في ذكرى إعلان “الخلافة”: 6 أسماء لزعيم “تنظيم داعش”.. لماذا؟
صورة زعيم “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو ما يعرف بـ”داعش” حاجي عبد الله، لم تعجب الخارجية الأمريكية، فغرد برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع للوزارة مخاطبا زعيم “التنظيم”: “يا حجي عبد الله، إن صورتك هذه ليست بجميلة إطلاقا! اطلب من أصدقائك الإرهابيين أن يبعثوا لنا صورة أجمل لو سمحت!”.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت عام 2019 مقتل أبو بكر البغدادي زعيم “داعش”، ونائبه أبو الحسن المهاجر في عمليتين منفصلتين في شمال سوريا.
وأفاد بيان صادر عن الخارجية الأمريكية، أن حجي عبد الله، أو أمير محمد سعيد عبد الرحمن سالبي المولى، والمعروف بـأسماء أخرى من بينها، أبي عمر التركماني وعبد الأمير محمد الصلبي، تدرج في المناصب بـ”التنظيم”، وصولا إلى نائب البغدادي وإثر مقتل البغدادي تولى قيادة “التنظيم”.
وبين فترة وأخرى تعود أحجية ” داعش” للاستحواذ على اهتمام وسائل الإعلام والتقارير الأمنية بعد أن غاب عن المشهد لأكثر من عامين، وبعد “الاحتفال” في عواصم عربية وغربية بالتخلص نهائيا من “داعش” أو على الأقل ضربه ضربة “قاصمة” للظهر.
التقارير عادت من جديد للحديث عن القوة العسكرية التي لا يزال “التنظيم” يمتلكها في سوريا والعراق رغم انحصار نفوذه وتواجده في جيوب ضيقة في العراق وسوريا، وهي تقارير تستند إلى توقعات وتقديرات أمنية في مجملها، وليس قراءة واقعية.
ووفقا لخبراء عراقيين، فإن “الخليفة” الجديد هو أمير محمد سعيد عبد الرحمن سالبي المولى، ويُكنى “أبو عمر” و”أبو عبد الله قرداش”، وقرداش كلمة تركمانية تعني “الأخ”. وله أسماء أخرى بينها “الأستاذ أحمد” و”الحاج عبد الله”، وهو من مواليد قضاء تلعفر غرب الموصل عام 1976، تركماني القومية، كان والده خطيبا لجامع “الفرقان” في الموصل.
وتقول مواقع إلكترونية عراقية بأن قرداش متزوج ولديه ابن وأخوان اثنان، الأكبر كان أستاذا جامعيا وقتل مع تنظيم “القاعدة” عام 2007، وسط الموصل، والآخر كان حتى فترة متأخرة قياديا في حزب تركماني عراقي بارز.
التحق قرداش بكلية الشريعة وتخرج خطيبا في كلية “الإمام الأعظم” في الموصل، وعينته الأوقاف في جامع “عجيل الياور” وسط السوق القديم وسط تلعفر.
غادر العراق عام 2001 إلى أفغانستان بعد أن انضم إلى “حركة الجهاد” للتدريب على السلاح وتلقي الدروس، ولدى عودته إلى العراق بعد ستة أشهر ألقي القبض عليه في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وأفرج عنه بعد فترة اعتقال قصيرة.
وبعد سقوط بغداد، انضم إلى ” القاعدة” عام 2004، وكان يعمل على إصدار الفتاوى وتخريج الأمور الشرعية. وبعد سيطرة القوات الأمنية على تلعفر، لجأ إلى الموصل، واستقر فيها، واستلم منصب المسؤول الشرعي لـ”التنظيم، وفيما أصبح أحد أعضاء “مجلس الشورى” قبل أن يصاب في قدمه في إحدى المواجهات مع القوات الأمريكية داخل الموصل.
وبحسب ما نشرته وسائل الإعلام العراقية، فإن قرداش ساهم مع أبو مصعب الزرقاوي في التخطيط لعملية تفجير 3 فنادق في عمان في وقت واحد عام 2005 وراح ضحيتها العشرات كان من بينهم المخرج الشهير مصطفى العقاد.
