المقاومة ونُذُر وآفاق المواجهة القادمة في لبنان وفلسطين .
موسى عباس ( لبنان ) – الجمعة 3/7/2020 م …
“اشتدّي يا أزْمة تنفرجي”… شعارٌ رفعه الراحل رشيد كرامي رئيس وزراء لبنان الأسبق الذي اغتاله المجرم والعميل سمير جعجع في الأوّل من حزيران من العام 1987.
ولأنّ الأزمات في لبنان والمنطقة على أشدّها بحيث لم يعرف التاريخ الحديث للمنطقة ما يُماثلها من أزمات لذا لا بُدّ من العمل على إنفراجها وبالشكل المناسب وأهمّ تلك الأزمات:
أوّلاً : الأزمة الإقتصاديّة الخانقة في لبنان.
ثانياً : تطبيق “صفقة القرن”بشكل فعلي من خلال ما تعهّدت حكومة الكيان الصهيوني وتعمل على تنفيذه بوتيرة متسارعة ربّما السبب الخشية من هزيمة “ترامب” في الإنتخابات القادمة وذلك عبر ضمّ “منطقة غور الأردن والقسم الأكبر من الضفّة الغربية ” لدولة الكيان الغاصب لإتمام الصفقة المترافقة مع التطبيع العلني مع العديد من الكيانات العربية.
والواضح جدّاً أنّ الأزمتان في لبنان والمنطقة مترابطتان .
لذلك لا بدّ من التساؤل كيف سيواجه محور المقاومة أو على الأصَحْ كيف ستواجه المقاومة في لبنان تلك الأزمات التي ما فتئت تشتد يوماً بعد يوم بحيث وصلت إلى درجة يبدو معها أن الإنفجار الشعبي ولا سيّما في البيئة الحاضنة للمقاومة ضد الذين تسبّبوا ولا زالوا بما يحدث من تدهور لقيمة العملة الوطنية وما يرافق ذلك من تدنّي القيمة الشرائية وانعدام القدرة على الإستمرار في تأمين معيشة ولو شبه طبيعية في ظلّ إرتفاع جنوني متسارع ويومي لأسعار البضائع الإستهلاكية التي لا يمكن الإستغناء عنها.
وقد بات واضحاً للعيان الجهات التي تقف خلف ما يحدث في فلسطين وفي لبنان وهي الولايات المتحّدة والكيان الصهيوني والمحميّات الأعرابية المتصهينة في الخليج.
في خطابه الأخير أعلن سماحة السيّد حسن نصرالله أنّ المقاومة لن تسمح بتجويع الشعب اللبناني وأنّها ستواجه ذلك بأقصى درجات المواجهة ، فما هي أفق تلك المواجهة وكيف ستكون؟
وللإجابة على هذا التساؤل لا بدّ من العودة بضع سنوات إلى الوراء وبالتحديد إلى الحرب على سوريا حيث قرّرت المقاومة مواجهة العدو “الإرهاب “في عقر داره قبل أن يصل إلى أرض لبنان فتصبح المواجهة أشرس وأصعب وتكاليفها على الشعب اللبناني برُمتِه أكبر، لذلك اندفعت وقاتلت في سوريا الى جانب الجيش السوري متعاونةً مع الداعم الأهم لها الحليف الإيراني وبعد ذلك مع القوات الروسيّة التي دخلت إلى سوريا وكان دخولها لصالح محور المقاومة بحيث أحدث ذلك توازناً سياسياً وأمنياً في مقابل تواجد التحالف الغربي الخليجي المُساند للمنظمات الإرهابية، الأمر الذي أدى إلى انتصار محور المقاومة وتحرير الجزء الأكبر من الأراضي السوريّة التي كانت تحت سيطرة الإرهاب وكان للرّوس دوراً مهما من خلال الدعم العسكري الجوّي والدعم السياسي في المحافل الدولية.
