حوار شامل مع ( د. إبراهيم أبراش ) حول آخر مستجدات الساحة الفلسطينية

 

الأردن العربي ( الثلاثاء ) 27/10/2015 م …

أجرى الحوار سامر الغول وسامر ترزي

تعيش فلسطين في هذا الوقت الراهن هبة جماهيرية وشعبية والبعض يرى أنه ربما ترتقى لفعل الانتفاضة الشعبية ، جاءت نتيجة حالة من الركود السياسي وتردى لأوضاع الفلسطينيين على كافة الأصعدة ولا سيما الانتهاك اليومي الممنهج والمنظم للمقدسات الإسلامية في القدس الشريف في ظل حالة من العجز الفلسطيني والتسلط الإسرائيلي والتنكر الدولي للحقوق الفلسطينية .

ويحاول الشباب المنتفض استخدام ما هو متاح لديهم من سكاكين أو عمليات دهس تستهدف المستوطنين والجنود .

جاءت هذه الهبة الجماهيرية في ظل حالة من الانقسام الفلسطيني ، ساهم في إحداث شرخ عميق في الحالة السياسية والاجتماعية ، وأعطى الفرصة الكاملة لإسرائيل للاستفراد والتغول على الشعب الفلسطيني في شطري الوطن ، من حروبه الدموية على غزة إلى استفحال الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس والاعتداء والاقتحام للمقدسات من قبل المستوطنين بحماية الجيش ، وعجز الحالة الأمنية الفلسطينية في الدفاع والتصدي لكل ذلك بحكم الاتفاقات المجحفة بين السلطة وإسرائيل .

إلا أن الهبة الشعبية فاجأت الجميع لتصفع الطرفين على أمل الاستفاقة ووضع حد لهذا الانقسام ، ولفت النظر إلى أن العدو واحد وهو الاحتلال ، والهدف واحد وهو تحرير الوطن

وفي ذلك السياق التقي موقع “ بيلست الاخباري ” الكاتب السياسي د.ابراهيم ابراش في حوار شامل عن الأوضاع التي يعشيها الشعب الفلسطيني من انتفاضة القدس والمقدسات  والانتهاكات  الإسرائيلية واستمرار الانقسام الفلسطيني.

وفيما يلي نص الحوار بالكامل.

س – أنت تشاهد مثلما نشاهد مجمل تحولات الساحة في الأيام القليلة الماضية ماهي رؤيتكم كموجودين في الساحة الفلسطينية موجودين في ساحة القرار والسياسية الفلسطينية كيف تقرؤون الواقع؟

بالرغم من مرور أكثر من خمس وعشرين  يوم على الهبة الشعبية الأخيرة التي بدأت في القدس ثم انتقلت بسرعة إلى الضفة وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر، حيث شباب وشابات فلسطين يواجهون المستوطنين والجيش الإسرائيلي في مشهد بطولي رائع  للدفاع عن القدس والأقصى ،وبالرغم من سقوط حوالي ثمان و خمسين شهيدا وآلاف الجرحى …، ما زال البعض حذِرُ في وصف ما يجري بأنه انتفاضة ثالثة، بل وهناك من يشكك بإمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي نتيجة الوضع الفلسطيني المعقد  والصعب من سوء الأحوال الاقتصادية وانهاك المواطن الفلسطيني في محاولات لمعالجة أزمات الحياة اليومية ، ناهيك عن حالة الانقسام المزري التي أضعفت الحالة الفلسطينية بأكملها،  والبعض يرى أن اتخاذ الهبة الطابع المسلح من طرف الفلسطينيين ربما يجعل ردة الفعل الدولية ليست في صالح هذا الحراك ، كما أن العديد من  هذه المواقف تبنى على قراءة سلبية لنتائج الانتفاضتين السابقتين – الانتفاضة الأولى 1987 وانتفاضة الأقصى 2000 التي لم تحقق فعليا على أرض الواقع ما كان مرجوا منهما ، وعلى الاختلال البيِّن في موازين القوى بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالإضافة إلى حالة الانقسام الفلسطيني وفوضى العالم العربي.

