من قديمه الجديد … خواطر في قلب الحدث / د. بهجت سليمان

 

د. بهجت سليمان ( الثلاثاء ) 20/10/2015 م …

هناك منظومة إعلامية دولية أخطبوطية هائلة، لا سابق لها في التاريخ، مترابطة على مستوى الكرة الأرضية كلّها، تُوجَّه من واشنطن، وتُدار من المطبخ الصهيو-أمريكي، ويَرْسم خطوطَها، ويحدّد لها هذا المطبخ، المحاورَ والموضوعات والاتّجاهات المطلوبة، ويضخّ لها ما يجب أن تقوله وما يجب أن لا تقوله…

ولذلك نرى هذا القصف الإعلامي الدولي والإقليمي والأعرابي، الجارف والمتناغم واللاّ متناهي، في خطوطه الأساسية، ضد سورية وشعبها وجيشها وقيادتها وقائدها.

• من الأفضل للنخب العربية الوطنية – غير المرتهنة – أن لا تنساق أو تنجرف إلى المستنقع الذي يريد الاستعماريون الجدد، دفع الشعوب العربية إليه، وهو مستنقع الصراعات الطائفية والمذهبية.. طالما أنّهم يدركون بعمق – أي هذه النخب – أنّ المحور الاستعماري يستخدم الحساسيات الطائفية والتراكمات المذهبية والخلافات الفقهية والتباينات الجهوية، القائمة منذ مئات السنين.. ويدركون بعمق، أنّ المحور الصهيو-أمريكي وأتباعه وأذنابه، يستخدم هذه الحساسيات والتراكمات والخلافات والتباينات، منذ سايكس بيكو ووعد بلفور، حتى الآن..

وأنّ هذا المحور الاستعماري الجديد، يقوم، في العقود الأخيرة، بتصدير أرتال وقطعان من عصابات الموت التكفيرية التدميرية إلى البلدان التي يريد هذا المحور زعزعتها وإسقاطها.. والآن يقومون بذلك في سورية، ويدعمون موقفهم هذا، عبر تسليح هذه العصابات وتأهيلها وتمويلها، وعبر مساندتها بحصار اقتصادي ومالي ونفطي ودبلوماسي خانق للشعب السوري وللدولة السورية، من أجل إجبار الدولة السورية على الاستسلام.. أو مقاومة هذه الهجمة الاستعمارية الجديدة، بأدواتها الإرهابية المذكورة، وتحميل الدولة السورية، مسؤولية التدمير والقتل الناجم عن هذا العدوان، الأمر الذي سيؤدي إلى ما أدّى إليه من دمار وخراب، يتحمّل مسؤوليته كاملةً، مَن قام بالعدوان على سورية، ومَن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات وبيادق هذا الهجوم.

• يتساءل البعض: لماذا وضعت واشنطن (جبهة النصرة) على لائحة الإرهاب؟.. وإذا عُرِف السبب (زادَ) العجب.. لقد وضعت واشنطن هذه العصابات الإرهابية المسلّحة على قائمة الإرهاب، لأنّها تريد تلميعها وتسويقها، لدى الجماهير العربية والإسلامية، المأخوذة بالغيّبيات، والمؤهّلة للانخراط في (جبهة النصرة) هذه، عبر إعطائها الصدقيّة (المصداقية) التي تحتاج إليها، لاجتذاب آلاف جديدة من الانتحاريين إلى صفوفها، طالما أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ضدّها ومعادية لها.. هذا هو السبب الأوّل، والسبب الثاني، هو تبرئة ذمّة الفئة الحاكمة الأمريكية، أمام الرأي العام الأمريكي من حيث دعمها لتنظيم (القاعدة) أو لبعض الجماعات التابعة لهذا التنظيم.

• هل تعلم أنّ (جبهة النصرة) هي الفصيل الإرهابي الأهمّ والأبرز والأقوى في عصابات الموت الإرهابية المسلّحة، المتشكّلة من الذراع العسكري للإخوان المسلمين (الطليعة المقاتلة) والمتبنّاة من زعيم تنظيم “القاعدة” (أيمن الظواهري)، والتي يقودها الآن (فاروق طيفور) نائب المراقب العام للإخوان المسلمين السوريين، وكان هذا هو أيضاً، قائدها، في النصف الثاني من السبعينيات وأوّل الثمانينيّات، بعد سقوط قائدها ( عدنان عقلة ).. وأنّ هذا الفصيل الإرهابي هو حصيلة التلاقح السّفاحي بين (الوهّابية) و(الإخونجية).. وأنّ هذا الفصيل هو العمود الفقري للعصابات الإرهابية المسلّحة في سورية.

• وأخيراً، هل تعلم، أنّ جميع مَن ظهروا على الفضائيات، ممّن خرجوا من سورية سابقاً، أو فَرُّوا منها لاحقاً – من المثقفين والفنّانين والمسؤولين – الذين يقدّمون أنفسهم، الآن، كمعارضين لا تلين لهم قناة..

هل تعلم أنّ جميع هؤلاء، بدون استثناء، كانوا يتسابقون لكي يلعقوا أحذية صِغار صِغار العاملين في الأمن السوري، ويتملّقونهم، سواء للحصول على مكتسبات صغيرة.. أو لتأمين لقاءات لهم مع ضبّاطهم، للتباهي بالعلاقات معهم، أمام زملائهم وأصدقائهم.. أو للتبرّع بتقديم الخدمات اللازمة لهؤلاء الضبّاط (صحيح اللّي اخْتَشوا، ماتوا!).

تنويه: كتب د. سليمان هذا النصّ آواخر عام 2012

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.