فهل يكون لإيران وللصّين دوراً أساسياً لا بد منه لكسر هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها وحصارهم للبنان ؟
وبناءً عليه ومن خلال ما دعا إليه السيّد نصرالله إلى ضرورة كسر الحصار التي تفرضه الولايات المتّحدة الأمريكية ودول الخليج على لبنان عبر فتح أفق التعاون الأقتصادي من قبل الحكومة اللبنانية مع كلّ من إيران والصين والعمل على إفساح المجال لتلك الدول بل والطلب منها بشكل رسمي المساعدة على فكّ الحصار الإقتصادي عن الشعب اللبناني وكذلك الموافقة على المشاريع التي تمّ تقديم عروض لتنفيذها خاصّةً من قبل الصين لأنّ التعاون مع إيران قد يكون مرفوضاً من قسم من الزعامات السياسة والطائفية في لبنان ولا سيّما تلك الأطراف المرتهنة للولايات المتحدة الأمريكية ولدول الخليج العربي ، ولكن يبدو أنّ تلك المناشدة لا تلق آذاناً صاغية من غالبية أعضاء الحكومة اللبنانية وكما يبدو أنّ رئيسها يخضع للضغوط التي تمارس عليه من الداخل والخارج ولن يُقدِم على أيّ خطوة لا في مواجهة المتسببين بالفساد المحميين من زعامات أساسية بعضها متمثّل في الحكومة ولا كذلك في الطلب من إيران كسر الحصار عن لبنان كما فعلت مع ڤنزويلا ولا من الصين التي يواجه سفيرها سفيرة الولايات المتّحدة في لبنان والذي أعلن تكراراً عن استعداد حكومة بلاده لتلبية الطلبات التي قد تتقدم بها الحكومة اللبنانية .
*ما هي الخيارات أمام المقاومة*؟
قد تنتظر المقاومة التي تتمتّع “بقيادة حكيمة إلى أقصى درجات الحكمة وكذلك بشجاعة إلى أقصى درجات الشجاعة دون أيّ تهوّر ، قد تنتظر” المزيد من الوقت ربّما اشهر قليلة وربّما أقلّ لتبدأ بالعمل الفعلي لكسر الحصار الإقتصادي وتنفيذ الوعد ومن المؤكد أنّ ذلك سيواجه بشراسة من أعداء المقاومة في الداخل والمتربصين بها شرّاً وهذا سيؤدي ربّما إلى إتّخاذ قرارات وإجراءات استراتيجية صعبة لا بدّ منها لم تكن المقاومة في وارد اتخاذها سابقاً ولولا خطورة ما يحدُث ، وذلك لتنفيذ متطلبات كسر الحصار ورفع الظلم وربّما سيؤدي ذلك إلى مواجهة عسكريّة مع الصهاينة والأمريكيين الذين قد يبادرون إلى دعم حلفائهم في الداخل اللبناني أو إلى منع وصول المساعدات إلى لبنان بحراً أو جواً لا سيما من إيران فيما لو طلبت قيادة المقاومة منها ذلك ، قد تكون تلك المواجهة على الحدود أو في أمكنة تواجد الأمريكيين في الإقليم ،وهذا الأمر يبقى مُجرّد احتمال ومرهون بالظروف.
– من جهّةٍ ثانية وفي ذات الوقت الذي قد تُقدِم فيه الحكومة الصهيونية على تنفيذ اجراءات ضمّ المناطق الفلسطينية والذي يترافق مع الحصار على لبنان ، قد تبادر المقاومة الفلسطينية إلى منع إجراءات الضّمْ بالقوّة العسكريّة الأمر الذي سيؤدي الى مواجهة مع الكيان الصهيوني لا سيما في غزّة وفي حال اشتداد تلك المواجهة التي قد لا تكون مثل سابقاتها ، حينها لن تكتفيَ المقاومة في لبنان خاصّةً ومحور المقاومة عامّةً بتقديم الدعم الإعلامي والسياسي والمعنوي وإنّما قد تُبادِر إلى تقديم الدعم المباشر عبر فتح الجبهات من لبنان وسوريا ومن إيران وحينها قد تتحوّل الحرب إلى حرب مفتوحة بين المحورين : محور المقاومة ومحور الكيان الصهيوني-الأمريكي وحلفائهم من الأعراب المتصهينين ، ولا أعتقد إذا ما حدث ذلك أنّ تلك الحرب إذا ما وقعت ستنتهي دون هزيمة أحد الطرفين هزيمة ساحقة ، والأيام القادمة وربّما بضعة أشهر لن تتجاوز الثلاثة ستكون الفاصل لأن الأمور لم تعد تَحتمِل فقد “جاوز السيلُ الزُبى ” وكاد الهيكلُ ان ينهارَ فوق رؤوس الجميع في لبنان ولدى الفلسطينيين الذين إذا ما نجحت صفقة القرن سينتهي حُلم إقامة الدولة الفلسطينية، لذا لا بُدّ من إتّخاذ القرار الصّعب بالمواجهة .
ومن المؤكّد أنّ من ينتصِر للحقّ لن يُهزَمْ ومن المحتوم أنّ الله لن يخذل رجاله الذين إذا أرادوا أراد وهو على نصرهم لقدير .
“وإنّ غداً لناظره قريب”.
التعليقات مغلقة.