س – باعتقادك أن السلطة أو بعض المسئولين يعبرون عن خشيتهم من أن حالة  من الفوضى تسببها انتفاضة مسلحة غير منظمة؟وبعيدة عن التوافق الوطني؟

الأمر هنا لا يتعلق فقط بالسلطة الفلسطينية أو مسؤولين ينتمون لها يعبرون عن خشيتهم من أن حالة فوضى تسببها انتفاضة مسلحة غير منظمة وليست محل توافق وطني، قد توظفها إسرائيل لخلط الأوراق وتحويل الشعب الفلسطيني من ضحية إلى مذنب، بل إن الأحزاب والفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس حالها كحال السلطة الوطنية ما زالت في حالة تردد وارباك، سواء فيما يتعلق بتوصيف ما يجري أو في المشاركة فيه رسميا وعلنيا، وخطابها وإن كان يبارك ما يجري ويدعو للانتفاضة إلا أن هذه القوى والفصائل ما زالت خارج الفعل الحقيقي على الأرض، وفي حالة انتظار وترقب. كما أن السلطتين في غزة والضفة متخوفتان من أن تؤدي الانتفاضة إلى سقوط سلطتيهما وليس إنهاء الاحتلال.

الجدل حول قيام انتفاضة ثالثة ليس بالأمر الجديد بل إنه صاحب الجدل والمناكفات السياسية بين السلطة الوطنية ومعارضيها خلال السنوات الخمس الماضية على اقل تقدير، كما كان التفكير بهذا الأمر يشغل قادة الحرب والسياسيين الصهاينة كلما طعن فلسطينيا مستوطنا أو قام بدهسه أو جرت عملية لإطلاق النار على إسرائيليين، فالخوف من انتفاضة فلسطينية شاملة للضفة والقدس وغزة وأراضي 48 – انتفاضة ستة مليون فلسطيني – يعتبر أهم ما يشغل قادة الاحتلال وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد دولة الاحتلال.

فقد أدى وقف المفاوضات الرسمية عام 2010 إلى التساؤل عن البديل لفشل المفاوضات وكيفية الرد على التعنت الإسرائيلي على طاولة المفاوضات وعلى مواصلة عمليات الاستيطان والتهويد في الضفة والعدوان العسكري على غزة. وفيما طرحت منظمة التحرير والرئيس أبو مازن آنذاك سبعة خيارات كبديل للمفاوضات المتعثرة، كانت المقاومة الشعبية السلمية إحداها دون توضيح لمفهوم هذه المقاومة الشعبية ونطاقها وأدواتها، طرحت قوى المعارضة وخصوصا حركة “حماس” المُسيطرة على قطاع غزة خيار المقاومة المسلحة والانتفاضة المفتوحة على كل الاحتمالات كخيار بديل لفشل المفاوضات.

خلال خمس سنوات من وقف المفاوضات الرسمية وانغلاق أفق التسوية السياسية جربت منظمة التحرير كل خياراتها البديلة وأهمها الذهاب للأمم المتحدة والاعتراف بفلسطين دولة غير عضو تحت الاحتلال والذهاب لمحكمة الجنايات الدولية، بالإضافة إلى تحريك أو السكوت عن أشكال من المقاومة الشعبية كمقاطعة بضائع المستوطنات داخليا وحراك دبلوماسي خارجي لكشف الممارسات الصهيونية ..الخ، وفي المقابل خاضت حركة “حماس” وحركة الجهاد الإسلامي ومعهما فصائل أخرى من منظمة التحرير ثلاث مواجهات عسكرية مع جيش الاحتلال داخل أراضي قطاع غزة وعلى حدوده، وتم استعمال كل أنواع السلاح في هذه الحروب التي لم تجلب إلا مزيد من الشهداء والجرحى والمعاناة والدمار.

ولكن بعد كل ذلك، وبعد أن استنفذت منظمة التحرير والسلطة والفصائل المعارضِة لهما كل خياراتها، وبعد ما جرى سواء كانت إنجازات وانتصارات لخيار الدبلوماسية والعمل السلمي كما تقول منظمة التحرير والسلطة، أو إنجازات وانتصارات عسكرية لخيار المقاومة كما تقول حركة “حماس” وأحزاب أخرى.. بعد كل ذلك فإن فلسطين كل فلسطين ما زالت تحت الاحتلال، والاستيطان والتهويد متواصلان بل أكثر شراسة واستفزازا، وحصار غزة وإذلالها وفصلها عن بقية الوطن ما زال متواصلا، والأهم من ذلك انغلاق أفق أية تسوية سياسية قادمة تلبي ولو الحد الأدنى من الحقوق الوطنية التي تعترف بها الشرعية الدولية للفلسطينيين، كما تراجع المراهنة على المقاومة المسلحة كخيار بديل للعملية السياسية.

