مشنقة نهاد المشنوق / نبيه البرجي
أن يتكلم نهاد المشنوق هكذا، وهو يتكلم دائماً هكذا…
كلام مخجل، وكلام معيب، وكلام يدمر المجتع اللبناني اذا كان هناك من مجتمع في لبنان، ويدمر الدولة في لبنان اذا كان هناك من دولة في لبنان…
لأنه الصحافي، ولأنه الكاتب السياسي، ولأنه المشارك في الندوات الاستراتيجية (الأميركية بوجه خاص)، وهذا ما يجعله، على الأقل، مدركاً للحالة، ولأسباب الحالة، ولآفاق الحالة. وهذا ما يجعلنا نصاب بالذهول حيال ما يقوله وما يدعو اليه. تأجيج غوغائي للمذهبية، وتسويق غوغائي للغرائز. أليس هذا هو السبب في وجود العرب، وفي وجود المسلمين، ليس فقط في قعر الأمم، وانما أيضاً في قعر الأزمنة ؟
قال «هناك مؤامرة على السنية السياسية، وعلى أهل السنّة»، كما لو أن المارونية السياسية، والسنية السياسية، والشيعية السياسية، ليست بالفايروسات القاتلة لمفهوم الدولة ولوجود الدولة…
مؤامرة على أهل السنّة! هؤلاء أهل الأمة، وأنت الذي تفاخر بأنك كنــت، في بداية عملك الصحافي، الى جانب تقي الدين الصلح، الشخصية النــقية، الــهادئة، العميقة، البعيدة كل البعد عن لعبة الحرائق، وعن لعبة الشوارع.
لعلها مشنقة نهاد المشنوق. يا أهل السنّة، هناك مؤامرة عليكم، احملوا السيوف وهبّوا الى القتال. ألا يعلم، وهو الذي يعلم كل شيء، ولا رأي سوى رأيه، أن مأساة السنّة بالأنظمة، الأنظمة القهرمانات في يد البيت الأبيض. ليقل لنا أين هي الدولة السنّية الحديثة، التي دخلت القرن من الباب التكنولوجي، ومن الباب الصناعي. ليقل لنا أين هي الدولة السنّية، المسلمة بوجه عام، التي لها رأيها ودورها في لعبة الأمم…
نهاد المشنوق على خطى رضوان السيد، الذي افتقدناه قامة فكرية لا يشق لها غبار، نسي أن هناك أميركا (اسرائيل الكبرى)، ولا مكان لغيرها في الشرق الأوسط. أميركا هاري ترومان مثلما هي أميركا دونالد ترامب.
نسي أيضاً أن هناك اسرائيل (أميركا الصغرى)، وأن الفلسطينيين الذين اقتلعوا من فلسطين، غالبيتهم من السنّة، وأن الذين داخل الخط الأخضر، أو في الضفة الغربية، داخل الزنزانة الأقرب ما تكون الى المقبرة.
لا عدو سوى ايران. بالصوت العالي نقول ان ثمة افتراقات، وليس فقط فروقات، ثقافية، وتاريخية، وايديولوجية، بيننا وبين ايران التي يعلم المشنوق (صاحب المعالي ) بأنها تعاقب (العقوبات الجهنمية) لأنها مع فلسطين ولأنها ضد القهر، وضد الاغتصاب، في فلسطين.
هو الذي يعلم أنه، بالرغم من هشاشتنا، ومن تشتتنا، لسنا تماثيل الصفيح، وباستطاعة الايرانيين تغيير هويتنا. هذه خديعة كبرى في يد الأغبياء، وفي يد المهرجين، الذين يتحدثون هنا، كما تحدثوا في سوريا، عن تغيير ديموغرافي ربما بتقنية الاستنساخ التي لا يتقنها سوى الأميركيين.
ندافع عن المبدأ لا عن حسان دياب الذي لا يحق له أن يكون رئيساً للحكومة لأنه لم يتمرغ لا بين العباءات، ولا بين القصـور، ولأنه لم يعقد تسويات منتصف الليل، وحيث ذروة الزبائنية وذروة المكيافيلية، من أجل الكرسي الذي يتقيأ الذهب، والذي لم يعد يتقيأ حتى الفحم الحجري.
أليس حسان دياب سنياّ؟ وهل يعرف أحد تبعيته، أو استزلامه، لأي مرجعية، لكي يصبح نائباً، ولكي يصبح وزيراً، ولكي يتحدث (بصوت جهْوَري) كناطق باسم الطائفة، أو كقيّم على الطائفة، وقد انتجت الكثير من الكبار الذين، وكما يبدو، لم يعد لهم موطئ قدم في هذا الزمن الرديء؟
ندرك كم أن جاذبية السرايا تفعل هيستيرياً بنجوم الطــائفة الســنية مثلما تفــعل جاذبية القصر، هيستيرياً، بنجوم الطائفة المارونية. ولكن، هل يمكن أن يصل الابتذال الى حد اضرام النيران، نيران جهنم، في عقر دارنا؟
نهاد المشــنوق لــيس اكثر أخــلاقية، ولا أكثر كفاءة، ولا أكثر تجذراً، ولا أكثر سنّـية، من حسان دياب الذي نتفق معه أو لا نتفق. ذاك كلام للمشنقة. مشنقة… نهاد المشنوق!
التعليقات مغلقة.