الرئيس الامريكي الـ٤٣ جورج دابليو بوش الابن ‘منبها’ من احتمال تفشي وباء فتاك! الا انه لم يتفشى هذا الوباء اثنا فترة بوش الابن الذي كان رئيسا لفترتين رئاسيتين (٢٠٠١-٢٠٠٩) شهدت هجمات أيلول ٢٠٠١ والحرب على العراق وبقي موضوع التفاكر بأزمة وبائية في الدرج.
الملفت للانتباه انه وبعد تولي باراك أوباما الرئاسة عام ٢٠١٠ اخذ بيل غيتس شخصيا على عاتقه التسويق لرؤيته التي تشمل اهتمامات استثماراته واعمال جمعيته وهي بالتحديد الفقر والصحة والنمو السكاني اذ كان قد استثمر عشر مليار دولار بشركات ادوية. وفي محاضرة لبيل غيتس عام ٢٠١٠ جاء ما يشير الى إيمانه بضرورة تخفيض عدد سكان العالم بشكل متناسق مع روح التقرير – الوثيقة التي قام كيسينجر بإعدادها، إذ قال غيتس:
“إن عدد سكان الكون اليوم هو ٦.٨ مليار انسان … وسيصبح ٩ مليار…وإذا ما قمنا بعمل رائع بمجال اللقاحات الجديدة والخدمات الصحية، خدمات صحة الخصوبة، بإمكاننا تخفيض ذلك لربما ب ١٠ او ١٥ بالمئة!”.
هذا التوجه يستوحي أفكاره من وثيقة كيسينجر منذ عام ١٩٧٤ وأيضا من أيديولوجيا (تتعلق بالربح) الا انها تؤمن بتخفيض سكان العالم وبالتطهير العرقي لبعض مجتمعات العالم الثالث او للضعفاء بشكل عام وذلك لكي يكون البقاء للأقوى) ولتشكيل عرق سيادي) وكي لا يكون الضعفاء “عالة” على ميزانية الدولة!
صحيح ان هذا الموضوع بقي في درج الدولة العميقة الا انه لم يغادر اجندتها إذ رأت انه يجب على الرئيس الأمريكي باراك أوباما التحدث عن الموضوع كما فعل سلفه بوش كي يبقى الموضوع عائما.
في خطاب له عام ٢٠١٤ اثناء فترته الرئاسية الثانية قال أوباما: “يجب علينا تأسيس بنية تحتية ليس فقط في أمريكا بل عالميا والتي تجعلنا نلاحظه (الوباء) بسرعة وعزله بسرعة وان نرد بسرعة بحيث انه عندما ينتشر وباء مثل الانفلونزا الاسبانية إذا حصل الامر خمس سنوات او عقد من الان!”.
كجزء من الاستراتيجية التسويقية لبيل غيتس الذي لم يدرس الطب والاوبئة أتت محاولات الترويج لرؤية جمعيته وذلك عبر عرض ‘المبادئ الخيرية’ للرأي العام، وظهوره وكأنه يحذر او يتنبأ من انتشار وباء وكأنه قديس يرغب في توزيع أمواله على الفقراء! ففي محاضر له تعود الى عام ٢٠١٥ قال بيل غيتس ما يلي:
“اذا كان هناك شيء ممكن ان يقتل الملايين فان اغلب الظن ان يكون ذلك فيروس معد… ليس صواريخ…وإنما الميكروبات…إن الوباء القادم سيكوم اشنع من فيروس “الإيبولا” وبشكل دراماتيكي… ولكن في الحقيقة يمكننا ان نبني جهاز رد فعال جيد جدا… لدينا أجهزة هواتف خلوية نحصل على معلومات منها… لدينا خرائط أقمار اصطناعية يمكننا بواسطتها ان نحدد مكان البشر… لدينا تقدم بيولوجي يجب ان يغير وبشكل دراماتيكي الفترة الزمنية التي تسمح لنا النظر الى العامل المرضي وقدرتنا على انتاج ادوية ولقاحات مناسبة لهذا المرض…واذا كانت لدينا الأدوات فهذه الأدوات يجب ان توضع في جهاز صحي عالمي ولذلك فنحن بحاجة الى ان نكون مستعدين… كما انه يجب ان تكون لدينا أجهزة صحة قوية في دول فقيرة…حيث بإمكان الأولاد الحصول على اللقاحات…لا ادري كم سيكلف ذلك…لكنني متأكد انه سيكون اقل كلفة من الضرر الذي قد ينجم عن انتشار وباء… ووفقا للبنك العالمي ففي حالة انتشار وباء عالمي فسيكلف الثروة العالمية ٣ تريليون دولار…وملايين الموتى… اما الاستثمار في تلك مشروع فستطرح الكثير من الفوائد…وسيجعل العالم اكثر عدالة وليس فقط آمنا ولذلك فاني اعتقد ان هذا المشروع يجب ان يكون في اعلى سلم الأولويات .. وإذا ما بدأنا الان فبإمكاننا ان نكون مستعدين لمواجهة الوباء القادم”. كانت هذه محاضره في ربيع ٢٠١٥.