س – د.إبراهيم … الحق بالمقاومة جزء لايتجزأ من الشرعية الدولية وضح لنا ذلك؟

لا شك أن الحق بمقاومة الاحتلال سواء سميناه حربا شعبية أو مقاومة شعبية أو كفاحا مسلحا أو انتفاضة أو حق الدفاع عن النفس الخ حق وثابت وطني ما دام الاحتلال قائما على أرضنا، والأمم المتحدة اعترفت بفلسطين دولة تحت الاحتلال مما يشرعن أي عمل ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه. إنه حق يستمد شرعيته من القانون الطبيعي والشريعة الدينية والشرعية الدولية، وبالتالي ليس من حق أحد أن يتصرف بهذا الحق ما دام الاحتلال جاثما على أرضنا. الحق بمقاومة الاحتلال يستمر ما دام الاحتلال موجودا، وحتى من منطلق الإستراتيجية السياسية سيكون من غير المنطقي والعقلاني أن يُعلن أي مسئول فلسطيني التخلي عن الحق بمقاومة الاحتلال، كما لا يجوز التفريط به من خلال هدنة مع العدو أو اتفاقات موقعة معه، إلا بقرار من الشعب وبإرادته الحرة، حني الدساتير لا يجوز أن تتضمن نصوصا تقول بإلغاء الحق بمقاومة الاحتلال. كما لا يجوز لأي مسئول أن يسقط الحق بمقاومة الاحتلال وفي نفس الوقت يطالب المجتمع الدولي بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، لأن الحق بالمقاومة جزء من الشرعية الدولية ،المهم الاتفاق على إستراتيجية وطنية لممارسة المقاومة في ظل اختلاف الظروف ما بين الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر.

س –  الحالة الفلسطينية بكل تشعيباتها  الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تبرر الانتفاضة، ولا ندري إن لم ينتفض الفلسطينيون اليوم حيث كرامتهم تُمتهن من الاحتلال والحصار وأرضهم تسرق كل صباح ومقدساتهم تُدنس كل يوم وأفاق المستقبل مظلمة مدلهمة لا تمنح ولو بصيص أمل لأجيال المستقبل، فمتى سينتفضون ويثورون؟

اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني في الضفة الغربية، كذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته حركة “حماس” مع إسرائيل بعد عدوان 2014 وما يُقال عن مفاوضات حول هدنة طويلة المدى، لا يبررا الوقوف في وجه شعب يريد أن يدافع عن وطنه ومقدساته، الحق بالمقاومة وبالدفاع عن النفس فوق كل اتفاقات والتزامات، ولكن على الفلسطينيين التوافق على إستراتيجية وطنية للانتفاضة تأخذ بعين الاعتبار اختلاف الظروف والأحوال الوطنية والعربية والدولية الراهنة عما كان عليه الحال خلال الانتفاضتين السابقتين، وبالتالي لا يمكن استنساخ تجربة أية من الانتفاضتين السابقتين ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الانقسام سيضعف حصاد تلك الهبة مع عدم وجود عنوان فلسطيني واحد ومحل توافق الكل الفلسطيني ، وسيضع تلك الجهود في مهب التعنت الإسرائيلي وتشويه الحراك من خلال وصفه بالارهاب والاعتداء على مواطنين إسرائيل  وشاهدنا ذلك من خلال إدانة الولايات المتحدة لأعمال الفلسطينيين ووصفها بالإرهاب .

س_بالرغم من أن الحراك الشعبي الراهن جاء في ظروف مغايرة للانتفاضتين السابقتين، إلا أنه يكشف ويؤكد على حقائق ثابتة كيف نجمل  ذلك ؟

ألخص ذلك فيما يلي:

1     الأولى أنه لم يعد مجالا لأي مراهنة على العيش المشترك تحت الاحتلال بين الفلسطينيين أصحاب الأرض من جانب والاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس من جانب آخر، وعملية الطعن والدهس رسالة تؤكد ذلك.

