استراتيجية القوة للوصول للحل السياسي / حسن عجاج عبيدات

 

حسن عجاج عبيدات * ( الأردن ) الأحد 25/10/2015 م …

*نائب أردني ( قومي ) …

يأتي الدعم العسكري الروسي لسوريا تأكيداً على المواقف المبدئية، وترجمة عملية لمعاهدة الصداقة والتعاون التي وقعت في 8 تشرين الأول عام 1980م، والتي تعطي الاتحاد السوفياتي كل ما يطلبه من مطارات وموانئ وقواعد.

وكان من أسباب إبرام هذه المعاهدة اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في 22 أيلول 1980،حيث دخلت المنطقة في عملية تغييرات خطيرة، من أهمها إخراج العراق لعقود طويلة من المواجهة مع الكيان الصهيوني، وانقسام العرب بين مؤيد ومعارض لهذه الحرب، وإعادة تدخل القوى الأجنبية إلى المنطقة.

وجاء التوقيع على المعاهدة حماية لسوريا من هذه المتغيرات بعد أن تم إخراج مصر من حسابات المواجهة مع العدو الصهيوني . ظلت سوريا الدولة العربية الوحيدة التي ترتبط مع روسيا ، بعلاقات قوية، وخاصة في الجانب العسكري، حيث بقي السلاح الروسي المصدر الأساسي للجيش العربي السوري.

وجاءت زيارة الرئيس الأسد في 20/10/ لروسيا تلبية لدعوة من الرئيس بوتين، في إطار الروابط العميقة التي ربطت البلدين الصديقين منذ عقود طويلة، ولأسباب استدعتها ظروف الحرب التي تخوضها سوريا ضد المنظمات المسلحة الارهابية بعد مشاركة سلاح الجو الروسي ودعمه للجيش السوري.

تباينت ردود أفعال الدول من التدخل العسكري الروسي، فالولايات المتحدة وحلفاؤها حكموا على فشله قبل أن يبدأ ، واتهموه بأنه يستهدف تنظيم داعش الارهابي ، لا المعارضات التي يطلقون عليها صفة” المعتدلة” وأن هذا التدخل سيزيد من تواجد الارهاب، ويضاعف من تمدده ونفوذه وربطوا القضاء على الارهاب برحيل رئيس الدولة السورية حيث اعتبروه المدخل لمحاربة داعش!؟. و أن دخول روسيا في المعركة يصب في صالح النظام و صالح تنظيم داعش !! .

لم يكن التدخل الروسي ليحدث إلا بعد فشل المحور الدولي بقيادة الولايات المتحدة في محاربة الارهاب، وبعد امتداده وانتشاره حيث أصبح تهديداً كبيراً لجميع دول العالم. وأثبت التدخل الروسي قدرته على الحد من قوة الارهاب ، وإمكانية القضاء عليه، إذا تعاونت الدول الأخرى معه في التنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية. ولكن هذه الدول لاتزال تقف موقف الرافض للتدخل العسكري الروسي، وتطالب بوقف الغارات الجوية لأنها تستهدف المنظمات المعارضة المعتدلة، وليس تنظيم داعش؟؟.

كما إنها لا تزال عند مواقفها من الحل السياسي ، إذ تصر على استمرار ترديد الجمل السياسية العقيمة بأن لا مستقبل لسوريا بوجود الرئيس بشار ؟؟ ولا يدل هذا الموقف إلا على ضحالة في التفكير و انعزال عن المستجدات على الأرض .

استهجنت أميركا وأصدقاؤها مظاهر الحفاوة التي استقبل بها الرئيس بوتين الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد. واعتبروا أن هذا الاستقبال ماكان ليحصل لو أن روسيا تريد أن تصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية، كما اعتبرت الاستقبال بمثابة دعم لشرعية الرئيس السوري، وتوطيد لاستمراره على رأس السلطة ، وأن أي حل للأزمة يجب أن يمر من بوابة دمشق.

وأظهرت ردود الأفعال على مدى تمسك أميركا ومن معها من الدول المعادية لسوريا بالمنظمات الارهابية المسلحة، وكشفت كذبها بإدعائها أنها تحارب الارهاب ، بل دللت بمواقفها على أنها هي التي تدعم وتتبنى العديد منها وتستخدمها لتحقيق مصالحها ومخططاتها في المنطقة.

كما إن الذي جعل دول المحور المعادي لسوريا يقف هذا الموقف الرافض للزيارة، هو أن هذه الزيارة أكدت على المفعول الحي لمعاهدة الصداقة والتعاون بين البلدين، وعلى أن التحالف السوري الروسي أصبح حقيقة ثابتة، وأن التطورات الأخيرة تصب في مصلحة سوريا والجيش بعد مرور وقت قصير من الدعم العسكري الروسي الذي خلق حالة من الراحة النفسية لدى الشعب، وأن المعركة مع الارهاب لن تطول .

لقد خلقت الزيارة مدلولات سياسية بعد أن بدأ الجيش ينجز على الأرض، وأن أي عمل عسكري يجب ان يعقبه عمل سياسي يستند للحوار كما سينتج عن الزيارة تشكيل مظلة واسعة لتحالف أوسع على المدى البعيد ضد الارهاب. أما الاعلان الذي بات يتحدث عنه معظم المحللين ، والذي سيأتي لاحقاً ، فقد بدأت ملامحه تظهرعندما أعلن الرئيس بوتين أن الرئيس الأسد وافق على فتح حوار مع المعارضات بغض النظر عن توجهاتها وبرامجها. إلا أن هناك فصائل ارهابية ساهمت في سفك الدم السوري لا يجب أن تدخل في العملية السياسية .

لقد دخلت روسيا بقوة للمنطقة ، وأصبحت اللاعب الأهم في مسار الأحداث العسكرية والسياسية. في حين أخذت أميركا تسّرع الخطى لعقد الحوارات مع حلفاء سوريا : إيران وروسيا اللذين لن يكون هناك تسوية لأزمات المنطقة بدونهما في العراق واليمن وسوريا وفلسطين.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.