وألقت القوات الأمريكية القبض عليه، وأودعته سجن “بوكا” في البصرة جنوب العراق عام ٢٠٠٦، ليلتقي البغدادي هناك، وعدد ممن تقلدوا مناصب قيادية في “القاعدة” و”داعش”، قبل أن يطلق سراحه بعد نحو ثلاث سنوات، ليعود إلى الموصل ويصبح مجددا من القيادات المؤثرة في “التنظيم” في المحافظة.
كان أول من استقبل البغدادي في الموصل عام 2014، الذي أعلن “الخلافة ” في 29 حزيران/ يونيو في نفس العام، ثم تولى قرداش قيادة مناطق شرق نهر الفرات، من العراق وسورية، ثم أميرا لـديوان الأمن العام في “التنظيم”، كما أشرف بنفسه على عمليات “التفخيخ” أثناء معارك “التنظيم” ضد “الجيش الحر” في سوريا.
ارتقى قرداش إلى موقع النائب العسكري للبغدادي عام 2016، وأصيب في ساقه اليمنى في معارك الباغوز السورية، ليصل عام 2019 إلى هرم “التنظيم” ثم تولي زعامته، بحسب مواقع موالية لـ”داعش” بينها وكالة “أعماق”.
وظهر قرداش إلى جانب البغدادي في شريط فيديو بثه التنظيم في نيسان/ إبريل عام 2019. رغم أن عناصر متقدمة في “التنظيم” كشفت عن أن قرداش كان يدير “التنظيم” فعليا حتى قبل مقتل البغدادي في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.
ورشحه أبوبكر العراقي، نائب البغدادي السابق، ليكون قائدا لفرع “التنظيم” في لبنان، إبان تفكير “التنظيم” في إنشاء فرع هناك، لكن الفكرة ألغيت في وقت لاحق.
ووفقا لما رشح عن قرداش فهو يتسم بـ”القسوة والتسلط والتشدد”، ويلقب وفقا لمواقع إعلامية عراقية، بـ”المدمر”، وكان أحد مرافقي البغدادي في الفيديو الذي بثه “التنظيم” بعنوان “في ضيافة أمير المؤمنين”.
ورغم نسبه إلى “التركمان”، إلا أن قيادات داخل “داعش” من بينهم إسماعيل العيثاوي تؤكد “قرشيته”.
وفي كتابه المعنون بـ”كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي” كشف القيادي المنشق عن “داعش” أبو محمد الحسيني الهاشمي، أن القيادي العراقي، إسماعيل العيثاوي المعروف بأسم “أبوزيد العراقي”، كان أحد المرشحين لخلافة البغدادي باعتباره “قرشيا عراقيا”، وهو أبرز الشروط التي يتم اختيار قادة “التنظيم” على أساسها.
وأشار الهاشمي إلى أن تركز قيادة “التنظيم” ، في يد مجموعة “القرشيين” تعود إلى “نص مؤول” ومأخوذ من كتاب صحيح البخاري، تحت عنوان ” باب الأمراء”، يشير إلى أن هذا الأمر في قريش “لا ينازعهم أحد فيه إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين”.
ويعتبر “داعش” أن هذا النص “قاعدة أصولية” تحدد ضوابط اختيار من يصفه بـ”أمير المؤمنين”، لذا يقصر مجلس شورى “التنظيم” وهو المسؤول عن اختيار الزعيم، اختياراته على المجموعة “القرشية” داخل “التنظيم”.
وكانت الأمم المتحدة أصدرت تقريرا مستندا على معلومات مستمدة من وكالات استخبارات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، أشارت فيه إلى أنه بالرغم من انحسار الوجود الجغرافي لـ”خلافة داعش”، تتفق العديد من الدول الأعضاء على استمرار وجود العوامل التي أدت إلى ظهور “التنظيم” بالأساس، مما يوحي بأن تهديدات تنظيمات “داعش” و”القاعدة”، أو الجماعات المماثلة من غير المرجح أن تنحسر قريبا.
