من هم حتى يشترطوا رحيل الرئيس الأسد؟!

 

الأردن العربي – كتب رشاد أبو شاور ( الأربعاء ) 14/10/2015 م …

رئيس أمريكا أوباما، ورئيس فرنسا الموتور أولاند، أعلنا من على منبر الأمم المتحدة رفضهما لبقاء الرئيس الأسد رئيسا لسورية، رغم تصريحات وزيري خارجيتيهما التي أبدت ( مرونة) اضطرارية بأن يكون للرئيس الأسد دور ما…

يجب أن لا يغيب عن بالنا أن المرونة الاضطرارية لدى الإدارة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وغيرها، جاءت نتيجة لصمود سورية ممثلة بجيشها، وقيادتها التي تحملت إدارة المعركة مع الإرهاب وداعميه على امتداد قرابة خمسة أعوام، ولم تنجم عن صحوة ضمائر لدى قادة دول الغرب الاستعمارية، وهذا درس معروف ومكرر في معارك الشعوب التي صمدت وانتزعت حريتها، وفرضت إرادتها، ونالت استقلالها بالدم والدموع والعرق، وقبل كل شيء بوحدتها الوطنية، وهذا ما تحقق وتنامى في سورية أثناء سنوات المواجهة التي ما زالت مستمرة.

عندما يقف الرئيس الروسي بوتين ويؤكد أمام العالم من على منبر الأمم المتحدة ،ردا على الخطاب الاستعماري الغربي، بأن مصير الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري، وعندما يصرح بأن أوباما وهولا ند ليسا مواطنين سوريين ليقررا مصير الرئيس الأسد، بما في هذا القول من سخرية من أوباما وهولا ند، فهذا تذكير بالعقلية الاستعمارية التي تحكم تفكير وتصرفات وسلوكيات أمريكا وفرنسا وبريطانيا، عقلية الهيمنة على الشعوب ومقدراتها ومصائرها…

لماذا يطالب أوباما وهولاند برحيل الرئيس الأسد؟!

لمعرفة هؤلاء، وأتباعهم ، بأن الرئيس الأسد بات رمزا لصمود سورية شعبا، وجيشا، وإرادة، ولأنه يقدم المثال الذي يمكن أن يحتذى في تحدي أمريكا، والدولتين الاستعماريتين اللتين مزقتا وحدة المشرق العربي، ومنحتا فلسطين للكيان الصهيوني: بريطانيا وفرنسا صاحبتا اتفاقية سايكس بيكو.

أمريكا وبريطانيا وفرنسا، تعرف بأن من يصفون أنفسهم بالمعارضة لا قواعد شعبية لهم في أوساط الشعب السوري، والشخصيات التي سوقت على الفضائيات استهلكت وضمر حضورها، وباتت متهمة وطنيا، وأخلاقيا، وفي ذممها ماليا بما تتلقاه من رشى، وأموال للتخريب تدخرها في حساباتها، وهو ما يتبادلون الاتهامات والفضائح به بألسنتهم بعد أن فقدوا الحظوة لدى محتضنيهم ومموليهم ومشغليهم.

الشخصنة التي تستهدف الرئيس الأسد لا تختلف عن استهداف الرئيس جمال عبد الناصر لسنوات طويلة، ومحاولات تشويه صورته، وتقديمه أحيانا بأنه ( هتلر)، ولا تختلف عن استهداف الرئيس فيدل كاسترو، وعن الراحل شافيز، وعن قادة كثيرين في العالم تحدوا السياسة الأمريكية، واستبسلوا في تحديها ومواجهتها، والعمل على إفشال أهدافها…

هذا يحدث في سورية منذ قرابة الخمسة أعوام، وأمريكا لن تغفر لسورية، وقيادتها، وجيشها، إفشال هيمنتها على ( كل) المنطقة العربية، وتحقيق انتصار كبير واستراتيجي في وجه روسيا التي نهضت بعد أن تعثرت بقيادة يلتسين السكير الانفتاحي على الغرب، وراعي الفساد، ومدمر الاقتصاد السوفييتي، ومفقر روسيا _ ألا يذكرنا بالسادات وانفتاحه؟!_ والتي لا تقبل أن تكون ( كومبارس)، فلها مصالح، ولها دور، ولها أصدقاء لا بد أن تقف معهم..وسورية بلد صديق منذ ستة عقود، أي منذ أيام الاتحاد السوفييتي.