ترامب: “أوتسايدر” ولكن ؟؟
فوز رجل الاعمال دونالد ترامب الذي لا يأتي من الطبقة السياسية الحاكمة التقليدية وصده لهيلاري كلينتون (وخسارتها نتيجة لذلك) ضاعف نسبة الغيرة والحسد والضغينة الموجهة كالسهام الى ترامب من خصومه خارج النخبة الحاكمة وكذلك من شخصيات الدولة العميقة. في اطار التحقيق لإعداد هذه الاطروحة وجدت فيديو لمحاضرة القاها الدكتور (الطبيب) انتوني فاوتشي (والذي يشغل منصب رسمي حكومي وهو مدير المعهد القومي الأمريكي للحساسية والالتهابات منذ ١٩٨٤ (٣٦ سنة لغاية الان) عشرة أيام قبل دخول دونالد ترامب البيت الأبيض وذلك في محاضرة حول الجهوزية لانتشار الأوبئة إذ قال (في يناير ٢٠١٧ ) وبشكل جاد فيه تحد الكلام التالي:” ليس هناك من سؤال )شك) انه سيكون هناك تحدي امام الإدارة الجديدة (أي إدارة ترامب) …إذ انه سيكون اندلاع مفاجئ وان هذه الإدارة ستواجه تحديا لم تواجهه اية إدارة سابقة”!
يتضح ان المسؤولين الرئيسين في طاقم دونالد ترامب الذي يدير ‘ازمة الكورونا’ مقربين من بيل غيتس بما في ذلك د. انتوني فاوتشي الذي يشغل منصب في “مجلس القيادة” في جمعية بيل ومليندا غيتس كما هو شأن ديبورا بريكس أيضا عضو في لجنة تتخصص في مكافحة بعض الامراض والاوبئة من تأسيس جمعية غيتس (تابعوهم في مؤتمرات ترامب الصحفية حول الكورونا). هنا تجدر الإشارة الا انه وبينما توجد معسكرات مختلفة في الطبقة الامريكية الحاكمة، الا ان هذه المعسكرات تبقى أحزابا مختلفة في ناد واحد ولا تقبل بسهولة (وأحيانا لن تقبل على الاطلاق) أعضاء جدد (مثل ترامب) في نادي النخبة الحاكمة. إذ تجد ان علاقة حميمية جدا (ورغم الخلاف السياسي) تربط آل كلينتون وال أوباما من طرف الديمقراطيين مع آل بوش ومجموعتهم من طرف الجمهوريين. اما ترامب فيبقي ‘اوتسايدر’ (لاعب من الخارج). زد على ذلك ان الرئيس جورج بوش الابن قام بتقديم ميدالية عائلة بوش العليا لبيل غيتس وزوجته مليندا في نيسان ٢٠١٩.
فإذا ما قارنا، فيما يتعلق بالتصرف تجاه وباء الكورونا، ما بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب فنجد أن جونسون قد ادار الازمة إداريا واعلاميا بشكل مهني وواضح وناجح خطوة بخطوة (هذا لا يقول انها أخلاقية او صحيحة طبيا) بينما جاء رد ترامب مترددا ومتقلبا وبدا وكأنه لم يعرف ما الذي يجري من حوله. وجزء من البلبلة التي جرت من حوله ظهرت عند اتهامه لدكتور فاوتشي بعدم إدارة الازمة بشكل صحيح وتغريده ترامب التي افهمت الناس انه يعقد على اقالة د. فاوتشي. اغلبية طاقم الرئيس ترامب الذي يدير ازمة انتشار فيروس الكورونا غالبيتهم يدعمون مشروع اللقاح المعروض من جانب بيل غيتس.
