الموساد نمر من ورق .. قصتي معه نموذجا / أسعد العزوني
أسعد العزوني ( الأردن ) – الأحد 24 / أيار ( مايو ) / 2020 م …
تماما كما هو الحال بالنسبة للكيان الصهيوني فان الموساد بدون رتوش يعد اضعف جهاز مخابرات في العالم وهو يستمد قوته من ضعف الآخرين وتركيبتهم وجيناتهم الخائفة ولست معنيا بما سجله من نجاحات في العواصم العربية بدء من القاهرة – قضية لافون ، وعمان – محاولة اغتيال مشعل ، وتونس – اغتيال خليل الوزير وبيروت – سلسلة عليات بدء من فردان وانتهاء بمقتل الحريري ودمشق – اغتيال عماد مغنية وتجنيد الآلاف من الساقطين العرب في صفوفه وللتدليل على ضعف هذا الجهاز سأروي قصتي معه والله شهيد على ما أقول.
في شهر أب 1974 عدت لأول مرة من الجامعة في بغداد إلى فلسطين وكالعادة استدعوني إلى طولكرم مدة أسبوعين دون أن يحققوا معي وكانوا يكتفون بحجزي في المخفر من الثامنة صباحا حتى الثالثة عصرا حتى يقولون لي تعال غدا وما أن أصل إلى البيت حتى أجد تبليغين من الموساد بضرورة حضوري غدا وكنت اطلب من المختار مرافقتي مع ما يتطلب ذلك من دفع أجرة التاكسي وثمن إفطار وباكيت سجاير مرة أردت قلب الطاولة على رؤؤسهم فطلبت من المختار إلا يرافقني لأنني سأمتنع عن الذهاب إلى طولكرم وفي اليوم الثاني توجهت إلى المدينة وحدي ولففت الشوارع وتناولت طعام الإفطار وعند الثانية عشرة توجهت إلى المخفر وسمعت صراخا في احد المكاتب وتأكدت أن هذا الصراخ من اجلي وما إن دخلت المكتب حتى بادرني احدهم وهو طويل جدا بالسؤال : هل أنت اسعد خسن ؟ فقلت نعم ثم مد يده كاللص المحترف إلى جيب قميص وتناول الهوية وأعطاها لسكرتيره قائلا له : احجزه عندك للمساء فأنا مغادر إلى اروشليم وعلى الفور غادر فجن جنوني وبيت امرا. بدأت بالصراخ وهددت بالمغادرة وأخيرا أرسلوني إلى إحدى السكرتيرات وعن طريق خليط من الكلمات العربية و الانجليزية و العبرية دار نقاش بيني وبينها وكنت حادا فيما كانت هي تميل إلى التهدئة لأنه ليس بيدها أي حيلة. صممت على المغادرة وقلت لها : إن أردتموني فانكم تعرفون بيتي فتعالوا بمجنزراتكم وطائرتكم واعتقلوني وهممت بالخروج لكنها وعندما لمست جديتي طلبت مني الانتظار حتى تتصل برئيسها الذي غادر إلى ” اورشاليم ” تحدثت معه بالعبرية وبعد ذلك سألتني عن اقرب مخفر لمكان سكني فأجبتها : قلقيلية فقالت : عليك بالذهاب إلى قلقيلية غدا الساعة الرابعة عصرا. وفي اليوم التالي اصطحبت المختار معي إلى قلقيلية ووصلنا على الموعد بالضبط بقي المختار ينتظر في الخارج ودخلت أنا فاستقبلني ضابط يتقن العربية وانهال علي بالأسئلة السخيفة يعاتبني لأنني لم آتي للسلام عليه! استغربت حد الذهول من هذا المنطق البايخ وقلت له : من عادتنا أن نأتي للسلام على قريب أو نسيب أو صديق أما أنت فمحتل فكيف تريدني أن آتي للسلام عليك ؟ شعرت أنه بلع ريقه وتغاضى عن الاهانة وأخذنا نتحدث عن لغته العربية وكيف تعلمها وأثناء الحوار الودي رن جرس الهاتف فرفع السماعة وبدأ يتحدث مع الطرف الأخر وفهمت منه أنني محور الحديث حيث قال أنني موجود وسيعرف كيف سيتعامل معي واقفل الخط وما أن وضع السماعة بعصبية ظاهرة حتى انقلب من حمل وديع إلى أسد هصور وكشر عن أنيابه وقال : اسمع هلأ بلشنا نشتغل ! فضحكت وسألته : وقبل ذلك ماذا كنا نفعل ؟ فأجاب : كنا نمزح!! وتابع : اسمع وله هذا الملف ملفك ولدينا معلومات عنك منذ ولادتك حتى قبل خمس دقائق من حضورك إلى هنا! لا أنكر أنني أحسست بالذعر لان الملف كبير ولكن الله سلم لأنه غادر الطاولة وقام يبحث عن شيء ما في الخزانة وعلى الفور مددت بصري إلى الملف ولانني كنت اعرف كتابة اسمي بالعبرية اكتشفت أن الملف ليس لي وعندها قلت : والله سأريك نجوم الظهر. بداية عرض علي اصطحابي إلى شواطئ تل أبيب لجمعي مع بنات يهوديات ( على كيف كيفي)! فقلت له أنني أصلي الصلوات الخمس في المسجد, حاول مرة أخرى لكني رفضت وسألني أن كنت ارغب بأي نوع من الشراب فرفضت واقسم انه لن يضع لي فيه شيئا. بعد ذلك فتح أدراج مكتبه واخرج رزما من العملات الإسرائيلية والأردنية و الدولار فسألته: لماذا فعل ذلك ؟ فأجاب : اسمع ان دولة إسرائيل على استعداد لتدريسك حتى نيل الدكتوراه ! فضحكت وقلت له : ولماذا هذا الكرم الحاتمي ؟ فأجاب : حتى لا تكون عبئا على والدك فقلت له : أن تقاليدنا الفلسطينية تحتم على الوالد تدريس أبنائه وان لم يتمكن فان الأخ الأكبر هو الذي يتابع المسيرة .ولذلك اعد فلوسك إلى الدرج لأنني لست من هذا النوع. فقال : لا نريد منك شيئا سوى أن تعود إلى بغداد وتستأجر أحلى شقة في أحلى شارع وتبعث لنا العنوان وبعد أسبوع سيصلك احلى أثاث أوروبي وسيارة مرسيدس ونجعلك تعيش مثل هارون الرشيد كما نريد منك أن ترسل لنا أي تحركات عسكرية في العراق وسنزودك بعناويننا في تركيا وقبرص ، لكني رفضت بعد ذلك فتح درجا أخر واخرج كرابيج حلب من كل المقاييس وعندما سألته عن ذلك قال انه سيؤدبني بها فضحكت وقلت له : اسمع أنت محتل وأنا أسيرك ولديك من الصواريخ الشيء الكثير تستطيع إن تفعل بي ما تشاء! تظاهر بالغضب وقال : لا تقل انك أسير ! فسألته : دلني أرجوك ماذا أقول ؟ فقال : أنت ضيفي ، فضحكت. أحسست به وكأن الدنيا تدور به فقال : اسمع سأحضر لك عبدين (….) الواحد اكبر مما تتصور ، فسألته بخبث : لماذا ستحضرهما ؟ فأجاب : حتى (…) وعندها وضعت يدي على إستي وقلت له بحركة خبيثة : أرجوك أسرع بهما! جن جنونه وسألني : لماذا ؟ فقلت أن إستي تنمنمني ! وعندها ضاقت به الدنيا واخذ يصرخ كالمهبول ووقف وقال : الآن سأربيك يا كلب وتحرك باتجاهي شاهرا قبضته! كان رجلا ضخما فيما كنت أنا ضعيفا إلى درجة آن نسمة هواء تستطيع دفعي إلى الأرض .لكن ضعفي لم يجعلني استسلم فقلت يا الله إني معك فكن معي ووقفت دون تفكير في اللحظة التي كانت قبضته قاب قوسين أو ادني من وجهي وعلى الفور رفعت يمناي الضعيفة و أمسكت يمناه القوية وشعرت أن الله منحني قوة مكنتني من صده وتمكنت منه ومنعته من ضربي وبقينا على هذا الحال مدة خمس دقائق تسمرت عينانا بعضهما ببعض ثم قال بعدها : سيب ايدي ! فقلت له : شرط أن تعود إلى مكتبك وعلى الفور وافق وتركت يده وعاد إلى مكتبه ذليلا ووضع رأسه بين يديه وكان في حالة يرثى لها. وبعد عشر دقائق قال : اسمع وله أنت لست عربيا فقلت له : والله إنني عربي وفلاح وتيس فأجاب لا : (…) أمك ! فقلت له : ما عند أمي عند أمك ! فقال: (…) ربك ! فقلت له : انه ربي وربك ثم بصق علي وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله ، فاستغرب من ردة فعلي وقال انه عندما يفعل ذلك مع الآخرين يغضبون فقلت له : الأهبل فقط هو الذي يسمح للآخرين باستفزازه. انقلبت الأمور بيننا وعلا الصراخ فدخل المختار وقال : يا خواجا الم اقل لك انه أهبل ولا شيء عنده ! وعندها ثارت ثارته ضد المختار ومسكه من رقبته وصرخ فيه : آنت الأهبل يا مختار هذا مو سهل . انصرف أنت وإياه بره. خرجنا إلى الصالة ومن ثم إلى المدخل وبقي المختار يتحدث معه ومشيت باتجاه المخرج العام وإذا به ينادي : يا أهبل يا طويل ! لم أرد عليه ثم قال : شو اصمخ ما بتسمع ؟ عندها حز بنفسي ما سمعت وقلت له: والله إني سمعتك من أول مرة ولكني لا أريد أن أرد عليك ! فقال و النار تأكله : اسمع ورب إسرائيل انك ستعود إلي وتبوس قندرتي وتقول انك تعرف كل شيء ، وعندها انصرفت. هذه القصة للعبرة والاعتبار.
التعليقات مغلقة.