ما حقيقة تآمر الأردن الرسمي على انتفاضة السكاكين الفلسطينية / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 29/10/2015 م …

منذ أسبوع مضى انبرت للأسف العديد من الأقلام والألسن الرسمية  والنخبوية العربية والفلسطينية ،للتشكيك بنوايا  الأردن الرسمي أتجاه التعهدات والالتزامات التي التزم بها الكيان الصهيوني وبضمانة الأمريكان بما يخص اتخاذ تدابير جديدة  تحمي المسجد الاقصى من الاعتداءات والمخططات  الصهيونية المتكررة التي تستهدف بمجموعها الاقصى والقدس والمقدسيين بشكل خاص ،مع أن هؤلاء المشككين بمجموعهم يدركون جيدآ أن التعهدات التي حصل عليها الأردن  الرسمي ضمنت بشكل كامل الاحترام الكامل لدور الاردن الخاص، باعتباره المؤتمن على الأماكن المقدسة، بحسب الوضع الراهن لعام 1967، وأنهت بشكل كلي “مرحليآ “خطط الحكومة الصهيونية الرامية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيآ ومكانيآ ،وحافظت بشكل أو بآخر على منظومة الحماية الأردنية للاماكن المقدسة بمدينة القدس  والتي نصت عليها بعض بنود اتفاقية سلام  وادي عربة “المشؤومة ” في  عام 1994 وحق الأردن  بالاشراف على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس.

وبالعودة ،إلى حقيقة أتهام البعض للأردن الرسمي بالتآمر على الانتفاضة الفلسطينية “المباركة “،فهذا الحديث مردود على كل شخص يتحدث به ،فالأردن الرسمي والشعبي لم يكن بيوم الا بجانب فلسطين وقضيتها العادلة ،والتاريخ شاهد على ما نقول ونكتب ،فالأردن الرسمي تعرض مؤخرآ لمجموعة ضغوط  من اطراف عربية و أقليمية ودولية  بمحاولة لتحقيق معادلة حيادية ينجر الأردن اليها بما يخص مايجري من انتفاضة “مباركة “بمعظم الاراضي الفلسطينية المحتلة ،ولكن الأردن الرسمي تصدى ورفض كل هذه الضغوط ووقف سدآ منيعآ أمام كل المشاريع التي تستهدف الأقصى والقدس والمقدسييين ،وكان لهذه الوقفة والموقف الأردني أثرآ عظيمآ انتصارآ لحقوق الفلسطينين ،فهذه الوقفة الأردنية “التاريخية ” حققت للفلسطينيين وللعرب أنجازآ كبيرآ من خلال حصول الأردن على هذا الاتفاق والتعهدات “التي تحدثنا عنها أعلاه”والالتزامات من الكيان الصهيوني وبضمانة الأمريكان .

بهذه المرحلة تحديدآ ،لايحق لبعض أقطاب منظمة التحرير الفلسطينية خاصة التشكيك بنوايا الأردن الرسمي أو تخوينه بما يخص هذه الالتزامات والتعهدات التي حصل عليها الأردن الرسمي من الكيان الصهيوني وبضمانة الأمريكان ،فما يجري وجرى وسيجري بالقدس “الشرقية “اليوم وبالأمس وغدآ هو نتيجة “الجريمة الكبرى “التي أرتكبتها منظمة التحرير الفلسطينية بحق فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص ،عندما ذهبت إلى توقيع  أتفاق أوسلو “المشؤوم “،فهذا الاتفاق ترك موضوع القدس الشرقية “موضوعا مؤجّل الحسم” ما يعني ان وضعها لم يستقرّ وانها ببساطة “منطقة متنازع عليها”،وهذه حقيقة يعلمها أغلب المتابعين لتداعيات ما بعد توقيع أتفاق اوسلو “المشؤوم “،ولهذا على السلطة ومنظمة التحرير الأعتراف اليوم بحقيقة الجريمة التي أرتكبتها بحق مدينة القدس ،عندما ذهبت منفردة وبالتأمر مع بعض الأنظمة العربية والأقليمية لتوقيع اتفاق أوسلو ،الذي يعيش الفلسطينيين اليوم تحت وقع نتائجة الاجرامية ،ورحم الله الملك الحسين بن طلال الذي لطالما حذر من النتائج الكارثية لهذا الأتفاق “المشؤوم ” .

أما بالنسبة ،لحديث بعض العرب عن نوايا ونتائج وتداعيات التعهدات التي حصل عليها الأردن من الكيان الصهيوني وبضمانة الأمريكان والتي تصب بمجموعها ببوتقة واحدة هدفها حماية الأقصى والمقدسيين ،أتمنى على بعض هؤلاء العرب قبل قرأة نوايا الأردن الرسمي وتخوينه والتشكيك بمواقفه أتجاه القضية الفلسطينية ،أن يقدموا للقضية الفلسطينية عُشر ماقدم الأردن الرسمي والشعبي لفلسطين مع العلم أن هذا واجب على الأردنيين لا وبل فرض مقدس عليهم كما على غيرهم من العرب .

بالمحصلة أتمنى من بعض العرب المشككين بموقف الأردن ،أن يدعموا اليوم صمود فلسطين بدل “الجعجعة الفارغة والثرثرة التنظيرية الفلسفية الحمقاء ” ،فعلى بعض هؤلاء أن يقدموا جزء من موزانات حروبهم على الأمة العربية لدعم فلسطين الدولة التي تعاني اليوم من عقاب دولي عليها لتوجيعها وتركيعها نتيجة أنتفاضتها على محتلها ،ولن نطلب منكم أكثر من ذلك فنحن نعلم أن مجاهديكم قد تاهت أو توهِت بوصلتهم ،وبألنسبة إلى دور بعض الأنظمة الإقليمة ،واخص منها النظام التركي ،فدور هذا النظام كان واضحآ مؤخرآ بمحاولة العبث من خلف الكواليس بالدور التاريخي الأردني  بمدينة القدس ومقدساتها ،وبالنسبة لي ليس لدي أدنى شك بالمعلومات التي تتحدث عن مخطط صهيوني كان محضّرآ و يديره نتانياهو ومدعوم من تركيا وبعض الأنظمة العربية ،بهدف نزع الرعاية الهاشمية عن الاماكن المقدسة تمهيدآ لرعاية بترولية بعباءه تركية يليها التدويل ومن خلاله السعي لبناء الهيكل،وما يدلل على كل ذلك هو التوقيت المريب والتنسيق التركي- إلصهيوني ومن خلف الكواليس ،لاحياء الانشطة وأدارة المؤسسات التي كانت تديرها الدولة العثمانية في القدس.

ختامآ ،بهذا الحديث لم يكن هدفي بالمطلق الدفاع عن الأردن الرسمي ،فلهذا النظام أدوات إعلامية وسياسية ودبلوماسية يستطيع من خلالها الدفاع عن نفسه،ولكن هدفي هنا هو توضيح  وتعرية حقيقة موقف بعض أنظمة ونخب العرب والمسلمين وحتى موقف بعض  الفلسطينيين ،الذين يشككون دائمآ بمواقف ونوايا حقيقية هدفها حماية الأقصى والقدس والمقدسييين وفلسطين كل فلسطين ،فهؤلاء بمجموعهم دائمآ نسمع “جعجعتهم دون أن نرى لهم طحنآ آو طحينآ “…

*كاتب وناشط سياسي –الأردن.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.