الهيمنة “الخيرية” والهيمنة المضادة
في دراسة نقدية تحت عنوان ” نفوذ الجمعيات الخيرية والتطور: من يقرر الاجندات” نشرت عام ٢٠١٦ جاء
أن “المحسنين الأغنياء” ومؤسساتهم لديهم تأثير متزايد على صنع القرار وهم من يضع أجندة الصحة والزراعة العالمية في البلدان النامية بالتحديد وذلك عبر استخدامهم لثرواتهم وتأثيرهم الهائل مع النخب السياسية والعلمية. إذ تعمل منظمات مثل مؤسسة بيل ومليندا غيتس ومؤسسة روكفيلير وغيرها على “تعزيز الحلول” للمشاكل العالمية التي قد تقوض الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، كما يقول التقرير الصادر عن مؤسسة “السياسة العالمية” المستقلة التي ترصد عمل هيئات الأمم المتحدة وصنع السياسات العالمية.
واضافت الدراسة “انه ومع وجود أصول تزيد عن 360 مليار دولار (250 مليار جنيه استرليني)، تقدم أكبر 27 مؤسسة في العالم ما يقرب من 15 مليار دولار سنويًا للأعمال الخيرية. ويقول مؤلفو التقرير إن تسعة عشر من أصل 27 جمعية هن أمريكيًة والعديد منهم يتطلعون الآن إلى توسيع نفوذهم إلى الدول الأكثر فقرا.ً
انه لمن المثير ان يقدم المؤسس المشارك والمستشار التكنولوجي بيل غيتس (في منتصف آذار ٢٠٢٠) استقالته من مجلس إدارة شركة ميكروسوفت وذلك “لتخصيص مزيد من الوقت لأولوياته الخيرية بما في ذلك الصحة العالمية” (كما ورد في بيان الاستقالة). خطوة كتلك من شأنها إبعاد مخاطر مالية قد تنجم بعد الكشف عن دوره السلبي في ازمة فيروس الكورونا على سمعة ميكروسوفت. من جهة أخرى انه لمن المدهش الا يحضر (عمدا؟) رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون خمسة من اجتماعات “الكوبرا” (الصنداي تايمز ١٩ نيسان ٢٠٢٠) التي سبقت ما تم الإعلان انه “مرضه” بالكورونا وبعدها عزلته في ‘داونينغ سترييت’ ودخوله الى المستشفى وخروجه ‘وراحته’ في في منتجع ‘تشيكيرز’! وان يتلو ذلك سبق نقدي لا بل هجوم لاذع تنشره مجموعة صحف ‘التايمز’ (الفاينانشال تايمز يوم ٢٢ نيسان ٢٠٢٠) ان عدد الوفيات من فيروس الكورونا في بريطانيا هو ضعف ما تنشره حكومة جونسون – إذ يشير ذلك الى ان روبيرت ميردوخ صاحب مجموعة ‘التايمز’ يقف مع صديقه دونالد ترامب وانقلب على حكومة جونسون التي اختارت ان تتبنى نهج غيتس وتكون شريكة لنهجه وافعاله وبرنامج عمله.
ذئب في ثوب حمل
انه بإمكان بيل غيتس الوعظ عن ضرورة انتاج لقاح من الناحية المبدئية، الا انه ليس واعظا دينيا يتعامل بالشؤون الروحية للبشر. بيل غيتس (تخصص كمبيوتر وليس له اية علاقة مهنية بالطب والأوبئة عدا استثماراته في شركات لإنتاج الادوية) هو رجل اعمال وأغني شخص على وجه الأرض وكل ما يعرفه هو جني الأرباح والنجاح في مشاريعه المالية. ولربما كان قبل أي شخص وفي أسرع رد فعل قد قام بإدارة حملة إعلامية مكثفا ظهوره الإعلامي وبشكل متتالي عبر تعليقاته حول الكورونا وبالتحديد العمل على إيجاد لقاح. والا فمن الصعب تفسير الأسباب خلف نداء لا بل رغبة مؤسس شركة مايكروسوفت في فرض اجندته عندما أصدر في مطلع نيسان ٢٠٢٠ دعوة عاجلة لقادة العالم لتوحيد وبدء التخطيط لكيفية تصنيع اللقاحات وتوزيعها الآن، لتجنب التأخير المميت المحتمل في تقديم العلاج بشكل أكبر.
