القدس أقرب لكن رائحة بترول ليبيا أقوى / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الخميس 11/6/2020 م …
يخرج الرئيس التركي من وقت لأخر ليهاجم إسرائيل الحليف الأكبر له ويتهمها بالدولة التي تمارس الإرهاب، فلا يترك مناسبة إلا وأصابعه تشير إلى القدس وضرورة تحريرها من الصهاينة قتلة الأطفال ورعاة الإرهاب ، فيصفهم بخطابات تجعل سامعها من العرب والمسلمين يرى فيه صلاح الدين لهذا القرن، ولكن حقيقة الأمر أن تركيا تقيم علاقات لا حدود لها مع إسرائيل الإرهابية.
في هذا السياق تركيا وإسرائيل لهما أهداف مشتركة في المنطقة العربية، فتركيا تسعى إلى تفتيت الدول العربية خصوصا المجاورة لها في محاولة لاستعادة النفوذ العثماني في الاقليم وإسرائيل لها مطامع في الأراضي العربية من خلال احتلاها وتدميرها .
أما على الصعيد الاقتصادي تطالعنا النسب الاقتصادية والأرقام الإحصائية، بأنه منذ وصول أردوغان إلى سدة الحكم ارتفعت نسب التبادلات الاقتصادية والتجارية، فقد ارتفعت الصادرات بواقع ثلاثة أضعاف والواردات بواقع الضعفين عما كانت عليه من قبل، بالتالي إن هذه الإحصاءات تكشف عدم صدقية التصريحات والخطابات التي يتباهى بها “الزعيم التركي” بشكل مستمر.
واليوم كشفت تركيا عن غرضها الحقيقي من التواجد في ليبيا، هي السيطرة على نفط ليبيا كما الوصاية عليها، والتمكين لجماعة الإخوان، حيث تقدمت شركة بترول تركية بطلب إلى ليبيا للتنقيب في شرق البحر المتوسط، ليصبح المطمع الاستعماري للأتراك في ليبيا واضحا جليا لا يحتاج إلى أي شرح، بذلك سخرت كل إمكانياتها للحصول عليه من خلال عملياتها العسكرية للسيطرة على مدينة سرت، و تؤكد تصريحات الرئيس التركي بأن بلاده تخطط لبدء عمليات التنقيب عن النفط التي تم تحديدها بموجب اتفاق مع حكومة الوفاق في غضون ثلاثة أشهر إلى أربعة شهور.
في هذا الاتجاه يدعي أردوغان أن طريق تحرير فلسطين يمر عبر الأراضي العربية حتى لو كانت تبعد آلاف الكيلومترات عن فلسطين، كما هي الحال في موقع ليبيا الجغرافي والاستراتيجي كل ذلك يوضح السياسة التوسعية التي يتبناها أردوغان في المنطقة.
بالمقابل ترتكب تركيا مقامرة خطيرة في ليبيا، حيث أن التدخل التركي لا يحظى بأي شعبية سواء في تركيا أو ليبيا أو العالم العربي، كما أن تركيا باتت بلداً معزولاً ولا تحظى بأي احترام من قبل جيرانها، وهو ما أجبرها على إعادة علاقتها مع إسرائيل، فالرئيس التركي يقوم بإرسال آلاف المرتزقة من الذين قاتلوا في سورية إلى ليبيا التي تبعد حوالي 2000 كم عن الحدود التركية.
والنتيجة هي: أن أهداف الرئيس أردوغان لا تتوافق مع المصالح الإستراتيجية لتركيا ولا تخدمها، ولا تصبّ تحركاته هناك إلا في مصالحه الفردية، بالإضافة إلى محاولاته اليائسة تصدير أيديولوجيته الفاشلة إلى الدول العربية والإسلامية، بعد كل ذلك أما كان الأجدر أن يلتف أردوغان حول راية المعركة، معركة القدس وتحريرها، بدلاً من تأجيج الصراع في ليبيا سواء بتسليح الإرهابيين أو التدخل العسكري هناك. غير أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا في موضوع تركيا والتدخل في الشؤون الليبية هو: هل سيكون التدخل التركي غلطة الشاطر والتي تقدر بألف غلطة ؟
وأختم بالقول إنّ الرهان على المستقبل في المنطقة يملي الوقوف إلى جانب فلسطين وليبيا واتخاذ خطوات شجاعة باتجاههما، وحمايتهما من كل الأطماع التوسعية القادمة حتى الوصول بها إلى برّ الأمان وإتمام رحلة التحرير من الإرهابيين، وفي الوقت نفسه إننا أمام مرحلة تاريخية دقيقة يمكن من خلالها معرفة الأوفياء و الشرفاء لأوطانهم وأمتهم، وفي المقابل سوف ينكشف مرتزقة وعملاء أعداء الأمة العربية وخُدام أجندتهم التوسعية وسياساتهم التخريبية في المنطقة العربية.
التعليقات مغلقة.