2-     ينبني على ما سبق حقيقة ثانية لمسها العالم وتجاوب معها، وهي أن الحل لن يكون إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة خالية من الاستيطان والمستوطنين.

3-     والحقيقة الثالثة هي أن الانقسام والاحتلال لم ينجحا في كسر وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وخصوصا داخل فلسطين التاريخية، حيث بوادر انتفاضة ستة ملايين فلسطيني ضد دولة إسرائيل إن لم يسارع العقلاء في إسرائيل للانفصال عن الفلسطينيين ومنحهم دولة مستقلة.

4-     إن خيارات الشعب أوسع وأكثر تحررا من خيارات النخب السياسية الحاكمة في الضفة وغزة، وأن الشعب الفلسطيني لم ولن يستسلم للأمر الواقع ولن يسمح بتصفية قضيته الوطنية بسبب خيارات فاشلة لنخب سياسية مأزومة، بل يملك وسائل نضالية غير خياري المفاوضات العبثية والمقاومة المسلحة الفصائلية الأكثر عبثية.

س – د.إبراهيم ماهو المطلوب الآن في ظل استمرار الهبة الشعبية؟

المطلوب اليوم استراتيجية وطنية لانتفاضة شعبية موجهة وتحت السيطرة وبدون سلاح ورصاص من طرف الفلسطينيين، وبدون شعارات كبيرة غير قابلة للتحقيق، وبدون مزايدات سياسية بين الفصائل. انتفاضة بأهداف وطنية محل توافق وطني، انتفاضة سلمية قدر الإمكان تنسجم وتتوافق مع حالة التأييد العالمي مع عدالة قضيتنا ومعاناة شعبنا، انتفاضة تعمل وتتوافق مع الشرعية الدولية والقانون الدولي وتؤكد على خيار السلام العادل. المطلوب انتفاضة شعبية تعزز الحراك الدبلوماسي الفلسطيني الهادف للانتقال من مرحلة سلطة حكم ذاتي محدود وحالة انقسام إلى تحيين وفرض الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية كما اعترفت بذلك غالبية دول العالم.

ومع ذلك لا نتردد بأن نؤكد على أهمية انتفاضة سلمية منظمة وعقلانية ، هدفها استنهاض الهمة والشعور الوطني وطرق جدران الخزان ووقف تدنيس المقدسات في القدس والأقصى، انتفاضة تسعى لتحريك الركود في عملية السلام ودفع العالم للاهتمام بالقضية الفلسطينية وتحسين الشروط الفلسطينية في أية تسوية سياسية قادمة، وليس هجر خيار التسوية السياسية والانجرار لمربع الحرب والعنف المسلح كما تريد إسرائيل.

نعم فلتكن في البداية انتفاضة تحريكية كحرب أكتوبر التحريكية من حيث التخطيط المسبق والأهداف الواضحة، على أمل أن تكون نتائجها أفضل من نتائج حرب أكتوبر، إن لم يحدث ذلك ودخلت الانتفاضة في دوامة المزايدات والمناكفات السياسية واستعراض القوة بين الأحزاب الفلسطينية فسيتم الالتفاف إسرائيليا على الانتفاضة بسرعة، ولن يحصد الفلسطينيون إلا مزيد من الضحايا والمعاناة. أما في حالة عدم تجاوب إسرائيل والعالم مع المطالب الفلسطينية المشروعة واستمرت عمليات انتهاك المقدسات واستمر الاستيطان، فلا أحد يستطيع وقف الانتفاضة بل وتحولها لثورة ومقاومة مفتوحة على كل الاحتمالات.

س –  هناك مقترح فرنسي لنشر قوات دولية في القدس للحفاظ على الوضع الراهن في المدينة.. هل تقبل المبادرة؟

الخطورة في المبادرة الفرنسية حتى وإن رفضتها إسرائيل أنها تجزئ وتقزم القضية الوطنية وتختزلها بالمسجد الأقصى .فعندما يطالب مشروع القرار الفرنسي بالحفاظ على الوضع الراهن فالوضع الراهن أن تبقى “إسرائيل” مسيطرة على المدينة، والإبقاء على عربدة المستوطنين، واستمرار الاستيطان، وهدم المنازل، واستمرار الحفريات.ومعنى قبول أي طرف فلسطيني بالمبادرة يعني شرعنة ضمنية لما قامت به “إسرائيل” من حفريات وإنشاء كُنُس في المسجد الأقصى، ومن يقبل بالوضع القائم يقبل باستمرار الاحتلال . إن أي تفاهمات أو اتفاقات ،بما فيها التفاهمات بين كيري والأردن وإسرائيل ، تريد وقف الانتفاضة مقابل الحفاظ على الوضع القائم في القدس ستخدم الاحتلال على حساب الحق الفلسطيني 