منظمة الصحة العالمية كواجهة تجارية؟
هنا تجدر إضافة الخط الهجومي الذي تبناه الرئيس ترامب حين قام بانتقاد منظمة الصحة العالمية لم يأت من فراغ وانما من معلومات (جزء منها من مصادر مفتوحة) عن تمويل بيل غيتس لمنظمة الصحة العالمية وعن تنسيقها مع مؤسسات وشخصيات مختلفة من المقربين لبيل غيتس لأن الأخير يعرف ان أي عملية لإقرار اللقاح يجب في النهاية ان تحصل على خاتم منظمة الصحة العالمية حيث ضمن بيل غيتس وجود أصدقائه فيها. ولم ينتظر غيتس كثيرا لينتقد الرئيس ترامب إذ قال غيتس: إن قرار الرئيس دونالد ترامب إلغاء تمويل منظمة الصحة العالمية “خطير كما يبدو”!
لم يكن هذا لتوتر هو الأول من نوعه إذ ان بيل غيتس وبعد لقائه ترامب (بعد انتخاب ترامب للرئاسة) لم يكن في جعبته الكثير من كلمات المديح عن ترامب لا بل العكس.
تصل ثروة بيل غيتس الى ما يزيد عن مئة مليار يستثمرها في شركات مختلفة كما انه يساهم في مراكز أبحاث تعمل على تطوير أنواع لقاح مختلفة بما فيها معهد ‘جينير’ للأبحاث الملحق بجامعة اوكسفورد والذي يعمل الان على انتاج لقاح لعلاج الكورونا. ومعهد ‘جينير’ ممول من معاهد وجمعيات وشركات قام بيل غيتس بذاته بنسجها او تأسيسها ليروج لأجندته وفي مقدمتها CEPI المذكورة أعلاه.
في نهاية شهر آذار ٢٠٢٠ تم الإعلان على ان بيل غيتس جند (مع عقود قانونية ومالية) خمسة عشر شركة تتخصص في الصناعات الدوائية لمكافحة فيروس كورونا (علاج وفحوصات ولقاح) ومنها الشركات العالمية:
الامريكية ‘بيكتون اند ديكينسون’ و ‘جونسون اند جونسون’ و’إيلي ليلي’ و’غيلييد’ و ‘ميرك ام اس دي’ و ‘بي فايزر’ والبريطانية ‘بويهرينغر- اينغلهايم’ والفرنسيتين ‘بيو ميرييه’ و ‘سانوفي’ واليابانية ‘ايساي’ والبريطانية ‘غلاكسو’ والألمانية ‘ميرك كغا’ والسويسرية ‘نوفارتيس’. وكان قد أعلن على لسان غيتس انه سيستثمر مليارات الدولارات لتقديم علاج شامل لفيروس الكورونا. من فحص هوية أعضاء مجلس إدارة اللقاحات في بريطانيا وعددهم ٣٤ يتضح ان ٣٢ منهم يتلقى ميزانيات تصل الى مئات الملايين من بيل غيتس والاغلبية منهم لها علاقة نفوذ إما مع شركات لتصنيع الادوية او الوزارات في بريطانيا او منظمة الصحة العالمية. فعلى سبيل المثال هناك تعاون تجاري بين بيل غيتس وشركة غلاكسو البريطانية في مشروع واحد بمبلغ مليار دولار. مثلا، إيما وورمزلي تجلس في مجلس اللقاح وأيضا تجلس الى جانب بيل غيتس في مجلس إدارة ميكروسوفت. سير باتريك فالاس والذي هو الان الرئيس العلمي للحكومة البريطانية كان عضو مجلس إدارة شركة غلاكسو لغاية قبل عام. اما الطبيب د. كريس ويتتي الذي هو الان المستشار الطبي للحكومة قد تم تعيينه في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية والتي يمولها بيل غيتس وله فيها تأثير هائل. إضافة