حزب الله: تعاظم القوة والجزء الأخير / روزانا رمّال
روزانا رمّال ( لبنان ) الجمعة 16/10/2015 م …
منذ أن أطفأت «إسرائيل» محركات طائراتها التي كانت تقصف بيوت اللبنانيين في حرب تموز والبنى التحتية، بعد القرار الأميركي بالهجوم على حزب الله بعد احتلال العراق، ضمن سياسة بوش التوسعية الساعية إلى ضرب حلفاء إيران وضرب نفوذ الأخيرة في العراق، أملاً بأن يسهّل إضعاف حزب الله مهمة كسر سورية، كركن أساسي من أركان محور المقاومة، تصاعد القلق ولا يزال من أن يعيد حزب الله تصحيح أيّ خلل طارئ أصابه في المعارك لأنّ الحرب لم تؤدّ إلى تدميره وسحقه كما قال رئيس وزراء العدو، حينها، إيهود أولمرت.
تتابع الاستخبارات «الإسرائيلية» عن كثب تحركات حزب الله وتتعقب قادته علها تتمكن من استهداف أحدهم، فعملية اغتيال القيادي في حزب الله الشهيد عماد مغنية في قلب العاصمة السورية دمشق دليل على الهاجس «الإسرائيلي» الذي تعيشه جراء النمو التصاعدي لقدرات حزب الله وتطور أساليب التدريب والتعليم وتربية المقاتلين على الأداء، وذلك بسبب قادة يخضعون لأهم الدورات التدريبية مع حلفائهم، أي حلفاء حزب الله.
إنّ أكثر ما يقلق «إسرائيل» ليس قادة الحزب بعينهم، إنما قدرة الحزب على نقل خبراته إلى ما بعد الحدود اللبنانية، ونحن هنا نتحدث عما لا يتعلق فقط بنقلها إلى المقاومة الفلسطينية كمسلّمة.
أولاً: استطاع حزب الله المشاركة في تدريب وجمع معلومات خاصة حول كلّ النقاط الأمنية والاستراتيجية التي تعنيه في العراق، سواء في ما يتعلق بالخطر الذي يشكله تنظيم «داعش»، أو ما يمكن أن يكون غرفاً أو مراكز أمنية أميركية. كما أنّ بعض عناصره شاركوا في القتال في العراق ودرّبوا مجموعات مقاومة هناك ونقلوا خبراتهم وما يتميّزون به عن الجيوش الكلاسيكية.
ثانياً: خاض حزب الله أشرس المعارك في سورية، في قتال «إسرائيل» والمجموعات الإرهابية المسلحة، وخصوصاً في القصيْر التي أفردت مشاهد كثيرة أكدت وجود «الإسرائيليين» عديداً وعتاداً.
يستمرّ حزب الله، حتى الساعة، في القتال على كلّ الجبهات السورية، مساهماً بخبراته إلى جانب الجيش السوري الذي ازداد خبرة بعد سنوات الأزمة، ومواجهته ما لم تواجهه جيوش عربية منذ عقود، لكنّ حزب الله اعتاد هذا النوع من المعارك من خلال مواجهة «إسرائيل» في جنوب لبنان. وبالتالي رفع وجوده في الميدان من معنويات الجيش السوري.
وفي هذا الإطار، يروي عميد شارك في العمليات العسكرية للجيش السوري تجربته مع كتيبته التي ازدادت حماساً وشعوراً بالطمأنينة لدى دخول عناصر من حزب الله للمشاركة بالتنسيق معها، وبالتالي فإنّ هذه المشاركة أثرت إيجاباً على معنويات الجيش السوري بحيث لا يمكن تجاهل هذا العامل الأساسي في المعارك، وهو العامل النفسي الذي فقدته «إسرائيل» منذ حرب تموز بسبب ما رواه الجنود عن جحيم القتال مع حزب الله.
ثالثاً: يشكل حزب الله اليوم مدرسة لليمنيّين الذين يواجهون عدواناً سعودياً طال أمده، وهذا العدوان يشبه عدوان تموز. ومن هنا فإنّ كلّ ما مرّ به حزب الله يُعتبر تجربة أساسية يستفيد منها «أنصار الله»، وقد اعتبر قائد الحركة السيد عبد الملك الحوثي حزب الله وأمينه العام القدوة والمدرسة الواحدة، وبالتالي فإنّ حزب الله الذي ازدادت خبراته ومشاركاته كاستشاري أو مدرّب تقع على عاتقه مسؤولية نهج ومدرسة كان من المفترض سحقها أميركياً و»إسرائيلياً»، فإذ بها تمتدّ وتصدق توقعات وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون فيصبح حزب الله مدرسة في الشرق الأوسط لحروب العصابات بتقنيات قتال جديدة قادرة على هزم الجيوش.
وانطلاقاً من هنا، فإنّ كلّ المعارك التي خاضها حزب الله زادت في مستوى تدرّجه بالخبرة وقدرته على مواجهة الأعداء، لكنه اليوم ربما يعيش الجزء الأخير والأخطر الذي إذا ما امتلكه أصبح معضلة محبطة لــ»الإسرائيليين» لأنه يتشارك العمليات مع روسيا في سورية وهي التي تغطيه جوياً عندما يطلب عناصره ذلك. وبالتالي فإنّ ما يجري على الأرض في سورية، ليس إلا باباً كبيراً للتعاون العسكري المباشر بين حزب الله وقادة الجيش الروسي وأمام فرص مشاركة في تدريبات ومناورات على أحدث الأسلحة والطيران الروسي وهو آخر جزء قد يحتاجه أيّ مقاتل، أيّ أنه يحتاج إلى أن يتشارك الخبرة العسكرية مع دولة عظمى، فكيف إذا كانت روسيا؟
حزب الله اليوم أمام تجربة جديدة تشكل وحدها أزمة طوارئ لدى «الإسرائيليين» وأكثر ما يُقلق أجهزة «الموساد» والجيش «الإسرائيلي» هو التعاون الروسي الذي سلك مستقبلاً مع حزب الله الذي سيتوّج بعد التجربة جيشاً يتمتع بأعلى قدرات القتال والمهارات اللوجستية والتقنية دولياً…
التعليقات مغلقة.