س- لماذا تأخر تشكيل قيادة موحدة من الفصائل للإشراف على الانتفاضة؟

بالرغم من مباركة الفصائل للهبة الجماهيرية وكذلك لأعمال الدهس والطعن والتصدي للجنود والمستوطنين إلا أن حالهم من حال السلطة الوطنية يعيشون حالة من الترقب لما ستئول له الأمور وما هو التوصيف الحقيقي لتلك الأحداث ، هل ستكون هبة سرعان ما تتلاشى أو ستستمر لتكون شرارة الانتفاضة الثالثة و التي ربما تكون انتفاضة جماهيرية مدمرة لأحلام طرفي الانقسام في غزة والضفة  في التربع على كرسي السلطة والتمتع بمزاياها  ، حتى الفصائل الأخرى خارج السلطتين تعيش نفس حالة الترقب والابتعاد عن الانخراط الرسمي في المواجهة لتفادى تحمل مسئولية ما ستئول له الأمور في حال تطور الوضع لانتفاضة شاملة ، وعدم مقدرة تلك الفصائل على تحمل عبء الثمن الذي سيدفعه الشعب خاصة بعد فشل العديد من الخيارات التي تبنتها تلك الفصائل ومنها المواجهة المسلحة مع الاحتلال كما حدث في حرب غزة و كبدت الشعب أثمانا فادحة ، ودمارا واسعا .

س – الاستفادة من الأدوار الأخرى غير العربية يعني التدخل الروسي في المنطقة والوجود الصيني في ذلك السياق هل يمكن فلسطينينا التنسيق مع هذه القوى من أجل الدعم والمساندة ؟

بداية كل وجود لأي من القوى على الساحة العربية مرتبط ارتباطا وثيقا بمصالح تلك القوى في المنطقة العربية ،  والوجود الروسي في سوريا ،والأمريكي في العراق ودول الخليج العربي كله نتيجة تحالفات بنيت على المصالح ، ومن الواضح أن روسيا تحاول أن توجد لها  دور منافس للدور الأمريكي من خلال الساحة السورية والمناداة بمحاربة الإرهاب هناك .

مع أنه لا يمكن التغاضي عن أهمية الوجود الروسي وحجمه في في المنطقة العربية أو حتى من خلال مناكفاتها السياسية مع الولايات المتحدة ومحاولتها لأخذ دور وإبراز موقف مخالف لسياسات الولايات المتحدة تجاه عديد من قضايا المنطقة الساخنة  ، كمحاربة الإرهاب والوضع السوري ، إلا أنه من المستبعد أن تدخل موسكو في مواجهة مع واشنطن للحلول محلها في عملية التسوية أو اتخاذ أي خطوات عقابية ضد تل أبيب ، ونفس الأمر بالنسبة للصين التي أدارت ظهرها كليا عن المشاكل السياسية للشرق الأوسط ولا تهتم إلا بمصالحها الاقتصادية ، ومع ذلك فلهذه الدول دور مهم على مستوى دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية . فقد حمل ممثل روسيا في مجلس الأمن خلال انعقاد الجلسة الخاصة بمناقشة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ، حمل إسرائيل مباشرة  المسئولية عن ما يحدث في القدس وأكد على أن حل الصراع سيكون بحل الدولتين ونحن لا شك بحاجة إلى كل الجهود من جميع الدول في المجتمع الدولي.

** يذكر أن د. إبراهيم أبراش من مواليد قطاع غزة، حاصل على دكتوراه في القانون العام- العلوم السياسية -من جامعة محمد الخامس بالرباط 1985

** عميد سابق لكلية الآداب بجامعة الأزهر،

** مؤسس ومشارك في العديد من مراكز البحوث والمؤتمرات والندوات العلمية

** وزير الثقافة المستقيل في الحكومة الفلسطينية الثالثة عشر.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.