الى ذلك فقد أسس ويدير ويمول بيل غيتس شركة “مو لوجيكس” التي ستجري الفحوصات على فيروس الكورونا إذ ستبدأ في بريطانيا. ولأخذ فكرة عن الأرباح المالية التي ستثري هذه الشركة نشير الى ان كل فحص سيكلف ٢٢٥ جنيه إسترليني ضرب عدد سكان بريطانيا (حوالي ٦٧ مليون نسمة) سيصل المدخول الى ١٥ مليار جنيه إسترليني. وإذا ما ضربنا ذلك بعدد سكان الاتحاد الأوروبي (٤٥٠ مليون ضرب ٢٢٥ جنيه) فسنصل الى ١٢٠ مليار جنيه من اول فحص. اما حقنة اللقاح فستباع في بريطانيا بحوالي ٥٠٠ جنية إسترليني. إذا ما ضربنا ذلك ب٦٨ مليون نسمة يعني مدخول (في المرة الأولى) تقريبي يصل الى ٣٢ مليار جنيه إسترليني! امسكوا حواسيبكم واضربوا بعدد سكان العالم وهو حوالي ٨ مليار نسمة وستصلون الى الأرباح الخيالية.
فيروس كورونا: ملعوب به؟
عندما سئل عالم الفيروسات الفرنسي والحاصل على جائزة نوبل في فيسيولوجيا الطب عام ٢٠٠٨ عن طبيعة فيروس الكورونا قال في مقابلة تلفزيونية يوم ١٨ نيسان ٢٠٢٠ قال ما يلي:
“تم التلاعب في فيروس الكورونا. جزء وليس كل الفيروس مصدره من الخفاش الا انه جاء أحد وأضاف الى هذا النموذج تسلسلات لنقص العوز المناعي البشري (HIV) ولذلك فالفيروس ليس طبيعي وانما هو عمل محترفين – انه عمل علماء الاحياء وهو عمل دقيق جدا كعمل الساعاتي”.
يوم ١٥ نيسان ٢٠٢٠ اقترح مستشار دونالد ترامب السابق روجير ستون في برنامج إذاعي ان بيل غيتس ربما كان له
له يد في إنشاء فيروس كورونا وانتشار الجائحة في جميع أنحاء العالم وانه لربما فعل ذلك حتى يتمكن من زراعة الرقائق الإلكترونية الدقيقة في رؤوس الناس للتمييز بين من وقع اختباره ولم يتم اختباره، ما هو قريب لما جاء في محاضرته حول الهواتف الخلوية والاقمار الاصطناعية في ربيع ٢٠١٥.
في العام ٢٠١٦ نشرت فيليبا لينتزوس كتابا علميا بعنوان ‘التهديدات البيولوجية في القرن ال ٢١’ عالجت فيه مع مجموعة من الباحثين موضوع التهديد للأمن القومي ودور السياسة والاقتصاد والعلوم في ذلك. الا ان القراءة العلمية السياسية أتت في كتاب ‘ساعتنا الأخيرة’ (والذي صدر في عام ٢٠٠٣ ) للعالم اللورد البروفيسور البريطاني مارتين ريس الذي ذكر ان انتشارا لوباء قاس قد ينشأ ما بين ٢٠٢٠ و٢٠٥٠ واصفا انه سيكون إما نتاج: ‘خطأ بيولوجي’ (Bio-Error ) أو ما اسماه ‘إرهاب بيولوجي’ (Bio-Terror ) وبالأخير قصد اية عملية تحالف ما بين العلماء والسياسيين؛ الا انه لم يشر الا أهمية مقرري الاجندات ومن يدفعها ويمولها ليتم الزواج ‘الناجح’ ما بين السياسيين والعلماء.
في مقابلة مع التلفزيون الصيني بثت يوم ١٠ نيسان ٢٠٢٠ لم ينفي بيل غيتس الاتهامات التي وجهت له بضلوعه بإنتاج الوباء.. وإنما قال انها لمفارقة ان يتم اتهام شخص يحاول ان يجهز العالم لتلك حالة ويستثمر الملايين ”…!
