ست الكل / المحامي عبد الكريم زيد الكيلاني
المحامي عبد الكريم زيد الكيلاني ( الأردن ) – الأحد 3/5/2020 م …
ست الكل لي هي (امي ) بالطبع ، كما هن كل الأمهات ، يتعرشن على قلوب بناتهن و ابنائهن.
ومن طبع الأمهات ان يتشابهن في العادات الحميمة، ولا يختلفن الا قليلا ، و بقدر ذلك التشابه أقص لكم الحكاية من اولها لعل فيها ما اتقاسمه مع القارئ من ذكريات في هذا الزمن (كورونا ).
من بداية الأزمة ، ابدت ست الكل رأيها في كورونا وهي تؤيد الرأي القائل ان الامر مدبر بدون شك ، لكن ذلك لم يمنعها ان تتبع اشد القواعد صرامة ابتداءا من ضرورة خلع الأحذية خارج المنزل مرورا بوضع المعقمات على المدخل و لا داعي – مؤقتا- لقبلة على يدها الطاهرة و الإبقاء على مسافة الامان امر مستحب ومرغوب فيه .
ومن البدايات ايضا ترحمت ست الكل على والدي
وأخذت تلمز بتدبيرنا للامور بشكل مبطن ،وهي تردد على مسمعي ، كان رحمه الله يكفينا مؤونة في مثل الظروف ، رفعت ست الكل منسوب الادرينالين لدي انا و شقيقي، وأخذنا نعد العدة لمخزون استراتيجي رهيب على قاعدة (ولو بالدِّين هات رطل ورطلين) ، و بسرعة فائقة تراجعت ست الكل ،وأدركت ان الموقف يحتاج الى اعادة تقدير
وقالت ( خلص بكفي اللي جبتوه ، الموضوع ما بحتاج اسمعوا مني )
تتابع الموجز اليومي في نشرة الساعة ٨ مساءًا ، وهي تسعد شانها شأن الكثيرين عندما يعلن وزير الصحة عن تراجع عدد الحالات ، ولكن لم يرق لها الفيديو المنشور على موقع خبرني ( يا واد يا تقيل ) فهي من أنصار نظرية المسؤول له هيبته و لوكان خفيف الظل على المواطنين .
كان الطواف اليومي على بيوت المسؤولين والبث المباشر من صالات الضيوف و المكاتب وربما غرف الطعام ، سببًا لاهتمامها بهذه المقابلات لكن من جانب آخر وهي تقول :
( افتح هالتلفزيون خلينا نشوف مين من المسؤولين بدو  يستضيفنا بداره الليلة ) .
برنامجها اليومي لم يتغير ، اهم ما فيه ، الصلوات
في او قاتها والدعاء الدائم والورد اليومي من قراءة القرآن ،
لكن الظروف حالت دون درس القرآن الأسبوعي ،
ولم يعد هناك مجال لحضور الحافظات و الذاكرات الى بيتنا ، كنت حائرا كيف ستملأ هذا الفراغ ، وهي التي تعيش و تتنفس بتعليم القران .
لكن ست الكل أظهرت مواهب مفاجأة فهي تستطيع ان تدير جروب جماعي على وسائل التواصل -عن بعد -و استمرت في تعليم دروس القرآن ولكن اصبحت يومية عوضا عن تلك الأسبوعية.
ست الكل قررت ان تخرق الحظر في شتوة نيسان
فخرجت في جولة بمحيط البيت ، وذلك يوم الحظر الشامل ، وعندما حاولت ان اثنيها قالت حتى الرئيس لا يسعه الا ان يتجول في حديقة مثل هذا اليوم الذي تنسكب فيه الرحمة من السماء ، وصارت تحرضني ان اشاركها الجولة وهي تنشد من قصيدة البحتري التي مطلعها :
اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد ان يتكلما
فلم أتمالك نفسي وانضممت اليها .
مؤخرًا ضاقت ست الكل ذرعا بالحظر و قالت احنا ليش (علمناك محامي )ابحث لنا عن حيلة قانونية خلينا نزور اخوانك ، من فضل الله صدر قرار الفردي و الزوجي وكفى الله المؤمنين القتال.
ست الكل عاصرت الكثير من المعارك لكنها تقول ان معركة الاْردن مع كورونا لا تقل في تحدياتها عن حروب كثيرة خاضها ابناء الوطن ،
دعاؤها الدائم :
( اللهم استر عوراتنا و آمن روعاتنا و آمنا في اردننا)
اللهم آمين .
التعليقات مغلقة.