المراقبون تحدثوا في التقرير عن 30 ألف أجنبي سافروا للقتال في صفوف “داعش” ومن المرجح أن معظمهم لا يزالون أحياء.
وبحسب تقرير لجهاز الأمن الوطني العراقي المعني بملف “الإرهاب والجماعات الإرهابية”، كشف عنه أخيرا، فإن تولي قرداش قيادة “التنظيم ” يمكن أن ينقله إلى مرحلة خطيرة للغاية من العنف العشوائي الذي يطال المدنيين بطريقة انتقامية، كما أن ترشيح قرداش قد يطرح احتمالات خطيرة لعودة للعمليات التي تستهدف إثارة الفتنة الطائفية في العراق.
وكما هو معروف فإن تمويل “داعش” ما زال يعتمد على الأموال التي استولى عليها في نينوى والأنبار، ومن آبار النفط المستولى عليها في سوريا، ومن استغلال عصابات التهريب وبفرض ضرائب على التجار في تلك الفترة التي جمع خلالها أموالا طائلة، ويعتقد بعض الخبراء العراقيين أن هناك دولا وأجهزة استخبارات في الشرق الأوسط لها تأثير ونفوذ مباشر أو غير مباشر في “داعش”.
ويعتقد على نطاق شعبي أن “داعش” يستثمر من قبل بعض الدول من أجل إحداث خلخلة وتصدع في صفوف المسلمين والعرب، وإلى صبغ الإسلام بصفة “التطرف والإرهاب” عبر لصق أو الطلب من “التنظيم ” تنفيذ عليمات قتل عشوائية للأبرياء. كما يقال على مواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي بأن “التنظيم” هي عبارة عن لعبة إعلامية تستثمرها الحكومات لتحقيق أهدافا خفية .
وما يعزز الافتراضات الشعبية تضارب التصريحات الأمريكية حول “التنظيم”، ففي أذار/ مارس الماضي أعلن البيت الأبيض الأمريكي أن “تنظيم الدولة” تم القضاء عليه تماما “بنسبة مئة بالمئة في سوريا”، إلا أن إعلان مفتش عام في وزارة الدفاع الأمريكية أكد فيما بعد أن “التنظيم” عاود الظهور من جديد، وأنه عزز قدراته في العراق أيضا.
ومنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هزيمة “التنظيم” خفضت الولايات المتحدة وجودها العسكري شمالي سوريا، معتبرة أن الحاجة إلى وجود قواتها انخفضت بصورة كبيرة.
وتقول تقارير صحفية إن ” البنتاغون” يرى أن خفض عدد القوات الأمريكية سمح لـ”داعش” بنشر “ايديولوجيته” وسط 70 ألف لاجئ بـ”مخيم الهول” الضخم، وهم عدد المقيمين فيه. وسط تسربيات أمريكية تقول إن ما بين 14 و18 ألفا من مقاتلي “التنظيم” ما زالوا في سوريا والعراق.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أدرج عبد الله قرداش على لائحة العقوبات، في خطوة وصفتها الولايات المتحدة بـ”المهمة لإلحاق الهزيمة بالتنظيم”.
وقررت لجنة العقوبات في مجلس الأمن، في أيار/مايو 2020، إدراج قرداش على لائحة العقوبات، بموجب القرار رقم 2368 الخاص بفرض عقوبات على تنظيمي “الدولة” و”القاعدة”، بتهمة “التخطيط لأنشطة نيابة عن التنظيمين وتمويلهما”. وذكرت اللجنة أن قرداش لعب دورا في “اختطاف الإيزيديات وقتلهن والاتجار بالبشر”.
ويشكك خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية في كون قرداش هو الاسم الحقيقي لزعيم “التنظيم” أو مجرد اسم دلالي لشخصية أو حتى في كونه زعيما له، حيث طرح اسم آخر هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، ولا توجد معلومات صحيحة ودقيقة عن زعيم “التنظيم”، وثمة خلاف حول هوية من تولى قيادة “التنظيم”.
التعليقات مغلقة.