حماس و دحلان و السلطة / د.هاني العقاد

 

 
د. هاني العقاد ( فلسطين ) الأحد 18/1/2015 م ….
قالوا أن الانقسام بات من الماضي وحينها اعتقدنا أن ساسة الشعب الفلسطيني ادركوا مخاطره السياسية والاجتماعية والوطنية ,لم يكن اعتقادنا خاطئ بل كان تقديرنا للانتماء الوطني للساسة المنشغلين بأمور هذا الوطن ليس بالصائب لان انتمائهم الحزبي كان اقوي من انتمائهم الوطني , وهذا ما جاء بطبيعة الموقف بعد حالة التباعد الاخيرة بين حماس والسلطة بسبب السلطة على غزة ,غزة بكل جراحاتها وعذابات ابنائها وفقرها وحاجة اسرها  وفقدان شبابها الامل في حياة كريمة تحترم فيها حقوقهم يجدوا فيها انفسهم يخدموا دولتهم بعيدا عن التميز بسبب الانتماء السياسي, فبالرغم من الحصار والانقسام والفقر والحرب وحاجة الناس لان يعيشوا بالتساوي مع باقي شعوب الامم ,مازالت هناك عدة قوي تتصارع على السلطة في غزة دون التفكير بالتنازل لصالح المواطن الغزي ومستقبله الذي يتهدد كلما استمر الانقسام في التعمق دون أن يدرك اصحاب تلك القوي إنهم يخدموا الاحتلال بالمجان  في تنفيذ مخططاته اللعينة , ويساعدوا الاحتلال الاسرائيلي ليبقي المستفيد الوحيد من هذا الصراع ويساعدوه على ممارسة كل موبقاته ويحول غزة لسجن كبير تتحكم  اسرائيل في كل بوابة من بواباته ولا يدخل او يخرج احد من هذه البوابات الا بأذنه , بل أن مشروعها اليهودي يقوم على اساس بقاء الانقسام الفلسطيني وتعمقه حتى لا يستطيع الفلسطينيين التمكن من انشاء كيان موحد سياسيا و متواصل جغرافيا  .   
حماس ومحمد دحلان  قوتان تحاولان ابقاء غزة خارج سلطة الرئيس ابو مازن وقد يكون ذلك  الهدف المشترك بينهما , حماس التي دخلت الانتخابات وفازت بأغلبية تمكنها من تولي حكم  السلطة وليس غزة فقط و فعلت هذا , لكنها افشلت نفسها في الحكم مقابل السيطرة التامة على قطاع غزة بعد عام من توليها الحكم لعدم وجود خطة وطنية في اجندتها تغرى بها باقي الفصائل دعمها في الحكم وكان بإمكانها أن تفوز بالسلطة  للابد اذا ما اعتمدت خطة وبرنامج وطني مستقل يسعي لمشاركة ودعم الجميع والتوقف عن ممارسة سياسة التمييز الحزبي وتكثيف الجهود الوطنية للخلاص من الاحتلال والتوافق على برنامج فلسطيني يبقي على المقاومة حامية للوحدة الوطنية وجبهة تحمي الشعب الفلسطيني وتحمي كيانه السياسي دون قدرة لإسرائيل أن تتفرد بها بين الحين والاخر وبالطبع تتضمن الخطة التوافق  السياسي في اطار حكومة وطنية لخدمة المواطن ومصالحة وطموحه الحياتي وهذا ما حصل  مؤخرا دون الاقتناع بتسليم مفاتيح غزة ,وكان تشكيل حكومة التوافق الوطني اخر هذه المحاولات لذات السبب ,ولم تسارع حماس لتعبد الطرق امام هذه الحكومة لإدارة قطاع غزة دون البقاء في مربع الحاكم والبقاء كقوة وحيدة متنفذة في كل شيء لتحتفظ بكل شيء.
 النائب محمد دحلان المفصول من حركة فتح والذي يسبح في نهر من المال لا يُعرف اوله من اخره والذي مصدره السلطة و مغذياته اطراف اقليمية ,تطلع منذ نجاحة في الانتخابات الى كرسي الرئاسة  لكنه فشل بسبب اخطائه الفادحة على المستويين الأمني والسياسي , بدأ منذ فترة في محاولة استخدام المال  للتقارب من حركة حماس ومشاركتها حكم غزة مستغلا حاجتها للمال على أمل السماح له بالعودة الى غزة لذا سمح له استخدام المال في غزة للتحشيد الجماهيري والمنافسة على كرسي الرئاسة كما انه لا يوجد لديه أي موانع بالتالي للدخول في تشكيل تكتل ما مناهض للرئيس ابو مازن بالتوافق مع حماس والتنظيمات التي تدور في دائرتها على أن يتولى هذا التكتل ادارة قطاع غزة وابقائها بعيدة عن سلطة الرئيس محمود عباس وبالطبع يستخدم الرجل المال السياسي لهذا الشراء , لكن لا اعتقد في المقابل أن  تكون حركة حماس وصلت لقناعة تامة بالتشارك  الاستراتيجي مع الرجل  بل قد تكون تفكر في استخدامه  مرحليا لغرض في نفس يعقوب ليس اكثر ,ومن ثم تركله بقدمها بعيدا عن مربع الحكم وتنفذ فيه القصاص  انتقاما لقادتها ابان توليه مسؤولية جهاز الامن الوقائي في غزة وحتى تولية مسؤولية مجلس الامن القومي الفلسطيني , واخشي أن يكون بعض من  تلك المحاولات في طريقها للتحقق اذا ما استمر ابو مازن في سياسة غض النظر عن هذا التقارب واخشي ايضا أن يتعمق الانقسام نتيجة لهذا .
الرئيس ابو مازن يعنيه بقاء الجبهة السياسية الفلسطينية عريضة وموحدة ويعنيه وحدة الاراضي الفلسطينية لان ما تبقي امامه وحدة الجغرافيا والشعب لتساند مسيرة التحرر التي يقودها  وخاصة وتحقيق النصر في المعركة السياسية قانونية امام المجتمع الدولي ولا يريد أن يتحجج المحتل و حلفائه بأنه لا يستطيع ادارة غزة والسيطرة عليها فكيف له أن يطلب دولة فلسطينية على حدود العام 1967وغزة ليست تحت ادارته حتى الان ,وحاول ويحاول في الوقت الحاضر استرضاء حماس بالحد الممكن من الاسترضاءات لكي يسمح له ولحكومته  بالسيطرة على مقاليد الحكم في غزة وبالتالي ممارسة الحكومة مهامها بالكامل على الارض وادارة المؤسسات الوطنية والمعابر ورفع الحصار عن غزة واستجلاب الاموال اللازمة والاسراع بإعادة اعمارها والتجهيز لانتخابات عامة , والافضل سياسيا  لأبو مازن التمكن من بقاء غزة داخل اطار السلطة لإحباط أي مخططات اسرائيلية خبيثة لأنشاء دولة فلسطينية مقذمة على تلك المساحة وبالتالي اخراجها من الصراع, والافضل لحماس ترك دحلان يسوي ملفاته مع فتح بنفسه وتبدأ بالفعل في تنفيذ خطة تعبد الطريق امام مستقبلها الوطني بالتشارك مع الرئيس ابو مازن والانضواء تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية والاكتفاء بأنها جزء اساس واصيل من النسيج السياسي الوطني الاسلامي الذي يدعم مسيرة التحرر الكامل والتخلص من الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.