إفلاس سياسي وسقوط أخلاقي.. موصوف! / محمد خروب

 

محمد خروب ( الأردن ) الثلاثاء 20/10/2015 م …

 انتهت – أو في طريقها إلى الإنتهاء – معارضة الدمى السورية الخارجية، وبدت «رموزها» وكأنها خارج التاريخ أو لم تعد ذات صلة، بعد ان استنفدت ادوارها ولفظها الاصدقاء قبل الأعداء، وليس ثمة من يُراهن على اي دور يمكن لهؤلاء الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً وصخباً وعقدوا المؤتمر تلو الآخر وتصدّروا الشاشات وحظوا بالاستقبالات والمهرجانات، ان ينهضوا به، لأن المُشّغِلين والمُموِلين والمانِحين اغلقوا «الحنفيات» ومزقوا دفاتر الشيكات، ولهذا تجدهم – معارضو الخارج – يلجأون إلى اي سبيل أو وسيلة لتذكير الآخرين بهم أو عرض خدماتهم، لكن الابواب مغلقة فالساحات والميادين العسكرية هي التي ستحسم الأزمة السورية.

وهؤلاء المُعارِضون لم يكونوا ذات يوم صلة وصل أو على علاقة ما، بِحَمَلَة ِالسلاح بعد ان ظنوا ان ما يُسمى «الجيش الحر» يمكن ان يكون ذراعهم العسكرية، فاذا بالأخير غير موجود اصلا، وتم اختراع اسمه وتبنّيه لأسباب محض سياسية وتضليلية, حتى يتم «تصعيد» جماعات ومنظمات وفصائل وألوية على ظهره، ولتمرير «المؤامرة» متعددة الأذرع والغايات والجنسيات لتدمير سوريا واعادة ترتيب المنطقة على نحو قالوا لنا ان وقتها قد حان، بعد ان استنفدت سايكس – بيكو غاياتها، وللطمس على الهوية القومية العربية فإن عصر التفتيت النهائي – بعد ان ادى سايكس بيكو قسطه للعلى – سيكون عبر الممر الاجباري المعروف, وهو التقسيم على أسس عِرقية واخرى طائفية وثالثة مذهبية ودائماً في رفع رايات الاسلام السياسي والجناح الجهادي التكفيري منه على وجه التحديد..

ما علينا..

في مقال له بصحيفة «العربي الجديد» يذهب ميشيل كيلو، الذي قيل لنا انه مُعارض ديمقراطي ومثقف عَلماني ومن مُؤيدي قيام الدولة المدنية في سوريا، بعيداً في الكشف عن مدى الضيق واليأس الذي اصابه، بعد ان ظن ان «الثورة» التي التحق بها ولم يعرف اين يتجه سياسيا، كفيلة بانضاج ظروف وصوله والرهط القليل ممن معه، إلى السلطة أو اقله لحجز مقعد له في النظام الجديد كمُنظِّر ومُرشد وصاحب تجربة ثرّة، فيما سيتم توزيع باقي المغانم والمكاسب السياسية وخصوصاً المالية وفقاً لأسهم هذا الفريق، أو ذاك، وخصوصاً في ضوء موازين القوى والتحالفات التي سينجح «الثوار» وقادتهم الغر الميامين في نسجها، بعد أن يدخلوا دمشق دخول الفاتحين, ويرفعوا علم الثورة السورية المجيدة ويُعلِقوا من «يستحق» من رموز النظام السابق…على أعواد المشانق.

تَنَقّل ميشيل كيلو, بين مربعات وتجمعات ومجالس وائتلافات وكتل «الثوار» في الخارج, ما أن يستقر في خيار حتى يُسارع الاخرون الى لفظه أو لا يجد من يأخذه (وكتلته الديمقراطية) مأخذ الجد, فيخرج على الناس غاضباً منتقداً, لابساً لبوس البراءة واحتكار الصدق والحقيقة, حتى بات منبوذاً ولا يُدعى الى أي مكان, ولم يجد سوى بعض الصحف حتى لا نقول صحيفة واحدة, تنشر مقالاته المكررة وثقيلة الظل قصيرة النظر, واذ لم يجد من يقرأ تُرّهاته أو يجد فيها ما هو جديد، فلم يكن امامه سوى الذهاب الى مربع الغمز واللمز والمسخرة التي تشكل سقوطاً اخلاقياً مريعاً محمولاً على إفلاس سياسي موصوف.

رأى كيلو في الرئيس الروسي الذي كان لخطوته التاريخية والحاسمة بالانخراط في الازمة السورية عسكرياً لمنع أو لافشال مخطط تفتيت سوريا والمنطقة, فرصة للنيل من فلاديمير بوتين فكتب مقالة سخيفة تعكس حالاً مَرَضِية لكاتبها أكثر مما يمكن وصفها بالتفكّه او الفذلكة, وكان عنوانها متذاكياً «ما اسم بوتين؟».. تحت هذا العنوان راح ميشيل كيلو يستحضر بعض اراء العامة وزوار مواقع التواصل الاجتماعي الذين حاولوا التقرّب من بوتين دينياً أو قومياً أو مذهبياً, ولم تكن اراؤهم جادة أو يمكن أخذها مأخذ الجد, لكن الرجل اليائس (اقرأ البائس) استخدمها كي يصب جام غضبه على الرئيس الروسي الذي وجّه ضربة قاصمة لكل أدعياء الثورة والديمقراطية والتعددية, وشَطَبَ دورهم وحضورهم وقضى على آمالهم بقيادة الشعب والوطن السوري, فاذا به يخرج على كل لياقة وأدب وأخلاق ويخبرنا في مقاله «.. ان عدداً هائلاً من السوريين يعتقد ان اسم رئيس روسيا الاصلي هو (بوطين), مُثنّى بوط, حذاء العسكر الذي كثيراً ما ألغى لابسوه عقولهم, وفكّروا بواسطته, كما يفعل رائد المخابرات السوفياتية السابق, بوطين».

هكذا وبكل وقاحة وسوء أدب، يصف رئيس دولة كبرى (حتى لا نقول عظمى) يحظى بدعم وتأييد اكثر من 75% من ابناء شعبه بـ(الحذاء).. فيما هذا «الثائر» الارعن النطق باسم عدد «هائل» من السوريين, وهو يعلم أن احداً لا يعرفه, وإن عرفه فإنه لا يحظى بدعمه وتأييده.. تماماً كما كانت الحال مع برهان غليون وعبدالباسط سيدا واحمد الجربا وجورج صبرا ورهط من الالوية والعمداء وعلى رأسهم البلاي بوي… مناف طلاس.

أهناك أكثر من إفلاس سياسي وسقوط أخلاقي يمكن للمرء… أن يتصوره؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.