رغم ذلك لا تدعى هذه الاطروحة ان بيل غيتس هو الوحيد الذي يقف وراء حرب الكورونا. فبعد ان تم وصف اجتماع اغنى اغنياء العالم في نيويورك عام ٢٠٠٩ والذي شمل كل من المليارديرات بيل جيتس، وارين بافيت، وديفيد روكفيلير، وإيلي برود، وجورج سوروس ، وتيد تيرنير ومايكل بلومبيرغ وآخرين بأنه تجمع غير رسمي يهدف إلى تشجيع الأعمال الخيرية. جاء مقال في صحيفة التايمز اللندنية بعنوان “نادي الملياردير في محاولة للحد من سكان العالم” إذ كشف المقال إن القضايا التي نوقشت في الاجتماع السري للغاية تضمنت الرعاية الصحية والتعليم – والأكثر إثارة للجدل – تباطؤ النمو السكاني العالمي. من هنا أخلص الى نتيجة انه صحيح ان رماح الاتهام موجه الى بيل غيتس الا ان خيوط شراكة بقية نادي المليارديرات لم تتكشف بعد. رغم ذلك فإن مشاركة العائلة المليارديرين روكفيلير في مشروع التحديد من السكان والذي جاء في تقرير كيسينجر موثق للغاية.
الأنظمة: لم يوقع الجميع على “الاشتراك”
الادعاءات أعلاه لا تشير الى ان كل أنظمة العالم شريكة لرؤية روكفيلير وكسينجر وبرنامج غيتس ومجموعاتهم المؤمنة
بأيديولوجيات داروينية والمستفيدة ماليا. لقد قرر غيتس الاجندة بناء على مستندات بحثية سياسية ودفع برؤيته واقنع من هم باعتقاده القادة الذين يمكن ان يروجوا للموضوع ويكونوا شركاؤه إذ روج لأمور تخص حالتهم الأمنية (مثل فحص منظومة السيطرة على المجتمع وانصياعه امنيا لأوامر الحكومة) والمالية وغيرها. فبينما توجد سياسة نرى نتائجها في بريطانيا للتخلص من المرضى والضعفاء هذه السياسة غير مطبقة في المانيا ولذلك فنرى ان عدد الوفيات اقل بكثير.
اما في جنوب أوروبا فنرى ان الحالة في إيطاليا واسبانيا مختلفة ليس لأنهم أرادوا التخلص من الضعفاء وانما لأسباب تعود الى الديناميكية المجتمعية هناك. ولكن عندما يصرح الرئيس الفرنسي ماكرون ‘انه ليس الوقت الصحيح الان لفتح تحقيق مع منظمة الصحة العالمية’ ممكن ان يعود ذلك الى تفاهمات مالية لم تتم بعد مع بيل غيتس والشركات العالمية لتصنيع الادوية، هذه المجموعة التي ستكون الرابح الأكبر من تصنيع اللقاح. ولذلك ولكي نقطع الشك باليقين ورغم ما يترتب في الموضوع من رغبات بعض الأنظمة اطباق منظومة التحكم السيكو-اجتماعية والاقتصادية على مجتمعاتها فبعد رصد تصرفات أنظمة الدول المختلفة ومشاهدة تطور انتشار فيروس الكورونا عالميا ومنذ مطلع يناير ٢٠٢٠ ولمدة أربعة شهور انه بالإمكان تقسيم الدول التي ينشط فيها الفيروس الى الفئات التالية:
١. الدول الكبيرة التي تدير حملة حرب الكورونا بشكل مهني اعلاميا ومنذ مطلع آذار الماضي (ولربما بعض متخذي القرار هم شركاء في بعض القرارات والاجندات التي اتخذت مسبقا بالتنسيق مع غيتس وشركاته) وبعضهم يريد التخلص من الضعفاء وهذا ما يجرى في بعض الدول الغربية.
٢. الدول التابعة (الملاحق) للدول التي تدير الحملة وتأمل بالتفاوض على الأرباح (او تم وعدها بنسب) من اللقاحات والتي ستصل الى مبالغ خيالية لم يشهدها التاريخ البشري.
