الأردن: أعلنها بوضوح !! / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 18/10/2015 م …
التصريحات الأردنية حول الحرب السورية، بدأت تفقد ليونتها بوضوح وباتت وجهتها مختلفة الآن بعد خمس سنوات على إستخدامها المتكرر بشأن الأزمة، فالمسؤولون على إمتداد الأردن عادوا للإنشغال بحاضر سورية وبات هذا الحاضر يطالهم بعدة أشكال، هناك أزمة اللاجئين التي بلغت حجم التكاليف المباشرة وغير المباشرة التي تحملها الأردن منذ بدء الأزمة السورية في منتصف مارس عام 2011 وحتى اليوم تقدر بحوالي 6ر6 مليار دولار، وهناك أيضاً تمدد داعش وأخواته الذي يقود الى كارثة ستكون إرتداداته وخيمة على الدول المجاورة وخاصة الأردن الذي يبدو حالياً على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في سورية والعراق وموقف أمريكي متباطئ فيما يحصل في المنطقة.
منذ بداية الحرب على سورية إستطاعت موسكو بكفاءة ودقة عالية منع إنقلاب موازين القوى إلى حد يهدد سورية، فضلاً عن حراك روسي كبير لإيجاد حل سياسي للأزمة وفق مقاربة الرئيس بوتين، الداعية الى تشكيل تحالف إقليمي ضد تنظيم الدولة الاسلامية، لا شك أن الأردن ليس بعيداً عما يحدث حوله في المنطقة، إذ تلقي الأحداث الدائرة في سورية بتبعات متشعبة وإرتدادات عكسية موجهة للأردن على الصعيد الإجتماعي والأمني والإقتصادي سواء, فمنذ بداية إندلاع التدخل الخارجي وتدفق الجهاديين الى سورية، والأردن يعاني من ويلات وتبعات حروب الوكالة عن أميركا وحلفاؤها التي يشنها المقاتلين هناك بأموال عربية لزعزعة أمن وإستقرار الدولة السورية.
فالمخاوف الأردنية ترتكز من إحتمال ولادة جيب متطرف بالقرب من الحدود الأردنية، وهذا يستند الى حقيقة مفادها إن آلافاً من الجهاديين الأردنيين يقاتلون اليوم في صفوف هذه الجماعات، وهؤلاء لهم إمتداد في داخل المدن والمخيمات في الأردن، وهم سيعودون يوماً الى المملكة حاملين معهم خبرات قتالية وأفكاراً تكفيرية، وقد يغذي توجهات إنفصالية خطرة في المنطقة، لذلك ليس للأردن مصلحة أمنية أو سياسية أو إقتصادية بتدميرالدولة السورية وفرض أجندات التقسيم التي خططتها واشنطن وحلفاؤها, بإعتبار إن إستقرار سورية مسألة أمن قومي أردني بإمتياز، وإنطلاقاً من ذلك فإن مختلف التقارير أفادت بوجود تنسيق معلوماتي بين روسيا والأردن خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب، فالمعطيات والمعلومات الأردنية عن بنية وهيكلة تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق أصبحت بين يدي غرفة العمليات المشتركة في موسكو وهو وضع يفسر للمراقبين الدوليين الموقف السياسي الأردني العام الذي لم يعترض على حملة روسيا العسكرية في الأراضي السورية، فالمعلومات الروسية عن الحملة العسكرية وضعت قبل نحو شهرين أمام الحكومة الأردنية، وتحديداً عندما التقى الملك عبد الله الثاني في الكرملين الرئيس الروسي بوتين على هامش معرض للصناعة العسكرية الروسية في العاصمة موسكو، فضلاً عن زيارة فالنتينا ماتفينكو رئيسة المجلس الإتحادي الروسي التي أكدت على ضم الأردن إلى تحالفها ضد تنظيم الدولة في سورية وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة.
وفي السياق الآخر قام المجلس الأردني للشؤون الخارجية ” هيئة أهلية تُعنى بالدبلوماسية الشعبية” بتسليم السفير الروسي لدى الأردن رسالة موجهة الى الرئيس بوتين ضمنها كامل التأييد لمواقف روسيا والتي وصفتها الهيئة بالسياسات الملتزمة بمواثيق القانون الدولي وأعربت الهيئة عن تقديرها لوقوف روسيا الى جانب دعم الحكومة السورية في معركتها ضد الإرهاب ومعربة عن تأييدها لدعوة روسيا بانشاء تحالف إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب في سورية والعراق، في هذا الإطار ذلك تبدو الأردن متفاعلة مع الحدث الروسي ولديها شبه ضمانات بألا تتأثر جبهتها الشمالية الأمر الذي يفسر الصمت الأردني عن نشاط الطائرات الروسية جنوب سورية والحدود المحاذية للأردن.
وأخيراً يمكنني القول إن لم تتحرك الأردن سريعاً وتجعل مصلحة سورية ووحدتها وإستقرارها هدفا لها، فسوف ترتد الكرة عليها، لذلك لا بد من مبادرة حقيقية لبلورة إستراتيجية سياسية وأمنية تتضمن سيناريوهات التعامل مع القادم، لحماية المنطقة من العواصف التي تحيق بها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل الأردن مستعد للإنفتاح على دمشق، وإعادة فتح قناة إتصال مع الحكومة السورية خاصة بعد أن خسرت القوى الغربية وبعض الدول العربية رهانها في دمشق، فضلاً عن أن هناك إدراك أردني كبير بأن تدمير الدولة السورية وإستنزاف جيشها يهدد أمنهم الوطني إستراتيجياً، وينقل معركة الإستنزاف والتفكيك والفتنة إلى داخل الأردن نفسها؟.
وأختم بالقول، لقد آن الأوان لنتعاون مع باقى قوى التوازن بالعالم لإنقاذ سورية من الدمار والخراب، وتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا نحو الأفضل.
التعليقات مغلقة.