تعرف إدارة أوباما، ويعرف هولا ند الرئيس الفرنسي الذي تدنت شعبيته إلى حدود ال 16%  ومع ذلك لا يخجل على نفسه وينسحب من المشهد السياسي الفرنسي، هو الذي يدعي الحرص على الديمقراطية.؟وأين؟ في سورية!..أن الشعب السوري لا يقبل الوصاية، ولن يسمح بأن يكون رئيسه مرضيا عنه أمريكيا وفرنسيا وبريطانيا..وبطبيعة الحال صهيونيا.

لقد رأى العالم مشهد تدفق ألوف السوريين في لبنان إلى السفارة السورية للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس..والذين لم يدفعهم أحد لهذه الحماسة، ولا استدرجتهم وعود بمنافع شخصية، هم الذين اضطروا لمغادرة بلدهم واللجوء إلى لبنان طلبا للنجاة بأسرهم من الإرهاب والإرهابيين القتلة، وبحثا عن شغل يعينهم على تدبير لقمة الخبز لأسرهم.

تعرف إدارة أوباما، ورئيس فرنسا، ورئيس وزراء  بريطانيا، وأتباعهم من الحكام المُنصبين على بلاد العرب، بأن الدكتور بشار الأسد، وفي أي انتخابات ديمقراطية، وفي صناديق اقتراع شفافة، وبرقابة عالمية..سيفوز، وهذا ما يخيفهم، لأنه في هذه الحالة سيخرج بطلا منتصرا ، قاد شعبا تحمل وصبر وصمد، وجيشا هو القوة الوحيدة التي قاتلت بشرف وشجاعة وبسالة المشروع الإرهابي الممول سعوديا وقطريا والمفتوحة له الحدود التركية، والأردنية حتى وقت قريب…

عندما يعلن أوباما رغبته بعدم استمرارية الدكتور بشار الأسد رئيسا فهو يتطاول على الشعب السوري المقاوم، وينصب نفسه وصيا على هذا الشعب العربي العريق، هو الذي يقف على قمة رأس الهرم في السلطة الأمريكية، ولا يغيب عن باله، ونذكره بأن إدارة بوش من قبله هي من دمرت العراق بحجة الديمقراطية، وأغرقته في الدم والخراب والفتن، وهي التي دمرت ليبيا وفتحت فيها أبواب جهنم، وهي التي تدمر طائرتها شعب اليمن العريق، وبأحدث أنواع الأسلحة الأمريكية، وفي زمنه شخصيا!

الهدف الأمريكي يمكن تلخيصه: تدمير سورية، ونشر الفوضى فيها لتلحق بليبيا، والعراق، وبهذا تضمن تفوقها على روسيا الصديقة، وتغلق الأبواب في وجه الصين، وتطمئن الكيان الصهيوني على أمنه وقوته، و( تلغي) أي حضور للقضية الفلسطينية التي ما زالت راياتها ترتفع في سماء دمشق العروبة..والقضية الفلسطينية لم تحضر ولو بكلمة في خطاب أوباما في الأمم المتحدة، لأن مصير شعب فلسطين لا يعني شيئا للإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنها إدارة أوباما الذي يباهي بأنه أكثر رئيس قدم للكيان الصهيوني!

إذا كانت السياسة مصالح متبادلة، فلا بد من السؤال: متى كانت للعرب مصالح مشتركة مع أميركا، وفرنسا، وبريطانيا؟

الحق أن لنا نحن العرب، عرب المقاومة والاستقلال وفلسطين مصالح مشتركة لم تتغير منذ عقود مع روسيا، التي ورثت صداقات الاتحاد السوفييتي الذي يقاتل الجيش العربي السوري البطل بأسلحته..ويواصل المعركة على الإرهاب بأسلحته المتطورة في الحقبة الروسية، بقيادة الرئيس الشجاع الصديق بوتين.

في سورية ستفشل أمريكا، وسيكون القرار للشعب العربي السوري في اختيار قيادته، وهذا ما يقلق أمريكا وتابعتيها: بريطانيا وفرنسا…

من صمد في الدفاع عن سورية، وقاوم الإرهاب وينتصر عليه، ولم يرتعب من تهديدات أمريكا، هو من ينهض بسورية، ويعيد البناء، ويجعل من سورية منارة للعرب، ومنطلقا لزمن عربي جديد، بإنسان عربي جديد مقاوم وسيد في بلاده، وبقيادة مقاومة اختبرت في ميدان المواجهة..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.