٣. الدول المتروكة في ‘الظلام’ وكل ما في وسعها ان تفعله هو التركيز على اجراءات وقائية ضد انتشار الفيروس في دولها.
٤. الدول (والمناطق) المستهدفة التي قد يتم تسهيل دخول وانتشار الفيروس فيها للضغط عليها وتقويضها اقتصاديا وللتخلص من مواقفها السياسية او الصراع السياسي-العسكري المسلح والذي دام طويلا وأصبح مكلفا…او المساس باقتصادها عبر ضرب سياحتها.
٥. الدول المستهدفة ماليا إذ يتم تخويفها لاستغلالها ماليا وسحب ميزانيات خيالية منها.
الكورونا، الخليج وترامب؟
من المرجح ان ترامب لم يكن ليرفض برنامج غيتس لشن حرب الكورونا لو تم عقد صفقة معه يجني من خلالها الرباح وتضمن اعادة انتخابه لفتره رئاسية اخرى. لأنه لم يكن ليتهم بالخروج عن سياسة المؤسسة الامريكية اذ تم تبني وثيقة كيسينجر رسميا من قبل الرئيس الأمريكي جيرالد فورد في نوفمبر 1975.
رغم انني لم أجد خيوط تربط دونالد ترامب شخصيا بزرع او نشر أو توجيه العلماء باختراع فيروس الكورونا ونشره بداية في الصين الا ان هذا لا يقول انه لم تسد حالة من الارتياح في نفسيته وذلك بسبب التنافس الاقتصادي مع الصين وكيف انه يمكن ان يؤدي ذلك الى انهيار الاتحاد الأوروبي الذي لطالما رغب بإنهائه مع ‘صديقه’ بوريس جونسون. الا ان انتشار فيروس الكورونا في نيويورك (ورغم ان غالبية الضحايا هم من الاثنيات الافريقية او اللاتينية) الا ان ذلك قد يجلب لترامب تحديات في شرائح المجتمعات التي تنتخبه. ما هو مؤكد ان ترامب متوتر للغاية: فمن ناحية فهو يريد ضمان انتخابه لفترة رئاسية ثانية ولكنه يعرف ان تحريك الاقتصاد هو الرافعة الأساسية لإعادة انتخابه بعد ان كان قد قضي على البطالة. فإما ان ينهي الحظر المجتمعي والاقتصادي المفروض الان في الولايات المتحدة واما ان يشن حربا في منطقة الخليج لينهي وضعه الميؤوس منه؟
كلمة أخير!
* شخصيا، وكمواطن عالمي وكانسان له علاقة بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس – جنيف، وبما انني التحقت به قبل ربع قرن وانا في منتصف عمري الان وعندما بلورت فلسفة “العربي الجديد” والتي تؤمن فيما تؤمن بضرورة كون الانسان: ‘صريح وجريء وعقلاني ومتواضع’ – رأيت في الشهرين الأخيرين انه من واجبي الأخلاقي ومسؤوليتي العلمية والاكاديمية ان اكرس الوقت والمجهود والطاقة (وبدون مقابل) وذلك لتقصي الحقيقة وراء انتشار وباء الكورونا… آمل انني قمت بواجبي ولو كخطوة أولى متواضعة على ان تتلوها خطوات أخرى. يجب الانتظار إذا ما كان بمقدور أحد التحقيق مع بيل غيتس (او أي من المتعاونين معه) او جلبه الى القضاء او سجنه، الا انني ولكوني مواطن بريطاني اخدت ومنذ مطلع نيسان الحالي بالمطالبة بإقامة لجنة تحقيق في تصرف الحكومة البريطانية بما يتعلق بالكورونا إذ يمكنكم متابعة موقفي عبر تغريداتي باللغتين أيضا على “تويتر”: @ProfMKM كما يمكنكم الإشارة الى هذه الاطروحة بالكامل وككل وليس اجتزائها او إساءة استعمالها، لطفا. مع اطيب التمنيات بالصحة للجميع.
* اكاديمي متخصص بإدارة الازمات يعمل كمدير للمركز الأوروبي لدراسات التطرف – كيمبريدج، إنجلترا
التعليقات مغلقة.